حالة من الاطمئنان والثقة يعيشها المزارع عزت عيد يعقوب- 55 سنة في قرية الدوير بمركز صدفا في أسيوط في نهاية موسم زراعة القمح، بأنه للسنة الثالثة على التوالي، سيكون الإنتاج وفيرا، بقوله "ربنا حيعشي الكل". 

وذلك بعد تغيير المزارعين ممارساتهم إلى تقنية زراعة القمح على مصاطب زراعية بدلًا من الطريقة التقليدية واستخدام تقاوي (بذور) مقاومة للجفاف.

الفدان الواحد يعطي ل "عزت" إنتاجية تصل ما بين 24- 28 أردب" (الأردب يزن 150 كجم من القمح)، بعد أن كان يحصد فقط 20 أردبا قبل الزراعة على مصاطب، لكن هذا الناتج المستهدف ليس كل ما يحلم به "عزت" فأحلامه ونجاح التجربة الزراعية داخل أرضه تحمله للوصول  إلى 30 أردبا من القمح، وأن يعاصر هو وكل المزارعين حلم اكتفاء مصر الذاتي من محصول القمح.

المزارعان الصديقان عزت وعلام

هذا الحلم يشاطره فيه صديقه المزارع "علام زغلول محمد"- 66 سنة، فقد أفنا الإثنان عمرهما في زراعة القمح في أراضي توارثاها عن العائلة منذ زمن الإصلاح الزراعي عام 1952 وقبل ذلك، وشاهدا جد وكد الأجداد والآباء في زراعتها. 

ولكن القدر جمعهما معًا في هذا العصر الحالي لرفع تحد جديد ومواجهة ظروف مناخية استثنائية كادت تعصف بالأراضي وترقد القمح وتهدر الناتج المستهدف.

عزت وعلام وباقي مزارعي الدوير حضروا الدورات التدريبية التي نظمتها مؤسسة كير داخل جمعية تنمية المجتمع المحلي والزراعي بالدوير التي يترأسها وجيه صابر، بعد أن تم اختيار هذه الجمعية لتنفيذ مشروع الزراعة الذكية مناخيًا.

زراعة القمح على مصاطبزراعة القمح على مصاطب زراعية

زراعة القمح على مصاطب هي من ضمن منهج الزراعة الذكية مناخيًا، لأنها تحقق دعائم ذلك المنهج، بزيادة دخل المزارع، والتكيف مع التقلبات المناخية، والتخفيف من الانبعاثات الكربونية.

وتختلف الزراعة على مصاطب عن الزراعة التقليدية، فالتقليدية هي عبارة عن الزراعة على أرض مستوية، ويبذر المزارع البذور بكثافة عالية على الأرض، أما الزراعة على مصاطب فهي عبارة عن بناء مصطبة على ارتفاع من 12- 15 سم من الأرض، وعرضها 100- 120 سم، والمسافة بين السطور على المصطبة من 15 إلى 20 سم بين الصفوف، ثم يضع المزارع البذور، وذلك وفق شرح الدكتور زكريا فؤاد الاستشاري العلمي للمشروع.

ومن مميزات هذه الزراعة هي أنها تقلل من كمية التقاوي (البذور)، فإذا كان الفدان يأخذ من 40- 45 كيلو بذور في الزراعة التقليدية، فإن الزراعة على المصاطب تأخذ 25 كيلو من التقاوي، معلقًا: "مع مساحة الأفدنة الكبيرة،  توفر الزراعة على المصاطب في كمية البذور وفي التكلفة المحمولة على المزارع". 

كما أنها توفر 25% من كمية المياه المستخدمة، وبالتالي لا يكون هناك هدر لهاـ إلى جانب أنه وفي الطريقة التقليدية، تتسبب المياه الزائدة في رطوبة تنتج عنها أمراض فطرية، وهذا يعني ضرورة استخدام المبيدات.

تُساهم الزراعة على المصاطب  كذلك في التوفير في استخدام السماد الكيماوي، والتقليل من استعمال آلات الري، وبالتالي تسمح بالتقليل من استهلاك الطاقة والوقود، واستخدام المبيدات، وهذا يعني التخفيف من الانبعاثات الكربونية المتسببة في التغيرات المناخية.

