تصنيف المغرب فيما يسمى مؤشر التعليم العالمي.. حتى لا ننساق وراء القردة
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
تعد التصنيفات الدولية من بين المواضيع التي تثير اهتمام الرأي العام الشيء الذي يدفع بعض الجهات إلى الاستثمار في هذا المجال من أجل جذب الأضواء أو التأثير في توجهات الرأي العام لأغراض معينة، وبالتالي مزاحمة المؤسسات الجادة التي تشتغل بمصداقة وحرفية في هذا المجال. وعندما يتعلق الأمر بالتعليم فإن تصنيف المنظومات التربوية على الصعيد الدولي يعتمد على تقييم مكتسبات المتعلمين في بعض المواد الدراسية كما هو الحال مع تصنيفات معروفة مثل بيزا وتيمس وبيرلز.
في ظل هذا اللايقين المرتبط بتصنيف الدول في مجال التعليم عموما والتعليم العالي خصوصا تطلع علينا جهة تطلق على نفسها اسم (Insider Monkey)، أي القرد المطلع على الخبايا كما يمكن ترجمته بالعربية، لتبشرنا بأنها حققت إنجازا فريدا يتمثل في وضع مؤشر عالمي للتعليم يسمح بتصنيف 218 منظومة تربوية في العالم. وبغض النظر عما ذكرناه آنفا من اعتبارات موضوعية تحول دون إجراء تصنيف من هذا القبيل يتسم بالموثوقية ويحظى بالمصداقية، مثل تصنيفات بيزا وتيمس وبيرلز التي تهم فقط الدول التي تشارك فيها، فإن القرد المطلع على الخبايا اكتفى رغم صعوبة المهمة وتعقدها باعتماد ثلاثة مؤشرات في تصنيفه الذي جعل المغرب في المرتبة 154 بعد دول لا يجادل أحد في تخلفها عن المغرب في جميع المجالات. وقبل مناقشة المنهجية المعتمدة من طرف هذا الموقع الإعلامي الذي يسهر على إخبار المستثمرين وتوجيههم نذكر المؤشرات المعتمدة في تصنيفه وهي: عدد الجامعات المصنفة ضمن أفضل 1000 جامعة في تصنيف كيو إس، ومتوسط ترتيب الجامعات المصنفة ضمن أفضل 1000 جامعة، ونصيب الفرد من الإنفاق العمومي على التعليم. ويقوم التصنيف المذكور أولا بترتيب البلدان حسب عدد الجامعات المصنفة لديها ضمن أفضل 1000 جامعة، وعند التساوي يتم الالتجاء إلى المؤشر الثاني المتعلق بمتوسط ترتيب أفضل جامعاتها، وعند التساوي مرة أخرى يتم احتساب نصيب الفرد من الإنفاق العمومي على التعليم. مما يعني أن التصنيف لا يتم وفق مؤشر مركب يجمع المؤشرات الثلاثة وإنما وفقا لتراتبية انتقائية تضع أفضلية بين هذه المؤشرات.
وإذا كان الكل يتفق على أن وضعية منظومتنا التربوية ليست على ما يرام وأنها فعلا تحتل مراتب متدنية في التصنيفات الدولية المعترف بها دوليا، فإن غياب منهجية علمية مضبوطة أوقع هذا التصنيف الجديد في أخطاء قاتلة أخلت بشكل كبير بمصداقيته. أولا، لا يمكن الادعاء بتصنيف منظومة تربوية بجميع مكوناتها المركبة والمعقدة باعتماد ثلاثة مؤشرات بسيطة إثنين منها يهمان فقط التعليم العالي، والثالث الإنفاق العمومي الذي لا يمكن لوحده أن يفسر تفوق نظام تعليمي على آخر. ثانيا، اعتبار عدد الجامعات المصنفة ضمن الألف جامعة الأولى ضمن المؤشرات المعتمدة لا يأخذ في الاعتبار معطى مهم يتمثل في حجم الدول وخاصة عدد الطلبة فيها الذي يتحكم في العدد الإجمالي للجامعات التي تتوفر عليها. وهو ما يعني أن دولة بحجم الولايات المتحدة التي تتوفر على أكثر من 4000 جامعة وتستطيع أن تصنف ضمن الألف أفضل جامعة في العالم 142 جامعة لا يمكن اعتبارها أفضل من دولة أخرى لديها فقط أربع جامعات لكنها تستطيع أن تدخل ضمن الألف الأوائل ثلاث جامعات، بكل بساطة لأن نسبة التميز في الأولى لا تتجاوز 4 في المائة بينما في الثانية بلغت 75 في المائة. ثالثا، لا يمكن لدول تتبرع على عرش التقييمات الدولية للتلامذة في الابتدائي وفي الإعدادي وفي الثانوي التأهيلي، مثل سنغافورة وهونغ كونغ وإستونيا وفنلندا مثلا، أن تتفوق عليها دول توجد في ذيل الترتيب في هذه التقييمات مثل جنوب إفريقيا ولبنان والهند، حسب ما يدعيه تصنيف القرد المطلع على الخبابا. رابعا، إن التراتبية المعتمدة في التعامل مع المؤشرات الثلاثة أدى إلى تفوق الدول التي تتوفر على أكبر عدد من الجامعات ضمن الألف جامعة الأولى في تصنيف كيو إس، وهو الخطأ الذي سبق لعدد من الباحثين أن حذروا من الوقوع فيه ليس فقط بسبب ما ذكرنا في الملاحظة الأولى من فروقات بين الدول على مستوى عدد الجامعات الموجودة بها، ولكن أيضا بسبب عدم الأخذ بعين الاعتبار لعدد الجامعات المصنفة ما بعد المرتبة الألف والذي يكون في بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، أكبر من عدد الجامعات المصنفة ضمن الألف الأوائل.
