لماذا نفت إسرائيل ضلوعها بتحطم مروحية الرئيس الإيراني؟
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
القدس المحتلة- عكس إسراع إسرائيل إلى تأكيد عدم ضلوعها في حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي ومرافقيه، حتى قبل إعلان طهران رسميا عن مصرعهم، هواجسها من تداعيات الحادث على مشهد الصراع في الشرق الأوسط، وتوظيفه من قبل طهران لتصعيد العلميات ضدها.
واستبعد خبراء إسرائيليون أي تصعيد فوري بين الجانبين على خلفية تحطم المروحية، وقدّروا أن مسار التوتر ستحسمه نتائج التحقيق بالحادث، وأجمعوا على أن الإستراتيجية الإيرانية تجاه إسرائيل لن تتغير بسبب مصرع رئيسي.
ورأوا أن مقتل رئيسي لا يعني أن إيران لن تبقى بلا قيادة، أو أنها ستشهد حالة من الارتباك والفوضى، أو أنه سيكون هناك تغيير مفاجئ في سياساتها العالمية والإقليمية.
شبهات وتساؤلاتوعزت التقديرات الإسرائيلية عدم حدوث أي تغييرات في سياسات طهران وعلاقاتها الخارجية، لكون الكلمة النهائية والحاسمة تبقى بيد المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يبقى صاحب القول الفصل، في حين الرئيس المنتخب هو في موقع الرؤساء المسؤولين عن تنفيذ قرارات خامنئي.
وفي محاولة لإبعاد الشبهات والشكوك عنها بمسألة تحطم المروحية الإيرانية، ذهبت كافة السيناريوهات الإسرائيلية إلى أن التحطم نجم عن تضاريس صعبة وسوء الأحوال الجوية أو خطأ بشري.
ويقول الباحث في حوادث الطيران أهارون لابيدوت إن "تحطم مروحية رئيسي، إضافة إلى كونه حدثا سياسيا دوليا صادما، فهو أيضا يثير علامات استفهام كثيرة".
وفيما لا يزال التحقيق في الحادث في بداياته، يعتقد لابيدوت أنه لا توجد حتى الآن إجابة موثوقة على سؤال سبب تحطم المروحية الإيرانية، ولكن، برأيه، هناك بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام التي يمكن أن تشير إلى اتجاه مفاجئ بشأن أسباب الحادث.
وتساءل بما أن الظروف الجوية القاسية على طول مسار الرحلة كانت معروفة مسبقا، فلماذا تمت الموافقة على الرحلة التي ضمت 3 مروحيات؟، ولماذا تم اختيار مسار الرحلة هذا؟، قائلا "عادة ما يكون سبب وقوع حادث جوي جراء خطأ بشري، أو عطل فني، أو حالة الطقس".
وأوضح الباحث الإسرائيلي أن سبب حوادث الطيران الأكثر شيوعا، والذي يسبب حوالي 85% منها، هو الخطأ البشري الذي هو على الأرجح وراء تحطم المروحية الإيرانية، حسب تقديره.
إجماع إيرانيمن جانبه، يجزم محلل الشؤون العربية والشرق أوسطية في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل أن سياسة إيران تجاه إسرائيل لن تتغير حتى بعد مصرع رئيسي. معتبرا أن مكانة الرئيس الإيراني الراحل، الذي انتُخب لمنصبه عام 2021، لا تختلف عن مكانة أسلافه، والتي تبقى تحت مظلة المرشد الأعلى. وأكد أن هناك إجماعا في إيران حول قضايا جوهرية ومصيرية مهما اختلفت هوية الرئيس.
فالقضايا الأساسية، يوضح برئيل، مثل تطوير البرنامج النووي، وبناء محور إستراتيجي مع الصين وروسيا، واستعادة العلاقة مع الدول العربية، كلها في أيدي خامنئي. وكذلك "التنشيط الإستراتيجي لوكلاء إيران في لبنان والعراق واليمن"، ليست من صلاحيات الرئيس.
