عربي21:
2025-03-13@21:07:46 GMT

واشنطن على يمين نتنياهو في الحرب لا في مواجهته

تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT

ما زال الموقف (الحقيقي) للإدارة الأمريكية من العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة أحد أهم الأسئلة المرتبطة به، بعدِّها في مقدمة الأطراف المؤثرة في قرار الاحتلال والقادرة بالتالي على وقف العدوان، إن أرادت. وهو موقف شهد بعض التغيير في الأسابيع القليلة الأخيرة؛ تباينت تقييماته بين المتابعين بين من رآه شكليا ومن رآه جوهريا ومؤثرا ولا سيما بخصوص الموقف من نتنياهو وحكومته.



في هذا السياق، لا بأس من التذكير بأن الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت منذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت موقفا متماهيا تماما مع الرواية "الإسرائيلية"، وقدمت دعما عسكريا وسياسيا وماليا وأمنيا للاحتلال بما في ذلك صفقات السلاح والدعم في مجلس الأمن الدولي، ما جعلها جزءا لا يتجزأ من العدوان ومشاركا رئيسا فيه.

لاحقا، وكما أسلفنا، لاحت بعض الإشارات على متغيرات نسبية في موقف الإدارة الأمريكية، وتبدت تحديدا في تصريحات تنتقد بعض تفاصيل العدوان وتغمز من قناة بعض وزراء نتنياهو وتحديدا سموتريتش وبن غفير. ومن البديهي أن الأسباب الرئيسة التي دفعت لهذا التغيير النسبي لا تتعلق بمعاناة الفلسطينيين ولا تصدر عن موقف أخلاقي أو مبدئي وإنما منشؤها أمران:

منطلق إدارة بايدن ليس وقف الحرب وإنما الحرص على استمرار مسوغاتها من خلال "تجنب استهداف المدنيين" كشعار مرفوع مؤخرا حتى وإن لم يكن له رصيد واقعي في التطبيق، وتحديدا لدى الحديث عن عملية رفح. كما أن الخلاف حول ترتيبات اليوم التالي يرتبط بمدى واقعية الطرح "الإسرائيلي" والتحديات التي ستواجه الاحتلال نفسه في غزة بعد الحرب
أولهما بعض التطورات الميدانية وفي مقدمتها جرائم الحرب المرتكبة بحق الفلسطينيين والرغبة بالتنصل منها، وفشل الاحتلال في حسم المعركة بسرعة كما كان يؤمل الجانبان.

وثانيهما تطورات سياسية تتعلق أساسا بفرص الرئيس الأمريكي في الانتخابات الرئاسية الخريف المقبل مثل الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية، والانتقادات داخل الحزب الديمقراطي، واعتراضات المسلمين والسود في أمريكا، وبعض الاستقالات داخل مؤسسات الإدارة، ما انعكس سلبا في استطلاعات الرأي، فضلا عن تغير مواقف الكثير من الدول مع مرور الوقت ودعوى الإبادة التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية.

والخلاصة في كل ما سبق أن الإدارة الأمريكية اختلفت مع نتنياهو وليس مع "إسرائيل"، رغبة في الجمع بين أصوات المعترضين على الإبادة من المسلمين والسود وبعض الليبراليين واليساريين من جهة، وأصوات الداعمين لدولة الاحتلال من جهة أخرى. وقد رشحت مؤشرات على هذا الموقف من لقاءات قيادات من الحزب الديمقراطي مع الناخبين المسلمين.

كما أن الخلاف مع نتنياهو لم يَدْرْ يوما حول الحرب بحد ذاتها أو هدف القضاء على المقاومة الفلسطينية وخصوصا حركة حماس، وإنما تعلق دائما بتفصيلين على هامش الحرب؛ ترتيبات "اليوم التالي" على الحرب وما يتعلق تحديدا بالبنية السياسية والأمنية في القطاع، وموضوع استهداف المدنيين والعدد الكبير من الضحايا بينهم. الأهم هنا أن منطلق إدارة بايدن ليس وقف الحرب وإنما الحرص على استمرار مسوغاتها من خلال "تجنب استهداف المدنيين" كشعار مرفوع مؤخرا حتى وإن لم يكن له رصيد واقعي في التطبيق، وتحديدا لدى الحديث عن عملية رفح. كما أن الخلاف حول ترتيبات اليوم التالي يرتبط بمدى واقعية الطرح "الإسرائيلي" والتحديات التي ستواجه الاحتلال نفسه في غزة بعد الحرب.

هذا الموقف الأمريكي الرسمي، الذي يسعى عمليا لإدامة الحرب لتحقيق أهدافها وإن ادعى خطابيا وإعلاميا سعيه لوقفها، تواتر عليه عدد من الشواهد المهمة في الأيام الماضية. أول هذه الشواهد نفي مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن "ما يحدث في غزة إبادة جماعية"، وبدء الاحتلال عملياته في رفح بدون ضغوط أمريكية وكأنها لم تبدأ بعد، بل وتزيين تصريحات أمريكية أخرى العمليات في رفح ومحاولة إظهار أنها في مناطق "شبه خالية من المدنيين"، وتحميل حماس مسؤولية عدم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار رغم أن الأخيرة وافقت على العرض الأخير المقدم لها من الوسطاء بضمانات أمريكية موعودة بينما رفضه نتنياهو، فضلا عن أن سقف قيادات المعارضة "الإسرائيلية" المدعومة أمريكيا لا تختلف كثيرا عن سقف نتنياهو، ما يجعل الخلاف بينهما تنافسا على السلطة لا خلافا في البرامج.

