الدكتور عبدالله علي إبراهيم.. مثقف ضد الإذعان لإجماع الصفوة
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
الدكتور عبدالله علي إبراهيم ، ناقد ثقافي سوداني يرتقي جالسا في ذروة الفكر المفضي إلى ثورة الإبداع .
صاحب مشروع فكري حداثي ، يتأبى على التسليم الخانع ، والاتباع القانع والتقليد العاجز .
تنظر متأملا في مشروعه الأكاديمي الدارس للثقافة السودانية ، أو ، في منجزه الكتابي الإبداعي المسرحي ودراساته النقدية ، تجد أنه يزرع روح التمرد والمغامرة والتطلع إلى المستقبل ، ضد إجماع الإذعان لسرب الصفوة في السودان .
يرى أن الإنتاج الذهني ، ليس دوائر مغلقة بقدرما هي إجابات مفتوحة لأسئلة أخرى أيضا ، لذا نجد في إنتاجه محاولات لمحاورة نفسه ، ، بذات القدر الذي يحاور غيره .
ففي كل ما يكتبه عبدالله علي إبراهيم لن تجد إلا الأسئلة المعرفية المفتوحة ، والإجابات التي لا تعرف حدود الإنغلاق .
فالسلطة عنده هي سلطة الوعي ، وأن الثقافي الثوري المبدع يجب أن يكون غير أحادي البعد ، ولا المحدود ، ولا الجامد المتكلس ، فالثورية عنده ، أعمق وأوسع وأشمل من المعنى الإيديولوجي .
تلك هي الحالة الإنفعالية العقلية التي نستنتجها من الإبداع الكتابي للدكتور عبدالله علي إبراهيم الذي نرى أنه يفرض علينا وباستمرار تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها ، والنظر إلي التاريخ من أبعاده البعيدة بمنظورات الحادثة في حوار مع الذات من جهة ، ومع الآخر من جهة أخرى .
والنظر إلي حقائق الواقع الموضوعي ، دون الاتكاء علي منهج المكابرة القليظة وفق مقتضى الكسب الآني .
وبتلك المنظورت تفرد الدكتور عبدالله علي إبراهيم برؤية خاصة في المسألة السودانية وأزمات السودان إذ يرى أن ” الصفوة ” هي أصل البلاء والمحن إذ قال ” صفوتنا ضيوف ثقلاء على الواقع ” .. وفي مقالته : ” الصفوة والمكشن بلا بصل ” قال :
( من غضب الله علينا أن الصفوة – وهذا ما يسمي خريجو المدارس والمهنيون أنفسهم – طالقة لسانها في الآخرين ولم تجد بعد من يطلق لسانها فيها بصورة منهجية .
فهي تصف جماعات غمار الناس ، بالأمية ، أو البدائية ، أو المتخلفة ، أو بالمصابة بالذهن الرعوي ، أو ببله الريف أو انها مستعربة أو متأسلمة .
واحتكرت حق تبخيس الآخرين أشياءهم . واحتكرت حتى نقدها لنفسها ، ولكن برفق . فهي فاشلة أو مدمنة الفشل بما يشبه التوبيخ على حالة عارضة تلبستها وستخرج منها متى صح منها العزم ،
وقليلاً ما عثرت على نقد للصفوة تخطى ما تواضعت عليه من الرأفة بنفسها والعشم في صحوتها إلى نقد جذري يطال فشلها بالنظر إلى اقتصادها السياسي :
إلى مناشئها الثقافية والاجتماعية ومنازلها من العملية الإنتاجية ) ..
ويرى الدكتور عبدالله علي إبراهيم أن الصفوة السودانية خالية من ” الحمية ” وذلك أن الغرب قد أفرغها في مدارسها ، وجعل منهم طائفة بلا أدنى شغف بأهلهم وثقافتهم ، أطلقوا ألسنتهم فيهم ” يا بدائي ” يا ” أمي ” يا ” متخلف ”
وقال في استدراكته :
( كنت أستغرب مثلاً لماركسي يقول ، تأسياً بلينين ، إن الأمي خارج السياسة وحزبه في قيادة معظم نقابات العمال واتحادات المزارعين التي قوامها أميون .
أو تسمع من يقول لك ” بالله الحاردلو دا لو قرأ كان بدّع “.
وكأن ما قاله الحاردلو شفاهة ناقص ) ..
وفي تعميق آخر لمعنى الصفوة كتب الدكتور عبدالله علي مقالة أخرى بعنوان ( مفهوم الصفوة : إننا نتعثر حين نرى ) قائلا :
( فأعيد النظر في صلاح مفهوم الصفوة لتشخيصها . وهو المفهوم الذي نقلناه إلى خطابنا السياسي عن الفكر الغربي ، ولم نستأنسه بتحر يدني به زمامه لنا لمعرفة أوثق بهذه الحلقة الأثيمة .
ومن الجهة الثانية سأرد ، على بينة مَخْضي لمفهوم الصفوة ، هذه الحلقة إلى ” الثورة المضادة ” الغائبة في تحليلنا السياسي .
فلما قَصَر المفهوم فهمنا لفشل الفترة الانتقالية على تنازع الصفوة أوحى كأنه كان بالوسع ألا تتنازع لولا سوء خلقها .
وخلافاً لذلك سأوطن الصفوة ذاتها في خضم صراع اجتماعي واسع هية طرف فيه وفي حرب بين أطرافها كذلك .
باتت هذه الحلقة الجهنمية مثل دورات الطبيعة في حياتنا السياسية ” أو في اعتقادنا عنها من فرط تكرارها فينا ” تكرر الحيض عند النساء في قول منصور خالد .
وهي ليست كذلك بالطبع . ولم نجعلها كذلك إلا لأننا لم نحسن تشخيص هذا التعاقب ناظرين إلى صراع قوى مجتمعنا حول مصالحها .
وحال دوننا ومثل هذا التشخيص أنه لم ينشأ بيننا علم للسياسة مستقل عن الناشطية السياسة يكفل لنا الترقي من الإثارة إلى الفكر .
فظل الانقلاب فينا ، نظرياً ، من جرائر صفوة أنانية فاشلة تستدرج العسكريين لارتكابه .
وتقع مثل هذه نظرية في باب الأخلاق بجعلها الانقلاب حطة نفس .
ولا تقع في باب السياسة التي يتدافع الناس فيها حول مصالح استراتيجية بتكتيكات مختلفة سلمية وعنيفة ) ..
تأسيسا على ذلك يمكن القول أن الدكتور عبدالله علي إبراهيم في مذهبه هذا ، هو أقرب إلى التيار الذي يرى أن الأيديولوجيا في فضاءاتنا الثقافية العربية قد أنتجت مثقفين سيكولوجيين ، لهم في كل وجه عين واحدة ، وليس أكثر .
والعين الواحدة لا تدرك إلا لونا واحدا ، ولا تعترف إلا بحقيقة واحدة موحدة ..
فالإيديولوجيا مسكونة بالنوايا وبالأهواء ، هي وجهة نظر لا تعرف ولا تعترف بأنها مجرد وجهة نظر ، قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة ، وقد تكون مجرد هلوسات ذهنية ولا شيء أكثر – كما قال الدكتور عبدالكريم برشيد – هذه الإيديولوجيا بتمركزها على الذات ، قد أضرت كثيرا بثقافتنا .
تلك هي الحالة الإنفعالية العقلية التي نستنتجها من الإبداع الكتابي للدكتور عبدالله علي إبراهيم الذي نرى أنه يفرض علينا وباستمرار تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها ، والنظر إلي التاريخ من أبعاده البعيدة بمنظورات الحادثة في حوار مع الذات من جهة ، ومع الآخر من جهة أخرى .
والنظر إلي حقائق الواقع الموضوعي ، دون الاتكاء علي منهج المكابرة القليظة وفق مقتضى الكسب الآني .
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: من جهة
إقرأ أيضاً:
إبراهيم: التراجع أمام الضغوط أوصل لبنان إلى ما يعانيه اليوم
كتب اللواء عباس إبراهيم على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي:"في مزرعةٍ كان هناك ديك اعتاد أن يصيح ويسبب الإزعاج ويمنع النوم العميق لمن حوله.
فاشترط عليه صاحب المزرعة التوقف عن الصياح وإلا كان مصيره الذبح، فرضخ الديك وتوقف عن صياحه.
ثم طلب إليه أن ينقنق كالدجاج، وإلا الذبح، فما كان من الديك إلا أن فعل صاغرًا.
في المرة الثالثة هدده صاحب المزرعة بأن يبيض كالدجاج وإلا سيذبحه، وهنا أيقن الديك أنه سيلقى حتفه لا محالة، وأن المطلوب كان ذبحه منذ البداية.
فليتوقف البعض عن أداء أدوار الدجاج إرضاءً لأصحاب المزارع متنازلين عن أصالتهم، لأن مصيرهم سيكون كما ديك المزرعة، والتاريخ يشهد.
