التحية لتقدم وجهودها لوقف الحرب العبثية
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
أحمد الملك
مجموعة الانتهازيين وتجار القضايا وسماسرة الحركات التي اجتمعت مؤخرا في القاهرة، هي نفس مجموعة اعتصام الموز التي استخدمها الكيزان ولجنتهم الأمنية للتمهيد للانقلاب على الحكومة المدنية، الانقلاب الذي مثّل أول طلقة في الحرب الحالية.
الناظر ترك الذي هدد يوما بإغلاق الميناء اذا لم يتم الغاء مسار الشرق في اتفاقية جوبا، يجتمع اليوم مع نفس مجموعة اتفاقية جوبا، ما يؤكد انّ شرطه لإلغاء تلك الاتفاقية لم يكن جادا، وأنه لم يكن سوى بيدق تحرّكه آلة الدولة الكيزانية العميقة لإفساد الانتقال الديمقراطي.
وربما كان شرطه بإلغاء لجنة التفكيك هو الشرط الجاد الوحيد الذي يبرر اغلاقه للميناء، فالرجل غارق مع التنظيم الكيزاني في مصالح الفساد وفي سرقة صندوق الشرق، وكانت لجنة التفكيك تمثل الصخرة التي تتحطم عليها طموحات الفاسدين في الهروب من المحاسبة وفي استمرار حلقات الفساد ونهب الموارد.
بات غالب أهل بلادنا الآن في قناعة تامة ألا مستفيد من هذه الحرب العبثية التي تكاد تعيد بلادنا قرونا الى الوراء، سوى الكيزان. وانّ هذه الحرب في حقيقتها هي حرب على الثورة، ومحاولة لمسح ذاكرة شعبنا من جرائم تلك الفئة الضالة التي تسببت ممارساتها في شن الحروب واثارة الفتن وتسليح بعض المكونات، تسببت تلك الممارسات الشائهة في هذه الحرب.
لقد ظل التنظيم الكيزاني يعمل طوال فترة حكمهم على هتك النسيج الاجتماعي واحياء نار القبلية، لإغراق هذه البلاد في الفتن والحروب، ولم يخف التنظيم الشيطاني رغبته بعد فصل الجنوب في دفع أجزاء أخرى من بلادنا للانفصال، فوحدة وتماسك هذه البلاد وأهلها هو الخطر الذي يخشاه هذا التنظيم.
الحرب على الثورة تهدف لمنع عودة نظام ديمقراطي يقوم على العدالة والمساواة ودولة القانون. الإنقاذ صنعت دوائر وشبكات محكمة من الفساد، تشمل مؤسسات الخدمة المدنية والمؤسسات العدلية والقوات النظامية، إضافة لبعض القيادات القبلية والحركات المسلحة المتوالية مع النظام. وكل هذه الجهات جاهدت لإسقاط الانتقال الديمقراطي حفاظا على مكاسبها، وتجاهد الآن لاستمرار الحرب لنفس الهدف.
لقد عانى شعبنا من التشريد والنزوح وحتى أولئك الذين نزحوا إلى دول الجوار بحثا عن الأمان وتعليم الأطفال، يعانون كثيرا من تعقيدات الإجراءات الحكومية ومن الغلاء واستغلال تجار الأزمات ونفاذ الأموال القليلة التي خرجوا بها من البلاد، وفي الفترة الماضية راجت قصص تنفطر لها القلوب عن حرائر من النازحين، يمتهنّ التسول في دول الجوار! ومن المحزن انّ حكومة برهان وجبريل لم تقدم لهؤلاء النازحين ضحايا الحرب العبثية بين حلفاء الأمس، لم تقدم لهم شيئا سوى زيادة الرسوم والجبايات التي تلاحق الناس في اصقاع العالم، وقامت بطرد النازحين في الداخل من المدارس دون أن ترتب لهم بدائل لمساكن مؤقتة تحفظ للناس كرامتهم، ما يكشف عقلية العصابة الكيزانية التي تقف وراء النظام، والتي لا يهمها في شيء مصير المواطن، بل بالعكس أحد أهدافهم من استمرار الحرب أن تتفاقم المعاناة والتشرد انتقاما من الشعب الذي ثار ضدهم.
التحية لتقدم وجهودها، ولكل جهد وطني مخلص يفضي لحقن الدماء واستعادة أهلنا لحياتهم وأمانهم في كل مكان، ليعود العسكر الى ثكناتهم ويذهب كل من تآمر وأرتكب جرما للمحاسبة.
