“فايننشال تايمز”: خطوة الجنائية الدولية ضربة ساحقة لإسرائيل
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
وقال راخمان إن ارتدادات هذه الخطوة ستكون عاتية، مشيرا إلى أن 4 أسئلة رئيسية تطرح نفسها على الفور.
أولا، كيف سيكون التأثير الداخلي في إسرائيل؟
ثانيا، كيف سيؤثر القرار على الحرب في غزة والشرق الأوسط عموما؟
ثالثا، هل تمادت الجنائية الدولية ووضعت مستقبلها على المحك؟
ورابعا -وهو مرتبط بالسؤال السابق- كيف سترد الولايات المتحدة على قرار الاتهام المقترح؟
وأشار الكاتب إلى أن طلب المدعي العام للجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى جانب نتنياهو وغالانت لن يخفف من أثر هذه الصفعة التي تلقتها إسرائيل.
وأوضح راخمان -وهو كبير معلقي فايننشال تايمز للشؤون الخارجية وسليل عائلة يهودية- أن القرار الذي صدر اليوم الاثنين يأتي في وقت يرزح فيه نتنياهو تحت ضغط متزايد للتنحي عن منصبه، فقد هدده عضو مجلس الحرب بيني غانتس بأنه سيستقيل من الحكومة ما لم يضع إستراتيجية جديدة للحرب في غزة وما بعدها، وفق “الجزيرة”.
وانضم غانتس -الذي لم يمسه قرار الاتهام- إلى الأصوات الإسرائيلية التي اجتمعت على إدانة المحكمة الجنائية الدولية، لكن كثيرا من الإسرائيليين يرتعدون من فكرة تحوّلهم إلى دولة منبوذة، ولذلك فإن التخلص من نتنياهو وتنصيب رئيس وزراء جديد قد يصبح خيارا أكثر جاذبية مع مرور الوقت حين تسعى إسرائيل لترميم مكانتها الدولية، وفقا للكاتب.
فضلا عن ذلك، يشير راخمان إلى أن قرار الاتهام ستكون له تداعيات عملية شديدة على قدرة نتنياهو على أداء وظيفته. فالرحلات الخارجية ستصبح بالتأكيد أكثر صعوبة، لأنه سيكون معرضا لخطر الاعتقال في 124 دولة عضوة في نظام روما الأساسي الذي أسس للمحكمة الجنائية الدولية (ليس من بينها الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين).
وسيمنّي المتفائلون أنفسهم بأن يؤدي قرار الجنائية الدولية -في المدى البعيد- لإقناع إسرائيل بأن إستراتيجيتها في غزة “تقودها للارتطام في جدار” وفق تعبير غانتس.
وهذا قد يقنع الفريق القادم من القادة الإسرائيليين بأن يأخذوا حل الدولتين مع فلسطين على محمل الجد. ويعلم الإسرائيليون الآن أن الطريق لاستعادة القبول على الساحة الدولية لا بد أن يتضمن عملية سلام جديدة وتهميش نتنياهو، وفقا للمقال.
أما عن سؤال الرد الأميركي، فهو الآن مسألة حرجة، حسب وصف الكاتب. وقد أعلن البيت الأبيض أنه لا يؤيد أي قرار اتهام لإسرائيل من قبل الجنائية الدولية بحجة أنها ليست صاحبة اختصاص في هذه القضية.
لكن الكاتب يلفت إلى أن هذا الاعتراض الأميركي هادئ ومحدود نسبيا إذا قورن بما يمكن أن يفعله دونالد ترامب -الرئيس السابق والمرشح لانتخابات الرئاسة عام 2024- ومعه أصوات من اليمين الأميركي طالبت بفرض عقوبات أميركية على الجنائية الدولية وقضاتها.
ويرى راخمان أن احتمال فرض عقوبات أميركية على المحكمة يلقي الضوء على عظم الخطوة التي اتخذتها بهذا القرار الاتهامي ضد نتنياهو وغالانت، والتي قد تضع مستقبلها على المحك.
