زيارة جلالة السلطان تحمل أهدافًا كبيرة وتتناول ملفات حيوية ستطرح خلال لقاء القائدين
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
التعاون الاقتصادي محطُّ اهتمام زعيمي البلدين ورفع مستوى التبادل التجاري
ارتفاع في الصادرات العُمانية إلى الأردن إلى 43 مليون ريال بنهاية 2023
988 شركة مسجلة في سلطنة عُمان بها مساهمة أردنية حتى نهاية 2023
مشاريع يجري العمل علها تتعلق بتعزيز التبادل التجاري والاستثماري
تسجيل 21738 سائحًا أردنيًا خلال عام واحد و6757 خلال أبريل الماضي
قال سعادة السفير الشيخ فهد بن عبد الرحمن العجيلي سفير سلطنة عمان المعتمد لدى المملكة الأردنية: إن زيارة جلالة السلطان المعظم إلى المملكة الأردنية الهاشمية تأتي تلبيةً لدعوة كريمةٍ من أخيه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والتي تكتسب أهمية استثنائية وتحمل أهدافًا رسمية كبيرة لكونها تعد الزيارة الرسمية الأولى لجلالة السلطان المعظم بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد.
وأكد سعادته في تصريح مكتوب عبر الإيميل لـ"عمان" أن هذه الزيارة تتناول ملفات حيوية مهمة ستطرح على جدول الأعمال خلال لقاء القائدين، إلى جانب العلاقات الأخوية المجيدة بين البلدين الشقيقين، والتي تمتد على مدى ثلاثة وخمسين عامًا منذ أن أرسى قواعدها المغفور لهما بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد وأخيه جلالة الملك الحسين بن طلال على مدى سنوات طويلة، وكانت مثالًا مميزًا للعلاقات الأخوية والتعاون والتفاهم الذي انعكس على علاقة البلدين، لذا فإن هذه زيارة تبعث برسائل مفادها أن سلطنة عُمان والأردن لديهما تاريخ يتحدث عن نفسه وعلاقة فريدة.
مشيرًا إلى أن هذه الزيارة تحمل مضامين كبيرة في ظل مستجدات إقليمية ودولية، فهي تزيد من التنسيق الدائم والمشترك بين البلدين في القضايا ذات الاهتمام المشترك لا سيما القضية الفلسطينية، وقد اتسمت العلاقات الثنائية بين البلدين دائمًا بالتوافق في المواقف المصيرية التي تهم الأمة العربية، والتعاون في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار للبلدين وللمنطقة بشكل عام، وشهدت تطورًا ملحوظًا في مسارها منذ البداية وإلى اليوم، وقد اتضح ذلك في مدى التقارب بين الشعبين العُماني والأردني اللذين تجمعهما اللغة والدين والعادات والتقاليد المشتركة، وقد توجّت هذه العلاقات بالتواصل المستمر بين قيادتي البلدين اللتين أسستا أنموذجًا يحتذى به في العلاقة بين بلدين وشعبين عربيين شقيقين.
التعاون الاقتصادي
وتطرق سعادة السفير الشيخ فهد العجيلي إلى التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث أشار إلى أن هذه الزيارة تسهم في توطيد التبادل التجاري والاستثماري والتعاون في كافة المجالات، إلا أن التعاون الاقتصادي هو محط اهتمام زعيمي البلدين اللذين اتفقا في الزيارة الرسمية الأخيرة التي قام بها العاهل الأردني إلى مسقط في أكتوبر 2022م على توسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين لا سيما المجالات التجارية والاستثمارية والصناعية، كما شددا على ضرورة رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين الشقيقين.
