جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-10@19:31:58 GMT

"طوفان الأقصى" يُعيد برمجة الصراع

تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT

'طوفان الأقصى' يُعيد برمجة الصراع

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

لأكثر من سبعة عقود من الزمن، كانت قضية فلسطين تتنقل وتتأرجَح بين نكبة واغتصاب واحتلال، وكان كلُّ عنوان يستند إلى تعريف لحالة فلسطين من دولة ذات سيادة، إلى أرض منهوبة ومسروقة بوضع اليد والواقع القهري وبمباركة وتوافق إقليمي ودولي، في سابقة لم تعرفها الإنسانية ولا التاريخ السياسي.

الهَوَان العربي الذي رسخته ثقافة "سايكس- بيكو"، بفعلها التمزيقي وفرض ثقافة الدولة القُطرية الدخيلة على ثقافة العربي عبر العصور، جَعَل من الأقطار العربية قسرًا أقطارًا وظيفية لا حول لها ولا قوة، و"طابور خامس" للمستعمر بوعي وبلا وعي.

وزَادَ على هذا الهَوَان فاعلية آلة الإعلام الغربية الضخمة، والتي سكبت في عقول أجيال العرب سرديات تفُوق طاقات استيعابهم للواقع والصراع الوجودي الذي يُحاك لهم من قبل الغرب لزوالهم، أو الإبقاء على حالة التبعية والانبهار للغرب.

حالة فلسطين الاستثنائية في التاريخ الإنساني والسياسي، من الطبيعي أن تنتج أضدادًا مُتنافرة لا تلتقي في الوعي العربي المعاصر، كالنضال والتطبيع، والمقاومة والانتفاضة، وهذه الأضداد أوجدت بالنتيجة لها مناصرين ونُخبًا ودعاة ومواقف عبر تاريخ القضية الفلسطينية.

الغريب أنَّ العقل العربي المعاصر بين فئتيه: النخبوية والعوام، يتفقون على وجوب مقاومة المحتل، ولهم سَوَابق وأمثال في تجارب العديد من الأقطار العربية التي واجهتْ المستعمر حتي نالت استقلالها، وكانت الشعوب العربية نصيرًا ورديفًا لنضالها، بينما ينقسمُ عرب زماننا حول قضية فلسطين ونضال أبنائها، ويهرول بعضهم -وبنجابة وتفانٍ- نحو التطبيع والإقرار بأحقية العدو الصهيوني بفلسطين!!

حالةُ فلسطين يجب أن تعُود بنا إلى أثر المخدرات العقلية الفاخرة التي سكبتها أم الكبائر إنجلترا في عقول العرب، عبر وعد "بلفور" و"سايكس- بيكو" ومشروع تقسيم فلسطين، وصولًا إلى تسليمها لُقمةً سائغةً لأفواه الصهيونية العالمية، وهذا ما لم يكُن ممكنًا لولا تمرير ثقافات تلك الأوبئة الفكرية، والتي أوصلتنا بالنتيجة إلى اعتبار قضية بحجم فلسطين مسألة فيها نظر، بينما كل احتلال في العالم مهما كان حجمه وزمانه جريمة نكراء لا تُغتفر.

قد يقُول قائل إنَّ الوطن العربي ونظامَه الرسمي ما زالا في حالة تبعية وانقياد أعمى لمؤامرات "وعد بلفور" و"سايكس- بيكو" عليهما، وهذا الكلام به منسوب من الصحَّة، ولكن إلى متى سيتَّكِل عرب زماننا على تفاصيل شمّاعة كهذه لتبرير أحقية الصهاينة بفلسطين؟! ثقافة "سايكس- بيكو" لم تجعل من النظام الرسمي العربي نظامًا وظيفيًّا فحسب؛ بل جعلت منه نظامًا على حرب دائمة مع شعبه لحماية سردية "سايكس- بيكو" وتبعاتها.

"طوفان الأقصى" اليوم أعاد برمجة الصراع، وقَلَب الموازين رأسًا على عقب؛ حيث سقطت سردية فلسطين "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" أولًا، ثم تلاها سقوط سردية "الجيش الذي لا يُقهر"، ثم سقطت سردية "تفوُّق العقل الصهيو-أمريكي" بعد السابع من أكتوبر، واختراق القبة الحديدية والجدار العازل بتقنياتهم التي وُصِفَت بالمعجزة، ثم سقطت سردية قوة الكيان العسكرية والتقنية الحامية للمطبعين مستقبلًا، ثم سَقَطت الحلول العربية للتطبيع مع العدو كحل الدولتين والتي يصفها العدو اليوم بالانتحار.

