تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في زيادة الطلب على اليد العاملة من الأوكرانيات بمصانع الحديد والصلب، في ظل ندرة العمالة من الذكور بسبب التحاق أغلبهم بالجيش.

ووفق ما أفادت به صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أمس الأحد، فإن شركة "أرسيلور ميتال" الأوكرانية -أكبر منتج للصلب في العالم- فقدت نحو 3500 من العمال الذكور بها منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، ومن المرجح أن يتبعهم مزيد هذا العام من بين قوتها العاملة البالغة 18 ألف فرد.

ويقول المديرون في شركة "أرسيلور ميتال" في مدينة كريفيه ريه -مسقط رأس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي– إن "توظيف مزيد من العاملات أصبح مسألة حياة أو موت بالنسبة للشركة".

نساء بزي برتقالي

وفي محاولة لجذب النساء للعمل في مصانعها، وضعت الشركة لوحات إعلانية ضخمة في جميع أنحاء المدينة تصور نساء يرتدين ملابس المصنع البرتقالية، مع شعارات مثل "السيدات يُدرن الأمور هنا حقًا!".

وقال الرئيس التنفيذي للشركة ماورو لونجوباردو للصحيفة البريطانية، "إذا استمرت الدولة في التعبئة، فلن يكون لدينا العدد الكافي من الموظفين للعمل. نحن نتحدث هنا عن وجود الشركة".

وأضاف لونجوباردو: "نحن نحاول كسر النموذج القائل بأن الرجال فقط هم من يمكنهم القيام ببعض الوظائف المحددة".

وأوضح أن إستراتيجية توظيف السيدات تهدف جزئيا إلى استبدال الرجال المعبأين للحرب، بالإضافة إلى آلاف العمال الذين انتقلوا إلى أجزاء أكثر أمانا من البلاد، لكنها بدأت بهذه الإستراتيجية أيضا لأن توظيف الرجال أصبح صعبا للغاية.

وكان المصنع يوظف في السابق عاملات في وظائف معظمها إدارية، لكنهن أصبحن يتولين أدوارا تتطلب جهدا بدنيا أكبر بشكل متزايد.

وانضمت أولها فاكولينكو (30 عاما)، منذ 6 أشهر للعمل على الآلات الثقيلة لصنع قضبان وتروس ضخمة، وهي المرأة الوحيدة في عائلتها التي قامت بذلك.

أما معلمة الفيزياء السابقة يوليا ششكينا (33 عاما)، فانضمت إلى المصنع هي الأخرى لتعمل إلى جنب وظيفتها، منذ 5 أشهر وتتدرب الآن لتصبح مهندسة.

المصنع مجمع تجنيد للجيش

وللعمل في مصنع "أرسيلور ميتال"، يُلزم القانون الموظفين الذكور بالتسجيل أولا لدى مكتب التجنيد العسكري، وهو ما جعل المصنع مثل مجمع تجنيد مستمر للجيش، خاصة سائقي القاطرات والكهربائيين والميكانيكيين الذين يزداد الطلب عليهم.

وقال لونجوباردو إن مسؤولي التعبئة بالجيش بدؤوا أيضا بالوقوف عند مدخل المصنع في أثناء تغيير المناوبات، مما دفع بعض الموظفين للعودة إلى منازلهم.

وأضاف أن المصنع اضطر لخفض الإنتاج بسبب صعوبة ملء الشواغر، بما في ذلك إنتاج الفولاذ المستخدم في حماية منشآت الطاقة من الضربات الجوية الروسية.

وقال مدير القسم الذي يقوم بإصلاح المعدات الثقيلة في المصنع يفهين هريتشاني إن "انخفاض الإنتاج أدى أيضا إلى انخفاض الأرباح وانخفاض الإيرادات الضريبية للحكومة. أتلقى الآن فقط استفسارات عن الوظائف الشاغرة البالغ عددها 76 من المرشحات".

وأضاف، "بت مضطرا لقبول النساء للعمل بالمصنع منذ نحو عام ونصف العام. أرى أن الوضع لن يتحسن خلال السنوات القليلة المقبلة. وحتى لو انتهت الحرب، سيظل الأمر صعبا. هناك أوجه تشابه مع الحرب العالمية الثانية، عندما قتل 350 من عمال المصنع واستغرق العجز بين الجنسين سنوات لإعادة التوازن".

