لعل ما يحدث على أرض فلسطين اليوم يؤكد حقيقة مفادها الغياب الكامل للمنظمات الدولية، منظمات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، وهو ما ترك العنان لإسرائيل كي تمضي فى غلوائها وتمارس كل الجرائم دون رقيب أو حسيب أو مساءلة. فرضت تشريعات أقرها الكنيست، ومضت بموجبها تستبيح القانون. عمدت إلى توسيع سلطاتها فى اعتقال من صنفتهم مسلحين، لتزج بهم فى معسكرات اعتقال تفوقت على معتقلات النازية، وهناك يتم تعذيبهم على مدى 45 يوما ويظلون منعزلين عن العالم.
أما ما شجع إسرائيل على المضيّ قدما فى جرائمها فهو الدعم الأمريكى الكامل لها، فهي محصنة من خلال هذا الدعم الذى وصل إلى حد سعي الولايات المتحدة فى مجلس الأمن لمنع صدور أي قرار يقضي بوقف إطلاق النار حقنا لدماء النساء والأطفال الفلسطينيين. دعم كامل رغم ما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية وجرائم يشيب لها الولدان. وبذلك تكون أمريكا قد منحت إسرائيل شيكا على بياض كى تفعل ما تشاء فى الأراضى الفلسطينية بعد أن أمنت العقاب، وبذلك غدت مطمئنة وهى تمارس جرائمها معتمدة فى ذلك على أن هناك إطارًا ثابتا يحكم علاقاتها مع الولايات المتحدة يرتكز أساسا على التحالف الاستراتيجى غير المسبوق بينهما، وهو ما يكفل لها الدعم الأمريكي المطلق على كل المستويات.
ومع هذا التحالف غير المسبوق بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم يحدث أى خلاف بينهما، وحتى إذا كان هناك تباين بينهما فى المواقف فهو تباين شكلى لا يؤثر على العلاقات الحميمية بينهما. وحتى فى محاولة الرئيس"بايدن" إمساك العصا من المنتصف والسعي لإرضاء كل الأطراف فى المنطقة، إلا أنه لم يحد عن منح إسرائيل الدعم الكامل والشامل في كل المناحي. ولا أدل على ذلك من التزام الولايات المتحدة الأمريكية للصمت الكامل إزاء جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل فى غزة على مدى ثمانية أشهر والتى أودت بأرواح 35 ألف شهيد حتى الآن معظمهم من النساء والأطفال، وعشرات الآلاف من المصابين والمفقودين. فضلا عما لحق بالقطاع من تدمير كامل. وبالتالى ظهر كذب الولايات المتحدة المفضوح، فعلى حين تعلن على الملأ تمسكها بالدفاع عن حقوق الإنسان، واحترام القانون الدولى الإنسانى، نجدها على أرض الواقع تخالف ذلك كلية عندما تلتزم الصمت، وتتغاضى كلية عما ترتكبه إسرائيل من جرائم فى حق الفلسطينيين. فضلا عن استمرارها في دعم إسرائيل عسكريا وماديا وسياسيا.
أما المحرك الرئيس اليوم للرئيس "جو بايدن" فهو موسم الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة، وتطلعه إلى الفوز بولاية جديدة فى البيت الأبيض، لذا فهو حريص على موالاة اللوبى اليهودى ونيل رضاه.
لم يستطع "بايدن" الضغط على إسرائيل بشكل جدى من أجل التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق النار. على العكس استمر فى دعمها لا سيما فى مجلس الأمن. أكثر من هذا رأينا مواقفه إزاء محكمة العدل الدولية وسعيه لمنع إدانة إسرائيل، بالإضافة إلى رفضه توجه المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق "نتنياهو" والمسئولين الإسرائيليين. وفى خضم ذلك غاب عن "جو بايدن" أنه بسياسته هذه سيلحق الضرر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية فى الشرق الأوسط.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
قفزة جديدة ومستوى تاريخي غير مسبوق.. ارتفاع الذهب عالميا عند 3500 دولار للأونصة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
سجلت أسعار الذهب العالمي قفزة جديدة ومستوى تاريخي جديد خلال جلسة اليوم الثلاثاء، وذلك في ظل تزايد الطلب على الملاذ الآمن في ظل استمرار هجوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى استمرار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
سعر أونصة الذهبسجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاع خلال تداولات اليوم الثلاثاء بنسبة 0.9% ليسجل أعلى مستوى تاريخي عند 3500 دولار للأونصة بعد أن افتتح جلسة اليوم عند المستوى 3427 دولار للأونصة ليتداول حاليا عند المستوى 3457 دولار للأونصة، وفق جولد بيليون.
ويأتي هذا بعد أن ارتفع الذهب يوم أمس بنسبة 3% تقريباً مسجلًا مستويات قياسية متتالية في الجلسات الثلاث السابقة، مدفوعًا بشكل كبير بتصاعد المخاطر الجيوسياسية وقوة طلب البنوك المركزية واستمرار المخاوف بشأن التضخم.
خطط ترامب لاصلاح الفيدراليكان الهجوم العلني الذي شنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هو الدافع وراء موجة الارتفاع الأخيرة في الذهب، بعد أن كشف دونالد ترامب عن خطط لإصلاح البنك الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى تصريح المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض يوم الجمعة بأن الرئيس ترامب وفريقه يواصلون دراسة إمكانية إقالة رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي.
وقد جدد ترامب يوم الاثنين دعوته للبنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، قائلاً إن الاقتصاد الأمريكي قد يتباطأ إذا لم يخفض البنك أسعار الفائدة فورًا. بينما كان رئيس الفيدرالي باول قد صرح الأسبوع الماضي بأن البنك لا يميل إلى خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، مشيرًا إلى الضغوط التضخمية المحتملة وعدم اليقين الاقتصادي الناجم عن الرسوم الجمركية الجديدة.
وقد أثارت هذه التطورات مخاوف بشأن استقلالية البنك الاحتياطي الفيدرالي، مما أحدث تداعيات كبيرة في الأسواق المالية، وظل الدولار الأمريكي ضعيفًا بعد أن انخفض إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات يوم الاثنين مقابل سلة من العملات الرئيسية، الأمر الذي فتح الباب أمام المزيد من المكاسب في سعر الذهب في ظل العلاقة العكسية بينهما.
مخاوف المستثمرينهذا وقد انخفضت أسهم وول ستريت يوم الاثنين بنسبة 2.4% يوم الاثنين إلا أن المستثمرين لم يلجئوا إلى بيع الذهب بهدف تمويل خسائرهم في أسواق الأسهم كما شاهدنا من قبل، بل ظل الذهب محافظا على مكاسبه بشكل كبير مما يدل على تغير توجهات المستثمرين المعتادة ليصبح الذهب هو الاستثمار الآمن لدى الأسواق حاليًا.
إلى جانب هذا لا تزال التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مرتفعة، فقد أصدرت الصين تحذير صارم للدول التي تفكر في إبرام اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة قد تضر بالمصالح الصينية. واتهمت وزارة التجارة الصينية واشنطن باستخدام التعريفات الجمركية والعقوبات النقدية لإجبار الدول على الحد من تجارتها مع الصين.
وقد أكدت بكين أن أي اتفاقيات من هذا القبيل تضر بمصالحها وستؤدي إلى إجراءات مضادة متبادلة. ليستمر التصعيد بين الولايات المتحدة والصين بعد أن وصلت التعريفات الجمركية إلى 145% على السلع الصينية، مما أدى إلى فرض الصين رسومًا جمركية انتقامية.