إن البحث عن الربح السريع في زمن الاستهلاك المفرط لكل شيء يدفع الكثيرين إلى الارتماء على مجالات بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم، مثل هذا الموقع الذي يدعي أنه يفقه في المال والأعمال ويديره مختص في الاقتصاد المالي وصحافية، لكنه يتجرأ على إطلاق تصنيف للمنظومات التربوية على الصعيد العالمي دون استيفاء أدنى الشروط العلمية لذلك. فمزيدا من الحذر في التعامل مع أمثال هذه التصنيفات، ومزيدا من العمل الجاد لتمكين منظومتنا التربوية وجامعاتنا من تحسين ترتيبها في التصنيفات الدولية الجادة.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: التصنیفات الدولیة التعلیم العالی على الصعید فی التعلیم ضمن الألف فی تصنیف لا یمکن
إقرأ أيضاً:
تعاون سوداني تركي في مجال التعليم العالي
وصل إلى مدينة بورتسودان وفد تركي من المؤسسات والجامعات التركية وكان في استقباله رئيس اتحاد الجامعات السودانية مدير جامعة النيلين البروفيسور الهادي آدم محمد إبراهيم وعدد من مدراء الجامعات الاعضاء في اتحاد الجامعات السودانية، البروفيسور عبدالقادر البدوي مدير جامعة البحر الأحمر والبروفيسور حسن الصائم مدير جامعة وادي النيل البروفيسور محمود يعقوب مدير جامعة البطانه، البروفيسور عمر حسن مدير جامعة النيل الازرق ، البروفيسور محي الدين عبدالله مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الاسلامية، البروفيسور سيد علي مدير جامعة غرب كردفان، البروفيسور محمد مهدي أحمد مدير جامعة الإمام المهدي والبروفيسور الصادق بيلو مدير جامعة السلام.ويتكون الوفد التركي من البروفيسور مصطفى عليشاري رئيس جامعة بولو ابانت عزت بايسال والبروفيسور إبراهيم مورتول منسق العلاقات الخارجية جامعة بولو، الدكتور يلماظ باجاكلي مدير مركز تعليم اللغة التركية (تومر) جامعة بولو، الدكتور حسن ترزي منسق العلاقات الخارجية جامعة كارابوك ، الاستاذ إلكاردوتمز مسؤول شؤون الطلاب الدوليين جامعة كارابوك ، الاستاذ حسن ساريتاش مسؤول التعليم في شركة (TSA)، الأستاذ / مجتبى جوناي مدير شركة (TSAVisa) في السودان .وعقد الجانبان اجتماعا مطولاً تم خلاله مناقشة عدد من قضايا التعليم العالي ذات الاهتمام المشترك .وكان البروفيسور الهادي آدم محمد إبراهيم مدير جامعة النيلين قد زار تركيا في الأيام الماضية والتقى خلال الزيارة رئيس المجلس العالي التركي وطالب بزيادة عدد الجامعات السودانية التي وفرت لها تركيا فرص الدراسات العليا وتمت الموافقة الفورية على إضافة كل من جامعتي السودان للعلوم والتكنولوجيا وجامعة الجزيرة للجامعات الثلاث الموجودة من قبل وهي النيلين وبحري والبطانة.وقد خلص الاجتماع إلى تشكيل لجنة من عدد من مدراء الجامعات السودانية تحت مظلة اتحاد الجامعات السودانية لترتيب زيارة ستة عشر مدير جامعة من اعضاء الاتحاد إلى تركيا.كما اكتملت تجهيزات استضافة الجامعات السودانية لعدد من الطلاب والاساتذة/ والموظفين الاتراك لقضاء فترة تترواح من ثلاثة إلى ستة أشهر للدراسة في مجالات اللغة العربية والدراسات الإسلامية والصيرفة الإسلامية ونيل الشهادات، وبالمقابل ستؤسس أقسام لتعليم اللغة التركية في الجامعات السودانية والتزم الجانب التركي بتوفير المناهج والأساتذة لها.وفي العام الماضي كانت هناك (500) منحة للسودانيين والان ستقدم الجامعة منح مباشرة للسودانيين تقديرا للظروف التي يمر بها السودان في شتى المجالات خاصة مجال المعدات الزراعية والاسمدة.وفي كلمة البروفيسور الهادي آدم شكر الشعب التركي عامة والقيادة التركية ممثلة في الرئيس رجب أردوغان وقدم صوت شكر خاص لرئيس المجلس الأعلى للتعليم العالي البروفيسور / إيرول اوزفار ، وشكر أعضاء السفارة التركية في السودان وكذلك قدم صوت شكر خاص لمستشار التعليم بالسفارة ومدير مركز التأشيرة (TSA).سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب