"الأب جوريو".. عندما يسود المال على النفس
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعتبر كثير من النقاد الذين تناولوا الأدب الأوروبي خلال القرن التاسع عشر رواية "الأب جوريو" للكاتب الفرنسي أورنوريه دى بلزاك، درة الرواية الواقعية في العالم. حيث خلت من الرطانة اللغوية أو الإنشائية، فقد وضع فيها العالم وشخوصه وعلاقته كما هي تتخبط في مصائرها الأليمة، التي صنعتها بنفسها، أو بالموضوعات الاجتماعية، باحثة عن مخرج أو مهرب.
تم نشرها في مجلة باريس الأدبية في عام 1834، ثم ظهرت مطبوعة في المكتبات عام 1835، لتصوّر جزء من مشاهد الحياة الباريسية في الملهاة الإنسانية، واعتبر البعض "الأب جوريو" هو من وضع أساس الكوميديا الإنسانية كبناء أدبي فريد من نوعه.
تحكي الرواية عن أوجين دي راستنياك الذي ينحدر من أسرة متواضعة، وهو طالب مثالي إلى حد ما، وطموح جدًا. كان يدرس بكلية الحقوق، ويعيش في نزل بسيط في باريس مع الأب جوريو. وبينما يقرر الشاب تأجيل دراسته محاولًا التغلغل في المجتمع الباريسي، ويختار -بمباركة الأب جوريو أن يقيم علاقة غرامية مع إحدى بناته.
أمّا الأب جوريو، فهو رجل عجيب يدعى "جان يواكيم جوريو"، والذي ضحى بكل شيء في سبيل ابنتيه، وهو صانع بسيط في مصنع للإطارات وكان عاملًا نشيطا وذا إقدام، ما أتاح له ذلك أن يشتري مصنع معلمه بعد أن لقي هذا الأخير حتفه.
وكان جوريو يتعامل في تجارته بحذق الدبلوماسي وتأهب الجندي، ما أتاح له أن يصبح من الأثرياء ولكنه حينما كان يخرج من دائرة اختصاصه ويبتعد عن حانوته يعود إلى ذلك الصانع البسيط والرجل المغفل الذي لا يستطيع أن يجد له لذة في شيء سوى عاطفة واحدة كانت تملك عليه لبّه وهي العاطفة العائلية.
تضخمت عاطفة الأبوة عند جوريو حد الهوس بعد فقدانه لزوجته، وانتقلت هذه العاطفة بكاملها إلى ابنتيه "أنستازيا" و"دلفين"؛ لذلك أبى أن يتزوج ثانية بالرغم من العروض المغرية التي قدمت له، فكانت كل سعادته قائمة على تحقيق رغبات ابتنيه مهما كانت، ولم يكن يطلب مقابل كل ذلك سوى كلمة لطيفة أو قبلة عارضة، وحين بلغتا سن الزواج استطاعت كل منهما أن تنتخب العريس الذي أرادت.
هكذا، جاءت تفصيلات الرواية لتدين المجتمع الباريسي المتيم بالمال والنزعة الربحية، وعلاقة العد والنقد، محولًا شخصيات الرواية إلى عبيد لأكياس النقود الذي يصبح الآمر الناهي في حياتهم؛ إذ تغدو لغة المال وفلسفته هي الغاية الأقصى والأسمى في هذه العلاقات التي تربطهم، ويتلاعب كبهلوان بأخلاقياتهم ومصائرهم، حيث اللجوء والنزوح والركض خلفه، خوفا من فقدانه أو ضياعه.
أيضًا، قدّم بلزاك المال في الرواية باعتباره الصورة الأبهى للخراب الروحي والشتات الأسري وتفكك العلاقات بين الآباء والأبناء، ثم بين الأزواج مخيما وجاثما بصولجانه الأبدي الغاشم على صدورهم، وهو أصل المساواة والآلام التي تحاصر شخصيات "الأب جوريو". مع هذا، لم يمنحهم المال خلاصا أو حتى محاولة إبحار في بحر الطمأنينة والسلام.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأدب الأوروبي بلزاك
إقرأ أيضاً:
محمد رمضان يعترف: أنا الممثل الأعلى أجراً في مصر
أكد الفنان محمد رمضان أنه الممثل الأعلى أجراً في مصر منذ عام 2016، مشيراً إلى أنه أيضاً أغلى ممثل في الدراما وأعماله كانت من الأكثر تكلفة.