وقتل نحو 151 من عمال المصنع منذ عام 2022 وفقد 38 آخرون، وقالت رئيسة تحرير صحيفة "ميتالورج" التي يصدرها المصنع تيتيانا فيلييفا، "نكتب نعيا واحدا على الأقل كل أسبوع".

ومن المتوقع أن تعلن الحكومة الأوكرانية عن إجراءات لمساعدة الشركات على إدارة التعبئة بشكل أفضل، إذ قال نائب وزير الاقتصاد الأوكراني إيهور فومينكو إنهم يعملون على إدخال تغييرات على النظام الذي يعفي حاليًا بعض الموظفين من الشركات التي تعد ذات أهمية إستراتيجية من التعبئة بالجيش.

من جانبه، قال رئيس رابطة التجارة الأوكرانية ميخايلو نيبران إن "الشركات تعاني مخاطر ومشاكل في الصناعات التي يهيمن فيها الرجال على القوى العاملة. كل عمل يتعلق بالرجال أصبح الآن في خطر ويعاني".

وقالت رئيسة رابطة الأعمال الأوروبية في أوكرانيا آنا ديريفيانكو إنه "من الضروري ضبط السياسة على الأقل لإنقاذ الشركات التي تدر الأموال على ميزانية الدولة. ما بين 10 و15% في المتوسط ​​من الموظفين في الشركات يخدمون في القوات المسلحة".

وتنفق أوكرانيا كل إيراداتها المحلية تقريبا على تكاليف التشغيل الأساسية للجيش، بما في ذلك الرواتب والزي الرسمي والغذاء والإسكان، بينما يتم تمويل نفقاتها غير العسكرية من خلال القروض والمساعدات الغربية.

حملة لتجنيد الشباب

ويوم 17 أغسطس/آب الماضي، حثت أوكرانيا مواطنيها في سن التجنيد على تحديث بياناتهم في المكاتب التابعة للجيش، وذلك "للتغلب على خوفهم" من خوض غمار الحرب.

قبلها بأيام، وقع الرئيس الأوكراني مرسوم قرار بإقالة جميع رؤساء مكاتب التجنيد في الأقاليم، بعدما كشف تحقيق على مستوى البلاد عن عشرات القضايا المتعلقة بالفساد والانتهاكات.

جاء ذلك عقب إعلان السلطات الأوكرانية نهاية يوليو/تموز الماضي اعتقال مفوض سابق في الجيش كان مكلفا بعملية التعبئة، للاشتباه في شراء فيلا بإسبانيا بـ4 ملايين يورو، خلال الحرب مع روسيا.

وفي السياق، قالت هانا ماليار نائبة وزير الدفاع الأوكراني إن حملة تجنيد الشباب تعتمد على مقاطع فيديو جيدة الإنتاج وصور لجنود بارزين مع شهاداتهم عن التغلب على الخوف.

وأضافت ماليار، "نحن جميعا بشر، وكلنا تغلبنا على هذا الخوف. لن يكون هناك تجنيد تلقائي لجميع من يحدثون بياناتهم، كما أنه لن ينتهي المطاف بهم جميعا في ساحات القتال".

وفي فبراير/شباط 2022، أعلن زيلينسكي تعبئة عامة لمواجهة القوات الروسية، وأصبح جنود الاحتياط الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما في مرمى الاستدعاء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

الأورومتوسطي .. على الشركات الصينية منع استخدام أسلحتها وطائراتها بدون طيار في جرائم الحرب الإسرائيلية

#سواليف

قال المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن بعض #الشركات_العالمية تواجه خطر الاتهام بالتواطؤ في #الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في مناطق النزاع، بما في ذلك في حالة #حرب #الإبادة الإسرائيلية التي تقترب من شهرها العاشر في قطاع #غزة.

وأكد الأورومتوسطي في بيان صحافي أنه يجب على الشركات العاملة في مثل هذه البيئات ممارسة العناية الواجبة المعززة (EDD) للتخفيف من هذه المخاطر المتزايدة بشكل فعال، منبهًا إلى أن خطر تورط الشركات في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان يزداد بشكل خاص في السياقات المتأثرة بالنزاعات المسلحة.

وأضاف الأورومتوسطي: بما أن خطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان يزداد، فيجب زيادة العناية الواجبة من قبل الشركات وفقًا لذلك.