أوامر القبض الهزلية التي أصدرتها عصابة بورتسودان بحق قادة تقدم، تعيد إلى الاذهان نفس الصورة القديمة التي سادت في بلادنا طوال ثلاثة عقود، مجرم الحرب القاتل السارق في السلطة يصدر أوامر القبض، والمناضلين الشرفاء في السجون أو المنافي! ولن تستعيد هذه البلاد عافيتها قبل أن يتم تعديل هذا الوضع المقلوب لتكون الكلمة للقانون الذي يحفظ الحقوق ويحاسب المجرم ويحقق العدالة.
#لا_للحرب
ortoot@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
عام على اعلان التآمر : تقدم والمليشيا مزايدة على آلام الوطن..(1-2)
(1)
فى أكتوبر 2023م ، وبعد تبددت أحلام مليشيا الدعم السريع وداعميها ، بدأت خطة الهبوط الناعم ، ونقل مشهد الحرب إلى موقف سياسي ، ومن هنا ولدت تنسيقية القوى الوطنية (تقدم)..
كانت المليشيا حينها تعاني من تداعيات الموقف الشعبي وتوجهات الرأى العام ، ومتغيرات الميدان العسكري فى صمود القيادة العامة والمدرعات والمهندسين وكرري ، مع فقدان أثر القائد حميدتي..
بينما كانت قوى الحرية والتغيير (قحت) قد فقدت القدرة على التعامل مع (احداثيات) المشهد ،و تطورات الأحداث وكلفة اتفاقهم مع المليشيا الدعم السريع على السيطرة على البلاد فى ساعات محدودة (اجتماع الشريحة).
كانت الفترة من اكتوبر 2023م وحتى الثاني من يناير 2024م من اسرع التحولات السياسية واكثرها خطورة فى تاريخ البلاد ، فقد انتقلت قحت من قوى سياسية سودانية ذات ميثاق وتسيطر عليها كيانات سياسية الى تنسيقية تسمى (مدنية) تسيطر عليها مسميات منظمات وهمية وفرضت قيادة جديدة واعادت تشكيل اهدافها ، ومع ذلك ارادت ان تفرض نفسها (وريث) ثورة ديسمبر 2019م..
وبدأت أول مهام وادوار تنسيقية تقدم بلقاء مع قائد مليشيا الدعم السريع بعد غياب دام ما يقارب 7 شهور ، وكان ذلك الدور المعد لهذا الكيان الجديد وهو لعب دور الظل السياسي لمليشيا الدعم السريع ، وقد تم تدوين ذلك فى صدر الاعلان الصادر بين الطرفين فى اديس ابابا بتاريخ 2 يناير 2024م وجاء في أول سطوره (إيمانا منا بأن حرب الخامس من ابريل هى آخر حلقة من سلسلة المحاولات الفاشلة لقطع الطريق على ثورة ديسمبر).. كان ذلك كل المطلوب ، وهو تبنى الحرب واعتبارها جزء من مسار المدافعة عن ثورة ديسمبر 2019م .. وهذه أكبر خدمة سياسية للمليشيا والتى خططت خلال اعوام لبناء القواعد العسكرية فى مناطق مهمة وحساسة ، وزادت من وتيرة التدريب وتنويع الاسلحة وزيادة العتاد وتوفير المعدات وتوثيق العلاقات مع حركات مسلحة فى الجوار الافريقي والاتفاق مع سماسرة حروب لشراء المرتزقة ، بينما تريد (تقدم) أن ننسى كل ذلك وتقول: من اطلق الرصاصة الأولى فى المدينة الرياضية دون ان تحدثنا عن لماذا حشدت المليشيا قواتها فى المدينة الرياضية أصلا ؟..
هنا بدأ اكثر فصول السياسة خبثا واقبحها أثرا..
(2)
تمر علينا هذه الأيام الذكرى الأولى لإتفاق (تقدم) مع مليشيا الدعم السريع (2 يناير 2024م) ، حين وقف قادة القوى االسياسية والمدنية فى صف طويل للسلام على يد ملطخة بالدماء والانتهاكات وجرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي ، كان منظرا مهينا وقادة فاعلين يمرون على قائد مليشيا ، للتحية وبعضهم وجوههم واجمة وأسيفة كأنما يساقون إلى حتفهم وآخرين يغمزون من طرف خفي..
وتم بعد ذلك إدارة نقاشات طويلة يمكن الإشارة اليها اجمالا فى نقطتين مهمتين:
– تم توقيع إعلان بين الطرفين هو فى مجمله (إتفاق سياسي) تجاهل كليا معاناة الشعب ، والنزوح والقتل ، وقفز إلى شراكة سياسية ، والنقطة المحورية فيها: إستمرارية مليشيا الدعم السريع في المشهد السياسي ، ومستقبل البلاد ، واتخاذ (تقدم) بندقية الدعم السريع اداة فى معركتها السياسية وفى المجتمعات الدولية والاقليمية ، واصبحت وظيفة (تقدم) المتاجرة بآلام ومعاناة المواطنين والترويج للمجاعات والامراض ، مع أن الإتفاق الموقع مع مليشيا الدعم السريع لم يتضمن أى بند يتحدث عن تنفيذ إتفاق جدة 2023م أو دعوة المليشيا الخروج من منازل المواطنين والاحياء السكنية واخلاء الاعيان المدنية ، وما شهدناه لاحقا هو توسيع دائرة الانتهاكات والخروقات فى الجزيرة وسنار والفاشر..
