تحظى اللامركزية باهتمام حكومي كبير منذ إطلاق «رؤية عُمان 2040»، وهي أحد الممكنات التي تساعد المحافظات على القيام بأدوارها وتحديد أولوياتها التنموية لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي وضعتها الحكومة، وكذلك الاستفادة من الميزة النسبية الموجودة في محافظات سلطنة عُمان لإضفاء قيمة حقيقية للاقتصاد العُماني، ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط.
بدأنا نلحظ تنمية بعض المحافظات بفضل التوجيهات السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- خلال لقائه بشيوخ ولايات سلطنة عُمان، بتعزيز اللامركزية في المحافظات والتأكيد على دور المحافظين والولاة للقيام بالمهام المنوطة بهم على أكمل وجه؛ لتنمية المحافظات والوقوف على كل الملاحظات المرصودة والتعامل مع التحديات التي تواجه المشروعات التنموية في الملاحظات، إضافة إلى إشراك الشباب وأهالي المحافظات في تطويرها وتنميتها.
وأصبح دور الوالي والمحافظ فاعلًا لا يقتصر على ممارسة الأعمال من المكتب فحسب، بل ينجز ويشرف على أداء المهام في أرض الميدان، حقيقة نفخر بجميع الجهود التي يبذلها المسؤولون الحكوميون في مختلف محافظات سلطنة عُمان، ونفخر أكثر بحجم الإنجاز في إطلاق المشروعات التنموية ومستوى الإنجاز الذي تحقق خلال هذه الفترة الوجيزة، والأهم من ذلك سهولة الإجراءات التي تعطي انطباعًا إيجابيًا للمستثمر العُماني والأجنبي إضافة إلى سرعة إنجاز المعاملات في منافذ تقديم الخدمات بالمؤسسات الحكومية في المحافظات، وهذا لم يتحقق لولا الصلاحيات الموسعة التي حظي بها مسؤولو المحافظات لتسريع إنجاز المعاملات، مما أسهم في تقليل الوقت والجهد على المواطن الذي يبذله لتخليص معاملاته في محافظة مسقط.
ما يؤكد عزم الحكومة على تعزيز اللامركزية وتنمية المحافظات هو المتابعة المستمرة والدقيقة التي تقوم بها الجهات المعنية لضمان تنفيذ التوجيهات السامية بتفعيل اللامركزية في المحافظات عبر التأكد من إسناد المشروعات التنموية للتناقص لا سيما مشروعات قطاعات الصحة، والبلدية، والسياحة مثل البدء في إنشاء المستشفيات في بعض المحافظات، وإنشاء ممشى ووضع لمسات جمالية لبعض المتنزهات والحدائق، وكذلك رصد الملاحظات الواردة على الخدمات المقدمة في المحافظات، وتحليل العروض المالية لإسناد المشروعات إضافة إلى تشخيص الوضع العام للمحافظة من ناحية الاحتياج لبعض الخدمات بهدف تجويدها وضمان رضا مستفيديها، ما يبعث الارتياح في مختلف المحافظات ويرفع من مستوى العمل الجاد لتحقيق المزيد من المشروعات ذات القيمة المحلية المضافة، ويحفّز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على إطلاق مشروعات مبتكرة تستهدف أهالي المحافظات، وترفع من مساهمة المحافظة في الناتج المحلي الإجمالي، ونشعر بالتفاؤل عندما نشاهد مشروعًا ينفذ في محافظة ما وطريق ينشأ في محافظة أخرى، وممشى أو متنزه يتم تطويره في موقع معيّن؛ ليضعنا أمام فرصة كبيرة للاستفادة من هذه المشروعات التنموية في ممارسة الأعمال بسهولة ويسر.
إن تنمية المحافظات وتطوير بناها الأساسية يتم إنجازه بوتيرة متسارعة وبجهود مضنية وبسواعد عازمة على البناء والتطوير والإنجاز بفضل التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - بتخصيص 20 مليون ريال عُماني لكل محافظة ومتابعة الجهات المعنية لما ينجز في المحافظات، وهذا بدوره سيسهم بلا شك في الرقي بها وتهيئتها للاستثمارات وبحث الفرص المتاحة في كل محافظة للاستفادة منها في الترويج لها.
فكما هو معلوم بأن كل محافظة في سلطنة عُمان تتميز بجانب معيّن مقارنة بالمحافظات الأخرى، ونعوّل كثيرا على اللامركزية في تنمية المحافظات وتطويرها، وعلى السعي إلى استكشاف الفرص في المحافظات للاستفادة منها، وتوظيفها بطريقة مثلى في ابتكار نماذج جديدة تسهم في نمو الاقتصاد العُماني.
