أوكرانيا تستعين بالنساء في مصانع الحديد والصلب لتعويض نقص الرجال
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في زيادة الطلب على اليد العاملة من الأوكرانيات بمصانع الحديد والصلب، في ظل ندرة العمالة من الذكور بسبب التحاق أغلبهم بالجيش.
ووفق ما أفادت به صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أمس الأحد، فإن شركة "أرسيلور ميتال" الأوكرانية -أكبر منتج للصلب في العالم- فقدت نحو 3500 من العمال الذكور بها منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، ومن المرجح أن يتبعهم مزيد هذا العام من بين قوتها العاملة البالغة 18 ألف فرد.
ويقول المديرون في شركة "أرسيلور ميتال" في مدينة كريفيه ريه -مسقط رأس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي– إن "توظيف مزيد من العاملات أصبح مسألة حياة أو موت بالنسبة للشركة".
نساء بزي برتقاليوفي محاولة لجذب النساء للعمل في مصانعها، وضعت الشركة لوحات إعلانية ضخمة في جميع أنحاء المدينة تصور نساء يرتدين ملابس المصنع البرتقالية، مع شعارات مثل "السيدات يُدرن الأمور هنا حقًا!".
وقال الرئيس التنفيذي للشركة ماورو لونجوباردو للصحيفة البريطانية، "إذا استمرت الدولة في التعبئة، فلن يكون لدينا العدد الكافي من الموظفين للعمل. نحن نتحدث هنا عن وجود الشركة".
وأضاف لونجوباردو: "نحن نحاول كسر النموذج القائل بأن الرجال فقط هم من يمكنهم القيام ببعض الوظائف المحددة".
وأوضح أن إستراتيجية توظيف السيدات تهدف جزئيا إلى استبدال الرجال المعبأين للحرب، بالإضافة إلى آلاف العمال الذين انتقلوا إلى أجزاء أكثر أمانا من البلاد، لكنها بدأت بهذه الإستراتيجية أيضا لأن توظيف الرجال أصبح صعبا للغاية.
وكان المصنع يوظف في السابق عاملات في وظائف معظمها إدارية، لكنهن أصبحن يتولين أدوارا تتطلب جهدا بدنيا أكبر بشكل متزايد.
وانضمت أولها فاكولينكو (30 عاما)، منذ 6 أشهر للعمل على الآلات الثقيلة لصنع قضبان وتروس ضخمة، وهي المرأة الوحيدة في عائلتها التي قامت بذلك.
أما معلمة الفيزياء السابقة يوليا ششكينا (33 عاما)، فانضمت إلى المصنع هي الأخرى لتعمل إلى جنب وظيفتها، منذ 5 أشهر وتتدرب الآن لتصبح مهندسة.
المصنع مجمع تجنيد للجيشوللعمل في مصنع "أرسيلور ميتال"، يُلزم القانون الموظفين الذكور بالتسجيل أولا لدى مكتب التجنيد العسكري، وهو ما جعل المصنع مثل مجمع تجنيد مستمر للجيش، خاصة سائقي القاطرات والكهربائيين والميكانيكيين الذين يزداد الطلب عليهم.
وقال لونجوباردو إن مسؤولي التعبئة بالجيش بدؤوا أيضا بالوقوف عند مدخل المصنع في أثناء تغيير المناوبات، مما دفع بعض الموظفين للعودة إلى منازلهم.
وأضاف أن المصنع اضطر لخفض الإنتاج بسبب صعوبة ملء الشواغر، بما في ذلك إنتاج الفولاذ المستخدم في حماية منشآت الطاقة من الضربات الجوية الروسية.
وقال مدير القسم الذي يقوم بإصلاح المعدات الثقيلة في المصنع يفهين هريتشاني إن "انخفاض الإنتاج أدى أيضا إلى انخفاض الأرباح وانخفاض الإيرادات الضريبية للحكومة. أتلقى الآن فقط استفسارات عن الوظائف الشاغرة البالغ عددها 76 من المرشحات".
وأضاف، "بت مضطرا لقبول النساء للعمل بالمصنع منذ نحو عام ونصف العام. أرى أن الوضع لن يتحسن خلال السنوات القليلة المقبلة. وحتى لو انتهت الحرب، سيظل الأمر صعبا. هناك أوجه تشابه مع الحرب العالمية الثانية، عندما قتل 350 من عمال المصنع واستغرق العجز بين الجنسين سنوات لإعادة التوازن".
وقتل نحو 151 من عمال المصنع منذ عام 2022 وفقد 38 آخرون، وقالت رئيسة تحرير صحيفة "ميتالورج" التي يصدرها المصنع تيتيانا فيلييفا، "نكتب نعيا واحدا على الأقل كل أسبوع".
ومن المتوقع أن تعلن الحكومة الأوكرانية عن إجراءات لمساعدة الشركات على إدارة التعبئة بشكل أفضل، إذ قال نائب وزير الاقتصاد الأوكراني إيهور فومينكو إنهم يعملون على إدخال تغييرات على النظام الذي يعفي حاليًا بعض الموظفين من الشركات التي تعد ذات أهمية إستراتيجية من التعبئة بالجيش.
من جانبه، قال رئيس رابطة التجارة الأوكرانية ميخايلو نيبران إن "الشركات تعاني مخاطر ومشاكل في الصناعات التي يهيمن فيها الرجال على القوى العاملة. كل عمل يتعلق بالرجال أصبح الآن في خطر ويعاني".