مقالات ذات صلة أكثر من 800 ضابط إسرائيلي قدموا استقالاتهم في 2024 2024/07/01 استخدم الجيش الإسرائيلي المسيّرات منذ بدء حربه على قطاع غزة للاستطلاع والمراقبة والاستخبارات، إلى جانب إطلاق النار بشكل مباشر تجاه المدنيين

وأوضح الأورومتوسطي أنه حين يتم إساءة استخدام منتج ما بطرق تتعارض مع التزامات الشركة الدولية وقيمها غير العنيفة، لا سيما عندما يتم استخدامه لأغراض #عسكرية تؤدي إلى ارتكاب جرائم دولية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فيجب على الشركة التصرف بشكل حاسم، من خلال اتخاذ خطوات فورية لوقف أو منع مساهمتها في تلك الانتهاكات، واستخدام نفوذها للتخفيف من أثر تلك الانتهاكات إلى أقصى حد ممكن.
وشدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على أن الشركات، بما في ذلك شركة Autel Robotics – #الصينية المتخصصة في صنع #الإلكترونيات و #الطائرات بدون طيار – يجب أن تمتثل للقانون الدولي وتتخذ إجراءات فورية ما علمت أو كان عليها أن تعلم أن منتجاتها تُستخدم لارتكاب انتهاكات خطيرة.

ويحث الأورومتوسطي على معالجة الاستخدام المتزايد لطائرات بدون طيار من طراز Autel Robotics من قبل إسرائيل في حربها المتواصلة ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة.

وتكتسب هذه القضية أهمية خاصة في ضوء التحديات السابقة التي واجهتها شركة Autel Robotics، نظرًا للانتشار واسع النطاق لطائراتها بدون طيار، والمتاحة بسهولة وبأسعار معقولة في الصراعات المسلحة الأخيرة.

وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن الشركة المذكورة ليست جديدة على هذا النوع من المخاوف، حيث شهدت الطائرات بدون طيار صينية الصنع استخدامًا واسع النطاق في الصراعات العسكرية في السنوات الأخيرة. ففي ديسمبر 2022، أشار تقرير من صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن طائرة Autel EVO II النموذجية بدون طيار تحظى بشعبية خاصة في سياق الجهود التطوعية الهادفة لتوفير طائرات بدون لصالح أوكرانيا في إطار الحرب عليها. وبالمثل، في مارس 2023، وجد تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” أن ما يقرب من 70 مصدرًا صينيًا باعوا 26 علامة تجارية متميزة من الطائرات الصينية بدون طيار إلى روسيا منذ الغزو، وكانت ثاني أكبر علامة تجارية بيعت هي Autel .

وفي نوفمبر 2023، أثار العديد من المشرعين في مجلس النواب الأمريكي مخاوف بشأن ارتباط Autel المزعوم بالحكومة الصينية، وبالتالي دعمها المحتمل للغزو الروسي المستمر لأوكرانيا. وبناءً عليه، أصدرت الشركة لأول مرة بيانًا عامًا توضح فيه أنها تعارض بشدة استخدام منتجات الطائرات بدون طيار الخاصة بها لأغراض عسكرية أو أي أنشطة أخرى تنتهك حقوق الإنسان.

ومنذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022، نشرت شركة Autel Robotics بيانات استنكرت فيها استخدام أي منتج لمسيّرات لإلحاق الضرر بالأشخاص أو الممتلكات. ولكن على الرغم من ذلك، استخدمت طائرات Autel بدون طيار على نطاق واسع لأغراض عسكرية. فمنذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أثبتت مسيّرات Autel شعبيتها لدى كلا الجانبين.

هذه الطائرات بدون طيار استخدمت كذلك على نطاق واسع من قبل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ بدء الهجوم في 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، في البداية للاستطلاع والمراقبة والاستخبارات، بما في ذلك العمليات الداخلية، ومن ثم إطلاق النار بشكل مباشر باتجاه المدنيين الفلسطينيين، ومن بينهم أطفال ونساء وشيوخ.

وإلى جانب القصف الجوي والمدفعي والاقتحامات البرية، صعّد الجيش الإسرائيلي من جرائم القتل العمد، والإعدامات خارج نطاق القانون والقضاء بحق مدنيين فلسطينيين عزل في مختلف مناطق القطاع، من خلال الاستهداف المباشر بالقناصين، والمسيّرات الرباعية الإلكترونية (كوادكابتر)، وطائرات مسيرة صغيرة في مراكز الإيواء والمستشفيات والشوارع والمناطق السكنية المأهولة.