المواجهة اليوم لم تَعُد بين النظام الرسمي العربي وشعبه لتمرير التطبيع؛ بل بين مُكوِّنات النظام الرسمي العربي نفسه، والذي وقع في حَرَج تاريخي كبير بعد الطوفان، هذا الطوفان الذي أَيْقَظ العالم حول قضية فلسطين العادلة، وتكاتفوا لنُصرتها، وجعل من الدعوة للتطبيع فجورًا سياسيًّا غير مُبرَّر ولا مسبوق.

وفي المقابل، يشهد العالم ثباتَ موقف الشعب العربي عبر فصائله المُقاوِمَة، والتي نأت عن تخاذل النظام الرسمي العربي وواجهت غطرسة الصهاينة ورعاتهم ببسالة نادرة، وأسقطت سردياتهم وهيبتهم أمام العالم.

النظام الرسمي العربي اليوم في أسوأ حالاته وخياراته، وقد تمثَّل ذلك في "قمة المنامة"؛ حيث كانت كلمات غير العرب من الحضور أقوى وأشد غِيْرةً وتعبيرًا لإدانة وحشية الكيان وجرائمه، ونصرة الحق الفلسطيني، أكثر بكثير من أصحاب الحق أنفسهم من العرب الحضور! وما زال الطوفان يتناسل ليعتصر الجديد من المواقف، ويُزلزل الكثيرَ من القناعات المتقادمة.

قبل اللقاء: "كشف طوفان الأقصى مدى الحاجة الماسة للتطبيع بين الأقطار العربية أولًا وأخيرًا".

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السجن المشدد لصاحب شركة برمجة قام بهتك عرض طفلين

خاص

أصدرت إحدى المحاكم المصرية حكماً بالسجن المشدد 15 عاماً ضد صاحب شركة برمجة وتسويق إلكتروني بتهمة “هتك عرض” طفلين.

وبدأت الواقعة عندما أُجبر طفلان دون سن الـ16 على العمل في إحدى شركات البرمجة الإلكترونية، ليقعا ضحيتين لشبكة استغلال جنسي للأطفال يقودها المبرمج صاحب الشركة، الذي هتك عرض المجني عليهما وخدعهما مستغلاً حداثة أعمارهما وحاجتهما للأموال.

وكشفت التحقيقات أن المتهم تحرش بأحد الطفلين أمام عدسة هاتفه المحمول وهددهما بإفشاء الأمر إذا لم يستمرا بإرسال مقاطع مرئية عارية يظهران فيها مواطن عفتهما، رغم علمه بأن المجني عليهما دون سن 16 عاماً.

وقال أحد الأطفال المجني عليهم في التحقيقات إن المتهم استدرجه للحصول منه على مقاطع مرئية عارية مقابل مبالغ مالية، وهدده بالخطف إذا لم ينفذ أوامره بإرسالها، مؤكداً أنه تعرف على المتهم عن طريق تطبيق “واتساب”.

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يدعو لموقف دولي حازم ضد جرائم الاحتلال في فلسطين
  • السفير العراقي بالقاهرة يستقبل مندوب فلسطين لدى الجامعة العربية
  • سردية تاريخية جديدة لسقوط الإمبراطورية الرومانية
  • الخارجية ترحب بالموقف الذي أعلنه الرئيس ماكرون بشأن الاعتراف بدولة فلسطين
  • المشاط: ضرورة تنسيق المواقف العربية في المحافل الدولية لدفع جهود تطوير النظام المالي العالمي
  • تحقيق إسرائيلي يكشف تفاصيل الفشل في سديروت يوم 7 أكتوبر
  • رمزية الصورة تكسر سردية “البطل الأوحد”… اللواء عمر الأبرش حاضر في مسلسل “البطل”
  • السجن المشدد لصاحب شركة برمجة قام بهتك عرض طفلين
  • إزالة الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة التي وضعها النظام البائد أمام “فرع فلسطين” بدمشق وتسهيل حركة الآليات والمركبات أمام السائقين
  • تكريم فريق الزوراء بشرارة بطل طوفان الأقصى بعمران