إعلان نيروبى جدل العِلمانية هى الأزمة أم الحل؟؟
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
الرأى اليوم
صلاح جلال
(١)
????جدل العلمانية والدولة فى السودان جدل عقيم وأصبح شعار سياسى بلا محتوى فلسفى *يجب مواجهته وحسمة لصالح دولة المساواة فى المواطنة دون تمييز فى الدين أو العرق أو اللون* وأن تقف الدولة على مسافة واحدة من كل الأديان والمعتقدات هذه المضامين العِلمانية هى الأساس للدولة المدنية الحديثة ، فقد حسمنا هذا الأمر وقتلناه بحثاً فى مؤتمر أسمرا التاريخى للقضايا المصيرية فى العام ١٩٩٥م الذى تشرفت بالمشاركة فى أعماله وكذلك وثيقة إعلان نيروبي لتقنين العلاقة بين الدين و الدولة فى أبريل ١٩٩٣م لاتحتاج الأحزاب الوطنية لتكرار إكتشاف العجلة مرة أخرى فقد شاركت مجتمعة فى حسم هذا الجدل بمشاركة حزب الأمة القومى والحركة الشعبية والإتحادى الديمقراطى والحزب الشيوعى وآخرين مع شخصيات قومية فهى مواثيق تمثل أغلبية الطيف الوطنى فى البلاد *لانحتاج للتراجع عن تلك الوثائق والعودة للمنطقة الرمادية بعد ذلك الوضوح* والإنجاز وكسر التابو قبل ربع قرن من الزمان لنعود مرة أخرى للف والدوران لجدل إسلام وعلمانية العقيم الذى إستنزف طاقة الحركة السياسية منذ الإستقلال إلى اليوم .
(٢)
???? الدولة ليست شخص يؤمن أو يكفر هى إدارة Instrumental لتنظيم المصالح وإدارة الثروة ومستويات السلطة، وأصبحت فى كثير من الدساتير لايأتي ذكر للهوية فى الدولة كما الحال الذى ورد فى دستور ١٩٧٣م فى السودان تم ذكر الإسلام والمسيحية وكريم المعتقدات صيغة جامعة لمصادر العرفان ومظان الأخلاق لدى الشعب ، والآن الفقه الدستورى توصل للحديث عن صيغة الدولة الوظيفية التى تقوم على أساس إحتياجات الناس الأساسية فى الأمن والتعليم والسكن وإدارة الإقتصاد لصالح توفير الغذاء والدواء للمواطنين ، كما هو الحال الآن فى دولة تركيا التى تقوم على دستور عِلماني يقف على مسافة واحدة من كل الأديان وكذلك الحال فى الدستور المصرى ، *لايجب علينا وضع الدين كعامل تقسيم بين المواطنين بل عامل وحدة وتعايش يجمع لايفرق ويصون لايبدد* .
(٣)
???? الجدل حول الإسلام والعلمانية بشكله المكثف الراهن أدخله الكيزان للحياة العامة كشعار للتعبئة السياسية فى مواجهة قوى اليسار المنافسة لهم فى سوح المدارس والجامعات وجزء من مهامهم المكلفين بها مع أجهزة مخابرات دولية فى موضوع الحرب ضد الشيوعية أيام الحرب الباردة ، فهم الآن *يستغلون الدين كشعار سياسى والعلمانية فزاعة* يبتزون بها الجماعات ذات الخلفية الدينية مثل الأنصار والختمية وعموم المتصوفة ويسعون لإثارة عواطف منسوبيهم وتهييجهم *بدعاوى أن العلمانية تعنى [الهلس والمجون وشرب الخمر والدعارة والمثلية] لهذا يدعون للثورة عليها وهم قد حكموا البلاد ثلاثين عام لم يطبق خلالها حد واحد من المعلوم من الشريعة* وتحت هذا الترهيب تتردد قيادات الأنصار والختمية والمتصوفة فى مواجهة هذا التحدى الذى أقعد بالحياة العامة فى البلاد منذ الإستقلال وأصبح جدل إسلامية وعلمانية فى الدولة تابو Taboo لايجب الإقتراب منه وتركة أداة للإنقسام والتشظى الوطنى وفاعل فى الإستقطاب السياسى الحاد الذى حرم البلاد من الوحدة الوطنية والإستقرار .
(٤)
???? إعلان نيروبى الذى وقعة د.عبدالله حمدوك بصفتيه كرئيس للقوى الوطنية الديمقراطية (تقدم) أو رئيس وزراء سابق فيما يتعلق بفقرة العلاقة بين الدين والدولة والإسلام والعلمانية بالإنحياز للأخيرة وهو الخيار الصحيح لتأسيس الدولة المدنية المحايدة بين كل الأديان والمعتقدات وبهذا الحسم نعلن وصول المارسون الدائر منذ الإستقلال إلى اليوم لنهايته ونفتح الباب على مصرعيه لتأسيس دولة المواطنة المتساوية والدولة الوظيفية التى تنشغل بمواجهة الجوع والفقر والمرض قضايا الشعوب الأساسية التى تخلق المواطن الصالح الذى يعمر الأرض بمعرفته و علاقته مع خالقه وفق معتقداته وتصوراته أما الدين كثقافة فى المجتمع سيظل سائد يحكم علاقات الناس فى المواريث والعبادات وقوانين الأسرة وسياج أخلاقى يضع ظلاله فى كل الحياة القانونية كثقافة سائدة للأغلبية فى السودان.
