نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيليّة تقريراً جديداً وصفت فيه "وحدة الكوموندوس" التابعة لـ"حزب الله" بـ"الخطر الواضح" بالنسبة لإسرائيل.
ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنَّ تلك الوحدة تضمُّ آلاف المقاتلين المهرة، ناهيك عن امتلاكهم أسلحة متقدمة وتلقيهم تدريباً مُكثفاً ومُركزاً، ويضيف: "كان الغزو واسع النطاق لإسرائيل هو الخطة الرئيسية التي تأسست من أجلها وحدة الكوموندوس التابعة لحزب الله والتي تُعرف ب"فرقة الرضوان".

مع هذا، فإنّ الهجوم المُفاجئ لحركة حماس يوم 7 تشرين الأول الماضي ضد إسرائيل انطلاقاً من غزة، وتبادل إطلاق النار المستمر بين حزب الله والجيش الإسرائيلي عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، كلها عوامل ساهمت في تغيير خطط قوة الرضوان، لكن الهدف بقيَ كما هو، وكذلك التهديد".
يوضح التقرير أنّ القائد العسكريّ السابق لـ"حزب الله" الراحل عماد مغنية، هو الذي أسّس "وحدة النخبة" في "حزب الله"، مشيراً أنه في البداية كان يُطلق على تلك الوحدة إسم "قوات التدخل السريع"، وقد تم تحديد مهمة المنضوين تحتها بالإعداد لغزو شاملٍ لإسرائيل واحتلال مستوطنات في الجليل. 
ويتابع: "لقد تورّطت "قوة الرضوان" في عددٍ غير قليلٍ من الأحداث عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، بما في ذلك اختطاف الجنديين إيهود جولدفاسر وإلداد ريجيف عام 2006، وهذه العملية أدّت إلى إندلاع حرب لبنان الثانية عام 2006".
ويُكمل: "في العام 2008، قُتل مغنية في إنفجار غامض بدمشق، وتقول تقارير أجنبية إن هذا الاستهداف جاء من خلال عملية مشتركة بين الموساد الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأميركية".
ويكشف التقرير أنهُ بعد تصفية مغنية، خضعت "قوة الرضوان" لتغييرات هيكلية كما جرى تغيير اسمها أيضاً لتحمل لقب مغنية الذي كان يُعرف بـ"الحاج رضوان". 
واعتبر التقرير أن القضاء على مغنية لم يتسبب في تباطؤ "حزب الله" بل على العكس تماماً، فبعد فترة وجيزة من إغتيال مغنية، قال أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله إن دماء مغنية ستمحو إسرائيل من الوجود وسيواصل إخوته طريقهم وسيُدرك العدو أنهُ ارتكب خطأ فادحاً".
ويكشف التقرير أنّ علي الطبطبائي هو الذي يتولى قيادة "وحدة الرضوان" حالياً، ويقولُ إن "منشورات أجنبيّة تشير إلى أن إسرائيل حاولت القضاء على الطبطبائي عام 2005 من خلال مهاجمة سيارتين لحزب الله في منطقة القنيطرة السورية".
تلفت "يديعوت أحرونوت" إلى أنَّ إجراءات القبول في "قوة الرضوان" ليست بسيطة، في حين أن المنتسبين إليها سيخضعون لتدريباتٍ خاصة واختبارات كثيرة وبالطبع هناك سرية تامة، وتضيف: "بحسب المنشورات، فإنّ العناصر الذين يتم قبولهم في قوة النخبة يخضعون لتدريبات على استخدام أسلحة وأدوات لا يعرفها باقي عناصر الحزب كما أنه ليس لديهم خبرة في استخدامها". 
ويكشف التقرير أن قادة من الحرس الثوري الإيراني يشاركون في تأهيل وتجهيز عناصر تلك القوة، ويضيف: "التدريب الذي يتم يشمل من بين أمور أخرى، كيفية استخدام القناصة، استخدام الصواريخ المُضادة للدروع، التدريب على القيادة العملياتية، كيفية التصرف في حال تم القبض عليهم من قبل العدو، تشغيل الطائرات من دون طيار لأغراض جمع المعلومات الاستخباراتية، وغيرها من الأمور". 
ومن أجل تعويد الناشطين على نشاط عسكري طويل ومتغير، توضح "يديعوت أحرونوت" أنهُ "تم إرسال أفراد القوة لمساعدة النظام السوري في الحرب الأهلية التي اندلعت هناك عما 2011"، وتُكمل: "لقد كانت "قوة الرضوان" قوة قتالية كبيرة في المعارك السورية، وقد حقق رجالها انتصارات في المناطق التي قاتلوا فيها".