وأضاف في لقاء تلفزيوني مؤخراً أن سعيه للوصول إلى العالمية يعتمد بشكل رئيسي على تحقيق ذاته أولًا في قارة إفريقيا، حيث يركز بشكل كبير على هذه القارة قبل أن يتمكن من التوسع عالمياً، وأوضح أن هذا النجاح الكبير الذي حققه في مصر يُعتبر أساساً لتحقيق الانتشار على مستوى العالم.
وأشار "رمضان" إلى أنه استعان بمصمم أزياء نيجيري، ويتعاون معه منذ عام 2019، من أجل اختيار ملابس تناسب هدفه في الانتشار العالمي، مشيراً إلى حرصه على ارتداء الملابس بذوق راقٍ.
براند "نمبر وان"وفيما يتعلق بالاستعراض بالمال، قال محمد رمضان إنه سيقلل من التركيز على مسألة السيارات والمقتنيات الفاخرة، وأوضح أن الناس يعتقدون أن هذه هي حياته الحقيقية، لكنهم لا يدركون أن هذا جزء من استراتيجياته العملية لصنع "براند" خاص به، مضيفاً: "لذلك لا ألوم زملائي في الوسط الفني على اتهامي بالغرور في بداية ظهوري بسبب بعض الأغاني مثل (نمبر وان)، ولكني كنت أصنع من نفسي (براند) عبر التسويق لأعمالي".
وأشار في حديثه إلى رفضه الغناء في حفلات الزفاف، قائلا: "أرفض الغناء في الأفراح حتى لو وصل الأجر إلى مليون دولار".
الانشغال بالممتلكاتتحدث محمد رمضان عن الفكرة الخاطئة التي قد يحملها البعض عنه، قائلًا: "الناس يظنون أن هذه هي حياتي، لكنهم لا يفهمون أن هذه مجرد مرحلة استثمارية في حياتي المهنية"، وأضاف: "الحقيقة أنني فعلاً لا أملك وقتاً لهذا الاستعراض والانشغال بالمال؛ لم يحدث أبداً أن ذهبت لمعاينة منزل قبل شرائه، ولم أذهب حتى لرؤية سيارة قبل أن أشتريها.. أنا مليونير منذ أن كان عمري 19 عاماً".
وواصل: "لم أقم بذلك لأنني أشعر أن أي شيء يبعدني عن عملي هو بالضبط ما يمنح الفشل فرصة ليصطادني. كيف يمكن للفشل أن يحدث؟ ببساطة، عندما تبدأ بالانشغال بأمور جانبية، كأن تركز على أملاكك أو ممتلكاتك بدلاً من التركيز على عملك الأساسي، وأنا شخص يعشق عمله بجنون.. لذلك ما أقصده هو أن الإنسان يجب أن يكون صادقاً مع نفسه، وألا ينساق وراء الأمور التي قد تشتته عن أهدافه الحقيقية".
تطرق محمد رمضان أيضاً إلى موضوع المال وعلاقته بالسعادة، حيث أكد أنه مر بفترات عاش فيها دون مال وفترات أخرى كان لديه المال، وأن المال بالتأكيد يجلب السعادة، موضحاً أنه لا يشعر بالسعادة الحقيقية إلا عندما يتمكن من مساعدة الآخرين مالياً، مثل إنقاذ شخص من السجن بسبب دين، مؤكداً أن المال يمكن أن يسهم في تغيير مصير البعض.
أما عن الفرق بين الثقة بالنفس والغرور، فقال رمضان إن الثقة بالنفس هي الثقة المبنية على حقائق، بينما الغرور هو الثقة المبنية على الوهم، وشرح أن "الكبر" صفة غير محمودة، حيث يظهر الكبر عند الشخص الذي لا يؤمن بالله، إذ يدرك المؤمن أن كل شيء بيد الله وبالتالي لا يتفاخر أو يتكبر.
وأشار إلى أن الشخص الذي يعتقد أنه "نمبر وان" قد يكون مغروراً إذا تعامل مع الناس بطريقة سيئة أو أهانهم، مشدداً على أن الثقة بالنفس الحقيقية تعني التعامل مع الآخرين بلطف واحترام في السر والعلن، وأن الفنان الواثق من نفسه لا يحتاج للتفاخر والتكبر على الناس، لأن الفنان يعمل لدى الجمهور ويحتاج إليهم.. وليس العكس.