لوبوان: الفصل الثالث من دكتاتورية سعيد في تونس
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
قالت مجلة لوبوان إن أحداث هذا الأسبوع تنذر بمستقبل قاتم بعد أن حوّل الرئيس التونسي البلاد التي انتخبته ديمقراطيا إلى سجن مفتوح، فعاد الخوف من جديد وأغلق التابوت على حريات الفكر والكلام والكتابة.
وأشارت المجلة -في تقرير بقلم بينوا دلما- إلى أن الأمل الذي منحه التونسيون لأجيال بأكملها مع ثورة 2011، قد تلاشى، وأصبحت العشوائية التي فرضها من هم في السلطة وطبقتها شرطتهم الآن هي القاعدة، ليعيش الناس على إيقاع نوبات غضب قيس سعيد، وحسب رغباته، بحيث يمكن القبض على أي شخص واحتجازه لدى الشرطة التي تعمل بحماسة مذهلة، بدون أن يحتوي ملف المتهم على أدنى دليل.
عودة الدكتاتورية
اكتمل الفصل الأول من العودة السرية إلى الدكتاتورية في 25 يوليو/تموز 2021، عندما قام سعيد بناء على "مخاطر" وشيكة، بتفعيل المادة 80 من دستور 2014 التي تمنحه "3 أشهر كحد أقصى" لتعليق عمل الجمعية الوطنية، ليتم تحويل البرلمان إلى حديقة حيوانات يتكادم فيها النواب ويتشاتمون ويعتصمون أمام الكاميرات، وهو ما أثار اشمئزاز التونسيين الذين لفظوا نوابهم في البرلمان، معتبرين سلوكهم "عارا" عليهم.
ولكن ما لم يكن في حسبان التونسيين هو أن الرئيس قيس سعيد لا ينوي إعادة السلطات، بل احتفظ بها جميعا، ووضع حدا لوجود حزب المؤتمر الشعبي وسحق الدستور وقضى على الهيئات المستقلة التي ولدت من رحم الثورة.
وجاء الفصل الثاني بإصدار دستور جديد، كتبه سعيد واثنين من أصدقائه الجامعيين، وجاء المرسوم رقم 54 الصادر في 13 سبتمبر/أيلول 2022، ليسد مسد السلاح القمعي الذي تحتاجه الحكومة، وهو يقضي "بالسجن 5 سنوات" لأي شخص ينشر "أخبارا كاذبة"، وأصبح بمثابة ترخيص في يد قيس سعيد لحبس أي معارض لتصرفاته.
وهكذا تبدأ الأجهزة الأمنية الفصل الثاني باعتقال الزعماء السياسيين الرئيسيين في البلاد، فاعتقل رئيس الجمعية التأسيسية خيام تركي ثم الوزير السابق غازي الشواشي، فراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، ولا يزال حوالي 50 معارضا مسجونين بدون محاكمة، رغم تجاوزهم الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي.
وبعد تصفية أدوات السلطة وقوى المعارضة، وتشكيل أدوات جديدة توافق ما يرغب فيه، تمت الموافقة على الانتخابات الأخيرة بنسبة امتناع عن التصويت بلغت حوالي 90%، لينتقل النظام الاستبدادي إلى المرحلة الثالثة من الحكم -حسب المجلة- وهو قمع المجتمع المدني والمحامين وممثلي الجمعيات والمنظمات غير الحكومية أمام الكاميرا.
وفي غضون 8 أيام، تم اعتقال 4 محامين وصحفيين وناشطين بطريقة عنيفة، كما وضع ممثلون من الجمعيات المناهضة للعنصرية ومساعدة المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى تحت مذكرات الاعتقال، ليتهكم البعض قائلا إن المستوى الفكري ارتفع بشكل كبير في السجن بفضل الأساتذة والمحامين والأطباء المقيمين فيه.
وخلصت المجلة إلى أن الخوف عاد للظهور بين النخب بعد أن أفهم رئيس الجمهورية والأجهزة الأمنية أن حرية التعبير لا يسمح بها إلا إذا كانت دعما لهم، وبالتالي يمكن أن يذهب الشخص إلى السجن بسبب سخرية على التلفاز أو منشور على فيسبوك، وربما يتحول هذا الاحتجاز السابق للمحاكمة إلى السجن مدى الحياة.
وها هو قيس سعيد يفرض دكتاتورية جديدة باسم مكافحة الفساد و"الحرب" على "أولئك الذين يتآمرون في الحانات والمطاعم مع الأجانب"، وباسم القومية العربية المطلقة التي تمجد الفقر وترى المؤامرات في كل مكان، حول البلاد التي انتخبته ديمقراطيا إلى سجن مفتوح.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات قیس سعید
إقرأ أيضاً:
أرقام صادمة لأعداد السجناء في تونس بعد إجراءات سعيّد
كشفت هيئة تونسية حقوقية عن أرقام صادمة لعدد المعتقلين بعد الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد صيف العام 2021، واعتُبرت "انقلابا على الدستور" من قبل المعارضة.
وذكرت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، أن عدد السجناء شهد ازديادا بنسبة 50 في المئة منذ إجراءات سعيّد.
وأصدرت الهيئة قبل أيام تقريرا يرصد حالة السجون التونسية بين عامي 2018 و2021، مشيرة إلى أنها تنوي إصدار تقرير جديد يرصد الفترة ما بين عامي 2022 و2024.
ووصف رئيس الهيئة فتحي جرّاي الأرقام المتعلقة بالاكتظاظ في السّجون بـ"المفزعة"، وقال إن عدد النزلاء في الفترة بين 2018 حتى 2021 كان نحو 22 ألف سجين، لكنه ارتفع في الفترة بين 2022 حتى 2024 إلى 32 ألف سجين.
وتعني هذه الأرقام أن السلطات التونسية وبعد إجراءات سعيّد اعتقلت نحو 10 آلاف شخص.
وقال فتحي جراي إن "بعض السجون التي كانت لا تشهد اكتظاظا على غرار سجن النّساء في ولاية منوبة المتاخمة للعاصمة، أصبح اليوم مكتظا “وهو ما ينعكس سلبا على وضعيّة السّجناء وكذلك أعوان السّجون".
وأضاف أنه "يجب على الدّولة أن تتّجه إلى العقوبات البديلة على غرار الخطايا وغيرها في القضايا التي لا تستحق السّجن، مبرزا أنّ أكثر من 60 بالمائة من المودعين في السّجون التّونسية لديهم أحكام لا تتجاوز في أقصى الحالات السّنة الواحدة أو بضعة أشهر".
وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية منذ عدة سنوات، كانت آخر فصولها أحكام قضائية صدرت أول أمس الأربعاء بحق شخصيات سياسية تونسية، بما في ذلك رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس وزراء سابق، وصحفيون بتهمة "المساس بأمن الدولة".
وحُكم على الغنوشي الموقوف في قضايا أخرى، بالسجن 22 عاما، وعلى رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي 35 عاما، في حين حكم على الصحفية شذى الحاج مبارك بالسجن 5 سنوات، وفق المحامين. كما حُكم على الصحفية شهرزاد عكاشة بالسجن لمدة 27 عاما.
ويقبع الغنوشي (83 عاما) في السجن منذ عام 2023. وحُكم عليه بالسجن 4 سنوات في قضيتين منفصلتين في العامين الماضيين، فيما يعيش المشيشي في الخارج منذ عام 2021، بعد أشهر قليلة من إقالته من قبل الرئيس قيس سعيد وإغلاق البرلمان المنتخب، في خطوة وصفتها المعارضة بالانقلاب.