وبحسب منشور لمعهد "ألما" الإسرائيليّ، فإنّ عناصر القوة ما زالوا منتشرين في مناطق مختلفة من سوريا ويعملون هناك مع القوات الموالية لإيران وكذلك مع "فيلق القدس" الإيراني.
التقرير يقول أيضاً إنَّ الخطة الرئيسية التي تدرب عليها عناصر القوة في الواقع، هي مصدر إلهام للهجوم المفاجئ الذي نفذته حماس في 7 تشرين الأول. وبحسب المنشورات، فإن هناك الوحدات القتالية لحزب الله ستكون المسؤولة عن الضربة الافتتاحية التي ستتضمن إطلاقاً كثيفاً للصواريخ وقذائف الهاون على طول الحدود، كما أن المقاتلين سيتولون مسؤولية تحييد وسائل المراقبة من خلال نيران القناصة والطائرات من دون طيار المتفجرة والطائرات الانتحارية من دون طيار والصواريخ المضادة للدروع.
وفي المرحلة الثانية، يبدأ أعضاء الوحدة الخاصة في العمل. وبحسب الخطة التي حللها تال باري – مدير قسم الأبحاث في مركز علما، من المتوقع أن يقوم عناصر "قوة الرضوان" في هذه المرحلة باقتحام كامل واختراق الحواجز. أما في المرحلة الثالثة، من المفترض أن يعبر النشطاء سيراً على الأقدام وعلى دراجات نارية ومركبات رباعية الدفع باتجاه المستوطنات والقواعد القريبة من الحدود.
أما الخطوتان الأخريان، بحسب باري، فهما احتلال المستوطنات والقواعد القريبة من الحدود ومحاولة اختطاف جنود إلى الأراضي اللبنانية. وبعد ذلك يخطط عناصر الرضوان لتحصين المكان والاستعداد لهجوم مضاد للجيش الإسرائيلي.
وبينما تدعي إسرائيل أنها دمرت الأنفاق عبر السياج التي حفرها حزب الله، يقترح باري الأخذ في الاعتبار احتمال وجود المزيد من هذه الأنفاق التي لم يتم تحديد موقعها.
وفي تحقيق نشرته صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية قبل نحو 3 أشهر، استند إلى تقرير لمعهد "ألما"، زعم أن حزب الله أنشأ شبكة من الأنفاق يبلغ مجموع أطوالها مئات الكيلومترات. وبحسب الصحيفة، فإن حفر الأنفاق بدأ في الثمانينات، وبعد حرب لبنان الثانية تسارعت عمليات الحفر تحت غطاء "شركات البناء والزراعة المدنية".
وفي الأشهر الأخيرة، حاول حزب الله تدمير القدرات والمعدات التقنية الإسرائيلية على الحدود اللبنانية دون توقف. 
وقبل أيام، قال باري إنه "حتى الآن، لم يضرب الجيش الإسرائيلي التشكيلات المهمة لحزب الله"، وأضاف: "تقييمنا هو أنه بدلاً من مئات الصواريخ والقذائف الصاروخية والأسلحة الدقيقة، يمتلك حزب الله الآلاف".
وعلى الرغم من اغتيالات كبار الضباط، فإن "ألما" يقدر أن كفاءة" قوة الرضوان" لم تتضرر، لأنها تعمل في قيادة مستمرة، وللإضرار بقدراتها، هناك حاجة إلى إجراءات أكثر أهمية. 
وفي السياق، يقول باري: "إن الرضوان لا يزال يمثل تحدياً وخطراً واضحاً وفورياً في سياق أي نوع من الغزو للأراضي الإسرائيلية. نحن نقدر أن قوة الرضوان، إذا أرادت ذلك، لا يزال بإمكانها تنفيذ خطة غزو في الشمال، والتي ستكون محدودة أكثر، بقوة تتألف من 100 إلى 200 عنصر وفي منطقة أصغر مما كانت مستعدة له قبل هجوم حماس".
وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإن "السبب الذي يجعل القوة قادرة على تنفيذ خطة محدودة ليس الضرر الذي لحق بالقدرة، بل غياب عنصر المفاجأة الذي سُرق بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس". المصدر: ترجمة "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: یدیعوت أحرونوت قوة الرضوان التقریر أن لحزب الله حزب الله

