محللون: طلب الجنائية الدولية سابقة تاريخية واختبار حقيقي للمنظومة الدولية
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
اتفق محللون سياسيون -تحدثوا لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- على أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان استصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، يعد سابقة تاريخية بكل المعايير، ويضع دول العالم ومؤسساته أمام اختبار حقيقي لقياس مدى احترام القوانين والأعراف الدولية.
وفي وقت سابق، أعلن خان أنه قدّم طلبات إلى المحكمة لاستصدار أوامر اعتقال بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة ضد الإنسانية، في ما يتعلق بالحرب في غزة وهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال خان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت يتحملان المسؤولية عن الجرائم ضد الإنسانية في غزة، وأضاف أن الأدلة خلصت إلى أن مسؤولين إسرائيليين حرموا بشكل ممنهج فلسطينيين من أساسيات الحياة، وأن نتنياهو وغالانت متواطئان في التسبب في المعاناة وتجويع المدنيين في غزة.
وفي حديثه للبرنامج، لفت الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة إلى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي وقيادته لم يتعرضوا في أي وقت سابق لهذه الموجة من الملاحقات القضائية، مما جعلهم في قفص الاتهام بشكل غير مسبوق.
وأضاف أن ذلك يعد لدى الاحتلال وقياداته مسألة خطيرة، تهدد ما يعمل نتنياهو على إقراره من محاولة شرعنة ما يقوم به جيشه في قطاع غزة باعتباره دفاعا عن النفس، حيث يراه المدعي العام يتناقض مع القانون الدولي ويشكل بصورة ما قتلا للمدنيين خارج إطار الشرعية.
سياق عاموأشار المحلل السياسي إلى أن ذلك يأتي في سياق عام شمل مواقف من قبل الجمعية العام للأمم المتحدة، وكذلك تفاعلات في مجلس الأمن الدولي ضد السلوك الإسرائيلي، إضافة إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، وأخيرا طلب المدعي العام للجنائية الدولية.
ولا يقف الأمر عند الأزمة التي يعيشها الاحتلال بسبب هذه الضغوط المتلاحقة، بل يتجاوزه -حسب الحيلة- إلى إحراج الدول الداعمة له والممدة له بالسلاح، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لأنه يجعل منها شريكا غير مباشر في تلك الجرائم، وهو الأمر الذي يفسر حالة الاستفزاز التي تعيشها واشنطن وهجومها الحاد على إعلان خان.
لكنه في الوقت ذاته، يرى إشكالية في توحيد المدعي العام معاييره تجاه الطرفين (الاحتلال وحماس)، في ظل ازدواجية معاييره في الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية، حيث زار سرا أهالي أسرى الاحتلال وقتلاه، في حين لم يقابل أيا من الجانب الفلسطيني.
وأكد الحيلة أنه في حال تم رفض الأمر، فإن ذلك بمثابة مسمار في نعش المؤسسات الدولية، مضيفا أن المشهد يحمل اختبارا حقيقيا لدول العالم ومنظوماته ومؤسساته الدولية.
ازدواجية المعاييربدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية الدكتور حسن أيوب أن واشنطن مارست ازدواجية المعايير في تعاملها مع الجنائية الدولية، فرغم كونها ليست عضوا بها، فإنها تعاونت بشكل قوي معها وقدمت الوثائق والأدلة حين إصدار قرار بطلب اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما تقوم بالعكس في هذه القضية.
وأشار في تعليقه إلى أن مجريات الأحداث منذ عملية طوفان الأقصى تفقد إسرائيل بشكل متسارع مسوغات شرعيتها حتى ادعاءها بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، وأنها ترى أن الأوضاع أوصلتها لنقطة مرعبة لها ولحلفائها بسبب انحسار تلك الشرعية.
