علي يوسف السعد يكتب: البندقية.. بمنظور مختلف
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
كانت رحلتي إلى البندقية مغامرة لم تكن في الحسبان، فقد كنت أحمل في ذهني صورة مغلوطة عن هذه المدينة العائمة، معتقداً أنها لا تتجاوز كونها مجرد مجموعة من القنوات المائية والجسور القديمة التي تظهر في بطاقات المعايدة، ولكن، خلال خمسة أيام قضيتها مع زوجتي بين أحضان هذه المدينة الساحرة، اكتشفت أن البندقية هي فعلياً كتاب تاريخ مفتوح، ومهرجان فني دائم، وقائمة طعام لا تنتهي من المأكولات الإيطالية الشهية.
في اليوم الأول، استوقفني مشهد لم أكن أتخيله، كان هناك سباق للجندولات!، نعم، تلك القوارب الأنيقة التي ظننت أنها لا تُستخدم إلا للتجديف الهادئ، تتسابق في مهرجان مليء بالحيوية والتشجيع، كانت تلك أول لحظة أدركت فيها أن البندقية ليست مجرد بطاقة بريدية قديمة، بل هي قلب ينبض بالحياة والإثارة.
ومع كل يوم يمر، كُنا نكتشف جزيرة جديدة، ومعلماً جديداً، وقصة جديدة، من الجولات الساحرة في قنواتها المتعرجة إلى التجول في ساحة سان ماركو الشهيرة، التي يُخيّل لطيور الحمام فيها بأنها تملك المكان!، ولن أنسى زيارتنا لجزيرة مورانو، حيث يتقن الحرفيون فن صناعة الزجاج، وتحويل الرمال إلى تحف فنية رائعة وساحرة.
أما الطعام، فكان فصلاً آخر من فصول مغامرتنا، من معكرونة السباغيتي بصلصة البحر، إلى البيتزا التي طالما اعتقدت أنني قد تذوقت أفضل أنواعها، حتى جاءت البندقية لتثبت لي خطأي، ولم يكن يومنا يخلو من تجربة «الجيلاتو» الإيطالية، حيث كل لقمة منها كانت تروي حكاية من حكايات البندقية.
لكن، لعل أطرف ما في الأمر كان حين حاولت شراء قبعة من أحد الباعة المتجولين، معتقداً أن ثمنها يساوي بضعة يوروهات فقط، لأجد أنني قد تورطت في مفاوضات بلغة الإشارة حول قبعة يعادل ثمنها قطعة فنية صغيرة في متحف اللوفر!، لكني استسلمت للواقع واشتريت القبعة، كتذكار يحمل في طياته ذكرى من ذكريات البندقية العزيزة.
ومن بين الغرائب التي لفتت انتباهي، كانت زيارتنا لجزيرة بورانو ذات البيوت الملونة، التي تبدو وكأنها قطع من لوحة فنية طُليت بألوان زاهية لتضفي على الجزيرة سحراً خاصاً.
وفي اليوم الأخير، بينما كنا نستعد للمغادرة، وقفت لألقي نظرة أخيرة على المدينة من أعلى جسر ريالتو، وهناك شعرت بالامتنان لهذه المدينة، بجسورها وقنواتها وجزرها، لتذكرني بأن العالم مليء بالعجائب التي تنتظر من يكتشفها.
في النهاية، غادرنا البندقية بقلوب ملؤها الحب والذكريات الجميلة، وبالطبع، بقبعة أصبحت رمزاً لمغامرتنا الفريدة في مدينة أثبتت أنها كل شيء إلا أن تكون وجهة مملة. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: علي يوسف السعد البندقية
إقرأ أيضاً:
كايروترونيكا 2025.. أعمال فنية رقمية من 23 دولة تضيء قلب القاهرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يواصل مهرجان كايروترونيكا 2025، فتح أبوابه للعالم، والذي تستمر فعالياته حتى 28 ابريل الجاري، جامعًا مجموعة غير مسبوقة من الفنانين، والفرق الفنية، والمخرجين من مختلف القارات، في احتفال بنسخته الرابعة.
تجاوز الطبيعة
تحت عنوان "تجاوز الطبيعة"، تستكشف هذه الدورة العلاقة المعقدة بين التكنولوجيا والبيئة والوعي البشري، ليس كمفاهيم نظرية، بل كوقائع نعيشها في حاضرنا المضطرب.
تضم هذه النسخة أكثر من 40 عملًا فنيًا مبتكرًا من 22 دولة عبر خمس قارات، مقدّمة رؤى فنية متعددة حول مستقبل الطبيعة، والهوية، والتكنولوجيا، والذاكرة.
تتنوع المشاركات بين تجارب تفاعلية، ومنصات واقع افتراضي، وأعمال مجسّمة، وسرديات بصرية تعكس انشغالات عالمية ومحلية في آن واحد.
الأعمال المشاركة من مصر
من مصر، يشارك عاصم هنداوي بعمله "سيميا حيلة لمراوغة القدر، وهو يستعرض فيلم "سيميا" تقاطع النبوءة القديمة والذكاء الاصطناعي، كاشفًا كيف يشكّل التنبؤ أداة للسيطرة وبناء العوالم في زمن الحوسبة والطاقة.، كما يقدم الفنانان سامح الطويل ورانيا جعفر مشروعًا مشتركًا بعنوان "وطن"، يستكشف المشروع سيولة الذاكرة والمنفى الثقافي عبر رحلة خيالية لآثار منفية، كاشفًا بنيات المعرفة وتاريخها داخل البنى الرقمية المعاصرة.. ويُعرض "مونولوج من التاسع " لأبوالقاسم سلامة، هو فيلم تجريبي يستعرض المراقبة والمقاومة في عالم ما بعد الحداثة، من منظور متسكع يواجه الخوف والرقابة بتوثيق شخصي وتعبير بصري نقدي، إلى جانب العمل البصري المؤثر. "ماذا يدور في بالك حين تفكر فيّ؟" للفنان يوسف منسي، يستعرض العمل علاقة عاطفية عن بُعد، حيث تكشف الرسائل المتبادلة هشاشة وحنين الحبيبين في ظل المسافة، يعكس تفاعلهم الرقمي عزلة جسدية وروابط غير مألوفة تولدها التكنولوجيا.