إقرأ أيضاً:

ميلاني جورجياد ديامس مغنية فرنسية أسلمت وآثرت الحياة على الموت

ميلاني جورجياد، المعروفة فنيا باسم ديامس أبرز نجوم فن "الراب الفرنسي" في العقد الأول من القرن الـ21، تميزت بصوتها القوي وكلماتها الجريئة التي تناولت قضايا اجتماعية وسياسية متنوعة.

ودافعت ديامس عن حقوق المهاجرين وسلطت الضوء على مشاكل المهمشين، وناضلت عبر أغانيها معارضة خطاب أقصى اليمين في فرنسا، مما جعل منها أيقونة للشباب الفرنسي المنتمي إلى ضواحي المدن والمنحدر من المناطق المهمشة.

ووراء الأضواء الكاشفة للنجاح والشهرة، واجهت ديامس تحديات نفسية كبيرة، إذ عانت من نوبات اكتئاب حادة وهي في ذروة شهرتها، وتم تشخيصها طبيا بـ"اضطراب ثنائي القطب" عام 2007.

وأدى تناولها للأدوية المضادة للاكتئاب أثناء رحلة علاجها إلى نوع من الإدمان، حاولت على إثره الانتحار، وفق ما كشفت عنه في إحدى مقابلاتها الصحفية عام 2008.

وبعد رحلة بحث روحي عن أمان داخلي يضع حدا لمعاناتها النفسية، اعتنقت ميلاني الإسلام عام 2008، حين وجدت فيه -على حد تعبيرها- إجابات عن أسئلتها الوجودية وبلسما خفف من وطأة المرض النفسي الذي أنهكها.

وقد أثار ارتداؤها الحجاب بعد ذلك عام 2009 عاصفة من الانتقادات الإعلامية في فرنسا، إذ هاجمتها وسائل إعلام محسوبة على اليمين، ونشرت مجلة "باري ماتش" صورا لها تخرج من المسجد مرتدية الحجاب، مما دفعها لرفع دعوى قضائية لحماية خصوصيتها.

ورغم حدة تلك الانتقادات، ظلت ديامس ثابتة في وجه هذه العاصفة، ودافعت عن موقفها، مؤكدة أن الإسلام خلصها من المعاناة ومنحها الاطمئنان و"السلام الداخلي" ومنتقدة بجرأة وشجاعة النقاش الدائر آنذاك في فرنسا بشأن الحجاب والإسلاموفوبيا.

إعلان

وقد اعتزلت ديامس الغناء، وتخلت عن عالم الفن بشكل نهائي عام 2012 لتركز على حياتها الأسرية ونشاطها الإنساني في أفريقيا عبر مؤسسة خيرية أسستها لهذا الغرض.

ميلاني جورجياد عاشت طفولة صعبة لأن والديها انفصلا وهي طفلة صغيرة (مواقع التواصل) المولد والنشأة

ولدت ميلاني جورجياد يوم 25 يوليو/تموز 1980 في العاصمة القبرصية، من أم فرنسية وأب قبرصي. وانتقل والدها للعمل في فرنسا، فانتقلت معه أسرته للعيش في باريس عام 1982، قبل أن ينفصل والداها لاحقا عام 1984، وهي في الرابعة من عمرها، فنشأت في كنف والدتها بعيدا عن الأب.

ونشأت ميلاني وحيدة مع أمها المطلقة في إسون (جنوب باريس) وتلقت تعليمها الابتدائي في إحدى مدارس المقاطعة، قبل أن تنتقل عند بلوغها سن الـ13 للعيش في بلدية إينيي، وهناك أكملت دراستها في المدرسة الإعدادية الخاصة "سان نيكولا" ثم انتقلت لاحقا للعيش في "ماسي" ثم "أورساي" واستقرت هناك في حي "مونديتور" وفيه قضت مرحلة مراهقتها.

