ماذا بعد طلب خان إصدار أوامر اعتقال ضد قادة بإسرائيل؟
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
بعد إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان تقديم طلبات الى المحكمة لاستصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، تبرز أسئلة عديدة حول ما بعد هذه الخطوة وما سيترتب عليها من نتائج؟.
وفيما يلي نظرة على الإجراءات التي ستتخذها المحكمة بعد صدور الطلب، ومدى تأثير خطوة المدعي العام على العلاقات الدبلوماسية والمسائل القضائية الأخرى التي تركز على غزة.
يذهب طلب المدعي العام كريم خان إلى الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية. ويتوقع أن تتألف الدائرة من ثلاثة قضاة؛ رئيسة المحكمة، القاضية الرومانية يوليا موتوك، والقاضية المكسيكية ماريا ديل سوكورو فلوريس لييرا، والقاضية رين ألابيني جانسو من بنين.
ولا توجد مهلة يتعين على القضاة أن يحسموا أمرهم قبل انقضائها في مسألة إصدار أوامر الاعتقال. في القضايا السابقة، استغرق الأمر من القضاة ما بين شهر وبضعة أشهر.
وإذا اتفق القضاة على وجود "أسباب معقولة" للاعتقاد بأن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ارتكبت، سيصدرون مذكرة اعتقال.
ويتعين أن تذكر المذكرة الشخص والجرائم المحددة التي يُطلب القبض عليه بسببها وبيان الوقائع التي يُزعم أنها تشكل تلك الجرائم.
ويستطيع القضاة تعديل طلبات أوامر الاعتقال والموافقة على أجزاء فقط مما يطلبه المدعي العام. ويمكن أيضا تعديل الاتهامات وتحديثها لاحقا.
هل يعتقل نتنياهو وغالانت؟
يلزم نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى السوابق القانونية في قضايا تنطوي على أوامر اعتقال ضد رؤساء دول في الحكم، جميع الدول الموقعة على المحكمة الجنائية الدولية وعددها 124 دولة باعتقال وتسليم أي فرد يسري ضده أمر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية إذا وطأت قدماه أراضيها.
لكن المحكمة لا تملك أي وسائل لتنفيذ أوامر الاعتقال. وعقوبة عدم اعتقال أي شخص هي الإحالة إلى مجلس الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وفي نهاية المطاف الإحالة إلى مجلس الأمن الدولي.
هل يمكن تعليق أمر صادر عن المحكمة مؤقتا؟تسمح قواعد المحكمة لمجلس الأمن الدولي بتبني قرار يوقف أو يؤجل التحقيق أو المحاكمة لمدة عام، مع إمكان تجديد ذلك إلى أجل غير مسمى.
وفي الحالات السابقة التي تجاهلت فيها دولة ما التزامها باعتقال فرد يواجه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، كان أقصى ما واجهته هذه الدولة هو التوبيخ.
هل ما زال بإمكان نتنياهو وغالانت السفر؟
نعم يستطيعان. ولا يؤدي طلب إصدار أمر اعتقال أو إصدار أمر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية إلى الحد من حرية الفرد في السفر.
لكن بمجرد إصدار مذكرة اعتقال، يصبح المستهدفون بمذكرات الاعتقال عرضة لاحتمال الاعتقال إذا سافروا إلى دولة موقعة على قوانين المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي قد يؤثر على عملية صنع القرار.
ولا توجد قيود على الزعماء السياسيين أو المشرعين أو الدبلوماسيين فيما يتعلق بمقابلة الأفراد الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية. لكن من الناحية السياسية، قد ينظر لمثل هذا الأمر على أنه شيء معيب.
هل تؤثر خطوة خان على قضايا أخرى؟ليس لطلب إصدار أوامر اعتقال الذي قدمه خان تأثير مباشر، على القضايا الأخرى ذات الصلة، لكنه قد يؤثر بشكل غير مباشر.
ويعتبر طلب المحكمة الجنائية الدولية مسألة منفصلة، على سبيل المثال، عن القضايا المعروضة على المحاكم التي تطالب بفرض حظر أسلحة على إسرائيل أو محاولات جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإسرائيلي على رفح.
وإذا قرر القضاة أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت يرتكبان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التحديات القانونية، مما يستدعي فرض حظر أسلحة في أماكن أخرى، حيث أن دولا كثيرة لديها أحكام ضد بيع الأسلحة للدول التي قد تستخدمها بطرق تنتهك القانون الإنساني الدولي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات المحکمة الجنائیة الدولیة أوامر اعتقال المدعی العام اعتقال من
إقرأ أيضاً:
بينهم رئيسان عربيان سابقان.. قادة أصدرت الجنائية الدولية أوامر باعتقالهم
قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، الذي صدر، الخميس، أثار موجة من ردود الفعل الدولية، بين مؤيد ومعارض.