توفير نسبة المياهدراسة مؤكدة

وتؤكد دراسة بحثية بعنوان "الآثار البيئية والاجتماعية لطريقة زراعة القمح بالسطارة على مصاطب ودور الإرشاد الزراعي في نشرها في محافظة الشرقية" 2019، أن زراعة القمح على المصاطب تُمكّن من زيادة المحصول بشكل كبير، حيث تحدث له كثافة نباتية بمتوسط 4.6 درجة، كما سيكون هناك زيادة في التهوئة وحماية من المطر الشديد، وتقليل في نسبة الرقاد بمتوسط 4.5 درجة. 

كذلك تساهم هذه الزراعة في زيادة درجة الاحتفاظ بالعناصر الغذائية على مستوى التربة بمتوسط 4.3 درجة، والتخلص من المياه الزائدة بمتوسط 4.0 درجة. 

وقد أثبتت الدراسة أيضا قدرة الزراعة على المصاطب على تقليل نسبة الإصابة بالآفات الزراعية نتيجة التخلص من مخلفات المحاصيل السابقة بمتوسط 4.7 درجة، ثم إنتظام الاستفادة من السماد بمتوسط 4.6 درجة.

ماذا حدث مع عزت قبل وبعد المصاطب؟المزارع عزت يعقوب

عقب حضور عزت وعلام الدورات التدريبية داخل جمعية الدوير وتلقي توجيهات فنية من الدكتور زكريا فؤاد استشاري المشروع، وجدا أن هناك انعكاس إيجابي لاستعمال التقنيات الفنية الزراعية للمصاطب على زراعتهما وقدرتها على الصمود أمام التغيرات المناخية.

ويحكي "عزت" أنه كان يزرع بالطريقة التقليدية بحرث الأرض ووضع نسبة بذور كثيرة، وخلال شهرين أمشير وبرمهات "تقويم مصري قديم يرتبط بالشهور الزراعية يأتيان في شهري فبراير ومارس" يحدث تقلبات جوية شديدة،  وإذا روى الأرض، تحدث ظاهرة رقاد القمح، بقوله "لأن العود يكون ضعيفا".

حدوث رقاد للقمح عن المزروع على مصاطب

أما باستعمال زراعة القمح على مصاطب، فيعتمد على بذور مقاومة للجفاف ومناسبة لمدن جنوب مصر، وهي وفق مسمياتهم: "لصناعة المكرونة، تُستخدم بذور "بني سويف 5 وبني سويف 7"،  ولعيش الخبز تُستخدم بذور "سدس 12- 14، سخا 95، مصر 1 ومصر 3". ويُبيّن" عزت" أن هذه الأصناف هي عالية الانتاج، وتعطي بين 24- 28 أردب للفدان الواحد.

توفير في نسبة المياه والمستلزمات الزراعية

إلى جانب الإنتاج الوفير للفدان من القمح،  شهد عزت على آثار إيجابية أخرى لزراعة المصاطب، حيث يقول " هذه الزراعة بتريحني، لأنها بتعطي تهوية للمصطبة، وهذه التهوية بتقوي عود القمح، وبالتالي يتحمل العوامل الجوية في موسم الرياح وطرد السنابل، وتوفر أكثر من 30% من نسبة السماد، كما أنها  تقاوم الحشائش (الأعشاب الطفيلية) لأنها بتعمل فواصل زراعية ويتم إزالتها بسهولة، وهي كلها عوامل بتزيد في ربح المزارع".

حبوب  القمحالاكتفاء الذاتي أمام تغيرات مناخية

يشعر "عزت" أن التقنيات الفنية الزراعية لمقاومة تغيرات المناخ وزيادة إنتاجية المحصول وزيادة دخله، تجعله يستوجب التفكير في الهدف الأساسي والأخير من زراعة القمح، بقوله "أحلم أن نصل إلى تحقيق حلم الاكتفاء الذاتي في محصول  القمح".

الزراعة الذكية مناخيًا

ويشرح أستاذ علوم المحاصيل في جامعة الإسكندرية أن أهداف الزراعة الذكية مناخيًا تشمل أيضا ممارسات زراعية جديدة مثل تحسين وسائل الري مثل الري بالتنقيط، إلى جانب استخدام الحد الأدنى من حرث الأرض، بالإضافة إلى تدوير المخلفات الزراعية، وتغطية سطح التربة من المتبقيات الزراعية، لتقليل عملية التبخر، أو  كمصدات للرياح. 

ويؤكد على ضرورة استخدام البذورعالية الجودة من الانتاج، والمتحملة للجفاف والمحمّلة بالأملاح.

