عربي21:
2024-07-02@09:37:29 GMT

واشنطن على يمين نتنياهو في الحرب لا في مواجهته

تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT

ما زال الموقف (الحقيقي) للإدارة الأمريكية من العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة أحد أهم الأسئلة المرتبطة به، بعدِّها في مقدمة الأطراف المؤثرة في قرار الاحتلال والقادرة بالتالي على وقف العدوان، إن أرادت. وهو موقف شهد بعض التغيير في الأسابيع القليلة الأخيرة؛ تباينت تقييماته بين المتابعين بين من رآه شكليا ومن رآه جوهريا ومؤثرا ولا سيما بخصوص الموقف من نتنياهو وحكومته.



في هذا السياق، لا بأس من التذكير بأن الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت منذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت موقفا متماهيا تماما مع الرواية "الإسرائيلية"، وقدمت دعما عسكريا وسياسيا وماليا وأمنيا للاحتلال بما في ذلك صفقات السلاح والدعم في مجلس الأمن الدولي، ما جعلها جزءا لا يتجزأ من العدوان ومشاركا رئيسا فيه.

لاحقا، وكما أسلفنا، لاحت بعض الإشارات على متغيرات نسبية في موقف الإدارة الأمريكية، وتبدت تحديدا في تصريحات تنتقد بعض تفاصيل العدوان وتغمز من قناة بعض وزراء نتنياهو وتحديدا سموتريتش وبن غفير. ومن البديهي أن الأسباب الرئيسة التي دفعت لهذا التغيير النسبي لا تتعلق بمعاناة الفلسطينيين ولا تصدر عن موقف أخلاقي أو مبدئي وإنما منشؤها أمران:

منطلق إدارة بايدن ليس وقف الحرب وإنما الحرص على استمرار مسوغاتها من خلال "تجنب استهداف المدنيين" كشعار مرفوع مؤخرا حتى وإن لم يكن له رصيد واقعي في التطبيق، وتحديدا لدى الحديث عن عملية رفح. كما أن الخلاف حول ترتيبات اليوم التالي يرتبط بمدى واقعية الطرح "الإسرائيلي" والتحديات التي ستواجه الاحتلال نفسه في غزة بعد الحرب
أولهما بعض التطورات الميدانية وفي مقدمتها جرائم الحرب المرتكبة بحق الفلسطينيين والرغبة بالتنصل منها، وفشل الاحتلال في حسم المعركة بسرعة كما كان يؤمل الجانبان.

وثانيهما تطورات سياسية تتعلق أساسا بفرص الرئيس الأمريكي في الانتخابات الرئاسية الخريف المقبل مثل الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية، والانتقادات داخل الحزب الديمقراطي، واعتراضات المسلمين والسود في أمريكا، وبعض الاستقالات داخل مؤسسات الإدارة، ما انعكس سلبا في استطلاعات الرأي، فضلا عن تغير مواقف الكثير من الدول مع مرور الوقت ودعوى الإبادة التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية.

والخلاصة في كل ما سبق أن الإدارة الأمريكية اختلفت مع نتنياهو وليس مع "إسرائيل"، رغبة في الجمع بين أصوات المعترضين على الإبادة من المسلمين والسود وبعض الليبراليين واليساريين من جهة، وأصوات الداعمين لدولة الاحتلال من جهة أخرى. وقد رشحت مؤشرات على هذا الموقف من لقاءات قيادات من الحزب الديمقراطي مع الناخبين المسلمين.

كما أن الخلاف مع نتنياهو لم يَدْرْ يوما حول الحرب بحد ذاتها أو هدف القضاء على المقاومة الفلسطينية وخصوصا حركة حماس، وإنما تعلق دائما بتفصيلين على هامش الحرب؛ ترتيبات "اليوم التالي" على الحرب وما يتعلق تحديدا بالبنية السياسية والأمنية في القطاع، وموضوع استهداف المدنيين والعدد الكبير من الضحايا بينهم. الأهم هنا أن منطلق إدارة بايدن ليس وقف الحرب وإنما الحرص على استمرار مسوغاتها من خلال "تجنب استهداف المدنيين" كشعار مرفوع مؤخرا حتى وإن لم يكن له رصيد واقعي في التطبيق، وتحديدا لدى الحديث عن عملية رفح. كما أن الخلاف حول ترتيبات اليوم التالي يرتبط بمدى واقعية الطرح "الإسرائيلي" والتحديات التي ستواجه الاحتلال نفسه في غزة بعد الحرب.