الصادرات والواردات
وكشف سعادته حجم الصادرات العُمانية إلى المملكة الأردنية الهاشمية شهدت لعام 2022م ارتفاعًا ملحوظًا حيث بلغت حوالي (34) مليون ريال عُماني، مقابل (22) مليون ريال عُماني خلال عام 2021م، وواصلت الصادرات العُمانية إلى الأردن الارتفاع لتبلغ حتى نهاية ديسمبر 2023م حوالي (43) مليون ريال عُماني، حيث تمثلت أهم صادرات سلطنة عُمان في: غاز طبيعي مسال، وغاز بوتان مسال، وبولي (إيثيلين تيرفثالات)، وغاز بروبان مسال، أما الواردات الأردنية إلى سلطنة عُمان فقد سجلت حتى ديسمبر 2023م حوالي (27) مليون ريال عُماني، وتتمثل أهم الواردات من المملكة الأردنية الهاشمية: الخضراوات والفواكه، وكلوريد البوتاسيوم، وأدوية تحتوي على مضادات حيوية (انتي بيوتك) غير مهيأة للبيع بالتجزئة، ومحاليل طبية مهيأة في مقادير معايرة.
الشركات المسجلة
وقال: "يبلغ عدد الشركات المسجلة في سلطنة عُمان التي بها مساهمة أردنية حتى نهاية عام 2023م (988) شركة، تبلغ القيمة الإجمالية لرأس المال المستثمر حوالي (208) ملايين ريال عُماني، وتعد شركة فيلكس للصناعات الدوائية بالمنطقة الحرة في صلالة من أكبر الشركات الأردنية المستثمرة في سلطنة عُمان بقيمة استثمارية بلغت (23) مليون ريال عُماني، كما استثمرت المملكة الأردنية الهاشمية في قطاع التعليم العالي في سلطنة عُمان، وقد وقّعت مؤخرًا الشركة العُمانية لدرفلة الألمنيوم اتفاقية توريد لفائف الألمنيوم المدرفل مع الشركة الأردنية لصناعة الألمنيوم (أوربت) ومن المتوقع أن تكون قيمة العقد لهذا العام 2024م ما يقارب من (15) مليون دولار أمريكي".
وعرّج سعادة السفير إلى المشروعات التي يجري العمل عليها في الوقت الحالي بين الجانبين، فأشار إلى أن في العامين الماضيين لوحظ زيادة في تبادل الوفود التجارية وتوثيق التواصل والشراكة على مستوى القطاع الخاص، والنهوض بالتبادل التجاري وتنويعه، حيث يسعى الجانبان العُماني والأردني إلى تفعيل التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف قطاعات الاستثمار والتجارة والصناعة، وإلى الاستفادة من الفرص المتاحة للاستثمار والتبادل التجاري المشترك، فمع مطلع هذا العام 2024م تم التوقيع على مذكرتين للتفاهم الأولى بين وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في سلطنة عُمان، ووزارة الاستثمار في المملكة الأردنية الهاشمية، نصّت المذكرة على التعاون بين الطرفين في مجال جذب الاستثمار المباشر، وذلك في القطاعات والأنشطة الاستثمارية المتاحة.
مذكرات التفاهم
أما مذكرة التفاهم الثانية فقد وقّعت بين غرفة تجارة الأردن وغرفة تجارة وصناعة عُمان، حيث نصت المذكرة على تطوير وتعزيز التعاون في الترويج التجاري ودعم التجارة الخارجية، وتشجيع إقامة الشراكات التجارية والاستثمارية بين قطاع الأعمال في الدولتين.
أما المشروعات الاقتصادية التي نأمل استكمال التباحث بشأنها فهي تخص قطاعات التعدين من خلال الاستثمار في سلطنة عُمان أو توطين الاستثمار العُماني في الأردن وذلك في المشروعات المقترحة، كما نطمح إلى استكمال مباحثات التعاون بين البلدين في قطاعات الأدوية وتقنية المعلومات، وهناك العديد من مشروعات مذكرات التفاهم يجري التنسيق بشأنها في قطاعات الخدمات الاجتماعية والشباب والقطاع اللوجستي وغيرها من القطاعات.
السياح
وتطرق سعادة السفير إلى نسبة السُياح العُمانيين في الأردن والأردنيين في سلطنة عُمان، فقال: "بالنسبة لأعداد السياح العُمانيين الذين قاموا بزيارة المملكة، فحسب أحدث الإحصائيات بلغ عددهم في عام 2023م (21738)، كما بلغ عدد السياح في عام 2024م إلى نهاية شهر أبريل (6757)، وفيما يتعلق بالسياح الأردنيين الزائرين لسلطنة عُمان فلا توجد لدينا إحصائية دقيقة حول العدد إلا أنه يمكن توفر المعلومة بشكل دقيق لدى المركز الوطني للإحصاء والمعلومات".
التبادل الثقافي
أما عن التبادل الثقافي والفعاليات التي يشارك فيها الجانبان في البلدين، فأوضح سعادة السفير: "يتمثل التعاون الثقافي بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية في عدد من الأعمال بما فيها التعاون التربوي بين البلدين الذي تزامن مع بدايات النهضة المباركة عام 1970م، والذي على أثره تم التوقيع على عدد من البرامج التنفيذية وعدد من الاتفاقيات بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في البلدين".
وقال: "تعد وحدة الدراسات العُمانية في جامعة آل البيت الممولة من حكومة سلطنة عُمان أحد أبرز مجالات التعاون الثقافي بين البلدين التي يتم من خلالها إظهار الجوانب المشرقة للتاريخ العُماني والحضارة العُمانية على مر العصور وإسهامات سلطنة عُمان في الحضارة الإسلامية في الجانب الديني والفكري والثقافي والسياسي والدور الذي لعبته في نشر الإسلام إلى شتى أصقاع الأرض، وتعد الوحدة أحد أوجه التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية في البلدين".
مشيرًا إلى أن التعاون الثقافي بين البلدين الشقيقين يشمل عدة جوانب، من خلال المشاركة في الفعاليات الثقافية وتبادل الخبرات، والمشاركة في المهرجانات الفكرية والأدبية بين الكتاب والأدباء العُمانيين والأردنيين، حيث يحرص الجانبان على المشاركة في معارض الكتاب الدولية التي تنظم في مسقط وعمّان إلى جانب حرص الجانب العُماني على المشاركة في معارض الجاليات التي تقام في الجامعات الأردنية.
وقال: "يُقدر عدد الطلبة العُمانيين الدارسين بالجامعات الأردنية حتى مطلع 2024م، بـ (2371) طالبا وطالبة".
القضية الفلسطينية
وعلى صعيد القضية الفلسطينية، تطرق سعادته إلى الحديث عن أدوار سلطنة عُمان والأردن في دعم القضية الفلسطينية، فقال: "كما أسلفنا هناك تنسيق وتشاور دائم بين القيادتين حيال مختلف القضايا الإقليمية والدولية لتوحيد الرؤى والمواقف السياسية، والأردن دولة محورية لها مواقف عربية ونضال ومواقف سياسية، وهي تشكل مع سلطنة عُمان عمقًا من الحكمة في المنطقة".
حيث يتفق البلدان أن السلام هو السبيل الوحيد لحل الخلافات في المنطقة والعمل على تحفيز ذلك لنشر الاستقرار هو هدف استراتيجي وهو فرصة للأجيال القادمة بما يتوافق والقرارات الدولية، وإن عاملي السلام والتنمية يؤديان أدوارًا كبرى لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ككل.
ودائمًا ما يشدد البلدان على مركزية القضية الفلسطينية وضرورة التوصل لحل عادل لها، يلبّي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
لذا فإن زيارة جلالة السلطان المعظم إلى أخيه العاهل الأردني والتي تأتي في ظل أوضاع دولية متباينة، لها من الأهمية البالغة لتعزيز آليات التنسيق والتعاون العربي في خدمة القضية الفلسطينية، وتزيد من التناغم المعتاد في الرؤى السياسية بين قائدي البلدين اللذين دائمًا ما يشددان على ضرورة النظر بحكمة وإصرار لملف القضية الفلسطينية وتنبيه العالم في كافة المحافل الدولية بأهميتها.