المحكمة الدولية أعلنت في بيان رسمي، أنها رفضت الاعتراضات التي قدمتها إسرائيل، المتعلقة بعدم وجود صلاحيات للمحكمة للنظر في الأحداث الجارية في قطاع غزة والضفة الغربية، ومطالبتها بوقف كافة التتبعات بحق المسؤولين الإسرائيليين، والمستندة على الفصلين 18 و19 من إعلان روما.
وأضاف البيان أن قبول إسرائيل بشرعية المحكمة ليس ضرورياً لتواصل هذه الأخيرة عملها، وأن قضاتها توصلوا إلى نتيجة "تفيد بوجد أرضية معقولة للاعتقاد أن كلا من نتانياهو وغالانت، مسؤولان عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ومهاجمة السكان المدنيين، بين الثامن من أكتوبر 2023، والعشرين من مايو "2024.
وشملت أوامر الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية، محمد الضيف قائد الجناح العسكري لحركة حماس الذي قالت إسرائيل إنه قتل.
فلاديمير بوتينوهذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة مذكرة اعتقال بحق مسؤول سياسي بارز. إذ سبق لها إصدار مذكرات مماثلة بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ووزير الدفاع آنذاك، سيرغي شويغو، إلى جانب عدد من المسؤولين في روسيا، بداية مارس 2023.
المذكرة طالبت باعتقال بوتين وشويغو بتهمة جرائم حرب في أوكرانيا، وكذلك دورهما في إصدار التعليمات بتنفيذ "الترحيل غير القانوني للأطفال في أوكرانيا".
وكانت تلك المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة الدولية مذكرة بحق مسؤول بارز في دولة تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
عمر البشيركما أصدرت المحكمة مذكرتي اعتقال بحق الرئيس السوداني السابق، عمر حسن البشير، عامي 2009 و2010 طبقاً لتهم بالمسؤولية وراء جرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب في إقليم دارفور، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية.
البشير رفض الاعتراف بمذكرات الاعتقال، وتحدى المحكمة، عبر السفر إلى عدد من الدول الأفريقية، التي تجنبت اعتقاله أو تسليمه.
ولم يكن توجيه الاتهام وإصدار مذكرتي الاعتقال بحق البشير معزولاً، بل تم توجيه تهم مماثلة لعدد من المسؤولين البارزين في نظامه.
معمر القذافيكما واجه الزعيم الليبي، معمر القذافي، مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في يونيو عام 2011، صحبة ابنه، سيف الإسلام، وعدد من المسؤولين في نظامه، على رأسهم، عبد الله السنوسي، مدير المخابرات.
ومن اللافت أن المحكمة وجهت تلك التهم إلى كبار المسؤولين في نظام القذافي، رغم أن ليبيا ليست عضواً في الجنائية الدولية ولم تصادق على تأسيسها، مثلما هو الحال بالنسبة لإسرائيل، التي أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها ووزير الدفاع السابق.
لوران غباغبووفي نفس تلك الفترة، واجه رئيس ساحل العاج السابق، لوران غباغبو، مذكرة اعتقال من الجنائية الدولية، عقب الأحداث الدامية التي شهدتها بلاده، والقتال العنيف بين أنصاره من جهة، وأنصار زعيم المعارضة آنذاك، الحسن واتارا، عقب الجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2010، والذي انتهى بتنحيته بالقوة في العام الموالي.
وبعد محاكمة طويلة، استمرت إجراءاتها لنحو 10 سنوات، وتضمنت حضور 82 شاهداً، حصل لوران غباغبو ومساعده بلي غودي أخيراً على البراءة من التهم الموجهة إليهما، ووقف كافة التتبعات بحقهما عام 2019.
ويليام روتوأما الزعيم الأفريقي الآخر الذي واجه مذكرات الاعتقال للجنائية الدولية، فهو الرئيس الكيني الحالي، ويليام روتو، الذي واجه تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، عقب أحداث العنف، التي اندلعت عقب الانتخابات عام 2007.
روتو حصل على البراءة عام 2016، عندما كان يشغل منصب نائب رئيس كينيا، ثم تم انتخابه رئيساً عام 2022.
المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست عام 2002، كتتويج لمجهود طويل يهدف لتأسيس نظام قضائي دولي فعال، يضمن تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومعاقبة الأفراد أو الكيانات التي تنتهك حقوق الإنسان وقانون الحرب واتفاقيات جنيف الأربعة الخاصة بمعاملة الأطراف المتحاربة للمدنيين أو العسكريين أثناء الحرب.