هذا الموقف الأمريكي الرسمي، الذي يسعى عمليا لإدامة الحرب لتحقيق أهدافها وإن ادعى خطابيا وإعلاميا سعيه لوقفها، تواتر عليه عدد من الشواهد المهمة في الأيام الماضية. أول هذه الشواهد نفي مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن "ما يحدث في غزة إبادة جماعية"، وبدء الاحتلال عملياته في رفح بدون ضغوط أمريكية وكأنها لم تبدأ بعد، بل وتزيين تصريحات أمريكية أخرى العمليات في رفح ومحاولة إظهار أنها في مناطق "شبه خالية من المدنيين"، وتحميل حماس مسؤولية عدم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار رغم أن الأخيرة وافقت على العرض الأخير المقدم لها من الوسطاء بضمانات أمريكية موعودة بينما رفضه نتنياهو، فضلا عن أن سقف قيادات المعارضة "الإسرائيلية" المدعومة أمريكيا لا تختلف كثيرا عن سقف نتنياهو، ما يجعل الخلاف بينهما تنافسا على السلطة لا خلافا في البرامج.

في هذا الإطار الناظم للفهم والتحليل تنبغي مقاربة المتغير الأهم في الموقف الأمريكي وهو إنشاء الرصيف البحري في غزة والإعلان عن بدء دخول المساعدات بواسطته لأهل القطاع، حيث يخدم ذلك بشكل مباشر موقف الولايات المتحدة دعائيا واستعراضيا بإظهارها حريصة على إغاثة المدنيين وتجنبيهم تداعيات الحرب، رغم أنها لم تبذل جهدا كافيا -تستطيعه- لوقفها. الأهم أن الرصيف المحمي من القوات الأمريكية سيشكل لاحقا وربما دائما موطئ قدم عسكريا للولايات المتحدة في غزة، بما سيمنحها أوراق قوة إضافية للمساهمة في تشكيل البنية السياسية والأمنية في القطاع بعد وقف العمليات العسكرية وعلى المدى البعيد، وهو الهدف الأكبر لها في غزة كما سلف تفصيله.

واشنطن ليست ضد الحرب ولا تسعى لوقفها، وإنما ما زالت ضمن الأطراف الأساسية المشاركة بها، وهي بذلك ليست ضد نتنياهو فضلا عن أن تكون في مواجهة دولة الاحتلال
في الخلاصة، وإن اختلفت الإدارة الأمريكية الحالية مع نتنياهو حول بعض التفاصيل المتعلقة بالعدوان أو ما بعده، إلا أنها خلافات هامشية لا تمس جوهر الحرب وأهدافها الرئيسة؛ من "تحرير الرهائن" والقضاء على المقاومة ومنع استمرار "التهديدات" للاحتلال من القطاع.

الأهم من ذلك أن إدارة بايدن تتصرف وكأنها "أم الولد" الأعرف بمصلحته والأحرص عليها منه، بحيث تضغط على الاحتلال فقط في تفاصيل يفترض أن تساهم في "ترشيد" العمليات العسكرية؛ بما يخدم أهدافها ويديم مسوغاتها أمريكيا ودوليا ويستثمر نتائجها فيما يراد من مسارات سياسية وأمنية في فلسطين والمنطقة. ولعل الدور الذي تلعبه المعارضة "الإسرائيلية" -المحسوبة على واشنطن- حتى اللحظة يشير إلى أن الأخيرة لم تصل بعد إلى مرحلة مواجهة مع نتنياهو، وإنما هي أدوات للضغط ليقبل بالطروحات الأمريكية في التفاصيل المشار لها، فإن قبل استمر الدعم كاملا غير منقوص، وإن رفض ووصل الأمر للمواجهة فعلى قاعدة إيصال طرف آخر يكمل الحرب ويحقق أهدافها.