فعاليات
كما أشار سعادة السفير إلى الفعاليات التي تشرف عليها سفارة سلطنة عٌمان في الأردن للترويج للاستثمار في سلطنة عُمان، حيث قال: "هناك ركائز واضحة لرؤية التحديث الاقتصادي في سلطنة عُمان تحقيقًا لرؤية عُمان 2040، لذا تساهم سفارة سلطنة عُمان في المملكة الأردنية الهاشمية كغيرها من البعثات الدبلوماسية العُمانية في العواصم العربية والأجنبية في العمل وإيجاد مزيد من التنسيق بين القطاعات التجارية في البلدين، وتعرض السفارة الفرص الاستثمارية المتاحة والقطاعات الواعدة في سلطنة عُمان على كافة الغرف التجارية في الأردن وعلى رجال الأعمال المهتمين، وتوفر دليلا يستعرض أداء الاقتصاد العُماني كنوع من حوافز الاستثمار في سلطنة عُمان كما تنسق السفارة لزيارة رجال الأعمال الأردنيين الزائرين لسلطنة عُمان والباحثين عن الفرص الاستثمارية، وتنسق لعمل لقاءات وخلق قنوات اتصال بين المسؤولين الحكوميين والمستثمرين المحتملين".
وأكد حرص السفارة على الحضور الفاعل لجهاز الاستثمار العُماني والقطاع الخاص العُماني في المؤتمرات والندوات الاقتصادية المهمة المقامة على أرض المملكة الأردنية الهاشمية من أجل خلق مزيد من التواصل بهدف الترويج للاستثمار.
مضيفًا: تتويجًا لهذه الجهود ولما تم العمل عليه مسبقًا فإن الزيارة الأخيرة للوفد التجاري برئاسة وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في سلطنة عُمان – فبراير 2024م، هي دليل على تفعيل التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف قطاعات الاستثمار والتجارة والصناعة، وإلى الاستفادة من الفرص المتاحة للاستثمار والتبادل التجاري المشترك، حيث أجرى الوفد عددا من الاجتماعات واللقاءات على أعلى المستويات من وزراء ومسؤولين في قطاع الاقتصاد والاستثمار، إلى جانب لقاءات مع مسؤولين في كبرى شركات القطاع الخاص، ونأمل من خلال اللقاءات التي تمت مؤخرًا زيادة الاستثمار المتبادل بين البلدين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المملکة الأردنیة الهاشمیة التعاون الاقتصادی القضیة الفلسطینیة ملیون ریال ع مانی التبادل التجاری بین البلدین فی جلالة السلطان سعادة السفیر التعاون بین الع مانیین فی البلدین فی الأردن البلدین ا من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
جلالة السلطان.. و5 سنوات من التحديات والإنجازات
تحتفل عُمان السبت القادم بمرور خمسة أعوام على تولي جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير 2020. منذ هذا التاريخ يقود جلالة السلطان عُمان نحو عصر جديد من النهضة المستمرة والتنمية الشاملة، مع الحفاظ على تقاليد وتراث النهضة العُمانية، وإرث السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه.
في السنوات الخمس الأولى من حكمه، حقق السلطان هيثم بن طارق -أيده الله- مدعومًا بشعبه وحكومته، ومستندًا على خبرته الواسعة وحكمته، إنجازات كبيرة في مجالات عديدة وعلى عدة مستويات، وهي إنجازات لا يمكن الإحاطة بها جميعا في هذا المقال، ولذلك اكتفى بإشارات، تؤكد أن السلطان المعظم كان يعرف منذ اليوم الأول حجم التحديات التي كانت تواجه عُمان والحلول التي يمكن تقديمها.