إن تعزيز اللامركزية في محافظات سلطنة عُمان ساعد على الاستقرار الاجتماعي من خلال توفير الوقت والجهد عند طلب الخدمة بدلا من الذهاب إلى محافظة مسقط لإنجاز المعاملات، وكذلك ساعدت اللامركزية على تنمية المحافظات اقتصاديًا من خلال تحسّن القوة الشرائية في الأسواق، وتنوّع السلع المعروضة، وارتياد السياح للمحافظات للتنزه واستكشاف مكنوناتها ومقوماتها الاستثمارية.
ورغم أن فكرة اللامركزية تعد حديثة في سلطنة عمان، إلا أن هذا التوجه لاقى استحسانًا وترحيبًا من قبل فئات المجتمع؛ لتلمسهم بحجم المشروعات التنموية المنجزة في المحافظات من مستشفيات تخصصية كبرى، ومرافق سياحية جذّابة، وفعاليات ومهرجانات متنوّعة على مدار العام.
ومع كل هذا التفاؤل بنهج اللامركزية وتعزيزها، إلا أنه من المهم تقييم التجربة بين فترة وأخرى، بحيث يتم قياس الأثر الاقتصادي على مراكز المحافظات، والأهم من ذلك أن يدرك المواطن بأن إنجاز المعاملات وتقديم الخدمات أصبح أكثر سهولةً ويسرًا وبدون عناء التنقل لتخليصها، والأهم من ذلك أن الحكومة تواصل تحقيق مؤشرات إيجابية في التحول الرقمي لكثير من المعاملات، مما يبشر بأن نجاح اللامركزية لا يقتصر على اختصار المسافات بل في الأدوات والممكنات الداعمة لها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المشروعات التنمویة تنمیة المحافظات اللامرکزیة فی فی المحافظات ع مانی
إقرأ أيضاً:
رئيس جهاز تنمية المشروعات: وفرنا 6.6 مليون فرصة عمل في المحافظات
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعا لمتابعة الجهود والرؤية المستقبلية لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وذلك بحضور أحمد كجوك، وزير المالية، وباسل رحمي، الرئيس التنفيذي للجهاز، ومحمد مدحت، نائب الرئيس التنفيذي للجهاز، وأحمد علي، رئيس قطاع الشئون المالية بالجهاز، والدكتور أحمد سمير، رئيس قطاع موازنات البنية التحتية والشئون الاقتصادية بوزارة المالية، ووليد عبد الله، رئيس قطاع الموازنة العامة بوزارة المالية، كما شارك في الاجتماع عبر تقنية الفيديو كونفرانس رامي أبو النجا نائب محافظ البنك المركزي.
وفي مستهل الاجتماع، أكد رئيس الوزراء، الحرص على متابعة خطى جهاز تنمية المشروعات انطلاقا من الدور الذي يقوم به في تعزيز نظام يدعم نمو وتطور المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال في مصر، وتنفيذ البرامج والمشروعات التي تساهم في تفعيل رؤية مصر التنموية في هذا الإطار.
وخلال الاجتماع، عرض باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، أبرز الاستراتيجيات الوطنية التي يساهم الجهاز في تفعيلها بشكل مباشر، وفي مقدمتها رؤية مصر 2030، وبرنامج عمل الحكومة، والبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية، وإطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة.
ويأتي ذلك بالإضافة إلى المبادرات الوطنية التي يشارك فيها الجهاز، وعلى رأسها المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، والمبادرة الرئاسية حياة كريمة، والمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، ومراكب النجاة، ومبادرة الهيئة العربية للتصنيع، وكذا الاستراتيجيات المتنوعة التي يساند الجهاز في صياغتها وتنفيذها، ومن بينها الاستراتيجية القومية لحماية وتأهيل وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، والاستراتيجية الوطنية لتطوير الصناعات الحرفية والتراثية، والاستراتيجية الوطنية لإدماج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، والاستراتيجية الوطنية لتنمية قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال، والاستراتيجية القومية للتغير المناخي 2050، والاستراتيجية القومية لتمكين المرأة المصرية 2030.
جهاز تنمية المشروعات يمتلك قاعدة عريضة من العملاء المستفيدين من خدماتهكما تناول الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، أبرز الجهود التي قام بها الجهاز خلال عام 2024، والرؤية المستقبلية له، مُشيرا إلى أن لدى الجهاز العديد من عناصر القوة والتمكين لدوره لعل من أهمها أنه يمتلك قاعدة عريضة من العملاء المستفيدين من خدماته تصل لأكثر من 2.3 مليون مشروع، وفرت ما يزيد على 6.6 مليون فرصة عمل على مستوى محافظات الجمهورية، كما أن لدى الجهاز شبكة من المكاتب الإقليمية في جميع أنحاء الجمهورية، وكذلك عدد كبير من شركاء التنمية المحليين، ويحظى أيضا بتوافر الكوادر البشرية التي لديها خبرات متراكمة ومتميزة، ما أتاح له الفرصة لنقل تجربته الرائدة إلى عديد من البلدان الأخرى.