(٥)
????????ختامة
دكتور عبدالله حمدوك رجل من خارج النادى السياسى القديم لا تكبله قيود الدجل والخُرافة و تسييس جدل الدين والدولة هو أحد الأسباب المُقعدة للحياة العامة فى البلاد أورثتها عدم الإستقرار والوحدة *يجب أن تجرح حرب أبريل اللعينة وعى جديد وخطاب جديد لمواجهة كل المسكوت عنه* وقد فتح إعلان نيروبى كوة ضوء نباركها وندعمها كأساس للوصول لسلام شامل وتحول ديمقراطى كامل لنفتح الطريق للطلاقة والتقدم والهجوم على بقية الاجندة المؤجلة منذ الإستقلال لنبنى الجهمورية الثانية *كما تفضل مقترحاً ذلك دكتور سليمان صندل رئيس حركة العدل والمساواة* .
#لاللحرب
#لازم_تقيف
١٩ مايو ٢٠٢٤م
noradin@msn.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: منذ الإستقلال
إقرأ أيضاً:
ذكريات من "السيرك"
لم أكن يوما ممن تستهويهم متعة مشاهدة عروض فقرات "الحيوانات المفترسة" فى السيرك، ولا أى عروض من هذا النوع، ولكن استهواني شغفي المهني فى بدايات رحلتى فى عالم الصحافة، لمعرفة كواليس عالم السيرك، فقررت الدخول من الأبواب الخلفية لهذا المبني المقام على كورنيش النيل بمنطقة العجوزة، والذى نشاهده جميعا فى الذهاب والإياب لمنطقة وسط البلد.
بدأت فى البحث عن رقم للتواصل مع مدربة الأسود الأشهر "محاسن الحلو" وقتها لم نكن نعرف الهاتف الجوال "الموبايل" وكنا كصحفيين نلهث وراء المصدر نطلبه فى المكتب فلا نجده، ثم نطلبه فى المنزل فلا يكون متواجدا أيضا، أو يكون الوقت غير مناسب، وهكذا نستمر فى رحلة التواصل تليفونيا مع المصدر لتحديد موعد للمقابلة، وفى ذلك الموضوع لى قصة شهيرة مع الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي والعالم الكبير سأرويها فى مقام آخر.
من خلال الاتصال بدليل التليفونات كنا نحصل على أرقام المؤسسات، وكان هناك كتيب كبير فى معظم البيوت يضم أرقام كل من يملك خط تليفون فى منزله، طلبت رقم السيرك القومي بالعجوزة، ثم طلبت التحدث إلى السيدة محاسن الحلو وبعد محاولات عدة ومن خلال تحويل المكالمة من شخص لآخر، تمكنت من محادثة السيدة التى تجلس دائما بين أقفاص الأسود التى تتولى تدريبها، واتفقت معها على زيارتها لعمل موضوع صحفى عن كواليس عالم السيرك.
فى الموعد المحدد وكان صباحا اتفقت مع زميلى المصور وتوجهنا إلى هناك، وعندما وصلنا اصطحبنا أحد العمال إلى غرفة في الفناء الخلفي للسيرك كانت تجلس فيها المدربة على حافة سرير وتطعم أسدا صغيرا وضعته على رجلها، فلما لاحظت قلقنا من الدخول، قالت "تعالوا متخافوش دا أسد لسه صغير وأنا اللى مربياه" تحدثت معها قليلا ثم اصطحبتني لجولة بين أقفاص الحيوانات المفترسة، شرحت فيها طرق الترويض ومعاملة الحيوان وحتى علاجه وطريقة إطعامه والتى تتم تحت إشراف أطباء بيطريين.
ما زلت أتذكر بعض الروائح المنبعثة من مخلفات هذه الحيوانات المفترسة، وتساءلت وقتها عن المتعة التى يستشعرها المدرب وهو يتعامل فى وضع بهذه الخطورة، وما هو الترفيه الذى ينشده الجمهور فى مشاهدة هذه العروض؟ تذكرت كل ذلك وأنا أتابع الحادث الذى وقع منذ أيام من هجوم نمر والتهامه ذراع أحد مساعدي المدرب أثناء عرض للسيرك بمدينة طنطا، وهو الحادث الذى أحدث ردود فعل واسعة على المستويين الرسمي والشعبي، حيث أعلن محافظ الغربية خلال زيارته للمصاب، عن منحه دعما ماليا فوريا ووظيفة جديدة وتوفير أفضل رعاية طبية بالتنسيق مع جامعة طنطا.
وطالب أعضاء بمجلس النواب بضرورة حظر استخدام الحيوانات المفترسة فى فقرات السيرك، وتفعيل قانون حيازة الحيوانات الخطرة الذى وافق عليه مجلس النواب قبل عامين تقريبا.
الحيوانات ملك شخصي للمدربين، والسيرك الذي أقيم في طنطا لشركة خاصة حصلت على تصريح بعد استيفاء الاشتراطات اللازمة، هذا ما أكده مدير السيرك القومي فى تصريحات صحفية، أن اشتراطات الأمان الموجودة فى السيرك القومي لم تتوافر فى هذا السيرك الذى تم نصبه بينما أسياخ القفص واسعة وسمحت بالتهام النمر لذراع العامل، الذى يتقاضى مكافأة يومية لا تزيد على مائتي جنيه، كما أفتقد المكان لمعظم وسائل الأمان، وترك الأمر للاجتهاد الشخصي ولنا فيما حدث خير شاهد.
ليتنا نمنع فقرات عروض الحيوانات المفترسة حتى لا نصدم كل فترة بحادث مفجع جديد.