وكان لنشأتها -في ظل ظروف اجتماعية صعبة- أثر سلبي على نفسيتها، إذ شكل غياب الوالد ندبا غائرا في طفولتها، وطبع حياتها في مرحلة المراهقة، مما جعلها تعيش على وقع مشاكل اجتماعية واضطرابات نفسية حاولت على إثرها الانتحار وهي لم تتجاوز بعد ربيعها الـ15.

وبعد أن تجاوزت تلك الأزمة اعتنقت الإسلام وتزوجت، ولها ولدان هما مريم وإبراهيم.

إخفاق البدايات

اكتشفت ميلاني شغفها بموسيقى الراب في سن مبكرة، عند سماعها ألبوم "كرونيك" للمغني "دكتور دري" وكانت بعد طفلة في الـ12 من عمرها، لتستهل مسيرتها الفنية بعد ذلك عام 1995 مع "مافيا تريسي" إحدى الفرق الموسيقية الشبابية التي كانت تحيي حفلات محلية في الأحياء الهامشية بضواحي باريس.

واختارت ديامس اسما فنيا لها، وقالت إنها اشتقته من كلمة "دياموند" (ألماس) والذي يرمز إلى "الصلابة والجمال في آن واحد" على حد تعبيرها. وعام 1997 كانت على موعد مع ظهورها الفني الأول، حين أدت أغنيتين، ضمن أول ألبوم تصدره المجموعة، والذي كان يتضمن في مجمله 4 أغان.

وانفصلت فيما بعد عن فرقة "مافيا تريسي" ورسمت مسارا فنيا بمفردها، فأصدرت عام 1999 أول ألبوم غنائي تحت عنوان "المهمة الأولى" إلا أنه لم يرق إلى مستوى تطلعاتها ولم يلق رواجا، إذ لم تتجاوز مبيعاته 9 آلاف نسخة.

وواجهت ديامس بعد ذلك صعوبات في العثور على دعم كاف يمكنها من إنتاج إبداعاتها الغنائية، إلا أن هذا التعثر لم يمنعها من الاستمرار في تطوير أسلوبها الموسيقي المميز الذي مزج بين الكلمة الجريئة والإيقاعات المتنوعة، إلى أن حصلت على فرصة مع شركة الإنتاج "هوستيل ريكوردس" عام 2003.

إعلان الانطلاق نحو النجومية

شكلت هذه الفرصة منعطفا فاصلا في مسيرة ديامس الفنية، إذ وقعت عقدا حصريا، أصدرت بموجبه ألبومها الثاني "امرأة خام" وحقق انتشارا واسعا بفضل الحملة الترويجية المكثفة التي أطلقتها شركة الإنتاج عبر المحطات الإذاعية، فضلا عن الدعم الكبير الذي حظيت به من الفنان الكوميدي المشهور "جمال دبوز".

واعتبر هذا الألبوم نقلة نوعية في مسيرة ديامس الفنية، إذ حظيت الأغاني التي تضمنها بإعجاب طيف كبير من الجمهور، وحازت بفضل أغنية "امرأة خام" جائزة "الأغنية الذهبية" التي تمنح للمغني الذي حقق ألبومه أكبر رقم مبيعات في فرنسا، قبل أن تحصل كذلك على جائزة أفضل ألبوم راب في جوائز الموسيقى الفرنسية السنوية عام 2004.

وبعد هذا النجاح الكبير، انطلقت ديامس في جولة غنائية كانت الأولى في مسيرتها الفنية، ابتدأتها من مدينة ستراسبورغ (شمال شرق فرنسا) في أكتوبر/تشرين الأول 2003، واختتمتها بحفل كبير على مسرح باتكلان الشهير في باريس يوم 20 يناير/كانون الثاني 2005، وجابت أثناءها مختلف المدن، وسط تفاعل جماهيري لافت.

جرأة سياسية والتزام اجتماعي

شكلت السنوات التي أعقبت هذه الجولة مرحلة جديدة في مسيرة ديامس الفنية، إذ عززت مكانتها نجمة بارزة في سماء فن الراب الفرنسي، عبر إصدار ألبومها الثالث "داخل فقاعتي" أو بتعبير آخر "في عالمي الخاص" عام 2006.

ومثل هذا الألبوم نقلة نوعية في أسلوبها الموسيقي، إذ عملت على المزج ما بين موسيقى الراب والبوب، مع كلمات جريئة، خاصة في أغنية "الخطأ الفادح" التي تصدرت المشهد الغنائي الفرنسي إبانها وأصبحت كلماتها شعارات يرددها الشباب المنحدر من أوساط اجتماعية مهمشة في فرنسا.

