تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل العراق الشهر الماضي ما يقرب من 700 عراقي، معظمهم من النساء والأطفال، كانوا محتجزين في مخيم الهول بريف الحسكة في سوريا.

أكد علي عباس جهانكير، المتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية، أن هؤلاء الأشخاص سيخضعون لبرنامج إعادة تأهيل بمساعدة وكالات دولية، مضيفًا إنهم مواطنون عراقيون يتعين إعادة تأهيلهم، لأن تركهم في مخيم الهول يجعلهم قنبلة موقوتة قد تهدد أمن بلاده.

 

يعيد هذا الخبر للأذهان ملف مخيم الهول الذي يؤوي أعدادًا كبيرة من أُسَر مقاتلي داعش من مختلف دول العالم، في ظل رفض عدد من الدول استقبال مواطنيها المقيمين فيه، ومن هنا برزت فكرة المقال المعنية بالسؤال المطروح في عنوانه، ألا وهو: هل تنتهي أزمة مخيم الهول بإعادة العائلات المقيمة فيه إلى بلادها؟ هذا ما يراد من هذا المقال تجليته عبر المحاور التالية:

 مخيم الهول..  النشأة والموقع

 يقع مخيم الهول على بُعد ٤٥ كم تقريبًا شرق محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي لسوريا، ويعود تاريخ إنشائه إلى تسعينيات القرن الماضي عندما شيدته المفوضية السامية لشئون اللاجئين بالتنسيق مع الحكومة السورية لاستقبال النازحين واللاجئين العراقيين بعد حرب الخليج الثانية. 

بعد ظهور داعش الإرهابي، نشطت حركة النزوح إلى المخيم ليعج ثانية باللاجئين العراقيين والنازحين السوريين من مناطق النزاع، وصُمّمَ هذا المخيّم ليضم في الأصلِ نحوَ 20 ألف شخص، لكنه اليوم يختنق من شدّةِ الازدحامِ.

وتقطن فيه أسر مقاتلي داعش الذين اعتُقِلوا في خلال المعاركِ مع التنظيم، وينقسمُ المخيمُ إلى قسمين: قسمٌ خاص بالسوريين والعراقيين (وهو الجزء الأكبر في المخيم)، وقسمٌ أصغر معروفٌ باسمِ «الملحق»، يضمُّ الأجانبَ ويعرفُ أيضًا بقسم «المهاجرات».

وتدير المخيم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي شاركت في الحرب ضد داعش، ويضم الآن قرابة 50 ألف فرد، 90٪ منهم من النساء والأطفال، ومن بين هذا العدد يوجد 25 ألف عراقي، 18 ألف سوري، 7800 فرد من 57 دولة أخرى، وتجدر الإشارة إلى أن 23٪ من قاطني المخيم دون سن الخامسة، 42٪ تتراوح أعمارهم بين 5 و18 عامًا، وذلك حسب تقرير قدمته «ديفورا مارغولين»، الأستاذ المساعد بجامعة «جورج تاون»، إلى برنامج مكافحة التطرف بجامعة جورج واشنطن، بعنوان «مخيم الهول» (بتاريخ ١٨ من يوليو ٢٠٢٣). 

‌ صلة داعش بالمخيم 

يضم المخيم كثيرًا من عوائل الدواعش، فضلًا عن تسلل كثير من عناصر التنظيم إلى داخل المخيم للعيش بصفة مدنيين فيه، وعُثر على شبكة من الخنادق والأنفاق أسفل المخيم في أغسطس 2022 استخدمتها خلايا داعش النائمة لتهريب الأشخاص وتنفيذ عمليات قتل. 

من جانبها، أوضحت مدير مخيم الهول، همرين حسن، أن الخلايا النائمة داخل المخيم وخارجه على صلة بشبكات تهريب البشر، وتتواصل معها عبر برامج للاتصالات ومنصات التواصل الاجتماعي. 

ووفقًا للتقديرات، بلغ عدد الذين تمكنوا من التسلل 200 شخص على مدار عام 2022، وقد تكون الأرقام أكبر من ذلك بسبب عجز السلطات المحلية عن حصر كل الحالات. 

ويستغل داعش الأوضاع السيئة بالمخيم للضغط على الأفراد للانضمام إلى صفوفه واعتناق فكره المتطرف، ووفقًا لـ«سكاي نيوز عربية»، في 30 من مارس 2021 عُثر على حفر صغيرة داخل المخيم يُعتقد أن خلايا داعش كانت تستخدمها لتنفيذ عمليات الإعدام بحق الرافضين للتنظيم. 

كما عثرت قوى الأمن على أزياء عسكرية وحواسب تحوي ملفات خاصة بداعش وسلاحًا، إضافة إلى وجود خلايا نائمة تعمل لمصلحة التنظيم، لا سيما في تدريب الأطفال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة.