الأعمال المشاركة من الوطن العربي
من العالم العربي، يقدّم محمد الفرج من السعودية عملًا بصريًا شعريًا بعنوان "حرارة / في قلبي حرارة الشمس"، يوثّق العمل مشاهد من الأحساء بتقنية التصوير الحراري، مستعرضًا أثر الحرارة على الإنسان والطبيعة، ومتأمّلًا علاقتنا بالتكنولوجيا في عالم يزداد سخونة.بينما يعرض خالد بن عفيف من السعودية أيضًا تركيب فني بعنوان "أوافق"، يطرح العمل تساؤلات حول استسلامنا غير الواعي للمراقبة الرقمية، ويكشف زيف الشفافية في علاقتنا المتسارعة مع التكنولوجيا. ومن سوريا/كندا، تأتي جوى الخش بعمل "السماء السابعة" يُعيد إحياء آثار تدمر عبر بيئة رقمية وهولوجرامات، متأمّلًا في دور التكنولوجيا كأداة ترميم وسط دمار الحرب.
ومن تونس، يعرض هيثم زكرياء "أوبرا الحجر"، عمل فني يجمع بين الصوت والصورة والجغرافيا الشعرية، مستكشفًا حكايات وأساطير جبال الرديف في تونس عبر رواة محليين. أما الفنانة هيا الغانم من الكويت، فتقدّم عملًا بصريًا بعنوان "نوخذاوين طبّعوا مركب"، يستكشف العمل علاقة المجتمع الكويتي بالبحر عبر مزج الأرشيف المرئي بالمشهد المعاصر، ليُعيد سرد التاريخ بصيغة بصرية شاعرية.
الأعمال المشاركة من آسيا وأفريقيا وامريكا الجنوبية
من آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، يشارك الفنان الياباني كاتسوكي نوغامي بعمله "ذاكرة الجسد"، وهو تجربة واقع افتراضي يستحضر ذاكرة الجسد عبر الحركة والتقنيات الرقمية، مستكشفًا الهوية والذكريات بين الحقيقي والمولّد بالذكاء الاصطناعي. ومن الهند، يقدم الثنائي براتيوش بوشكار وريا راجيني (المعروفة باسم باريا) العمل الصوتي "بوليفونات دلهي"، يقدّم العمل تجربة سمعية تستكشف النغمات الخفيّة في مدينة دلهي، كاشفًا تعددية أصواتها وموسيقى الهامش المنسية.
ومن جنوب أفريقيا، يُعرض "دزاتا: معهد الوعي التكنولوجي"، وهو عمل تركيبي متعدد الوسائط من إنتاج مصنع لو-ديف السينمائي (فرانسوا نويتزه، إيمي لويز ويلسون) مع راسيل لونغواني يبتكر المشروع معهدًا وهميًا يوثّق الممارسات التكنولوجية الشعبية في أفريقيا، منبها أن العلم والابتكار جزء أصيل من تاريخ القارة.. أما من كولومبيا، فيأتي الفنان سانتياجو إسكوبار جاراميلو بعمله ليوثّق العمل مرونة المجتمعات الساحلية في مواجهة تهريب المخدرات والعنف، مستعرضًا تقاليدهم الغنية وتباينها مع تهديدات الواقع. يرصد المشروع التفاعلي صراع الصيادين بين الحفاظ على السلم والانجرار نحو عالم التهريب.
الأعمال التفاعلية
أما الأعمال التي تميّزت بتفاعلها المبتكر، فيأتي في مقدمتها مشروع "جمال الأوركيد" للفنان فولكان دينشر (النمسا/تركيا)، حيث تتحول زهرة الأوركيد إلى منحوتة حية تتصل بإنستغرام: كلما زاد التفاعل معها، زادت كمية المياه التي تتلقاها عبر نظام ذكي تلقائي. وتقدم الفنانة نوا يانزما من هولندا عملًا تفاعليًا بعنوان "باي كلاود"، و هو دعوة للتأمل في العدالة المناخية والنمو الاقتصادي. ومن إسبانيا والولايات المتحدة، تقدم باتريسيا إتشيفيريا ليراس تجربة واقع افتراضي بعنوان " تذكروا هذا المكان: ٣١°٢٠'٤٦'' شمالًا، ٣٤°٤٦'٤٦'' شرقا"، يُجسّد العمل نضال نساء فلسطينيات في حماية "المنزل الهش" رغم تهديدات الواقع. ويطرح الفنان السويسري مارك لي عملًا بعنوان "تطور تأملي"، يتخيل مستقبل الكائنات الحية في ظل تدخل التكنولوجيا. ويشارك فريق "أونيونلاب" من إسبانيا بعمل بصري بعنوان "الأثر"، أما الفنان التشيكي يستكشف العمل مستقبلًا ديستوبيًا تتواصل فيه البطاطس مع البشر عبر بيانات حيوية محوّلة إلى أصوات، في نقد للزراعة الصناعية وأثر الإنسان على الكوكب، يدعو العمل إلى تخيّل علاقات جديدة مع الطبيعة باستخدام التكنولوجيا بدلًا من تدميرها.