«مملكة اللبان».. رحلة فنية عبر تاريخ عُمان وتراثها العريق
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
ضمن مشروع ثقافي يسعى لتسليط الضوء على التراث العماني من خلال ابتكار أعمال فنية تجسد شجرة اللبان ذات الرمزية الثقافية والتاريخية العريقة بين جنبات المعرض الذي افتتح في بيت الزبير برعاية السيد خالد بن حمد البوسعيدي مساء أمس، وحمل عنوان معرض الفن التشكيلي والأزياء «مملكة اللبان: إرث تاريخي متجدد»، تتجلى إبداعات أكثر من ثلاثين عملًا في منصة تجمع نخبة من رائدات الأعمال في عالم الأزياء، والفنانين الموهوبين، والحرفيين المبدعين، إلى جانب كوكبة من الكتاب العمانيين الذين يسردون بدقة تاريخ سلطنة عمان العريق، يهدف هذا المشروع في إصداره الأول إلى المحافظة على الهوية العمانية الأصيلة، وتجسيدها بطرق إبداعية خارج نطاق الصناديق التقليدية المألوفة محليًا، وذلك من خلال عرضها وتعزيزها على المستويين المحلي والعالمي.
وتألقت لوحات الفنانة دليلة الحارثية، المختصة في المدارس الفنية الواقعية والتعبيرية والتأثيرية. كما برزت أعمال الفنان عبدالملك المسكري في الفن الجرافيتي (الكتابة على الجدران)، إلى جانب تميز فردوس شافي في فن الماندالا. وفي جناح الأزياء، أبدعت مصممتا الأزياء حنان العيسرية وعزيزة البروانية بتصاميم فريدة، مستلهمة من كتب الدكتورة أسماء الجرو ونصر البوسعيدي التي تستكشف تاريخ عُمان ورموزها الثقافية. هذه المراجع الثرية كانت بمثابة ينابيع الإلهام للفنانين، حيث انغمسوا في جوهر الهوية الوطنية العُمانية، لينقلوا جمالياتها إلى لوحاتهم وتصاميمهم الأزياء. ويستمر المعرض في استقبال الزوار حتى يوم السبت المقبل، مانحًا الفرصة لاستكشاف هذه التحف الفنية التي تروي قصص عُمان العريقة بلغة فنية معاصرة، وتجسد التراث بأبهى حلة.
ولطالما كان اللبان عنصرًا محوريًا في تاريخ عُمان وحياة شعبها، حيث استلهم معرض «مملكة اللبان» ألوانه الساحرة من العمامة السعيدية الشهيرة، ذات الألوان الجذابة والمميزة. بهذا المزيج الفريد من الفنون والحرف والأدب، يسعى المشروع إلى إحياء التراث العُماني وإبرازه بصورة مبتكرة، تجمع بين الأصالة والمعاصرة، كما يدعو «المعرض» الزوار إلى غوص عميق في أعماق الثقافة العُمانية، واستكشاف جوهرها الحقيقي من خلال منظور فني وإبداعي لا مثيل له.
من بين الأعمال البارزة المعروضة في المعرض تبرز قطعة فنية استثنائية تحمل اسم «ملكة اللبان»، هذه اللمسة الفنية تجمع بين الأزياء المبتكرة والفن التشكيلي، حيث تصور فستانًا مطورًا ومصنوعًا بشكل فني بارع، يعرض هذا العمل مزيجًا فريدًا من التراث الثقافي العُماني والأزياء المعاصرة، واستوحي تصميم الفستان من العمامة السعيدية، حيث يعكس تصميمه المحدد ولوحة ألوانه من الأصفر والأزرق والنيلي والبنفسجي والأحمر، الأهمية التاريخية والعناصر الأسلوبية المرتبطة بعمامة الإمام سعيد بن سلطان البوسعيدي.
يمثّل هذا العمل، من خلال عرضه على شكل عارضة أزياء، شهادة حية على مزيج رائع بين الزخارف التقليدية والجماليات الحديثة، إلى جانب كونه قطعة فنية بحد ذاتها، يعمل هذا العمل أيضًا كقطعة تعليمية تسلط الضوء على التاريخ الغني والهوية الثقافية العُمانية.