وحازت ديامس بفضل هذا الألبوم 3 جوائز في حفل الموسيقى الفرنسية السنوي عام 2007، وحققت رقما قياسيا من حيث المبيعات بلغ 800 ألف نسخة، في حين كشفت صحيفة لوفيغارو أن إيرادات الألبوم تجاوزت 2.66 مليون يورو.

إعلان

وفي تلك الفترة وسعت ديامس حضورها الإعلامي وبلغت ذروة شهرتها عبر مشاركاتها في برامج تلفزيونية بارزة ناقشت فيها قضايا اجتماعية ترتبط أساسا بالهوية والتمييز والهشاشة الاجتماعية، فأضافت بذلك بعدا آخرا إلى شخصيتها العامة، خاصة بعد انتقادها اللاذع لرموز حزب التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقا) الذي يتزعم أقصى اليمين الفرنسي، أبرزهم جون ماري لوبان وابنته مارين لوبان في أغنية "مارين" كما كان للرئيس السابق نيكولا ساركوزي نصيب من النقد، إذ وصفته في أغنية "الخطأ الفادح" بـ"الديماغوجي" و"الفاشي" احتجاجا على سياساته الأمنية والقمعية تجاه ضواحي باريس عندما كان وزيرا للداخلية.

وانطلقت ديامس بعد ذلك في جولة فنية واسعة عام 2007، قادتها إلى مدن أوروبية وأفريقية عدة، وحققت إقبالا جماهيريا غير مسبوق، إذ بيعت جميع تذاكر حفلاتها في وقت قياسي.

مسار آخر بعد اعتناق الإسلام

بعد غياب إعلامي استمر عاما، عادت ديامس إلى الساحة الفنية عام 2009 بأغنية "أطفال الصحراء" التي شكلت بداية مرحلة جديدة في مسيرتها.

واستوحت ديامس كليب الأغنية من مشهد شهير في فيلم "فوريست غامب" للمخرج والمنتج الأميركي "روبرت زيميكيس" فاعتبرها طيف واسع من جمهورها رسالة تحرر وتغيير.

وكانت هذه الأغنية مقدمة لألبومها الرابع "النجدة" الذي صدر في 16 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، ولقي نجاحا تجاريا كبيرا، إذ تصدر قوائم المبيعات في فرنسا وتوج بجوائز عديدة بعدما تجاوزت مبيعاته 300 ألف نسخة.

ويعتبر هذا الألبوم علامة فارقة في مسيرة ديامس الفنية، ومثل نقلة نوعية في نضجها الفني، إذ حملت أغنية "لو كانت آخر مرة" إيحاءات مبكرة بقرب نهاية مشوارها الغنائي، في الوقت الذي أظهرت كلمات الألبوم عمقا جديدا في تعاملها مع مواضيع الاكتئاب والبحث عن الذات.

وتولد هذا التحول العميق في حياة ديامس -نتيجة لاعتناقها الإسلام على ضفاف شاطئ في جزيرة موريشيوس في ديسمبر/كانون الأول 2008- تتويجا لرحلة "البحث عن المعنى" و"السعادة التي لم تجدها في الشهرة والمال" على حد تعبيرها.

إعلان

وبدأت قصتها مع الإسلام عندما كانت في جلسة استجمام مع صديقاتها يتبادلن أطراف الحديث، فاستأذنت إحداهن للمغادرة مؤقتا من أجل أداء الصلاة، فطلبت منها ديامس أن تصلي معها، فلم تمانع صديقتها ورحبت بالفكرة، وتقول إنها شعرت أثناء الصلاة براحة نفسية دفعتها للبحث والتعرف على الإسلام الذي ساعدها فيما بعد على تجاوز محنتها.

حملة إعلامية شرسة

أثار اعتناق ديامس الإسلام جدلا واسعا في فرنسا، خاصة بعد نشر مجلة "باري ماتش" صورا لها بالحجاب مع زوجها عام 2009 وهما يغادران مسجد "جانفيلييه" في الضاحية الباريسية.