ومع اتفاقه بشأن اعتبار طلب إصدار أمر الاعتقال "سابقة تاريخية"، إلا أن أستاذ العلوم السياسية اعتبر كذلك تجاهل خان للإحالات السابقة المتعلقة بالضفة الغربية يؤكد ازدواجية المعايير لديه، مضيفا أن هذا القرار يمكن أن يكون رافعة في سياق مواجهة الاحتلال على الرغم من كل الانتقادات الموجهة له.
وأضاف أيوب أن هذا الإعلان سيقطع الطريق على محاولات إعاقة قرار المحكمة الابتدائية بإصدار مذكرات اعتقال، لكنه في الوقت نفسه يقيد المحكمة بقيد قائم على نوع من التوازن السياسي، لكي لا يستفز الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة.
إعلان ذكيفي حين لا يتوقع المحامي والخبير في القانون الدولي الدكتور سعد جبار أن تحول التهديدات والضغوط الأميركية دون صدور قرارات الاعتقال، لأن المدعي العام كان ذكيا بإعلانه طلب استصدار القرار من هيئة المحكمة، وهو الأمر الذي يعطيه حماية أكثر ويشدد على المحكمة أن تقوم بواجباتها دون مماطلة.
واتفق جبار مع وجود إشكالية في اتهام قيادات من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رغم أنه يرى أن الاتهامات الموجهة لها تحتاج إلى تحقيق دولي مستقل من قبل هيئات الأمم المتحدة، لافتا إلى أن هناك تجاوزا كبيرا في المساواة بين الجانبين رغم الفارق الكبير في النسبة والتناسب مع ما ذكر من أعداد ضحايا الجانبين.
وأبدى الخبير في القانون الدولي تفاجؤه بغياب تهمة "الإبادة الجماعية" عن قائمة التهم الموجهة لنتنياهو ووزير دفاعه، لكنه لم يستبعد أن يتم ضمها في المستقبل مع توسيع قائمة المتهمين في القضية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات المدعی العام إلى أن
إقرأ أيضاً:
ممثل فلسطين في المحكمة يؤكد استخدام الاحتلال للتجويع كسلاح حرب.. و«الجهاد» تطالب بوقف إبادة غزة فورًا
الثورة / / متابعات
قال ممثل دولة فلسطين أمام محكمة العدل الدولية، عمار حجازي، إن الشعب الفلسطيني يجوع ويقصف ويهجّر من قبل «إسرائيل»، مؤكدًا أن أعلى محكمة إسرائيلية سمحت بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وبدأت محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، أمس الاثنين، جلسات استماع علنية لرأي استشاري بخصوص التزامات الكيان الإسرائيلي الإنسانية تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتجاه الشعب الفلسطيني، بعد أكثر من خمسين يومًا من فرض حصار شامل على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب.
وأضاف حجازي، في كلمته أمام محكمة العدل الدولية وفق وكالة «قدس برس»، أن «إسرائيل» تدمر بشكل ممنهج حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتتحدى قرار محكمة العدل الدولية باستخدام الغذاء كسلاح، وتمارس حملة إبادة جماعية بحق سكان غزة.
وأوضح أن «إسرائيل» ترتكب القتل المتعمد بحق المدنيين وطواقم الإغاثة في قطاع غزة، مشددًا على أن الجرائم البشعة التي ترتكبها تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني.
وشدد حجازي على أن القانون الدولي لا يسمح لـ«إسرائيل» بحرمان سكان قطاع غزة من المساعدات الإنسانية لأي سبب كان، متهما إياها بانتهاك وحدة وسيادة الأراضي الفلسطينية، وفرض عراقيل كبيرة على دخول المساعدات الإنسانية إلى كل من قطاع غزة.
وأكد حجازي، أن «إسرائيل» تتعمد تجويع مليوني فلسطيني في قطاع غزة، وتستخدم الغذاء والتجويع كسلاح حرب، وهو ما يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي، لافتًا إلى تدميرها مخيمات للاجئين في الضفة الغربية ونزوح أكثر من 40 ألف فلسطيني نتيجة لذلك.