وفي عمل فني آخر يحمل عنوان «المـلـك نيرون الحضارة الرومانية» يبرز تصميم المصممة حنان العيسرية وتجسيد الفنان عبدالملك المسكري بمميزاته بكونه تجسيدًا مجسمًا لشجرة اللبان تم استخدام ألوان العمامة السعيدية في رسمها، بالإضافة إلى استعمال اللبان نفسه في تزيينها.
وما يميز هذا العمل هو المزج الفريد بين الفنون التشكيلية والفن الجرافيتي. فقد قام الفنان عبدالملك برسم شخصيات تاريخية على السجادات باستخدام الفن الجرافيتي، ليضفي بذلك لمسة إبداعية وحيوية على العمل الفني.
يعكس «المـلـك نيرون الحضارة الرومانية» روح المشروع حيث يجمع بين عناصر التراث العُماني والفنون المعاصرة في قالب واحد، فمن جهة، نرى استخدام العمامة السعيدية واللبان، كونهما يمثلان رموزًا ثقافية عُمانية عريقة، ومن جهة أخرى، نلمس لمسات الحداثة من خلال الفن التشكيلي والجرافيتي، وهذا التناغم بين الأصالة والمعاصرة هو ما يجعل من هذا العمل الفني تحفة إبداعية فريدة من نوعها، حيث تتداخل الحضارات والفنون في تكوين لوحة فنية متكاملة تحاكي جوهر الثقافة العُمانية الأصيلة.
يضيف المعرض عملًا فنيًا آخر يحمل عنوان «الحضارة الفرعونية» أو «لوحة الملكة حتشبسوت» من إبداع الفنانة دليلة الحارثية وتصميم الأزياء للمصممة عزيزة البروانية. يجسد هذا العمل الفني لوحة للفنانة «الحارثية» تصور الملكة الفرعونية الشهيرة حتشبسوت، وهذا العمل الفني يعكس بشكل رائع العلاقة العريقة بين عُمان، أرض الذهب واللبان، والحضارات القديمة مثل الفراعنة والإغريق والرومان. فقد كانت هذه الحضارات تولي أهمية كبيرة للبان العُماني وتعتبره من الكنوز الثمينة.
يضم المعرض عملًا فنيًا آخر بعنوان «ماندالا العمامة السعيدية» للفنانة فردوس شافي، والذي يمزج بين فن الماندالا والأزياء. تحول هذه اللوحة الفنية إلى قطعة أزياء ذات خلفية عميقة ترتبط بالحضارة العُمانية وتجارتها باللبان قديمًا مع الحضارة الهندية، يتجسد هذا العمل في شكل ساري هندي تقليدي، تجسيدًا للروابط التاريخية بين الحضارتين العُمانية والهندية، حيث كان اللبان إحدى أهم السلع التجارية المتبادلة بينهما. تصميم هذه القطعة الأزياء الفريدة هو من إبداع المصممة عزيزة البروانية.
بالإضافة إلى ذلك، يضم المعرض عملًا آخر بعنوان «قلادة اللبان» من تصميم المصممة حنان العيسرية، والذي يستوحي تصميمه من شجرة اللبان الرمزية. تم تصميم هذه القلادة بالتعاون مع شركة أولاد آدم للمجوهرات، حيث تجسد الماضي والمستقبل معًا. القلادة مستوحاة من قلادة المغفور له -بإذن الله تعالى- السلطان قابوس بن سعيد ـ -طيب الله ثراه-، والتي صممها في الستينيات من القرن الماضي المرحوم آدم بن إسحاق الصائغ في مسقط، وهي معروضة حاليًا في المتحف الوطني.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العمل الفنی هذا العمل الع مانیة الع مانی العمل ا ع مانیة من خلال
إقرأ أيضاً:
الجيل الجديد على الشاشة… موهبة حقيقية أم "كوسة فنية"؟ (تقرير)
شهدت الدراما المصرية والعربية، زحفًا متسارعًا لوجوه جديدة تفرض نفسها على الشاشة، إما بموهبة واضحة لا يختلف عليها اثنان، أو عبر طرق أخرى لا تمت كثيرًا إلى الفن بصلة، كأن يكون الشاب أو الشابة "ابن فنان"، أو نجم تريند على السوشيال ميديا تحوّل إلى ممثل فجأة!