وقالت رئيسة رابطة الأعمال الأوروبية في أوكرانيا آنا ديريفيانكو إنه "من الضروري ضبط السياسة على الأقل لإنقاذ الشركات التي تدر الأموال على ميزانية الدولة. ما بين 10 و15% في المتوسط من الموظفين في الشركات يخدمون في القوات المسلحة".
وتنفق أوكرانيا كل إيراداتها المحلية تقريبا على تكاليف التشغيل الأساسية للجيش، بما في ذلك الرواتب والزي الرسمي والغذاء والإسكان، بينما يتم تمويل نفقاتها غير العسكرية من خلال القروض والمساعدات الغربية.
حملة لتجنيد الشبابويوم 17 أغسطس/آب الماضي، حثت أوكرانيا مواطنيها في سن التجنيد على تحديث بياناتهم في المكاتب التابعة للجيش، وذلك "للتغلب على خوفهم" من خوض غمار الحرب.
قبلها بأيام، وقع الرئيس الأوكراني مرسوم قرار بإقالة جميع رؤساء مكاتب التجنيد في الأقاليم، بعدما كشف تحقيق على مستوى البلاد عن عشرات القضايا المتعلقة بالفساد والانتهاكات.
جاء ذلك عقب إعلان السلطات الأوكرانية نهاية يوليو/تموز الماضي اعتقال مفوض سابق في الجيش كان مكلفا بعملية التعبئة، للاشتباه في شراء فيلا بإسبانيا بـ4 ملايين يورو، خلال الحرب مع روسيا.
وفي السياق، قالت هانا ماليار نائبة وزير الدفاع الأوكراني إن حملة تجنيد الشباب تعتمد على مقاطع فيديو جيدة الإنتاج وصور لجنود بارزين مع شهاداتهم عن التغلب على الخوف.
وأضافت ماليار، "نحن جميعا بشر، وكلنا تغلبنا على هذا الخوف. لن يكون هناك تجنيد تلقائي لجميع من يحدثون بياناتهم، كما أنه لن ينتهي المطاف بهم جميعا في ساحات القتال".
وفي فبراير/شباط 2022، أعلن زيلينسكي تعبئة عامة لمواجهة القوات الروسية، وأصبح جنود الاحتياط الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما في مرمى الاستدعاء.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الجارديان: بوتين يعلن "لأول مرة" استعداده لمحادثات ثنائية مع أوكرانيا لإنهاء الحرب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الضوء على التحول المفاجئ في موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي أبدى استعداده لأول مرة لعقد مباحثات ثنائية مع أوكرانيا من أجل التوصل لحل سياسي لإنهاء الحرب بين الطرفين.
وأشارت "الجارديان" في مقال للصحفي وارين موراي إلى أن الرئيس الروسي طالما رفض الانخراط في مباحثات ثنائية مع الجانب الأوكراني قبل إجراء انتخابات في أوكرانيا لتغيير النظام الحاكم هناك.
ولفتت الصحيفة إلى "أن الرئيس بوتين ظل على مدار سنين منذ نشوب الحرب في أوكرانيا يطالب باستبدال الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي قبل البدء في أية مباحثات من أجل إحلال السلام بين الجانبين كما وصفه بأنه "رئيس غير شرعي" وأنه يطالب بإجراء مباحثات مع "رئيس شرعي يمثل بلاده".
وفي الوقت نفسه أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده للاشتراك في أية مباحثات تؤدي إلى توقف الهجمات الروسية على بلاده، مشيرا إلى أنه ينتظر رد من جانب موسكو من أجل البدء في تلك المباحثات.
وأوضح المقال أن الرئيس بوتين أعلن خلال لقاء مع التليفزيون الروسي أنه يؤيد أي اقتراح من أجل إحلال السلام، معبرا عن أمله في أن تتبنى كييف موقفا مماثلا.
وأوضحت الصحيفة أن كلا من بوتين وزيلينسكي يتعرضان لضغوط كبيرة من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث إن الإدارة الأمريكية هددت بالانسحاب من جهود السلام في أوكرانيا إذا لم يحقق الطرفان الروسي والأوكراني أي تقدم من أجل إحلال السلام.
وأشارت الجارديان إلى أنه من المقرر أن يصل وفد أوكراني إلى العاصمة البريطانية لندن غدا الأربعاء لعقد مباحثات تضم ممثلين من المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة، لافتة إلى تصريحات الرئيس الأوكراني أمس /الاثنين/ أن بلاده مستعده للانخراط في أية مفاوضات بناءة من أجل التوصل لحل سلمي.
ولفتت الصحيفة إلى أن هناك تسريبات تشير إلى أن واشنطن تبذل جهودا حثيثة من أجل التوصل لاتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا يصب في مصلحة موسكو حيث تتضمن مسودة ذلك الاتفاق توقف الصراع بين الطرفين وتثبيت الموقف الراهن على الجبهة التي يبلغ طولها حوالي 1000 كيلومتر والاعتراف بسيادة روسيا على منطقة القرم إلى جانب عدم انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلنطي (الناتو).
وفي الوقت نفسه أضافت الصحيفة أن تلك التسريبات تتضمن تحويل محطة زابورجيا النووية، التي تقع في الوقت الحالي تحت السيطرة الروسية، إلى جزء من منطقة تخضع لسيادة محايدة.