وربما شعر المدعي العام للمحكمة كريم خان أنه لا خيار أمامه سوى القيام بذلك، فالمحكمة إذا أرادت أن تحتفظ بشرعيتها الدولية عليها أن تفعل شيئا إزاء جرائم الحرب أيا كان من يرتكبها وحيثما كان ذلك.
غير أن المحكمة تعمل ضمن سياق سياسي. وقد أصدرت قرار اتهام بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دون فرصة تذكر في إخضاعه للمحاكمة.
وإذا استطاع نتنياهو أيضا التصدي لقرار الاتهام، فإن المحكمة تضع بذلك نفسها في موقف العاجز وعديم الفائدة، على حد تعبير الكاتب.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
خبراء قانونيون: ترامب يهدد العدالة بعقوباته على الجنائية الدولية
يرى خبراء في القانون الدولي أن القرار التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية يشكّل "تهديدا خطيرا للنظام القضائي العالمي ولمستقبل المحكمة نفسها".
وأكد خبراء أن تطبيق نموذج العقوبات المخصص "للتنظيمات الإرهابية" على آلية عدالة دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية يتناقض مع المبادئ القانونية، ولا يهدد فقط التحقيق في الجرائم المرتكبة في فلسطين، بل جميع التحقيقات التي تجريها المحكمة، من أوكرانيا إلى السودان.
وذكر تريستينو مارينييلو، أستاذ القانون في جامعة ليفربول جون مورس والمحامي المدافع عن الضحايا الفلسطينيين أمام الجنائية الدولية، أن القرارات التنفيذية الأميركية تُستخدم عادة ضد الأفراد المتورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو تجار المخدرات الدوليين.
وقال إن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية يمثل تناقضا واضحا، فالمحكمة تُعنى بمكافحة الجرائم الأكثر فظاعة وتوفير العدالة للضحايا، وليس لديها أي بديل آخر، ورغم ذلك، فإنها تتعرض لعقوبات.
وحذر مارينييلو من أن القرار الأميركي يشمل نطاقا واسعا، حيث لا يقتصر على موظفي المحكمة فقط، بل يستهدف أيضا أي شخص يقدم دعما للمحكمة.
إعلانوأوضح أن العقوبات "قد تشمل أي دعم مالي، مادي، أو تقني للمحكمة، وهذا يعني أن أي شركة تقدم برمجيات أو أنظمة تقنية للمحكمة يمكن أن تكون عرضة للعقوبات، وهو ما قد يؤثر بشدة على سير عمل المحكمة، ويجعل التحقيقات أكثر صعوبة بالنظر إلى أهمية الدعم التكنولوجي".
وانتقد مارينييلو ضعف رد الفعل الدولي من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى ضرورة اتخاذ موقف أقوى من جمعية الدول الأطراف، التي تضم 125 بلدا صادقت على نظام روما الأساسي.
وقال ينبغي على الجمعية إصدار إدانة قوية لهذا القرار، لكن يجب أن تترجم هذه الإدانة إلى إجراءات ملموسة على الأرض.
وعن البيان المشترك الذي وقعته 79 دولة لدعم المحكمة الجنائية الدولية، قال مارينييلو "إنها بداية جيدة، لكنها ليست كافية، فمن المستغرب أن 79 دولة فقط من أصل 125 قد وقّعت على البيان، فحتى مع كون البيان دبلوماسيا جدا، لم توقع عليه بعض الدول التي صادقت على نظام روما الأساسي، وهذا أمر مقلق".
وقال إن الاتحاد الأوروبي "يمتلك آلية للحماية من العقوبات، والتي يمكن أن تحد من تأثير أي عقوبات تُفرض على الأفراد أو المؤسسات داخل نطاق اختصاص الاتحاد".
كما شدد على أن الجنائية الدولية يجب ألا تستسلم للضغوط، قائلا: إذا خضعت المحكمة لهذه الضغوط، فستفقد مشروعيتها ومصداقيتها، وستتحول إلى كيان غير قادر على تحقيق العدالة.
وأكد مارينييلو أن على مكتب الادعاء في الجنائية الدولية توسيع نطاق تحقيقاته، مشيرا إلى وجود جرائم دولية موثقة على نطاق واسع لم يتم تضمينها في أوامر الاعتقال الصادرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت.