بهذا المعنى، فواشنطن ليست ضد الحرب ولا تسعى لوقفها، وإنما ما زالت ضمن الأطراف الأساسية المشاركة بها، وهي بذلك ليست ضد نتنياهو فضلا عن أن تكون في مواجهة دولة الاحتلال.

twitter.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة نتنياهو حماس بايدن إسرائيل امريكا حماس غزة نتنياهو مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع نتنیاهو فضلا عن لیست ضد فی غزة

إقرأ أيضاً:

محللون: جيش الاحتلال أدرك أن المقاومة أصبحت واقعا يجب التعايش معه

يقول خبراء ومحللون إن تصريحات الجيش الإسرائيلي بشأن صعوبة القضاء على كتائب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة يعكس حالة التضارب التي تعيشها إسرائيل بين السياسيين والعسكريين.

فقد أكد قائد اللواء الـ12 الإسرائيلي العامل في رفح، هيفري الباز أن القضاء على حماس في رفح يتطلب عامين على الأقل، وأن الحركة تدير حرب عصابات مستقلة في المدينة.

وقال القائد العسكري الإسرائيلي إن من يعتقد أن صفارات الإنذار ستتوقف خلال العامين المقبلين فهو "يذر الرماد في العيون"، في حين أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن مواصلة الحرب هي السبيل الوحيد لاستعادة الأسرى من القطاع.

وتعليقا على هذا التضارب في التصريحات، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي إن كل سياسي في إسرائيل يحاول ترجمة كل شيء على أنه نصر له، مؤكدا أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حاولت تحقيق هدفين في القطاع، لكنها فشلت في ذلك.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال جبارين إن الجيش حاول تدمير القطاع للقضاء على حماس عسكريا وإداريا دون منح نتنياهو فرصة استغلال هذا الأمر سياسيا للبقاء ملكا على رأس إسرائيل. لكن الأمور -كما يقول جبارين- خرجت عن السيطرة وكأن السحر قد انقلب على الساحر بالنسبة للجيش.

تاريخان مهمان

ووفقا لجبارين، فإن نتنياهو حاليا يقترب من تاريخين مهمين أولهما 28 يوليو/تموز المقبل وهو موعد انتهاء دورة الكنيست والتي يحاول رئيس الوزراء الوصول إليه دون سقوط الحكومة مهما كان الثمن الذي ستدفعه إسرائيل، وثانيهما السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل وهو الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى والتي لا يمكن له بلوغه، في حين أن الأسرى الإسرائيليين ما زالوا في غزة.

ويرى جبارين أن نتنياهو يدرك جيدا أنه لن يتمكن حتى من مواجهة اليمين المتطرف الداعم له إذا وصل إلى 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل دون القضاء على حماس واحتلال غزة وإعادة الاستيطان فيه.

وخلص جبارين إلى أن نتنياهو -المعروف بمهارته السياسية- صنع فخا (تعزيز قوة اليمين) لكنه وقع فيه "لأن العسكريين يضعون خططا إستراتيجية ويحتاجون قيادات سياسية للاستفادة منها، وهو ما لم يحدث خلال هذه الحرب".

الرأي نفسه ذهب إليه الباحث السياسي سعيد زياد بقوله إن جيش الاحتلال أدرك أنه لن يكون قادرا على المقاومة التي فشل في القضاء عليها بعد استخدام كل ما لديه من قوة ودعم أميركي، مؤكدا أن الجميع في إسرائيل -باستثناء نتنياهو- بات يتعامل مع حماس كأمر واقع يجب التعايش معه كما هي الحال مع إيران، وفق تعبيره.

وأكد زياد أن تصريحات قائد اللواء 12 تكتسب أهمية كبيرة "لأنها صادرة على قائد لواء له باع في الحروب الإسرائيلية السابقة منذ نكبة 1948، وتؤكد قناعة الاحتلال أن ما كان قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي لن يكون كما بعده أبدا".

ويرى زياد أن إسرائيل تبحث عن آلية للخروج لكنها في الوقت نفسه تعاني التشرذم وغياب الرؤية، مشيرا إلى أن وزير الدفاع يوآف غالانت هو الوحيد الذي يطرح خططا لما بعد الحرب "لكنها خطط فاشلة"، حسب وصفه.

