لجريدة عمان:
2025-04-17@10:58:36 GMT

خطة نتانياهو لغزة فيما بعد الحرب

تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT

ثمة خلافات حادة داخل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم ظهرت إلى العلن في الأيام الأخيرة. في ظاهر الأمر، يتركز الخلاف على الترتيبات المفضلة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، ولكن المواقف المتنافسة تعكس أيضا وجهات نظر متناقضة حيال أداء وأهداف الحملة العسكرية الإسرائيلية الجارية الآن منذ ثمانية أشهر في قطاع غزة.

بدأت الانقسامات تلفت الانتباه في الأيام الأخيرة بسبب تصريح وزير الدفاع يوآف جالانت علنيا بانتقاد الحكومة لـ«ترددها» فيما يتعلق بـ«اليوم التالي» في غزة.

ولكن هذا النزاع غير جديد. إذ يدافع جالانت منذ أشهر في مجلس الوزراء عن خطة وضعتها وزارته، تتعلق بكيفية حكم غزة بعد الحرب، نشرت تفاصيل هذه الخطة في شهر مارس الماضي وهي تتصور إنشاء سلطة حكم ذاتي في غزة، يتم تجميعها بمشاركة ما بين خمسة إلى سبعة آلاف من سكان غزة الموالين للسلطة الفلسطينية في رام الله، وتستبقي إسرائيل لنفسها حق حرية العمل في المجال الأمني، مثلما تفعل في الضفة الغربية. وقد تم تجميع قائمة سكان غزة الذين سيشاركون في الخطة بمساعدة ماجد فرج، رئيس المخابرات الفلسطينية، وكان من المتصور أن تنفَّذ الخطة على مراحل، فتقيم إسرائيل مناطق آمنة في الأجزاء التي احتلتها من غزة ثم تبدأ السلطة الجديدة في العمل في هذه المناطق، ليجري توسيعها تدريجيا.

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية في مارس أن نتانياهو رفض هذه الخطة، فمن جانبه، يرفض رئيس الوزراء وأنصاره فكرة إنشاء أي ترتيب لمرحلة ما بعد الحرب حتى يتم تدمير قدرة حماس العسكرية، وأشار مستشار الأمن القومي تساشي هنجبي، في مقابلة أجريت معه مؤخرا مع أخبار القناة 12 الإسرائيلية، إلى أن الحلفاء لم يشكلوا حكومة ما بعد الحرب في ألمانيا في الحرب العالمية الثانية إلا بعد هزيمة جيش النظام النازي بالكامل.

وأعرب جالانت، في بيانه العلني، عن قلقه من أن يفضي «التردد» الحالي إلى مسار «خطير» يمكن أن يؤدي إلى «حكم إسرائيلي عسكري ومدني في غزة»، وردا على ذلك، أعلن نتانياهو أنه لن يسمح بدور للسلطة الفلسطينية في غزة ما بعد حماس، وقال: إنه لن يأتي بـ«فتح ستان» بدلا من «حماس ستان». (وفتح هي الحزب الحاكم في السلطة الفلسطينية).

وفي هذا التراشق نقطة مثيرة للاهتمام هي أن كلا من جالانت ونتانياهو يهاجمان في ما يبدو رجالا من ورق.

يتهم نتانياهو جالانت بالسعي إلى إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة، لكن يبدو أن خطة وزير الدفاع تهدف على وجه التحديد إلى تجنب أي دور مباشر لسلطة رام الله في الحكم.

في الوقت نفسه، يتهم جالانت نتانياهو بالسعي إلى إنشاء إدارة عسكرية إسرائيلية جديدة في غزة، ويرى وزير الدفاع أن فكرة الحكم العسكري الإسرائيلي في غزة «خطيرة»، ولكن من الصعب أن نرى كيف يمكن تنفيذ خطته هو دون فترة أولية على الأقل تصبح فيها القوات الإسرائيلية هي القوة الفعلية الحاكمة في القطاع.

والأهم من ذلك أن الواقع القائم على الأرض في غزة يكذب أي اقتراح بإدارة عسكرية متجددة ناشئة، فالحقيقة هي أن الوضع الفوضوي الحالي الذي تعاود في ظله سلطة حماس الظهور فور مغادرة الجيش الإسرائيلي لأي جزء من القطاع لم يتيسر إلا لسبب واحد محدد هو أن عدم ترسيخ السيطرة والحكم العسكريين. وتخوض الفرقة 98 الإسرائيلية المحمولة جوا حاليا اشتباكات عنيفة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة. وتوغلت القوات الإسرائيلية في هذه المنطقة أواخر عام 2023، لكنها لم تسع لاحتلالها. ونتيجة لذلك، عادت حماس إلى المنطقة. ولذلك تقاتل إسرائيل الآن فيها مرة أخرى.

لا شك أن في الائتلاف الحاكم في إسرائيل عناصر تسعى إلى إعادة ترسيخ الحكم العسكري الإسرائيلي في غزة. إذ يؤيد كل من وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش من حزب الصهيونية الدينية هذه النتيجة علنا، وهما يريدان أيضا البدء من جديد في الاستيطان اليهودي في القطاع. ونتانياهو بحاجة إلى دعمهما من أجل بقائه السياسي، ولذلك فمن غير المرجح أن يرفض علانية اتجاههما المفضل، لكن الأحداث الجارية على الأرض لا تشير إلى أنه يسعى إلى تنفيذ رؤيتهما.