– والنقطة الثانية هى محور النقاشات فى اللقاءات المغلقة ، كيف تحدث حميدتي منتقدا مواقف قحت ومؤنباً بعض المتحدثين ، وبعد تلك اللقاءات المغلقة ازدادت بعض قيادات تقدم ارتباطا مع المليشيا وتطورت مهامهم فى تنسيق العلاقات إلى أن تبنت خلال عام (تشكيل حكومة منفى) ..
وما بين ذلك الحدث وتلك النتيجة تفاصيل..
(3)
مع إعلان ذكرى الاستقلال 68 ، فى العام 2024م ، كانت (تقدم) ومليشيا الدعم السريع قد أسسا مرحلة جديدة قاعدتها ووفق بيانهم (فاننا فى تنسيقية تقدم وقوات الدعم السريع قد عقدنا العزم على انهاء الحرب واستكمال مسار الثورة).. والسؤال البديهي: كيف تحول الوسيط إلى توقيع شراكة سياسية مع أحد الأطراف ؟ .. كيف تبني حلف سياسي مع أحد الأطراف وانت تسعى للتوسط ؟ ليس ذلك ، بل تتبنى مظلومية مدعاة وتتبنى تبريرات سخيفة ؟ كانت تلك واحدة من تحفظات حزب الأمة القومي ولكن سرعان ما تم طى الصفحة..
وشهدت الأيام التالية وبقية العام 2024م تحولات وادوار مشهودة قامت بها (تقدم) دعما للحرب وليس ايقافها ، وتضحية بالمواطنين من اجل مواقف سياسية وليس الاشفاق عليهم ، وخيانة للوطن ولمواطنيه..
– لقد تحولت كل منابر ومنصات (تقدم) واحزابها السياسية والمنظمات المؤثرة والنشطة على مواقع التواصل الإجتماعي إلى خدمة اجندة مليشيا آل دقلو الارهابية ، بالترويج لافكارهم ، بالسخرية من مؤسسات الدولة السودانية وعلى رأسها المؤسسات العسكرية ، وببث الدعاية والضوضاء خاصة بعد تمدد مليشيا الدعم السريع في ولاية الجزيرة وسنار ، وذلك بالاضافة لافادات ناطقين بإسم تقدم ، وقيادات أخرى مؤثرة ، بينما ربطت قوى اخرى اداناتها للمليشيا بادانة مقابلة للجيش..
– والنقطة الثانية هو لعب دور (تسهيل) وصول مليشيا الدعم السريع إلى المجتمعات الدولية والمنظمات الدولية والاقليمية ، و(تقدم) وراء الحديث عن عدم شرعية الحكومة السودانية ود.عبدالله حمدوك خاطب الامم المتحدة أكثر من مرة داعيا إلى عدم استقبال الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي..
– (تقدم) تبنت الحديث عن المجاعة فى السودان قبيل اجتماعات جنيف ، ولإجبار الحكومة السودانية الخضوع لضغوط بعض القوى الدولية ، كان الحديث عن مجاعة تفتك بأكثر من 7 ملايين مواطن ، وبالمناسبة ما زالت هذه الدعاية مستمرة مع زيادة فى احتمالات عدد المتضررين..
– لا تتحدث (تقدم) أبدا عن نقطتين:
– اولهما: أن أسباب تطاول الحرب واستمرارها هو تواصل قوى اقليمية واطراف دولية إمداد مليشيا الدعم السريع بالعتاد والسلاح والتقنية والاستطلاع وبالمواقف الدولية وصراع المحاور..
– والنقطة الثانية: وجود المرتزقة الاجانب من سابلة المجتمعات من المشاة وشمل آلاف من النيجر ومالي وتشاد وجنوب السودان واثيوبيا ، ومن التقنيين والفنيين من كولومبيا وروسيا وليبيا وسوريا..
لن تجد فى بيانات (تقدم) أى حديث عن هاتين النقطتين طيلة عام و ثمانية اشهر من الحرب ، مع أن تقارير دولية موثوقة اكدت ذلك..
ذلك بعض نتائج حلف تقدم ومليشيا الدعم السريع.. ونواصل بإذن الله..
حفظ الله البلاد والعباد..
د. إبراهيم الصدق علي
إنضم لقناة النيلين على واتساب