وحدث ذلك في ظل نقاش عام عن حظر الحجاب في فرنسا، مما عرضها لحملة إعلامية شرسة، وصفت تحولها إلى الإسلام بـ"التحول الصادم والمريب". وربطت العديد من وسائل الإعلام المحلية بشكل متكرر بين اختيارها الديني وقضايا التطرف، الأمر الذي عارضته ديامس بشدة، مؤكدة أن إسلامها شأن واختيار شخصي.

الانخراط في العمل الخيري

بعد رحلة إنسانية قادتها إلى كل من السنغال والنيجر تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) -في يناير/كانون الثاني 2009- تبنت ديامس قضايا اجتماعية جديدة، فخصصت عائدات ألبومها الجديد بالكامل لمنظمة خيرية أنشأتها بهدف دعم الأطفال المهمشين في القارة الأفريقية.

وعززت ديامس صورتها فنانة ملتزمة اجتماعيا بمشاركتها في فعاليات خيرية، كان أبرزها حفل الذكرى الستين لتأسيس حركة "إيماوس" الدولية يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2009 على مسرح قاعة زينيث باريس.

وتعد هذه الحركة إحدى أشهر المؤسسات الخيرية في فرنسا، وتعنى بمساعدة الفقراء واللاجئين، وأسسها هنري كرووي المعروف بالأب بيير عام 1949.

ومع نهاية العقد الأول من القرن الـ21، بدأت بوادر التراجع الفني لديامس، إذ ألغت جزءا من حفلات جولة "رحلة النجدة" لأسباب صحية، وفق ما أعلنته وقتها. وركزت في المقابل بشكل متزايد على العمل الخيري، كما خفضت من وتيرة ظهورها الإعلامي بشكل ملحوظ.

إعلان

الاعتزال والتحول إلى الإبداع بالكتابة

أماطت هذه الفترة اللثام عن تحول عميق في أولويات ديامس، إذ ركزت على الكتابة، فأصدرت عام 2012 سيرتها الذاتية تحت عنوان "ديامس.. السيرة الذاتية" مستعرضة مسيرتها الفنية منذ إطلاق ألبومها الأول حتى ظهورها على المسارح وفوزها بعدد من الجوائز.

كما كشف الكتاب عن تفاصيل مثيرة طبعت حياة ديامس الشخصية، إذ سلط الضوء على نشأتها دون أب، وتجربتها مع الاكتئاب وعلاجها في مصحة نفسية، وقدم تفاصيل عن رحلتها نحو اعتناق الإسلام.

وحقق الكتاب مبيعات بلغت 78 ألف نسخة بحلول عام 2013، وفرصة وضحت المؤلفة من خلالها وجهة نظرها ودافعت عن نفسها أمام حدة الحملة الإعلامية التي استهدفتها وتعدت على حريتها الشخصية.

وأشارت ديامس إلى أن سبب منعها من الظهور على المحطات هو ارتداؤها الحجاب، وخوف السلطات من تبني وتقليد العديد من فتيات "الضواحي" أسلوب حياتها الجديد.

وكان الكتاب تمهيدا لقرارها اعتزال الساحة الفنية أشهرا قليلة بعد ذلك، فقد ظهرت ديامس -في 30 سبتمبر/أيلول 2012- بحجابها الكامل لأول مرة أمام الجمهور، عندما حلت ضيفة على برنامج "من سبعة إلى ثمانية" على قناة "تي إف 1" وأعلنت رسميا اعتزالها الغناء، مشيرة إلى أن قرارها جاء نتيجة تطورات في إيمانها الديني ورغبتها في العيش بعيدا عن الأضواء، مؤكدة رغبتها في التركيز على حياتها الشخصية ومشاريعها الجديدة خارج الوسط الفني.

وعام 2015، عادت ديامس للكتابة مرة أخرى، وأصدرت كتابها الثاني تحت عنوان "ميلاني الفرنسية والمسلمة" نشرته دار "دون كيشوت للنشر" يوم 21 مايو/أيار 2015. وحاولت عبره أن تبين عدم وجود أي تناقض أو تعارض بين كونها "مسلمة" و"فرنسية" في آن واحد، مؤكدة من جديد أن إسلامها نابع من قناعة شخصية تامة.