وبدأت تلك الجهود منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، مع تركيز "لجنة الخبراء لتحديد المسؤوليات"، التي نظرت في الأسباب التي أدت إلى الحرب، وكان من مهامها اقتراح أسماء مسؤولين من ألمانيا والنمسا، لمحاكمتهم من أجل جرائم حرب، وأبرزهم آخر إمبراطور لألمانيا، فيلهلم الثاني، الذي لجأ إلى هولاندا.
لكن التطور البارز حدث عقب الحرب العالمية الثانية، مع إحداث محكمة نورمبرغ، لمقاضاة قادة ألمانيا النازية، والمحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى، لمحاكمة العسكريين اليابانيين عن الجرائم التي اقترفوها منذ غزوهم للصين بداية الثلاثينات.
وبعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفياتي، الذي ترافق مع تغييرات سياسية جذرية في أوروبا، اتخذ بعضها طابعاً عنيفاً، أصدر مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، القرار 808، في مايو 1993، الذي أحدث بموجبه المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، من أجل محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وجهت محكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، اتهامات لأفراد من كرواتيا والبوسنة والهرسك وصربيا. ويعتبر سلوبودام ميلوزوفيتش أعلى مسؤول تم تقديمه للمحاكمة أمامها، لكن وفاته أثناء التحقيقات والمداولات القضائية منعت إصدار أي حكم بحقه، وليتم أخيراً حلها في ديسمبر 2017.
وفي عام 1994، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 955، الذي أحدث بموجبه محكمة الجنايات الدولية لرواندا، والتي نقل مقرها إلى مدينة آروشا، بتنزانيا. وقامت المحكمة بإجراء تحقيقات وإصدار أوامر اعتقال بحق المسؤولين عن الإبادة الجماعية خلال الحرب الأهلية بين قوميتي الهوتو والتوتسي، في رواندا.
استمرت جهود تطوير القضاء الدولي، داخل أروقة الأمم المتحدة، وبدأت في نيويورك عام 1996 سلسلة الاجتماعات التحضيرية، التي عقدتها مجموعة من جمعيات المجتمع المدني الدولية، تحت شعار "التحالف من أجل المحكمة الجنائية الدولية"، وتبنت بعض الدول الفكرة.
وبعد مفاوضات مضنية، تم التوصل لما عرف باسم "إعلان روما للمحكمة الجنائية الدولية"، الذي وقعت عليه 120 دولة، مع امتناع 21 دولة عن التصويت، واعتراض 7 دول، 4 منها عربية، وهي العراق وقطر واليمن وليبيا، بالإضافة إلى إسرائيل والصين والولايات المتحدة.
وبذلك بدأت إجراءات تركيز المحكمة وإداراتها وانتخاب القضاة الذين سيعملون في مقرها بهولاندا.
أولى مذكرات الاعتقال الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية صدرت في أكتوبر 2005، وهي متعلقة بالاتهامات التي وجهت لحركة "جيش الرب" في أوغندا، بانتهاك حقوق الإنسان، واقتراف جرائم حرب.
رغم أن قرار إحداثها كان بمبادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن الجنائية الدولية ليست مرتبطة بالمنظمة الأممية هيكلياً أو إدارياً، على عكس محكمة العدل الدولية، التي هي جزء من منظمة الأمم المتحدة.
وواجهت الجنائية الدولية انتقادات لاذعة طيلة عملها الذي بدأ رسمياً عام 2005. فالقادة الأفارقة طالما انتقدوا عملها الحصري على حالات من القارة الأفريقية دون غيرها، لعدة سنوات، ما دفع كلا من جنوب أفريقيا وبورندي بالتهديد بالانسحاب منها عام2016.
كما وجهت روسيا انتقادات لاذعة للجنائية الدولية، واصفة مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق بوتين، بأنها "حركة استفزازية لا معنى لها". ومثلما كان عليه الحال مع الرئيس السودانين عمر البشير، تحدى بوتين قرار المحكمة وقام بزيارة منغوليا في سبتمبر الماضي، وتتحدث تقارير صحفية عن إمكانية سفره إلى الهند في المستقبل القريب.
مذكرات الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية اليوم بحق نتانياهو وغالانت، هي سابقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكونها أول مرة يواجه فيها مسؤول إسرائيلي اتهامات خطيرة من هيئة قضائية دولية، بخصوص الإجراءات التي يتخذها ضد الفلسطينيين.
ورغم كون مذكرات الاعتقال لا تعني بالضرورة الاعتقال، خصوصاً وأن إسرائيل لا تعترف بسلطة المحكمة، إلا أن المدعي العام ، كريم خان، يرى أن سلطة المحكمة تشمل الجرائم المحتملة التي حدثت في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يمكنه من الشروع في ملاحقات قضائية بحق مسؤولين إسرائيليين، والناشطين الفلسطينيين.