فهل الجمهور مستعد فعلًا لاحتضان هذه الوجوه؟ وهل أصبحت الشاشة مجرد ساحة تجارب؟
بين كل هذا الزخم، يبرز السؤال الأهم: من الذي يستحق فعلًا أن يُطلق عليه لقب "نجم صاعد"، ومن الذي وجد نفسه فجأة في دائرة الضوء دون مؤهلات حقيقية؟
ابن النجم… بطاقة دخول ذهبية؟
ما لا يمكن إنكاره، أن هناك بعض الأسماء التي ظهرت بقوة خلال العامين الماضيين، فقط لأنها تحمل اسمًا فنيًا كبيرًا. وأصبح الجمهور يعرفهم كـ "ابن فلان" أو "بنت فنانة مشهورة"، وليس لكونهم أصحاب أداء مميز أو موهبة لافتة.
بعضهم نجح في كسر هذه الصورة، وأثبت أنه أكثر من مجرد "ابن نجم"، فيما لا يزال البعض الآخر يعاني في إثبات وجوده، رغم الفرص المتتالية، بل ويثير تساؤلات: "لو كان شخص عادي، هل كان سيحصل على هذه الفرصة أصلًا؟"
الوجوه الجديدة… تريند اليوم وغياب الغد؟
منصات التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في إبراز أسماء لم نكن لنعرفها لولا "فيديو تريند"، أو مشاركة خفيفة الظل في برنامج أو تحدٍ، ليتحول بعدها صاحب الفيديو إلى ممثل في عمل درامي كبير، أحيانًا في دور بطولة!
المشكلة هنا ليست فقط في غياب الخلفية الفنية، بل في أن بعض هؤلاء يعتمدون بالكامل على الكاريزما أو الشكل الخارجي، ويتعاملون مع التمثيل كأنه جلسة تصوير على "إنستجرام"، مما يضع العمل الفني في مأزق حقيقي.
الجمهور… مع أو ضد؟
ربما يملك الجمهور اليوم وعيًا أكبر مما يتصوره صناع القرار في الدراما. المتفرج لم يعد يكتفي بالشكل أو الاسم، بل يبحث عن أداء مقنع وقصة تمسّه. وهذا ما يفسّر ارتفاع شعبية بعض الوجوه الجديدة رغم بساطة ظهورها، لأنها استطاعت لمس مشاعر الناس، بعيدًا عن المجاملات أو العلاقات.
ممثلين شباب اتعرضوا لانتقادات بسبب دخولهم الوسط الفني عن طريق "الواسطة" أو إنهم أبناء فنانين:
أحمد مالك
رغم موهبته، اتعرض لانتقادات في بداياته بسبب علاقاته داخل الوسط ودعمه من مخرجين كبار، واتقال إنه بياخد فرص مش متاحة لغيره.
ليلى أحمد زاهر
اتعرضت لهجوم كبير على السوشيال ميديا بدعوى إنها حصلت على أدوار بسبب كونها بنت الفنان أحمد زاهر، رغم إنها بتحاول تثبت نفسها كممثلة مستقلة.
رنا رئيس
رغم إن والدها مش فنان لكنه من داخل مجال الإنتاج الفني، وده خلى البعض يشير لوجود تسهيلات أو دعم غير مباشر ساعدها في البداية.
تيام مصطفى قمر
كتير انتقدوه وقالوا إنه بيشتغل بسبب إنه ابن المطرب مصطفى قمر، خاصة بعد مشاركته في أعمال درامية سريعة وظهوره في برامج.
نور إيهاب
رغم إنها مش من أبناء فنانين، لكن اتقال إنها مدعومة من شخصيات داخل الوسط، خصوصًا مع سرعة صعودها وانتشارها في وقت قصير.
الخاتمة … من يستمر؟
الوجوه الجديدة ليست مشكلة، بل ضرورة طبيعية لأي صناعة تبحث عن التجديد. لكن الفارق الجوهري يكمن في: هل هذه الوجوه قادمة من بوابة الموهبة الحقيقية، أم من أبواب خلفية؟ وهل هي هنا لتبقى، أم مجرّد فقاعات فنية ستنتهي بانتهاء الموسم؟