وتناولت المؤلفة المنعطف الذي عرفته حياتها بعد اعتزالها الفن، متعمقة في تحولاتها الروحية والاجتماعية. ووصفت كيف حل "نور الله" محل "أضواء الشهرة" وكيف وجدت في الإسلام "ملاذا" من معاناتها مع الاكتئاب و"الاضطراب ثنائي القطب" وكيف منحها ذلك "إحساسا بأمان وسلام داخلي لم تعرفه في ذروة نجاحها الفني".

إعلان

كما تطرقت في كتابها إلى تحديات حياتها الجديدة بعدما أصبحت امرأة محجبة في فرنسا، موضحة كيف واجهت نظرات الشك والانتقاد، خاصة بعد أحداث الهجوم على مقر جريدة "شارلي إيبدو" الأمر الذي أدانته بشدة، منتقدة في الوقت ذاته استخدامها ذريعة لتعميم الصور النمطية عن المسلمين ونشر الإسلاموفوبيا.

وكشفت ميلاني النقاب في كتابها عن مصالحة مع ماضيها العائلي المضطرب، خاصة مع والدها الذي كان غائبا في طفولتها، وكيف ساعدها الإسلام في إصلاح هذه العلاقة، ووصفت بتأثر بالغ لقاءها به بعد سنوات من القطيعة، كما روت تجربة الأمومة مع ابنتها مريم، وكيف أعادها الطلاق ثم الزواج لاحقا إلى مسار جديد من الاستقلالية بصفتها امرأة مسلمة في مجتمع غربي.

فيلم "السلام"

عادت ديامس إلى الأضواء عام 2022 عبر تعبير إبداعي آخر، إذ أخرجت فيلما وثائقيا بعنوان "السلام" قُدم لأول مرة ضمن قسم العروض الخاصة، في النسخة الـ75 لمهرجان كان السينمائي المنظم خلال الفترة بين 17 و28 مايو/أيار 2022، في غياب لافت لميلاني التي فضلت البقاء بعيدة عن الأضواء.

وتناول الفيلم -الذي أخرجته ميلاني بالتعاون مع المخرجتين "هدى بن يمينة" و"آن سيسي"- مسيرتها الفنية وحياتها الشخصية، وكشف تفاصيل جديدة عن رحلتها الروحية وتحدياتها النفسية.

وتناول المسارات المتشعبة في حياتها انطلاقا من فترة شهرتها في مجال الغناء، مرورا بتجاربها مع الفراغ النفسي والاكتئاب، وصولا إلى اعتناقها الإسلام وابتعادها عن الأضواء.

وقد أثار هذا العمل الوثائقي ردود فعل متباينة بالأوساط الثقافية الفرنسية. ففي الوقت الذي أشاد فيه الناقد "لوران كاربونتييه" -في مقال له على صحيفة لوموند بتاريخ 27 مايو/أيار 2022 بعمق الفيلم وصدقه مستشهدا بعبارة ديامس المؤثرة "اخترت الحياة بدلا من الموت"- هاجم محللون ونقاد آخرون أمثال برنار روجيه ما وصفه -في حوار أجرته معه مجلة "لكسبريس" بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2022- بـ"التساهل الإعلامي" مع مضمون الفيلم، معتبرا أنه "يعكس تناقضات العصر".

إعلان

مقالات مشابهة

  • تجديد حبس المنتجة المصرية سارة خليفة في قضية المخدرات والتحفظ على ممتلكاتها
  • كلامٌ عن تفكيك لبنان.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث
  • تعادل سلبي بين الإسماعيلي وطلائع الجيش في كأس عاصمة مصر
  • تقرير.. حظر كافة نشاطات جماعة الإخوان في الأردن.. فيديو
  • الكنز الحرام.. ماذا كشفت النيابة داخل وكر سارة خليفة لتصنيع المخدرات ؟
  • دعوى مستعجلة لسحب تراخيص قنوات فضائية بسبب المتهمة سارة خليفة
  • ميلاني جورجياد ديامس مغنية فرنسية أسلمت وآثرت الحياة على الموت
  • تقرير: 2970 خرقًا “إسرائيليًا” واستشهاد 147 لبنانيا منذ دخل اتفاق وقف اطلاق النار حيز التنفيذ
  • تقرير صيني يكشف الأمر الذي يُرعب أمريكا إن فكرت بحرب برية في اليمن
  • أطيب خلق الله.. مصطفى عماد يرثي الراحل سليمان عيد