كما اتهم حجازي، «إسرائيل» بالسعي لتحويل غزة إلى مقبرة جماعية، ومنع دخول الغذاء والماء والوقود والكهرباء والدواء إلى قطاع غزة منذ 57 يومًا، ما تسبب بتداعيات كارثية.
وأكد أن القانون الدولي يفرض على «إسرائيل» تزويد قطاع غزة بالغذاء والمساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية، وتجاهلت مطالب «مجلس الأمن» بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية الطارئة، وعمدت إلى عرقلة دخولها إلى قطاع غزة.
وأشار إلى أن «إسرائيل» تنتهك التزاماتها بموجب القانون الدولي، وأن سلطات الاحتلال ملزمة بالتعاون الكامل لتطبيق الخطط الإغاثية.
وفي هذا السياق، قالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أمس الاثنين، إنه كان الأجدى بمحكمة العدل الدولية في لاهاي أن تطالب العدو الصهيوني فوراً، في جلساتها أمس، باحترام قرارها السابق الذي يقضي بوقف الإبادة الجماعية بغزة، وبوقف فوري لسياسة الحصار والتجويع التي تستهدف إبادة المدنيين الأبرياء في قطاع غزة.
وحملت حركة «الجهاد»، جميع الحكومات والمؤسسات الصامتة على جرائم العدو، وفي مقدمتها الحكومات العربية والإسلامية، مسؤولية تجويع سكان غزة، جراء استمرار هذا الصمت بعدما تنكر العدو لكل الاتفاقات وخرق كل التفاهمات، بدعم علني وسافر من الإدارة الأمريكية التي تشجعه على الاستمرار في ارتكاب المزيد من الجرائم، وتمده بالسلاح والعتاد والغطاء السياسي.
وأضافت الحركة في بيان لها، أن فتح ملف قضايا جرائم العدو في جلسات استماع تستغرق خمسة أيام، يوحي وكأن ممارسات كيان الاحتلال محل نقاش قانوني.
وقالت، إن تعطيل إدخال الغذاء والدواء والوقود يشكل جريمة حرب صريحة وفقاً للقانون الدولي، تحت كل الظروف، والعدو ذاته لا ينكر أنه يستخدم الحصار كسلاح لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية.
وذكرت حركة الجهاد المحكمة بأن المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في نوفمبر 2024، مذكرة توقيف بحق رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ووزير حربه يؤاف غالانت لاتهامهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية عبر تجويع السكان.
وأضافت الحركة إنه كان «حري بمحكمة العدل الدولية إصدار توصية تلزم الحكومات والدول بتنفيذ هذه المذكرات، وتجريم كل الحكومات التي تتنصل من تنفيذها».
وشددت على أن المماطلات القانونية لن تطعم جائعاً، ولن تنقذ طفلاً، ولا قيمة لعدالة ينالها الأبرياء بعد فوات الأوان.
وبحسب وكالة «وفا» الفلسطينية، سينطلق الماراثون القضائي على مدار خمسة أيام، حيث سيبدأ ممثلو الأمم المتحدة مرافعاتهم أمام هيئة المحكمة المؤلفة من 15 قاضيا، وستكون دولة فلسطين أول من يعرض مداخلته طوال معظم اليوم، بالإضافة إلى مصر وماليزيا.
ووفقا لأجندة المحكمة، ستعقد جلسات الاستماع (مرافعات شفوية) خلال الفترة 28 أبريل – 2 مايو 2025، حيث أنّ 44 دولة و4 منظمات دولية أعربت عن نيتها المشاركة في المرافعات أمام المحكمة. ويأتي هذا التحرك بناء على قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، بناء على اقتراح من النرويج، يدعو محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري يحدد التزامات الكيان الإسرائيلي حيال تسهيل وصول الإمدادات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين وضمان عدم عرقلتها.