في المقابل، يقول زياد إن المقاومة -وباعتراف الإسرائيليين- "قادرة على التكيف مع الواقع الميداني وتغيير خططها ومواجهة جيش قوي لكنه بطيء، فضلا عن أنها سلبته الزخم الناري وأصابته بعمى استخباري وأصابته بالذعر وجعلته عاجزا عن الدخول إلى مكان دون استخدام قصف سجادي (تدمير جوي ومدفعي كامل) لتمهيد عملية الدخول".

وفي ظل هذه المعطيات، فإن فرص التوصل لاتفاق عبر المفاوضات أصبحت ضعيفة جدا ما لم تتزايد الضغوط الميدانية والإقليمية والدولية على نتنياهو لدفعه إلى وقف الحرب، كما يقول زياد.

المقاومة لا تزال قوية

ومن الناحية العسكرية، يقول العقيد ركن حاتم الفلاحي إن رفح كانت المعركة الوحيدة التي شارك فيها اللواء الـ12، وبالتالي فإن تصريحات قائده تعكس ما وجده على الأرض من حرب عصابات.

وفسر الفلاحي حديث قادة إسرائيل العسكريين بأنها دليل على قناعتهم بأن الحرب استنفدت أهدافها وأن استمرارها يعني مزيدا من استنزاف القوة دون مقابل، مشيرا إلى حديث عضو مجلس الحرب المستقيل غادي آيزنكوت الذي قال إن مواصلة الحرب تخدم نتنياهو ولا تخدم إسرائيل.

وأكد الفلاحي أن "كل الإنجازات التكتيكية التي حققها جيش الاحتلال تآكلت بسبب طول أمد الحرب وعدم استغلالها سياسيا، وأن بقاءه في القطاع قد يغرقه تماما".

ويرى الخبير العسكري أن نتنياهو يحاول مواصلة الحرب من أجل تحقيق أهدافه المعلنة متجاهلا حديثه عن أن معركة رفح -التي قال إنها المحطة الأخيرة قبل النصر المطلق- لم تحقق شيئا.

وختم بالقول إن تفكك مجلس الحرب الإسرائيلي والاتهامات الموجهة لرئيس الأركان بالخيانة والفشل وحديث الجيش عن صعوبة القضاء على حماس "دليل على حالة الخلاف الكبيرة بين نتنياهو والمؤسسة العسكرية"، مؤكدا أن أهداف الحرب حاليا "أصبحت سياسية بامتياز، لأنه لم يعد بالقطاع مكان لم يذهب إليه جيش الاحتلال".

وخلص الفلاحي إلى أن المرحلة الثالثة من الحرب التي تتحدث عنها إسرائيل غير منطقية، لأن المقاومة أعادت بناء قوتها في المناطق التي خرجت منها قوات الاحتلال في الشمال والوسط، فضلا عن السعي لإيجاد قوات أميركية وعربية يتناقض مع المواقع التي يقول إن المقاومة لا تزال موجودة فيها بقوة على الأرض.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يمنح جيش الاحتلال الضوء الأخضر للانتقال للمرحلة الثالثة من الحرب في غزة
  • ليبرمان ينتقد إدارة الحرب في غزة.. "مواجهة إيران لا مفر منها"
  • ليبرمان ينتقد إدارة الحرب في غزة.. مواجهة إيران لا مفر منها
  • مخاوف فرنسية من حرب نتنياهو بعد خطاب الكونغرس
  • يستغل الانتخابات الأمريكية ويحاول تجميل صورته.. نتنياهو يبحث عن «الجائزة الكبرى» وجملة مزايا في واشنطن!
  • كيف تشكّل حرب غزة وقانون التجنيد نهاية حكومة اليمين المتطرفة؟
  • «وول ستريت» تكشف خطة إسرائيل لإدارة قطاع غزة بعد الحرب.. ما الفقاعات الجغرافية؟
  • رويترز: الولايات المتحدة أرسلت لـ”إسرائيل” آلاف القنابل شديدة التدمير منذ بداية الحرب على غزة
  • محللون: جيش الاحتلال أدرك أن المقاومة أصبحت واقعا يجب التعايش معه
  • باحث: نتنياهو يحرص على استمرار الحرب لتحسين صورته أمام مجتمعه