وبرأيه، فإن خامنئي محاط بمجموعة كبيرة من المستشارين في كل قضية. وبالإضافة إلى صلاحيته بتعيين الوزراء وإقالة الرئيس، فإنه، وليس رئيسي، هو من يعيّن قادة الجيش والحرس الثوري، الذي تتمثل مهمته في ضمان تنفيذ إستراتيجيته العالمية والإقليمية خاصة ضد إسرائيل.
بدوره، يقول المختص بالشؤون الإيرانية الباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، راز تسيمت، إن الإجراءات التي اتخذها المرشد الأعلى تشير إلى أن الجمهورية الإسلامية جاهزة للتعامل من ناحية قانونية وتنظيمية مع رحيل رئيسي المفاجئ.
ويعتقد أن رحيل رئيسي يضع إيران وسط تطورات مهمة داخليا وإقليميا ودوليا. وقال إن الرئيس الإيراني الراحل كان المرشح الأقوى حظا لخلافة خامنئي، وهو من دفع إلى التصالح وتعزيز العلاقات مع الدول العربية، كما أنه وضع حجر الأساس للحلف الإستراتيجي مع روسيا والصين، وكان "العدو اللدود لإسرائيل".
إحباط وصمتالطرح ذاته تبناه المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، الذي أوضح أن حادثة تحطم المروحية الإيرانية تأتي في وقت شعر فيه خامنئي أن يده العليا ضد إسرائيل، خاصة وأن النجاح الإستراتيجي الذي حققته إيران و"المنظمات المسلحة" الموالية لها بالشرق الأوسط منذ معركة "طوفان الأقصى" والحرب الدائرة حاليا، خلق حالة من الإحباط البالغ في إسرائيل.
ولفت هرئيل إلى أنه رغم الصمت الحكومي الرسمي، فإن جهات إسرائيلية سارعت إلى التصريح لوسائل الإعلام الأجنبية نفي ضلوع تل أبيب بتحطم المروحية الإيرانية، وسط مظاهر الابتهاج غير الرسمية التي انعكست في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ولفت إلى أنه من الصعب تخيل سيناريو قيام الحكومة الإسرائيلية بالذات -في ظل ظروف الحرب- بخطوة من هذا القبيل والتي لها تداعيات خطيرة جدا. وقال هرئيل "هذا لا يعني أن الإسرائيليين سيذرفون الدموع على رئيسي الذي مثّل بالسنوات الأخيرة الخط المتشدد الذي قاد خامنئي ضد إسرائيل وأميركا".
وباعتقاد المحلل العسكري، فإن النظام الإيراني سيكون في الفترة القريبة منشغلا في قضاياه الداخلية، لكن هذا لا يعني أن طهران ستغير في إستراتيجيتها تجاه إسرائيل. وبرأيه، فإن الاعتقاد أن تحطم مروحية رئيسي سيؤدي قريبا إلى إنهاء الحرب والتوتر الذي يحيط بإسرائيل من دول الطوق، يبدو "متفائلا جدا".
وأوضح هرئيل أن إستراتيجية "حزام النار" التي صاغها الجنرال الإيراني الراحل قاسم سليماني، وهدفها الأساسي تطويق إسرائيل بمليشيات مسلحة بعشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف، تؤتي ثمارها بعد نحو 4 سنوات من اغتياله. واعتبر أن مستوى التنسيق بين التنظيمات المسلحة في مختلف المجالات يزداد صرامة "بتشجيع إيراني".