وفقًا لما أشار إليه الجنرال بول كالفيرت، قائد المهمة الأمريكية لمكافحة داعش في العراق وسوريا، ذكر أن زوجات مقاتلي داعش تنفذن برامج تلقين يومية لأطفال يُنقلون عبر خطوط سرية من مخيم الهول إلى صحراء البادية ليخضعوا لتدريب إضافي تمهيدًا لاستخدامهم مقاتلين تابعين لداعش، كما أشار إلى تهريب الأسلحة من المخيم وإليه. ‌ 

مسارات الإعادة وتحديات الإدماج

أفادت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير أصدرته في نوفمبر 2022 بأن أكثر من 30 دولة، بما في ذلك دول أوروبية سعت إلى استرداد مواطنيها من مخيم الهول، وأعادت تلك الدول أكثر من ستة آلاف من رعاياها إلى أراضيها عام 2019، وزاد هذا العدد في عام 2022 مع عودة أكثر من 3100 أجنبي إلى أوطانهم. 

ومنذ أكتوبر 2022، استعادت ثماني دول على الأقل رعاياها بواقع 659 عائدًا إلى العراق، و17 عائدًا إلى أستراليا، وأربعة عائدين إلى كندا، و58 عائدًا إلى فرنسا، و12 عائدًا إلى ألمانيا، و40 عائدًا إلى هولندا، و38 عائدًا إلى روسيا، واثنين إلى المملكة المتحدة. 

بالرغم من ذلك، ما زال بعض الدول مصرًّا على رفض استعادة باقي مواطنيها من ساكني المخيم، وتوجد عدة معوقات تحول بين إمكانية عودة هؤلاء الأفراد، لاسيما رفض المجتمعات المحلية للعائدين: باعتبارهم إرهابيين مُحتملين تربطهم علاقات سابقة بالتنظيم، فنعتهم بـ «عوائل داعش»، وحولهم إلى فئة منبوذة، ما يسهم في تغذية الغضب ضدهم. 

ومع عدم وجود آفاق مستقبلية لاستيعابهم فربما ساعد ذلك في عودتهم إلى التطرف والعنف، ولتفادي تلك المشكلة، يلزم إزالة العوائق أمام عودتهم إلى بلدانهم، علاوة على معالجة أسباب الرفض المجتمعي لهم وتكثيف الجهود الرامية إلى قبولهم اجتماعيًّا. 

الوضع الاقتصادي والمعيشي

يبرز العامل الاقتصادي والمادي تحديًا رئيسًا أمام عمليات الإعادة، لا سيما بالنسبة للنساء المعيلات، فغالبًا ما تجد النساء صعوبة في تأمين فرص عمل تكفي لإعالتهن، خصوصًا في ظل حالة الرفض المجتمعي لهن بسبب صلاتهن السابقة بتنظيم «داعش»، وهذا سبب رفض كثير من النساء الخروج بأطفالهن من المخيم، وتفضيلهن البقاء فيه. 

المعوقات القانونية

تُعد مسألة التوثيقات المدنية واحدة من المشكلات القانونية التي تواجه العائدين إلى بلدانهم الأصلية لصعوبة استخراج وثائق رسمية لهم، لا سيما تلك المرتبطة بالزواج أو الميلاد، فغالبًا ما يكون الزوج إما مسجونًا أو قتيلًا، أو لا يزال في صفوف تنظيم "داعش"، فلا يمكن إثبات الزواج منه أو نسبة الأبناء إليه أو توثيق تلك العلاقات. 

عدم وجود إرادة حقيقية لدى بعض الدول لاستعادة مواطنيها: هذا هو السبب الأهم في عدم عودة بعض ساكني مخيم الهول إلى بلدانهم الأصلية، وتتذرع الدول الرافضة للعودة بحجج قانونية مثل عدم قدرتها على محاكمة هؤلاء بذريعة أن جرائمهم ارتُكبت خارج أراضيها. 

وتعقيبًا على جميع ما سبق، فإن عملية إعادة العائلات المنتمية لتنظيم داعش إلى بلدانهم تنطوي على بعض المخاطر، إذ إن بعضهم يستبطن بذور التطرف بحسب ما أكدته بعض الحوادث في أثناء إقامتهم بالمخيم، لكن السيناريو البديل المتمثل في ترك هؤلاء لمصيرهم، يولّد خطرًا أكبر بكثير على المجتمع الدولي كله، لأن الأعداد تتزايد بإنجاب مزيد من الأطفال ممن يولدون في بيئة تحتضن التطرف وترعاه وتربيهم عليه بغية اصطناع نسخة جديدة من داعش، وهنا تكمن المعضلة الكبرى، أي نشأة جيل إرهابي أشد خطرًا من سابقه.

وما يزيد الأمر خطورة أن رفض الدول لعودة مواطنيها يأتي متزامنًا مع مناشدات أطلقتها العائلات المنتمية للتنظيم لتخليصهم من المخيم، واستجابة لتلك الاستغاثات أطلق "أبو حذيفة الأنصاري" المتحدث الإعلامي لداعش نداء يستحث به أتباعه بلهجة دموية للهجوم على المسئولين عن مخيم الهول، في خطاب تحريضي يغلب عليه اللعب بمشاعر أفراد داعش ودغدغتها. 