الاعتماد على التكنولوجيا المبسطة

من ضمن منهج الزراعة الذكية مناخيًا هو الاعتماد على التكنولوجيا المبسطة من خواص الطبيعة، لتحقيق الأثر الإجتماعي، الإقتصادي، والبيئي للمزارع من زيادة الدخل، وتقليل الانبعاثات الكربونية، والتكيف مع الموجات المناخية، وذلك وفق شرح الدكتور زكريا فؤاد.

وفي أسيوط تلاقت أزمات ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية وأعلاف الدواجن مع منهج الزراعة الذكية مناخيًا، وازدادت الأنشطة الإقتصادية هناك، ولاستكمال الحلقة الأخيرة.. من هنا

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التغير المناخي محصول القمح الاكتفاء الذاتى من القمح موسم زراعة القمح الزراعة على مصاطب الزراعة الذکیة مناخی ا من القمح بمتوسط 4

إقرأ أيضاً:

توزيع 12 ألف طن أسمدة على المزارعين وترخيص 17 مشروعا جديدا بالمنوفية

تلقى اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية، تقريرا عن جهود مديرية الزراعة خلال النصف الأول من ديسمبر الجاري بشأن المتابعة الدورية لأعمال تطهير المساقي الخصوصية بمختلف مراكز ومدن وقرى المحافظة.

تطهير الترع والمساقي الخصوصية

وأشار المهندس ناصر أبو طالب وكيل وزارة الزراعة بالمنوفية، إلى أنه تم تطهير مسافة طولية بلغت 18 كيلو و50 مترا من المساقي الخصوصية تطهير تعاوني وذاتي وتحسين لخدمة 1798 فدانا زراعيا، حيث جرى رفع نواتج التطهير، وجار المتابعة المستمرة لتطهير المساقي الخصوصية بجميع نواحي محافظة المنوفية ونقل ناتج التطهير أولا بأول لتقليل الفاقد من الموارد المائية وترشيد استخدامها.

استخراج 17 ترخيصا لمشروعات زراعية 

وأضاف أنه تم الموافقة على استخراج 17 ترخيص تشغيل لمزارع «دواجن - ماشية - مصانع - محلات»، وعمل معاينات لعدد 12 مزرعة «دواجن - ماشية - مصانع - مركز تجميع ألبان» لدراستها تمهيداً للموافقة على استخراج تراخيص تشغيل للطلبات التي تنطبق عليها الشروط المقررة، بالإضافة إلى استخراج 32 ترخيصا لمشاتل خضر، والمرور على 6249 فدان حدائق فاكهة وخضروات للنهوض بالمحاصيل الزراعية وحل المعوقات التي تعترض المزارعين وإعطائهم التوصيات الفنية اللازمة.

توزيع 12 ألف طن أسمدة على المزارعين 

وأكد وكيل وزارة الزراعة الانتهاء من توزيع 12 ألفا و810 أطنان نترات ويوريا ائتمان بنطاق المحافظة، اعتبارا من بداية الصرف للموسم الشتوي في الأول من أكتوبر وحتى 17 ديسمبر 2024، مؤكدا توافر الأرصدة بالجمعيات الزراعية والتي بلغت أكثر من 15 ألف طن نترات ويوريا، وجار توزيع الأسمدة على المزارعين وفق ضوابط وقواعد صرف الأسمدة لضمان وصولها للمزارعين المستحقين، كما تم عقد 33 ندوة بمختلف الوحدات الزراعية بالمحافظة في المجالات الزراعية.

 

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي: إضافة 4 ملايين فدان للرقعة الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول 2025
  • أستاذ اقتصاد: مشروعات الزراعة القومية تساهم في رفع الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي
  • المشروعات الزراعية الكبرى.. طفرة في توسيع الرقعة المنزرعة.. وخبراء: تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية يوفر الأمن الغذائي
  • زراعة المنوفية: توزيع أكثر من 12 ألف طن أسمدة على المزارعين
  • زراعة المنوفية: توزيع 12 ألف طن أسمدة علي المزارعين
  • توزيع 12 ألف طن أسمدة على المزارعين وترخيص 17 مشروعا جديدا بالمنوفية
  • البنك الدولي يمنح المغرب 250 مليون دولار لتعزيز قدرة الفلاحة على الصمود في وجه التغير المناخي
  • زراعة الوادي الجديد تستكمل برامج التوعية عن المحاصيل الاستراتيجية بالداخلة
  • «بيئة أبوظبي» و«التغير المناخي» في قطر تبحثان حماية النظم البيئية
  • تدمير القطاع الزراعي بفلسطين حرب إسرائيلية من نوع آخر