وخلص للقول إن إسرائيل "لم تُهزم، بل تلقت ضربة قوية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومنذ ذلك الحين لم تتعاف حقا، ولا تزال في فخ إستراتيجي، على عدة جبهات". وتابع أنه تم تجميد اتفاق التطبيع الإسرائيلي-السعودي، في حين أن الإدارة الأميركية تبدو حذرة للغاية تجاه الإيرانيين، مخافة أن يحاولوا استئناف برنامجهم النووي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات تحطم المروحیة الإیرانیة الرئیس الإیرانی تحطم مروحیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
لماذا كثفت إسرائيل هجماتها على لبنان بعد زيارة هوكشتاين؟
كثّفت إسرائيل من ضرباتها العسكرية للضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت، ومن توغلاتها البرية في الجنوب اللبناني، ما قربها أكثر من نهر الليطاني، الأمر الذي جاء بالتزامن مع مغادرة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين من لبنان إلى إسرائيل.واستأنف الجيش الإسرائيلي عقب مغادرة هوكشتاين للبنان، قصف الضاحية الجنوبية، بالتوازي مع محاولات للتقدم بريًّا تجاه مدينة الخيام والاقتراب أكثر من نهر الليطاني، وهو ما يرى فيه خبراء ومختصون مفاوضات إسرائيلية تحت النار.
ويأتي ذلك في ظل التقارير التي تشير إلى تقدم ملموس في مفاوضات التهدئة بين إسرائيل ولبنان، وترجيحات بأن يتم التوصل لاتفاق بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، ينهي القتال بعيدًا عن الحرب الدائرة في غزة.
إستراتيجية إسرائيلية
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي، أليف صباغ، إن "إسرائيل تهدف من تكثيف ضرباتها العسكرية لإيصال عدة رسائل، سواء للبنانيين أم للوسيط الأميركي"، لافتًا إلى أن التحركات تأتي في إطار الإستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بالتفاوض تحت النار. وأوضح صباغ، لـ"إرم نيوز"، أن "الرسائل للبنانيين وحزب الله تتمثل في تمسك إسرائيل بالقتال لإبعاد عناصر الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني، فيما تتشدد الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بشروطها المتعلقة بالتهدئة على الجبهة الجنوبية".
وأشار إلى أن "إسرائيل تحاول التأكيد للبنان أنها مستعدة لمواصلة القتال، وغير متعجلة في التوصل لاتفاق تهدئة بالرغم من التقدم الإيجابي في الوساطة الأميركية"، مبينًا أن ذلك يمثل وسيلة ضغط قوية على حزب الله".
وبين أن "الرسائل الإسرائيلية للولايات المتحدة تتمثل في تمسكها بشرط حرية العمل العسكري ضد حزب الله والفصائل المسلحة في لبنان، وأنها لن تقبل أي اتفاق لن يضمن لها ذلك، وإن كان الثمن فشل التوصل لاتفاق تهدئة".
وتابع: "رئيس الوزراء الإسرائيلي معني بالتوصل لاتفاق تهدئة مع لبنان برعاية أميركية، إلا أن عدم نجاح ذلك خلال الفترة الانتقالية للرئيس الحالي جو بايدن لن يؤثر فيه، خاصة أنه يرغب في أن يكون الاتفاق هدية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يوم تنصيبه".
وقائع جديدة
من ناحيته، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة إن "تل أبيب تواصل مساعيها لترسيخ وقائع وقواعد اشتباك جديدة في معركتها مع لبنان"، لافتًا إلى أن العمليات الجارية حاليًّا تهدف لتحقيق انتصارات سياسية وعسكرية جديدة.
وأوضح أبو زايدة، لـ"إرم نيوز"، أن "تلك العمليات تهدف أيضًا إلى زيادة الضغط العسكري على حزب الله وإيران، وهو الأمر الذي يتفق مع المساعي الأميركية في الشرق الأوسط".
وأضاف أن "المفاوضات تحت النار تمثل الخيار الأفضل والأنسب لإسرائيل في جميع معاركها، التي تأتي عادة بالتزامن مع التقدم بتلك المفاوضات"، لافتًا إلى أن انسحاب الجانب اللبناني من المفاوضات على إثر تلك الضربات مصلحة إسرائيلية". وأردف أن "من شأن مثل هذا القرار أن يؤدي إلى تصعيد عسكري إسرائيلي كبير ضد لبنان، كما أنه يصب في مصلحة نتنياهو الذي يرغب بإطالة أمد الحرب على جبهتي غزة ولبنان، ما يمنحه فرصة للحصول على مزايا أخرى من الرئيس الأميركي الجديد"، حسب تقديره. (إرم نيوز)