لتجاوز فاجعة الوفاة.. خبراء يضعون قائمة مهام من أجل حزن صحي
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
عندما يموت شخص مقرب -سواء بصورة مفاجئة أو بعد صراع طويل مع المرض- تمر أسرة المتوفى وأقاربه بفترة صعبة يعانون فيها من آلام الفراق.
ويتحدث خبراء علم النفس عادةً عن "مراحل الحزن" التي يمر بها الإنسان، إلا أن بعض النظريات الجديدة بدأت تناقش قائمة من "المهام" اللازم إنجازها لضمان "حزن صحي"، خاصة في حالات الخسارة المفجعة مثل وفاة طفل، أو الوفاة الناجمة عن حادث أو كارثة طبيعية، أو حادث قتل أو انتحار.
وتقول ماري راشر هيلد، المشاركة في رئاسة الجمعية الاتحادية المعنية بالاستشارات بشأن الأحداث المثيرة للحزن، "أولا، من المهم استيعاب حقيقة الموت والحاجة لتقبلها".
أما المعالج النفسي والاستشاري في الشؤون المتعلقة بالحزن والمؤلف رولاند كاشلر، فيقول بدوره إن "عملية الحزن لا تسير في خط مستقيم، بل هي دوامة (…) جميع الثكالى لديهم مسألة واحدة يتعين أن يتعاملوا معها، وهي ببساطة التوصل لكيفية النجاة ومواصلة العيش".
ويفضل البعض رؤية أو لمس المتوفى -بحسب درجة القرابة- حتى إن كانت الوفاة ناجمة عن انتحار أو حادث. وتقول راشر هيلد، "منظر الجثة لن يلازمك (…) ستسعى للاستمرار في التواصل مع المتوفى في ذاكرتك، وستراه بصورته الطبيعية مجددا".
الشخص المكلوم يحتاج لمساندة المقربين ووقوفهم بجانبه خلال فترة حزنه (شترستوك) كيف تساعد الشخص المكلوم؟في بداية الأمر يحتاج الشخص المكلوم للأشخاص المقربين منه، للوقوف بجانبه أثناء القيام ببعض الأمور البسيطة دون أن تطلب منهم، كإعداد وجبة طعام من حين لآخر، على سبيل المثال.
ويقول كاشلر، "هذه تعبيرات أولية عن الاهتمام"، ولا يكفي أن تقول للشخص المكلوم "يمكنك دائما أن تعتمد علي" وتنتظر أن يطلب منك شيئا، لأنه "لن يتصل بأحد في هذا الوضع. فهم مشغولون بأنفسهم، ولا يريدون أن يكونوا عبئا على الآخرين".
وأشار كاشلر إلى أن بعض النصائح ذات المغزى مثل "يجب أن تحاول ألا تفكر في الأمر" يمكن أن تكون غير فعالة. بل على العكس، ينصح الشخص المكلوم بالحفاظ على ذكرى المتوفى ودمجها في حياته، إذ يمكن لعلاقة الحب هذه أن تستمر مع تلاشي الشعور بالحزن.
ماذا يفعل الشخص المكلوم؟وبالنسبة للكثير من الثكالى، من المفيد تجميع الذكريات وتنظيم الصور وتخصيص مكان لها في المنزل. كما يمكن للشخص المكلوم الجلوس بهدوء في مكان كان يمثل أهمية لعلاقته بالفقيد، أو كرسي أو طاولة صغيرة، حيث يمكنه إجراء حوار داخلي مع الفقيد.
والأمر الثاني الذي يتعين على المرء القيام به هو تعلم العيش مع فكرة فقدان أحد أحبائه؛ فعندما ترى مكان زوجك على طاولة العشاء فارغا أو حقيبة طفلك المدرسية غير مستخدمة -على سبيل المثال- فإن ألم الفقد يصبح أكثر شدة.
ويقول كاشلر "من المهم أن تتعايش مع حزنك"، أما راشر هيلد فتقول بدورها إن كتابة الذكريات أو الاحتفاظ بمدونة تكتب فيها مشاعرك أو كتابة رسالة للمتوفى يمكن أن تساعد أيضا، "فمن المهم أن يعبر الشخص عن نفسه بحيث يخرج مشاعره الحزينة".
وتشير راشر هيلد إلى أن الثكالى غالبا ما يعانون من مجموعة من المشاعر؛ "فيميلون في بعض الأحيان للشعور بالغضب من الموت، أو الشعور الشديد بالعجز الذي يظنون أنه سيلازمهم "، موضحةً أن الانضمام لمجموعة دعم على وجه الخصوص يمكن أن يساعد في تخطي هذه المرحلة.
يمكن لبعض الممارسات الجديدة أن تساعد من يعانون الفقد في تخطي محنتهم (الألمانية) التكيف مع الحياةويشير الخبراء إلى أنه من المهم التكيف مع الحياة دون المتوفى والتقدم إلى الأمام، فيقول كاشلر "المكان الشاغر سيبقى كذلك بالتأكيد، لكن الحياة تستمر والمتوفى سيكون جزءا منها بصفته شريكا داخليا أو مصدر طاقة".
ويضيف، "يتعين أن يكون لحياة المرء معنى وأن تجلب له السعادة مجددا".
ويعترف المعالج النفسي أن تجاوز خسارة أحد المقربين أمر صعب، لكن كيف يمكن تجاوزه بأفضل طريقة؟
يقول كاشلر، "قم بحذر بأداء الأمور الصغيرة التي تتقنها، وتوصل لحل للمشكلة بحوار داخلي مع المتوفى"، مشيرا إلى إمكانية تجاوز الأزمة خلال عام ونصف العام من الفقد.
من جانبها، أوصت راشلر هيلد بأن يدرك المرء إمكانياته ويستذكر أمرا يستمتع بعمله، "من المفيد أن يراجع الشخص المكلوم حياته ويدرك ما كان عليه حالها قبل وفاة الشخص المقرب، كيف كان قبل أن ينهار عالمه. أين يمكن أن يعيد استكشاف نفسه؟".
كما تنصح الشخص المكلوم بالتفكير بأمرٍ دائما ما كان يخطط القيام به ومحاولة إنجازه الآن، "قم بالسماح لنفسك القيام بالأمور التي تبرع فيها، ولا بأس من القيام بها" سواء كان الذهاب في رحلة أو تعلم الرسم.
ويقدم كاشلر أملا للثكالى الذين قاموا بـ"المهام المتعددة للحزن الصحي" قائلا، "عندما تنتهي من جميعها، تكون انتهت"، لكن هذا لا يعني أن الحزن سيختفي بلا أثر.
وختم، "ستمر لحظات تتذكر فيها المأساة مجددا" -مثل مناسبات ذكرى معينة أو مناسبات خاصة- مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الألم خلال تلك اللحظات لن يكون قويا مثلما كان في البداية، بل سيتجسد على هيئة "حزن محدود" أو مجرد شعور بالكآبة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات نفسي من المهم یمکن أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
دار الإفتاء: بر الوالدين لا ينتهي بعد الوفاة وهذه طرق تحقيقه
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن بر الوالدين لا يقتصر على حياتهما فقط، بل يمتد إلى ما بعد وفاتهما.
جاء ذلك ردًا على سؤال ورده من أحد المتابعين، والذي استفسر فيه: "كيف أبرُّ والديَّ بعد وفاتهما؟".
في إجابتها، أشارت دار الإفتاء إلى أن السنَّة النبوية الشريفة أكدت على استمرارية البر والإحسان للوالدين بعد وفاتهما، مستشهدة بحديث للنبي ﷺ الذي يوضح ذلك، فقد روى الصحابي مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قائلاً: "بينما نحن عند النبي ﷺ، إذ جاءه رجل من بني سلمة وقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبويَّ شيء أبرُّهما به بعد موتهما؟"، فأجابه النبي ﷺ قائلاً: "نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإيفاء بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما".
وأكدت الدار أن هذا الحديث النبوي يبين بوضوح أن البر لا ينتهي بوفاة الوالدين، بل يستمر من خلال مجموعة من الأعمال التي يمكن أن يقدمها الأبناء.
هل يوجد عدد معين للصلاة على النبي حتى يستجاب دعائي؟.. الإفتاء ترد هل النوم عذر لترك صلاة الفجر وأدائها في الصباح.. أمين الفتوى يجيبوشملت هذه الأعمال الدعاء للوالدين بالرحمة والمغفرة، والحرص على تقديم الصدقات عنهما، وهبة ثواب الأعمال الصالحة إليهما، مثل قراءة القرآن أو أداء الحج أو العمرة، وزيارة قبرهما والدعاء عنده.
كما شددت دار الإفتاء على أهمية صلة الرحم المرتبطة بالوالدين بعد وفاتهما، مثل التواصل مع الأقارب من جهة الأب والأم، وإكرام أصدقائهما، وإنجاز الوصايا التي تركاها، والوفاء بالعهود التي أبرماها خلال حياتهما.
وأوضحت أن هذه الأعمال تعد صورة من صور الوفاء للوالدين، وتعكس استمرار البر بهما حتى بعد رحيلهما.
واختتمت دار الإفتاء بيانها بتذكير المسلمين بأن البر بالوالدين هو من أعظم القربات إلى الله، وأن استمراريته بعد الوفاة يعكس صدق الحب والوفاء لهما.
وأشارت إلى أن الإحسان للوالدين، سواء في حياتهما أو بعد مماتهما، يُعدّ طريقًا لنيل رضا الله عز وجل وتحقيق البركة في الدنيا والآخرة.