"خيرُكم خيرُكم لأهله"
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
د. خالد بن علي الخوالدي
الأسرة هي المكوِّن الأول والأساسي في بناء أي مجتمع، والمجتمع القوي هو من تكون الأسرة فيه المصدر والمنبع للرجال الصالحين والنساء الصالحات، وإذا ما اختلَّ النظامُ الأسريُّ اختلَّت كل أركان الأمة بكل مكوناتها، وما نراه ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ من تناقضات ﻭﻣﻐﺎﻟﻄﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺳﻼﻣﻴًّﺎ ﻭأﺳﺮﻳًّﺎ ﻭﻣﺠﺘﻤﻌﻴًّﺎ، أدت لﺗﺰﺍﻳﺪ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻚ ﺍﻷﺳﺮﻱ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ.
ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ: أﻥَّ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻣﻊ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﺳﺮﺗﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ، ﺗﺠﺪﻩ عصبيًا ﻭﻣﺘﻌﻜﺮَ ﺍﻟﻤﺰﺍﺝ، ﻭﻻ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺃﺳﺮﺗﻪ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﻟﻬﻢ، ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺧﺮﺝ ﻣﻊ ﺯﻣﻼئه ﻭﺃﺻﺪﻗﺎئه أﻇﻬﺮ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﺍﻟﻒ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺸﺮ ﺍﻟﻄﻴﺐ، ﺣﺘﻰ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺸﻚ أﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أﻥَّ ﺍﻷﺻﻞ أﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺑﺎﺭًّﺍ ﺑﺄﻫﻠﻪ، ﻣُﺤﺘﺮﻣًﺎ ﻭﻣُﻘﺪِّﺭًﺍ ﻟﺠﻬﻮﺩﻫﻢ، ﻋﻄﻮﻓًﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻣﺒﺘﺴﻤﺎ ﻟﻬﻢ، ﻳﺸﺎﺭﻛﻬﻢ ﻫﻤﻮﻣﻬﻢ ﻭﻳﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ، ﻭﻳﺘﺤﺴَّﺲ ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻢ ﻭﻳﺤﺎﻭﻝ أﻥ ﻳﻌﺎﻟﺠﻬﺎ، ﻣﺼﺪﺍﻗًﺎ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﺧﻴﺮﻛﻢ ﺧﻴﺮﻛﻢ ﻷﻫﻠﻪ، ﻭﺃﻧﺎ ﺧﻴﺮﻛﻢ ﻷﻫﻠﻪ"، ﻭﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ الصلاة وﺍﻟﺴﻼﻡ: "ﺃﻭﺻﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺀ ﺧﻴﺮًﺍ"، ﻛﻤﺎ أﻥَّ ﺑﻌﺾ ﺍلأﺧﻮﺓ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ ﻳﻐﻔﻠﻮﻥ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺄﺧﻮﺍﺗﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﺨﻠﻘﻮﻥ ﺍلأﺧﻮﺓ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﺘﺤﺴﺴﻮﻥ ﻫﻤﻮﻣﻬﻦ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭأﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺗﻠﻤُّﺲ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻦ ﺑﺤﻜﻢ ﺗﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﺴﻦ ﻭﺗﺸﺎﺑﻪ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻬﻢ ﺃﻭ ﻛﻠﻴﺎﺗﻬﻢ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻣﺤﻴﻄﻬﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻌﻄﻮﻑ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺫﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺤﻨﻮﻥ، ﻳﺴﺘﻤﻊ ﻭﻳﺸﺎﺭﻙ، ﻭﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﻭﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ. ﺃﻣﺎ ﺃﺧﺘﻪ ﺷﻘﻴﻘﺘﻪ، ﻭﻋِﺮْﺿُﻪ ﺍﻟﻤﺼﻮﻥ، ﻓﻴﺘﺮﻙ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺏ ﺃﻭ ﺍﻷﻡ، ﻭﺍللذين ﻻ ﻳﻘﺼﺮاﻥ ﺭﻏﻢ ﻣﺸﺎﻏﻠﻬما ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ، ﺇﻻّ أﻥَّ ﺗﺒﺎﻋﺪ ﺍﻟﺴﻦ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﺅﻯ ﻳُﻌﻴﻖ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ الوصول لما ﺗﺤﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﻣﻦ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﻭﺗﺸﺘﻜﻲ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺘﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻫﻨﺎ ﻻﺑﺪ ﻟﻸﺳﺮﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ أﻥْ ﺗﺨﻠﻖ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﺤﻤﻴﻤﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻓﺪﺭﻫﻢ ﻭﻗﺎﻳﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﻨﻄﺎﺭ ﻋﻼﺝ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ على أن ﻳﺘﻤﺴﻜﻮﺍ ﺑﺄﺧﻼﻗﻬﻢ، ﻭﻳﺘﺤﺼﻨﻮﺍ أﻣﺎﻡ ﺗﻄﻠﻌﺎﺕ ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺗﻤﻨﺤﻬﻢ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﺸﺮﻕ.
ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳُﺆﺳِﻒ ﺣﻘﺎ ﻭﻳُﺤﺰِﻥ أﻥْ ﺗﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﻨﻮﻧﺎﺕ ﻧﻔﺲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻻ ﺣﻴﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ: "ﺇﻧﻨﻲ ﺃﺗﺤﺪﺙ ﺑﻨﺒﺾ ﻗﻠﺐ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻜﺴﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻧﻔﺴﻴًﺎ ﻭﻋﺎﻃﻔﻴًﺎ، ﻓﺰﻭﺟﻲ ﻻ ﻳﻤﻨﺤﻨﻲ ﻣﻦ ﻭﻗﺘﻪ ﻭﻗﺘًﺎ ﻟﻠﻨﻘﺎﺵ ﻭلا ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺃﻣﻮﺭ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻭﻣﺸﺎﻛﻠﻲ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻲ، ﻭﺇﺫﺍ ﺣﺎﻭﺭ ﺃﻭ ﻧﺎﻗﺶ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ، ﻭﻳﻔﺮﺽ ﺭﺃﻳﻪ، ﻭﻛﻠﻤﺘﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﻴﺼﻞ، ﻭﻳﻐﻠﻖ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺪﻭﻥ أن ﻳﺴﻤﻊ رأيًا ﻭﻳﻘﻮﻝ: "ﺧﻼﺹ ﻣﺎ ﺷﻲ ﻧﻘﺎﺵ، أﻧﺎ ﻗﻠﺖ ﺍﻟﻠﻲ ﻋﻨﺪﻱ"، ﻭﺗﻘﻮﻝ: "أﻧﺎ ﻣﻦ ﻴﺴﻤﻌﻨﻲ إذن؟!".
ﺭﺳﺎﻟﺘﻲ ﻟﻜﻞ ﺭﺟﻞ أﻥ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻄﻒ ﻭﺍلأﻧﺲ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻷﻫله وﺃﺳﺮﺗﻪ، ﻭأﻥ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﻳﻨﺼﺖ ﻟﻤﺎ ﻳﻌﺎﻧﻮنه، ﻭﻳﺼﻐﻲ ﻟﻬﻢ ﺑﻜﻞ ﺣﺐ، ﻭﻳﺤﺎﻭﻝ أﻥ ﻳُﻌﺎﻟﺞ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﻧﻮﻩ ﺑﺎﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻷﻣﺜﻞ ﻭاﻟﻠﻴﻦ ﻭاﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ؛ ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ: "ﻓَﺒِﻤَﺎ ﺭَﺣْﻤَﺔٍ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟِﻨْﺖَ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﻟَﻮْ ﻛُﻨْﺖَ ﻓَﻈًّﺎ ﻏَﻠِﻴﻆَ ﺍﻟْﻘَﻠْﺐِ ﻟَﺎﻧْﻔَﻀُّﻮﺍ ﻣِﻦْ ﺣَﻮْﻟِﻚَ" (ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ: 159)، ﻭﻳﻘﻮﻝ: "ﺍﺩْﻉُ ﺇِﻟَﻰ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺭَﺑِّﻚَ ﺑِﺎﻟْﺤِﻜْﻤَﺔِ ﻭَﺍﻟْﻤَﻮْﻋِﻈَﺔِ ﺍﻟْﺤَﺴَﻨَﺔِ" (ﺍﻟﻨﺤﻞ:125).. ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻳﺪﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ أﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺎﻷﻗﺮﺑﺎﺀ ﻭﺍﻷﺭﺣﺎﻡ ﻭﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻷﺳﺮﺓ ﻭﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﻭﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﻭﺍﻷﺧﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺯﻭﺍﺝ ﻭﺍﻟﺰﻭﺟﺎﺕ.
ﻭﺩُﻣﺘﻢ ﻭﺩﺍﻣﺖ ﺍﻷﻡ ﺍﻟﻐﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺤﻨﻮﻥ ﻋُﻤﺎﻥ بخيرٍ.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بدء أعمال الإحلال الكلي لمركز طب الأسرة بكرداسة
أطلق المهندس عادل النجار محافظ الجيزة إشارة بدء أعمال الإحلال الكلي لمركز طب الأسرة بمدينة كرداسة في إطار جهود المحافظة لتعزيز الخدمات الصحية وتطوير المنشآت الطبية بما يواكب احتياجات المواطنين بالتعاون مع كافة الجهات المعنية.
وأشار المحافظ خلال جولته التفقدية لموقع الاعمال إلى أن المركز سيقام على مساحة ١٦١٨ م٢، بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي ٦٤ مليون جنيه ويتكون من دور أرضي و ٢ دور علوي وملحق به غرف خدمية.
وكلف محافظ الجيزة هيئة الأبنية بسرعة إنجاز المشروع نظراً لأهميته موضحًا أن مدة تنفيذ المشروع تصل إلى ٩ أشهر.
وأكد المحافظ أن المشروع يأتي في إطار خطة الدولة للارتقاء بالقطاع الصحي وتقديم خدمات طبية متطورة للمواطنين، حيث سيسهم المركز في توفير خدمات الرعاية الأولية والتطعيمات والخدمات العلاجية والتشخيصية لمواطني مدينة كرداسة مما يعزز من سهولة حصولهم على الرعاية الصحية بجودة وكفاءة عالية.
وأضاف أن المحافظة حريصة على التوسع في إنشاء وتطوير الوحدات الصحية وفق أحدث المعايير، لضمان تقديم خدمة طبية متميزة للمواطنين، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بالارتقاء بالمنظومة الصحية.