لقد أوصل التراجع المتكرر أمام الضغوط والشروط بلا مواجهة ولا موقف لبناني موحد لبنان إلى ما يعانيه اليوم من ضربٍ لأمنه واستقراره واعتداءٍ على ناسه في الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب. مواضيع ذات صلة فرح في أمر اليوم لمناسبة يوم الحماية المدنية: رسالتكم لا تعرف التراجع أمام التحديات Lebanon 24 فرح في أمر اليوم لمناسبة يوم الحماية المدنية: رسالتكم لا تعرف التراجع أمام التحديات 27/04/2025 23:52:40 27/04/2025 23:52:40 Lebanon 24 Lebanon 24 غانتس: تراجع نتنياهو عن تعيين شارفيت رئيسا للشاباك يثبت أن الضغوط تفوق المصلحة Lebanon 24 غانتس: تراجع نتنياهو عن تعيين شارفيت رئيسا للشاباك يثبت أن الضغوط تفوق المصلحة 27/04/2025 23:52:40 27/04/2025 23:52:40 Lebanon 24 Lebanon 24 إصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها امام مجلس الوزراء اليوم Lebanon 24 إصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها امام مجلس الوزراء اليوم 27/04/2025 23:52:40 27/04/2025 23:52:40 Lebanon 24 Lebanon 24 تراجع تاريخي.. العملة الصينية تعاني والبنك المركزي يتحرّك Lebanon 24 تراجع تاريخي.. العملة الصينية تعاني والبنك المركزي يتحرّك 27/04/2025 23:52:40 27/04/2025 23:52:40 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً وزير الاعلام: الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لا يمكن قبولها مهما كان السبب Lebanon 24 وزير الاعلام: الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لا يمكن قبولها مهما كان السبب 16:28 | 2025-04-27 27/04/2025 04:28:57 Lebanon 24 Lebanon 24 عزام رئيسا لـ"رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي" Lebanon 24 عزام رئيسا لـ"رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي" 16:27 | 2025-04-27 27/04/2025 04:27:55 Lebanon 24 Lebanon 24 تغريدة جديدة لأدرعي... ماذا طلب من سكان الضاحية؟ Lebanon 24 تغريدة جديدة لأدرعي... ماذا طلب من سكان الضاحية؟ 15:52 | 2025-04-27 27/04/2025 03:52:25 Lebanon 24 Lebanon 24 عن الإضراب في المدارس الرسمية.. بيان جديد من "رابطة الأساتذة المتعاقدين" Lebanon 24 عن الإضراب في المدارس الرسمية.. بيان جديد من "رابطة الأساتذة المتعاقدين" 15:36 | 2025-04-27 27/04/2025 03:36:46 Lebanon 24 Lebanon 24 غدًا.. كيف سيكون الطقس؟ Lebanon 24 غدًا.. كيف سيكون الطقس؟ 15:24 | 2025-04-27 27/04/2025 03:24:56 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة "أحلى لحظة بحياتي"... ممثل سوريّ "يطلب يدّ" داليدا خليل (فيديو) Lebanon 24 "أحلى لحظة بحياتي"... ممثل سوريّ "يطلب يدّ" داليدا خليل (فيديو) 08:40 | 2025-04-27 27/04/2025 08:40:00 Lebanon 24 Lebanon 24 اقتصادياً.. أمر إيجابي يحصل في لبنان Lebanon 24 اقتصادياً.. أمر إيجابي يحصل في لبنان 03:15 | 2025-04-27 27/04/2025 03:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصور... ابنا مكسيم خليل يلفتان الأنظار بجمالهما Lebanon 24 بالصور... ابنا مكسيم خليل يلفتان الأنظار بجمالهما 07:07 | 2025-04-27 27/04/2025 07:07:13 Lebanon 24 Lebanon 24 تغريدة جديدة لأدرعي... ماذا طلب من سكان الضاحية؟ Lebanon 24 تغريدة جديدة لأدرعي... ماذا طلب من سكان الضاحية؟ 15:52 | 2025-04-27 27/04/2025 03:52:25 Lebanon 24 Lebanon 24 معلومات... هذا الهدف الذي سيقصفه العدوّ الإسرائيليّ في الضاحية Lebanon 24 معلومات... هذا الهدف الذي سيقصفه العدوّ الإسرائيليّ في الضاحية 10:29 | 2025-04-27 27/04/2025 10:29:07 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 16:28 | 2025-04-27 وزير الاعلام: الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لا يمكن قبولها مهما كان السبب 16:27 | 2025-04-27 عزام رئيسا لـ"رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي" 15:52 | 2025-04-27 تغريدة جديدة لأدرعي... ماذا طلب من سكان الضاحية؟ 15:36 | 2025-04-27 عن الإضراب في المدارس الرسمية.. بيان جديد من "رابطة الأساتذة المتعاقدين" 15:24 | 2025-04-27 غدًا.. كيف سيكون الطقس؟ 15:16 | 2025-04-27 وزير العدل: سلاح "حزب الله" لم يحمِ الشعب اللبناني! فيديو أصرت على الوقوف بجانب النعش.. راهبة تخرق البروتوكول لتلقي نظرة على جثمان البابا المسجى (فيديو) Lebanon 24 أصرت على الوقوف بجانب النعش.. راهبة تخرق البروتوكول لتلقي نظرة على جثمان البابا المسجى (فيديو) 23:56 | 2025-04-23 27/04/2025 23:52:40 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم Lebanon 24 بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم 09:23 | 2025-04-21 27/04/2025 23:52:40 Lebanon 24 Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود 01:00 | 2025-04-15 27/04/2025 23:52:40 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24