لذا، في حال رفض نتانياهو لأي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، مع عدم محاولته فيما يبدو إعادة احتلال عسكري إسرائيلي كامل للقطاع، فماذا تكون بالضبط استراتيجيته المفضلة في واقع الأمر؟

إن هدفه المعلن، بطبيعة الحال، هو «الانتصار الكامل» على حماس. ولكن في واقع الأمر، ما يبدو أنه آخذ في النشوء هو وضع تستمر فيه حماس في كونها السلطة الحاكمة بحكم الأمر الواقع في غزة، في الوقت نفسه، تحتفظ إسرائيل بحرية العمليات في جميع أنحاء القطاع، فتضرب حماس وقادتها كيف تشاء، بمشاركة عدد محدود فقط من القوات، وفي الوقت نفسه، تمنع المنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي على طول حدود غزة (في جانب غزة) وقوع المزيد من الهجمات المماثلة لما حدث في السابع من أكتوبر على المجتمعات الحدودية الإسرائيلية.

وما لم يتم اتخاذ قرار واضح في اتجاه آخر، يبدو أن هذا هو الواقع الناشئ في غزة، وفي حال إعلان نتانياهو أنه يسعى إلى دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة، فمن المرجح أن ينهار ائتلافه، وفي حال إعرابه عن تأييد إعادة الاحتلال العسكري للقطاع، فإن رد الإدارة الأمريكية سيكون فوريًا وقاسيًا، وعدم التعبير عن الدعم لأي من الأمرين يمكّن رئيس الوزراء الإسرائيلي من الرجوع إلى أن يكون مدير الصراع المدبر، وهو يحب القيام بهذا الدور الذي طالما قام به (على الأقل خارج كتبه وخطاباته). غير أنه لا يستطيع الالتزام علنًا بهذه السياسة أيضا؛ لأنها أقل كثيرا من «النصر الكامل» لإسرائيل على الإسلاميين في غزة، والحقيقة أن ما ينطوي عليه هذا الاتجاه هو شيء شبيه بوضع ما قبل الحرب مع حلول ضعف كبير على حماس لا يصل مع ذلك إلى درجة الدمار، وتلك عودة إلى ما اعتاد الإسرائيليون على تسميته بـ«جز العشب»، والقطع بحكمة هذا المسار من عدمها فنقاش مختلف تماما، ولكن بعيدا عن التصريحات العلنية وحجج الرجال الورقيين، يبدو أن هذه هي الوجهة التي تمضي إليها إسرائيل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ما بعد الحرب یبدو أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: لم يعد بإمكان العالم تجاهل السودان فيما يدخل عامه الثالث من الحرب

مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث اليوم، دعت وكالات الأمم المتحدة إلى تحرك دولي فوري ومنسق للتخفيف من "المعاناة الإنسانية الهائلة الناجمة عن النزاع" ومنع تفاقم عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، وأدى عامان من الصراع الدائر في السودان إلى أكبر أزمة إنسانية ونزوح في العالم، تفاقمت بسبب التخفيضات الحادة في المساعدات الدولية. فهناك أكثر من 11.3 مليون شخص نازح داخليا في البلاد - 8.6 مليون منهم فروا من ديارهم في الصراع الحالي - بينما لجأ 3.9 مليون عبر الحدود إلى الدول المجاورة خلال العامين الماضيين وحدهما، بحثا عن الأمان والغذاء والمأوى.

داخل السودان، يحتاج أكثر من 30 مليون شخص - أي ثلثي سكان البلاد - إلى مساعدة إنسانية عاجلة، بمن فيهم 16 مليون طفل.

"لامبالاة من العالم الخارجي"
وفي بيان صدر اليوم الثلاثاء، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي إن السودان "ينزف"، حيث أصبح شعبه محاصر "من جميع الجهات - حرب، وانتهاكات واسعة النطاق، وإهانة، وجوع، وغيرها من المصاعب".

وقال إن السودانيين "يواجهون لامبالاة من العالم الخارجي، الذي أبدى خلال العامين الماضيين اهتماما ضئيلا بإحلال السلام في السودان أو إغاثة جيرانه".

وأكد السيد غراندي أن السودانيين ليسوا الوحيدين الغائبين عن الأنظار، بل إن العالم "أدار ظهره إلى حد كبير للدول والمجتمعات" التي استقبلت هذا العدد الكبير من اللاجئين.

وقال إن استقرار المنطقة بأسرها مهدد، وإن تأثير حالة الطوارئ السودانية يمتد إلى أبعد من ذلك، حيث يصل السودانيون إلى أوغندا، ويعبرون ليبيا - في رحلات محفوفة بالمخاطر - إلى أوروبا.