وقال "هناك العديد من الجرائم التي لم يشملها التحقيق، وعلى رأسها الإبادة الجماعية، والتهجير القسري بغزة، وأوضاع المعتقلين الفلسطينيين، والجرائم المرتكبة في الضفة الغربية قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول. من الضروري وضع حد للرواية الخاطئة التي تزعم أن كل شيء بدأ منذ ذلك التاريخ".
إعلانكما شدد على ضرورة ألا تظل المحكمة في موقف دفاعي، وقال: يجب على المحكمة أن تبدأ فورا تحقيقا استنادا إلى المادة 70 من نظام روما الأساسي، إذ إن ما يحدث هو محاولة واضحة لردع موظفي المحكمة عن أداء واجبهم القانوني.
وزاد: من المتوقع أن يعلن مكتب الادعاء عن فتح تحقيق بحق المسؤولين الأميركيين الذين وقّعوا على قرار العقوبات، وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب.
كما لفت مارينييلو إلى أن الإجراءات التي ينبغي على المحكمة اتخاذها يمكن تلخيصها في 3 نقاط، وهي دعوة الدول الأعضاء إلى التدخل، ومواصلة التحقيقات في فلسطين وأفغانستان بشكل مستقل ودون خضوع للضغوط، وفتح تحقيق فوري ضد المسؤولين الذين هددوا المحكمة، وفي مقدمتهم الرئيس ترامب.
ترامب والعدالة
وترى هايدي ماثيوز، أستاذة القانون في كلية أوسغود هول بجامعة يورك، أن الجنائية الدولية لديها خيارات قانونية لمحاسبة ترامب. وقالت يمكن للمدعي العام أن يتهم ترامب بارتكاب جريمة ضد العدالة استنادا إلى المادة 70 من نظام روما الأساسي، والتي تنص على إمكانية معاقبة أي شخص يتدخل بشكل غير قانوني في عمل المحكمة.
وأوضحت ماثيوز أن ترامب قد يصبح متهما رسميا في المحكمة إذا تبنى المدعي العام كريم خان هذا النهج، وتابعت أنه في حال إصدار مذكرة اعتقال بحقه، فإن سفر ترامب إلى أي دولة عضو في المحكمة قد يؤدي إلى توقيفه وتسليمه، ويمكن أن تتراوح العقوبات بين الغرامات المالية والسجن أو كليهما.
كما لفتت إلى أن الدول الأعضاء في الجنائية الدولية لديها التزامات قانونية تجاه المحكمة، وقالت: يجب على الدول الأعضاء إدراج الجرائم المنصوص عليها في المادة 70 ضمن قوانينها الجنائية الوطنية.
وترى أن عقوبات ترامب قد تُعد انتهاكا للقانون الدولي، ما يتيح للدول الأعضاء اتخاذ إجراءات فردية أو جماعية لإجبار الولايات المتحدة على الامتثال لقوانين المحكمة، وقد يشمل ذلك فرض عقوبات مضادة أو تعليق التزامات معينة ضمن الاتفاقيات المبرمة مع واشنطن.
إعلانإضافة إلى ما سبق، حذرت ماثيوز من أن العقوبات الحالية تعتبر أكثر شمولا من تلك التي فُرضت خلال ولاية ترامب الأولى، مشيرة إلى أن هذه التدابير تهدد عمل المحكمة بشكل خطير.
وقالت "العقوبات الجديدة تشمل كل من يتعاون مع المحكمة، وليس فقط التحقيقات الدائرة حول فلسطين. كما قد تؤدي إلى إغلاق مكاتب المحكمة، وتعريض سرية المعلومات الحساسة للخطر، مما قد يشكّل تهديدا خطيرا للأشخاص الذين يعملون مع المحكمة".
وأكدت ماثيوز أن هذه العقوبات تقوض قدرة المحكمة على إجراء مختلف التحقيقات التي تطلع بها، وليس فقط التحقيقات المتعلقة بفلسطين، ودعت الدول الأعضاء إلى اتخاذ إجراءات قوية لحماية استقلال المحكمة، وضمان استمراريتها في تحقيق العدالة الدولية.