إن المتأمل في مسيرة السنوات الخمس، التي ازدانت، رغم المصاعب والتحديات الكثيرة، بوجود جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- على رأس السلطة في عُمان، يستطيع أن يلحظ دون عناء أن أهم ما حافظ عليه جلالته هو شعور الحب المتبادل بينه وبين شعبه والمقيمين على أرض عُمان المعطاءة، وشعور الأمان والاستقرار الذي يبعث الطمأنينة في نفس كل من يعيش في سلطنة عمان. وبالإضافة إلى المشاعر الطيبة التي حافظ عليها وعززها جلالته، فقد استطاع أن يحقق نجاحات وإنجازات بارزة خاصة على مستوى تعزيز نظام الحكم، والإصلاح الاقتصادي، وتحقيق الرفاه الاجتماعي، واستمرار السياسة الخارجية التي جعلت من سلطنة عمان واحة أمان، ومصدر الثقة من الأشقاء والأصدقاء.
يمكن القول إن قيادة جلالة السلطان المفدى خلال السنوات الماضية قدمت نموذجًا عالميًا في كيفية إحداث توازن دقيق وفاعل بين متطلبات استمرارية المكاسب التي حققتها الدولة على مدى السنوات الخمسين قبل توليه الحكم، وبين الاستجابة للتغيرات ومواكبة مستجدات الواقع العالمي والعربي والخليجي، وما أكثرها. وفي تقديري أن هذا التوازن الذي اعتادت عليه عُمان على طول تاريخها الحديث، وحافظ عليه جلالة السلطان، هو الذي يعزز بقاء عُمان رمزا للاستقرار، ومرجعا سياسيا لجميع الأطراف، ليس في منطقة الخليج فقط، ولكن في المنطقة العربية والعالم أيضا.
إن الأمثلة على حجم الإنجاز العماني تحت قيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق - أيده الله - أكثر من أن تحصى، ويأتي في طليعتها إطلاق «رؤية عُمان 2040» التي تعد بشهادة الداخل والخارج، أحد أبرز إنجازات السلطان هيثم بن طارق، باعتبارها رؤية شاملة طويلة المدى تستهدف تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على عائدات النفط، وبالتالي رفع كفاءة الاقتصاد العماني. وبفضل قيادة جلالته الرشيدة، تعطى الحكومة أولوية لتطوير عدة قطاعات اقتصادية رئيسية مثل السياحة، والخدمات اللوجستية، والتصنيع، والطاقة المتجددة، إلى جانب جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وعلى المستوى الاقتصادي يمكن القول إن جلالة السلطان وضع الأساس لتعزيز الاقتصاد العُماني وجعله أكثر قدرة على مواجهة الأزمات والتقلبات الاقتصادية العالمية المفاجئة، وأكثر استدامة. وقد شهدت السنوات الخمسة الماضية إطلاق عدد من المشروعات الكبيرة التي خصصت لها الحكومة استثمارات ضخمة مثل مشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، وهو ما يصب في أهداف التنمية المستدامة على المستويين الوطني والدولي، ويجعل من عُمان دولة رائدة إقليميا في هذا المجال المهم لمستقبل البشرية.
لقد واجه جلالة السلطان فور توليه مقاليد الحكم تحديات اقتصادية صعبة، تمثلت في انخفاض أسعار النفط من جانب، والآثار الصحية والاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا «كوفيد-19»، من جانب آخر. وفي الوقت الذي وقفت فيه دول كبرى إقليمية وعالمية مكتوفة الأيدي وعاجزة عن التعامل مع الأزمتين، بدأ جلالة السلطان إصلاحات مالية جريئة، شملت تقليص الدعم، وفرض ضريبة القيمة المضافة، وإعادة هيكلة المالية العامة للدولة. وقد أثبتت هذه الإجراءات فعاليتها في تقليل العجز في الموازنة العامة، وبالتالي استقرار الاقتصاد الوطني. وتكفي هنا الإشارة إلى أن هذا العجز بلغ في العام الذي تولي فيه جلالة السلطان الحكم 2.8 مليار ريال عماني، وانخفض في العام التالي(2021) إلى 1.2 مليار ريال بفضل تحسن الأداء الاقتصادي، وارتفاع أسعار النفط، وواصل الانخفاض في العام 2022 ليصل إلى 1.1 مليار بفضل استمرار جهود الحكومة في تحسين الإيرادات وتقليل النفقات، ثم إلى 640 مليون ريال عماني في 2024 ومن المتوقع حسب تقارير اقتصادية حديثة إلى 620 مليون ريال عماني في العام الحالي، مع استمرار جهود الحكومة في زيادة الإيرادات وتقليل النفقات.