وفي الأشهر الأخيرة، بدأت إسرائيل باستخدام الطائرات بدون طيار بشكل منهجي وواسع النطاق لتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء وقتل عمد ضد المدنيين الفلسطينيين، ولا سيما ضد المدنيين الذين يحاولون العودة إلى وتفقد منازلهم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق كان هاجمها برًّا أو جوًّا.

وذكر الأورومتوسطي أن الجيش الإسرائيلي عمد بالفعل إلى تحويل أنواع أخرى من الطائرات بدون طيار، على سبيل المثال، تلك المصممة أصلًا للتصوير، إلى أسلحة جوية لجمع المعلومات الاستخبارية، ثم أعاد استخدامها لاحقًا للاستهداف المتعمد والمباشر لأهداف مدنية على نحو غير قانوني.

وقامت مديرية المشتريات في المقر الرئيسي للجيش الإسرائيلي مؤخرًا بطلب شراء آلاف المروحيات المتعددة من شركتين صينيتين، بما في ذلك Autel Robotics

وبصرف النظر عن عمليات القتل المباشر، فإن هذه الطائرات بدون طيار تقوم بدوريات متكررة في المجال الجوي فوق القطاع أيضًا لمجرد ترويع وترهيب والإضرار بالسلامة النفسية للفلسطينيين، مما ينقل إحساسًا بالسيطرة والتهديد بالقتل الذي لا ينتهي أبدًا.

وعلى الرغم من أن الطائرات بدون طيار ليست أسلحة غير قانونية في حد ذاتها، إلا أن استخدامها يجب أن يتوافق مع قواعد القانون الدولي الإنساني التي تنطبق على النزاعات المسلحة. وبما أنها سهلة التشغيل إلكترونيًّا عن بعد، ولها أدوات تنصت دقيقة للغاية وكاميرات عالية الجودة، ويمكنها القيام بأغراض عسكرية مثل إطلاق النار وحمل القنابل، فإنها يمكن أن تصبح أسلحة حقيقية وخطيرة، كما هو واضح وموثق في قطاع غزة.

ونظرًا لالتزام Autel Robotics المعلن بالامتثال الأخلاقي والاستخدام غير العسكري لمنتجاتها، كما هو موضح في بيانها العام بأنها “سوف ترفض بشدة التعاون مع الشركاء في انتهاك للامتثال أو تحمل مثل هذه المخاطر”، وأنها تحظر بشدة الاستخدام العسكري لمنتجاتها، فإن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يحث الشركة على التمسك بهذه المبادئ بثبات.

ويدعو الأورومتوسطي شركة Autel Robotics وجميع الشركات المعنية إلى وقف جميع الصادرات المباشرة وغير المباشرة إلى إسرائيل، وضمان عدم تواطئها في الأعمال الإسرائيلية التي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وحتى إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، وذلك نظرًا لأن شركة Autel Robotics أوضحت في بيان عام أنه إذا ما وجدوا أن “الشريك المحتمل ينتهك الامتثال أو يتحمل المخاطر في القيام بذلك”، فسوف يتم رفض التعاون معه، مع الإشارة إلى حظر استخدام المنتجات للأغراض العسكرية.

مقالات مشابهة

  • ليتوانيا: طائرة روسية انتهكت المجال الجوي دون إذن
  • أشهر الاختلافات بين عقليّ الرجل والمرأة في التفكير والمشاعر وجوانب أخرى
  • بعد مصانع الأسمدة .. خفض امدادات الغاز يمتد لصناعة الحديد والصلب
  • الحكومة الجديدة تستعين بكفاءات وطنية من الخبرات الدولية لبعض الحقائب الوزارية
  • دبلوماسي روسي ردا على ترامب: حرب أوكرانيا لا تنتهي في يوم
  • لتعويض نقص العمالة وزيادة الإنتاجية.. اليونان تتجه لزيادة أيام العمل في الأسبوع
  • الأورومتوسطي .. على الشركات الصينية منع استخدام أسلحتها وطائراتها بدون طيار في جرائم الحرب الإسرائيلية
  • المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ردا على تصريحات ترامب: الحرب في أوكرانيا لا يمكن حلها في يوم واحد
  • توكل كرمان من جورجيا : أدين الحرب الظالمة على غزة وأنضم إلى كل الأحرار في جميع أنحاء العالم في الدعوة إلى وقفها الفوري.
  • الفلاحي: المقاومة تعتمد على إعادة تدوير مخلفات الحرب لتعويض نقص الإمدادات