نخلص من المعطيات السابقة إلى أن "مخيم الهول" بكل ملفاته يقتضي وقفة عاجلة منصفة وحاسمة من أجل فكّ ارتباط المخيم بداعش؛ وهذه عملية معقدة لكن حلها ليس مستحيلًا. لذا يجب على المجتمع الدولي إعطاء هذا الملف مساحة أكبر من النقاشات والمباحثات ووضع خطط وآليات وبرامج للتعامل مع ساكني المخيم وإعادة تأهيلهم، وعدم التنصل من المسئوليات المرتبطة بالمخيم وساكنيه، فكل هذا بالغ الأهمية في تفادي استنبات عدد كبير من الناقمين على المجتمع وتكرار فواجع الإرهاب التي تعصف بالجميع ولا تستثني أحدًا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: العراق مخيم الهول داعش سوريا إلى بلدانهم مخیم الهول عائد ا إلى

إقرأ أيضاً:

من مأوى الإيمان إلى مضمار المجون: السعودية تحت المجهر

يمانيون – متابعات
تستضيف السعودية منذ إنشاء هيئة الترفيه، المهرجين والمغنيين والمغنيات من مختلف الجنسيات، وحتى الكلاب، فقد أقيمت لها مهرجانات في مدن المملكة المردخائية العبرية، وصرفت لأجلها ملايين الدولارات من بيت مال المسلمين، وخيرات أبناء نجد والحجاز واليمن الشمالي (جيزان ونجران وعسير)، بينما أطفال غزة يتضورون جوعاً ويموتون عطشاً، ويُبادون بلا رحمة بطائرات تزوّدها أرامكو بالوقود، ويدفع بن سلمان فاتورة صواريخها.

في الوقت الذي تعتلي فيه الراقصات بملابسهن الخليعة الخادشة للحياء، فتغري الشباب المؤمن وتبعدهم وفق مخطط صهيوني عن هويتهم الإيمانية، يعتلي علماء السوء منابر المساجد في دول الخليج، ليبرروا لسلاطينهم تلك الأفعال، ويغلفوها بحديث مزيف ورواية منسوبة إلى أبو هريرة لا تتوافق مع الفطرة الإنسانية والتوجيهات الإلهية. ويصدرون الفتوى التي تجيز لولي الأمر (الحاكم) أن يفعل ما يشاء دون معارضة، بل وصل الأمر بهم إلى تكفير كل من يخرج ضد الأمير أو الملك، أو ينتقد تصرفاته المسيئة للدين والعادات والتقاليد العربية الأصيلة.

فعلماء السوء الذين يبيحون الرقص والمجون في الرياض ودبي وغيرها من مدن الخليج، هم من يسبحون بحمد نتنياهو وترامب، ويحتفلون باستشهاد السنوار وهنية والسيد حسن نصر الله. بل إنهم يرقصون على أشلاء الأطفال والنساء والرجال الذين سقطوا في غزة ولبنان بقنابل ألقتها طائرات أمريكا وإسرائيل، ومولتها مملكة الرمال (السعودية)، وقيادات العرب الأذلاء.

ما حدث في مسارح الرياض من رقص عاهرات بن سلمان حول مجسم يشبه قبلة المسلمين (الكعبة المشرفة) ليس بغريباً على من جاء بهم اليهود إلى سدة الحكم في نجد والحجاز. فهم من فصيلة واحدة، وإن اختلفت أشكالهم ولغاتهم.

العديد من المحللين والباحثين أكدوا، أن محمد بن سلمان يعمل جاهداً على تغيير مسار البلاد المقدسة وتدنيس مكة والمدينة، وتهيئة الساحة ليهود خيبر. إلا أن مشروعه سيفشل ما دامت اليمن جارة المملكة، فرجال الإيمان والحكمة قد قطعوا عهداً على أنفسهم أمام الله بأنهم ماضون بكل عزم وإصرار، حتى تطهير بلاد الإسلام من عباد المال والجاه والسلطان.
——————————————
السياسية | محمد علي القانص

مقالات مشابهة

  • إصدار شهادة ادخار بعائد 35% بعد قرار البنك المركزي .. اعرف الحقيقة
  • محافظ إب يدشّن المخيم الطبي الجراحي والعلاجي المجاني بمستشفى يريم لأسر وأبناء الشهداء
  • البصري والحسان يبحثان دور البعثة الأممية في دعم الجهود الحكومية لإعادة النازحين من مخيم الهول
  • أول ضحايا موجة الصقيع .. مواطن يمني بلا مأوى يموت من شدة البرد!!
  • دعم أميركي للنازحين العراقيين لتحقيق التماسك المجتمعي
  • سفير المغرب بالقاهرة ورئيس بعثة الجزائر يلتقون بمنتخبي بلادهم في تصفيات شمال إفريقيا
  • بالفيديو.. جنود الاحتلال يفرّون أمام مقاتلي المقاومة الفلسطينية في شمال غزة
  • كيف تستثمر أموالك في الذهب؟.. إليك أفضل الطرق لتحقيق أعلى عائد
  • بسبب هجوم جوي محتمل.. إغلاق السفارة الإيطالية في كييف
  • من مأوى الإيمان إلى مضمار المجون: السعودية تحت المجهر