وعلى المستوى السياسي تميزت السنوات الخمس الأولى من حكم جلالة السلطان هيثم، بإطلاق سياسة التحديث. ففي بداية عهده، أعاد جلالته تشكيل مجلس الوزراء، وعيّن قادة من الشباب في مناصب رئيسية. وقد أفسحت هذه الخطوة المجال لضخ دماء جديدة في المؤسسات الحكومية وظهور رؤى جديدة تركز على الابتكار. إضافة إلى ذلك اتجهت سلطنة عمان إلى تعزيز اللامركزية في إدارة المحافظات ومنحت المحافظين سلطات أوسع في الإدارة، وإشراكهم في تقديم ومتابعة الخطط التنموية التي تلبي احتياجات محافظاتهم، وهو ما يدفع باتجاه تحقيق مزيد من الترابط بين أجزاء المجتمع العماني الجغرافية، وتحقيق مشاركة جماهيرية أوسع في التنمية الشاملة.
ومن منطلق الحرص على توفير كل صور الدعم للمواطن العُماني، أولى جلالته مزيدا من الاهتمام برأس المال البشري، ومنح الأولوية للتعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية وتوفير فرص العمل. وتكفي الإشارة هنا إلى أن موازنة عام 2025، خصصت خمسة مليارات ريال عماني للخدمات الاجتماعية، والتي تشمل قطاعات التعليم والصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية. وتركز الجهود المبذولة لدعم النظام التعليمي على بناء مدارس جديدة وتحسين البنية التعليمية الأساسية، وتطوير المناهج لتزويد الشباب العماني بالمهارات التي تواكب متطلبات سوق العمل، خاصة في مجالات التكنولوجيا، والهندسة والعلوم، والرياضيات إلى جانب العلوم الاجتماعية والإنسانية والتربوية.
وعلى مستوى السياسة الخارجية حافظ جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- على أسس السياسة الخارجية العُمانية، التي تقوم على الحياد الإيجابي وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والاحترام المتبادل مع دول العالم، وهو ما جعل عُمان وسيطًا مؤثرًا وموثوقًا في النزاعات الإقليمية والدولية. وفي ظل قيادة جلالته الحكيمة واصلت عُمان أداء دورها في تعزيز السلم الإقليمي والعالمي في مناطق الصراعات والنزاعات، وحافظت على علاقاتها القوية مع الدول الكبرى والدول العربية والخليجية، وعززت سمعتها رمزا للسلام والاستقرار.
ورغم أن 5 سنوات تبدو للبعض فترة قصيرة نسبيا في عمر الزمن، فإن ما تحقق خلالها على أيدي جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- في سلطنة عُمان، لم يتحقق لقادة آخرين في دول تبدو أكثر ثراء وتنوعًا اقتصاديا، ضخّت فيها مئات المليارات من الدولارات، وما زالت شعوبها تعاني من أزمات اقتصادية متلاحقة. لقد قاد جلالة السلطان هيثم بن طارق - أيده الله - سفينة عُمان خلال فترة حساسة من المد والجزر الإقليمي والعالمي. ومثلت إنجازاته في الإصلاح الاقتصادي، والتنمية الاجتماعية، والسياسة الخارجية، نموذجًا يحتذى، وأساسا لمستقبل مزدهر لعُمان الدولة والإنسان. حفظ الله سلطان عُمان وشعبها وأرضها، وكل عام وعُمان بخير.