في هذا الإطار الناظم للفهم والتحليل تنبغي مقاربة المتغير الأهم في الموقف الأمريكي وهو إنشاء الرصيف البحري في غزة والإعلان عن بدء دخول المساعدات بواسطته لأهل القطاع، حيث يخدم ذلك بشكل مباشر موقف الولايات المتحدة دعائيا واستعراضيا بإظهارها حريصة على إغاثة المدنيين وتجنبيهم تداعيات الحرب، رغم أنها لم تبذل جهدا كافيا -تستطيعه- لوقفها. الأهم أن الرصيف المحمي من القوات الأمريكية سيشكل لاحقا وربما دائما موطئ قدم عسكريا للولايات المتحدة في غزة، بما سيمنحها أوراق قوة إضافية للمساهمة في تشكيل البنية السياسية والأمنية في القطاع بعد وقف العمليات العسكرية وعلى المدى البعيد، وهو الهدف الأكبر لها في غزة كما سلف تفصيله.

واشنطن ليست ضد الحرب ولا تسعى لوقفها، وإنما ما زالت ضمن الأطراف الأساسية المشاركة بها، وهي بذلك ليست ضد نتنياهو فضلا عن أن تكون في مواجهة دولة الاحتلال
في الخلاصة، وإن اختلفت الإدارة الأمريكية الحالية مع نتنياهو حول بعض التفاصيل المتعلقة بالعدوان أو ما بعده، إلا أنها خلافات هامشية لا تمس جوهر الحرب وأهدافها الرئيسة؛ من "تحرير الرهائن" والقضاء على المقاومة ومنع استمرار "التهديدات" للاحتلال من القطاع.

الأهم من ذلك أن إدارة بايدن تتصرف وكأنها "أم الولد" الأعرف بمصلحته والأحرص عليها منه، بحيث تضغط على الاحتلال فقط في تفاصيل يفترض أن تساهم في "ترشيد" العمليات العسكرية؛ بما يخدم أهدافها ويديم مسوغاتها أمريكيا ودوليا ويستثمر نتائجها فيما يراد من مسارات سياسية وأمنية في فلسطين والمنطقة. ولعل الدور الذي تلعبه المعارضة "الإسرائيلية" -المحسوبة على واشنطن- حتى اللحظة يشير إلى أن الأخيرة لم تصل بعد إلى مرحلة مواجهة مع نتنياهو، وإنما هي أدوات للضغط ليقبل بالطروحات الأمريكية في التفاصيل المشار لها، فإن قبل استمر الدعم كاملا غير منقوص، وإن رفض ووصل الأمر للمواجهة فعلى قاعدة إيصال طرف آخر يكمل الحرب ويحقق أهدافها.

بهذا المعنى، فواشنطن ليست ضد الحرب ولا تسعى لوقفها، وإنما ما زالت ضمن الأطراف الأساسية المشاركة بها، وهي بذلك ليست ضد نتنياهو فضلا عن أن تكون في مواجهة دولة الاحتلال.

twitter.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة نتنياهو حماس بايدن إسرائيل امريكا حماس غزة نتنياهو مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع نتنیاهو فضلا عن لیست ضد فی غزة

إقرأ أيضاً:

يديعوت: نتنياهو يرضخ لإملاءات ترامب بشأن الحرب والسلم وتبادل الأسرى

توقعت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الأربعاء، 12 مارس 2025، أن يفرض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، سياسة إسرائيل الخارجية، بما يتعلق بالحرب والسلم وتبادل الأسرى مع حركة حماس .

وقالت الصحيفة في تقرير لها، إن "شهر العسل" بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو "تبدد"، ليكشف أن ترامب هو "الحاكم أو الملك" في إسرائيل.

وتبين لنتنياهو، عندما التقى مع ترامب في الغرفة البيضاوية في البيت الأبيض، أن ترامب يتخذ القرارات الإستراتيجية لإسرائيل بدلا عنه.

وأشارت إلى أن ترامب، بواسطة مبعوثه، ستيف ويتكوف، فرض المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، رغم أن نتنياهو رفضها وسعى إلى إحباطها طوال سنة كاملة.

وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة تفرض على إسرائيل حاليا تطبيق مرحلة التداول مع لبنان حول الحدود، بينما نتنياهو عارض ذلك عندما وقع رئيس الحكومة السابق، يائير لبيد، اتفاق الحدود الاقتصادية (البحرية) مع لبنان، ووصفه نتنياهو بأنه "اتفاق الخيانة والاستسلام" وتعهد بإلغائه.

وعندما وافق نتنياهو على وقف إطلاق النار مع حزب الله، استسلم للرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، وتحول الآن إلى استسلام لترامب، وعمليا سيطبق نتنياهو الاتفاق الذي وقعه لبيد بالضبط، وفقا للصحيفة.

وتابعت أن المفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة وحماس فُرضت أيضا على الحكومة الإسرائيلية. "ولو نجحت هذه المفاوضات وأبرمت صفقة، لأدركت حماس أن الأفضل لها أن تجري محادثات مباشرة مع ترامب، وكما سنرى كيف أن كافة الخطوات المستقبلية سيفرضها الأميركيون، وبدون أي ترجيح رأي إسرائيلي".

وحسب الصحيفة، فإن ترامب وويتكوف يريدان استمرار وقف إطلاق النار وتحرير الأسرى الإسرائيليين، وأنه خلافا لبايدن ليس باستطاعة نتنياهو أن يقول لهما لا، وهما يعلمان ذلك. كما أن إسرائيل تنصاع لإملاءات أميركية بشأن قرارات الأمم المتحدة، مثل القرار المؤيد لروسيا ضد أوكرانيا.

وأضافت الصحيفة أنه "ينبغي القول باستقامة إنه يجري إخضاع إسرائيل بالمطلق للأجندة الأميركية، ويبدو أنها فوجئت باكتشاف أن ترامب لا يكتفي بكونه رئيس الولايات المتحدة، وأنه يريد أن يكون رئيس الحكومة الإسرائيلية أيضا. وفي هذه الأثناء، تسير هذه الأمور جيدا لأن الحكومة الإسرائيلية توافق باستسلام على جميع مطالبه وطلباته".

وواصلت الصحيفة انتقادها لنتنياهو: "يخيل لنتنياهو أنه لن يحصل له مثلما حصل لزيلينسكي (خلال توبيخه) في البيت الأبيض، طالما أنه ينصاع لترامب طبعا. لكن عندما يتوقف عن ذلك، فإن نتنياهو قد يلقى معاملة مشابهة، وهو يعلم ذلك. ولا يبدو أن أمام نتنياهو طريقا مختلفة حاليا، ولذلك هو صمت عندما كُشفت مفاوضات مبعوث ترامب لشؤون الأسرى، آدم بولر، مع حماس، ولذلك أيضا لم يكن هناك أي تعقيب إسرائيلي عندما ضحك بولر خلال مقابلات على الوزير رون ديرمر، وتحدث عن فنجان قهوة مع القيادي في حماس".

وتابعت الصحيفة أن اتفاق بين إسرائيل ولبنان هو مصلحة أميركية بارزة، لأن هذه مصلحة السعودية أيضا، شريكة ترامب، الذي يتطلع إلى التوصل إلى اتفاق معها، "من أجل أن يحصل على جائزة نوبل، وكذلك من أجل أن يعبئ جيوب عائلته وأصدقائه من كبار الأثرياء، وهو لن يتردد في أن ينفذ هذا على حساب إسرائيل، وبضمن ذلك مقابل السلطة الفلسطينية، وذلك من دون أن يجرؤ نتنياهو وحكومته على التعبير عن أي معارضة. وإذا بحث أحد عن إثبات عن قوة ترامب، سيجده في بيان الأوكرانيين الاستسلامي الذي استجاب لكافة مطالب الأميركيين"، بشأن وقف الحرب مع روسيا.

المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية تحقيق إسرائيلي: هكذا لعبت السياسة دورا محوريا في كل مراحل التفاوض كاتس: سنبقى في سورية إلى أجل غير مسمى هآرتس : الجيش الإسرائيلي يعزز مواقعه في سورية الأكثر قراءة مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى مُسيّرات إسرائيلية تنتهك أجواء لبنان وتلقي قنبلة صوتية نتنياهو: غيرنا وجه الشرق الأوسط وسنعيد باقي المختطفين إلى إسرائيل إسرائيل: 2.5 مليار دولار قيمة تضرر 2900 مبنى بالشمال جراء الحرب عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • خطة إعمار ودولة فلسطينية.. خبير: التغير بالموقف الأمريكي جعل نتنياهو لا ينام
  • إعلام إسرائيلي: حكومة نتنياهو قررت عدم الالتزام باتفاق غزة منذ لحظة توقيعه
  • المعارضة الصهيونية: نتنياهو يرفض دفع الثمن السياسي لوقف الحرب
  • تحالف نتنياهو مع اليمين المتطرف: تهديد لليهود
  • يديعوت: نتنياهو يرضخ لإملاءات ترامب بشأن الحرب والسلم وتبادل الأسرى
  • بشأن غزة.. تواصل مراوغات نتنياهو في تقويض جهود الوسطاء ومساعي إرساء السلام
  • ويتكوف يصل الدوحة.. هل يسعى نتنياهو لاستئناف الحرب؟
  • دروس لآسيا من المواجهة بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض
  • إعلام إسرائيلي: مفاوضات واشنطن مع حماس أبعدت نتنياهو لمدرجات المتفرجين
  • اليمن وسخافات ترامب وحماقات نتنياهو