وقال: "هؤلاء اللاجئون يحتاجون ويستحقون حقوقهم الأساسية - في الأمان والكرامة، وفي التعليم والعمل، وفي الصحة والسكن، وفي السلام. لقد قام الكثيرون بهذه الرحلات بحثا عن تلك الحقوق، وسيحذو حذوهم الكثيرون".

وأكد المفوض السامي أنه بعد عامين من المعاناة، "لم يعد بإمكان العالم تجاهل هذه الحالة الطارئة". وأضاف: "يجب أن نبذل قصارى جهدنا لإحلال السلام في السودان. ويجب تكثيف الدعم الإنساني والتنموي. إن الاستمرار في تجاهل الوضع سيؤدي إلى عواقب وخيمة".

السودان ليس منسيا
من جانبها، قالت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، آمي بوب، إن آلاف الأرواح قد أُزهقت بسبب العنف، وتشتتت شمل الأسر، "وتحطمت آمال وتطلعات الملايين في مواجهة الجوع والمرض والانهيار الكامل للاقتصاد".

وشددت على أن السودان بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، "وعلى نفس القدر من الأهمية، إلى استثمار طويل الأجل لضمان عودة الناس بأمان، وتمكينهم ومجتمعاتهم من التعافي وإعادة بناء حياتهم".

منذ اندلاع النزاع، قدمت المنظمة الدولية للهجرة مساعدات وحماية لما يقرب من أربعة ملايين شخص في السودان والدول المجاورة، بما في ذلك المأوى والمياه والصرف الصحي والخدمات الصحية. ومن خلال مصفوفة تتبع النزوح، توفر المنظمة الدولية للهجرة أيضا بيانات حيوية لتوجيه خطط الاستجابة الإنسانية بأكملها.

على الرغم من حجم الاحتياجات، لم تتلق المنظمة سوى 10% من التمويل لخطة استجابتها. وناشدت المنظمة المجتمع الدولي توفير تمويل فوري ومستدام لتوسيع نطاق عملياتها.

وفي هذا السياق، قالت السيدة بوب إن شعب السودان "لا يستطيع أن يتحمل الانتظار، ويجب على المجتمع الدولي إيصال رسالة واضحة وموحدة مفادها أن شعب السودان ليس منسيا".

تحويل الأجساد إلى ساحات معارك
كانت آثار الحرب مدمرة بشكل خاص على النساء والفتيات السودانيات. وفي حديثه من بورتسودان إلى الصحفيين في جنيف، قال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، محمد رفعت، إن قصص العنف الجنسي التي سمعها مؤخرا خلال زيارة للعاصمة الخرطوم كانت مروعة.

وقال إنه التقى بمجموعة من النساء في مكان عام حيث تحدثن إليه بصراحة عن العنف الجنسي الذي تعرضن له، "بما في ذلك التحرش الجنسي أمام أزواجهن المصابين، وسط صراخ أطفالهن".

وأفادت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب أفريقيا، بزيادة مذهلة بلغت 288% في طلب الدعم المنقذ للحياة بعد الاغتصاب والعنف الجنسي.

وقالت: "لقد شهدنا أيضا ما يبدو أنه استخدام ممنهج للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب. شهدنا تحول حياة النساء وأجسادهن إلى ساحات معارك في هذا الصراع".

وفيما أكدت السيدة موتافاتي إن هذه الانتهاكات لا يتم الإبلاغ عنها بشكل كامل بسبب الخوف والوصمة، قالت إن الأرقام "لا تعكس الألم والخوف" الذي عانت منه الناجيات.

وأضافت أن النساء اللواتي فرّرن من منازلهن والتمسن الأمان في مواقع التجمع المؤقتة "لم يبق لديهن سوى الملابس التي يرتدينها"، وهن الآن عالقات بلا أي فرصة لكسب لقمة العيش، بينما يُحرم أطفالهن من التعليم. وقالت: "لدينا جيل كامل هنا تتأثر حياته بسبب عدم قدرته على الذهاب إلى المدرسة".

وشددت السيدة موتافاتي على أن النساء اللواتي يتحملن وطأة الصراع "يردن استعادة بلدهن، وقد سئمن من اندلاع صراع تلو الآخر في بلدهن الجميل".  

مقالات مشابهة

  • هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية: وفاة 64 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية منذ بداية حرب غزة
  • إستشهاد 13 فلسطينيا .. والخارجية تدين اقتحام نتانياهو لشمال القطاع
  • كارثة إنسانية تلوح في الأفق.. إسرائيل تعلن وقف إدخال المساعدات لغزة
  • يسرائيل كاتس: لن تدخل أي مساعدات لغزة للضغط على حماس
  • مقترح بلا ضمانات… لماذا ترفض المقاومة الفلسطينية المقترحات “الإسرائيلية”؟
  • الأمم المتحدة: لم يعد بإمكان العالم تجاهل السودان فيما يدخل عامه الثالث من الحرب
  • حماس تدعو العالم لأيام غضب نصرة لغزة
  • وزير الخارجية: تطابق الرؤى المصرية القطرية الكويتية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية
  • الخارجية: هناك تطابق في الرؤى المصرية «القطرية الكويتية» فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية
  • إسرائيل تعلن توسيع «المنطقة العازلة» في غزة