اكتشاف أقدم حالة لاندماج الثقوب السوداء فائقة الكتلة
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
اكتشف تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي في أثناء رصده لكوكبة (السدس) أقدم مثال على اندماج الثقوب السوداء فائقة الكتلة والذي حدث بعد 740 مليون سنة فقط من الانفجار الكبير.
وقالت الخدمة الصحفية لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA):"خلال رصدنا لمجرة ZS7 وجدنا دليلا على حركة الغاز السريعة بشكل غير عادي في المنطقة المجاورة لثقبها الأسود المركزي الهائل، بالإضافة إلى مجموعة من الغازات شديدة السخونة وعالية التأين.
وقالت هانا أوبلر الباحثة في جامعة "كامبريدج" البريطانية:"في وسط هذا الجرم السماوي لا يوجد ثقب أسود واحد، بل ثقبان أسودان".
إقرأ المزيدوحقق العلماء هذا الاكتشاف في أثناء دراسة عدد كبير مما يسمى بالنوى المجرية النشطة، وهي ثقوب سوداء نشطة فائقة الكتلة، تم اكتشافها في الكون المبكر في إطار مشروع CANDELS باستخدام تلسكوب "هابل". واستغل الباحثون الدقة والحساسية العالية لتلسكوب "جيمس ويب" الفضائي، بصفته وريثا أيديولوجيا لـ"هابل"، للحصول على صور أكثر وضوحا من هذه المجرات.
وأشارت الصور التي حصل عليها تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي إلى أنه لا يوجد في مركز أحد هذه الأجرام السماوية، وهي مجرة ZS7، جسم واحد، بل جسمان مدمجان، يدوران في نفس الوقت حول بعضهما البعض على مسافة قصيرة للغاية، تعادل حوالي 2000 سنة ضوئية. وقام العلماء بحساب كتلتهما وتوصلوا إلى استنتاج مفاده بأن كلاهما عبارة عن ثقبين أسودين صغيرين نسبيا، تتجاوز كتلتهما كتلة الشمس بنحو 50 مليون مرة.
ولاحظ الباحثون أن هذه الثقوب السوداء فائقة الكتلة يجب أن تقترب بسرعة من بعضها البعض وتنتج باستمرار موجات جاذبية بسبب المسافة الصغيرة بينها. ويمكن من حيث المبدأ اكتشاف هذه التقلبات الزمانية والمكانية بواسطة مرصد الجاذبية المداري LISA والذي تخطط وكالة الفضاء الأوروبية لإطلاقه إلى الفضاء في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الحالي.
المصدر: تاس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الفضاء
إقرأ أيضاً:
الإنترنت الفضائي .. ثورة رقمية عابرة للحدود
«يقترب العالم من تحقيق حلم الإنترنت الشامل، الذي يصل إلى كل زاوية من الأرض، مهما كانت معزولة أو نائية»
غيرت القفزة النوعية التي شهدتها تقنيات الاتصال حول العالم ملامح التفاعل البشري، وأصبحت الحدود الجغرافية عائقًا أقل تأثيرًا بفضل الابتكارات المتسارعة. ومن أهم هذه الابتكارات، برز الإنترنت عبر الأقمار الصناعية كحلٍ ثوري يعيد تعريف مفهوم الوصول إلى الشبكة العالمية، خاصة في المناطق النائية والريفية التي طالما عانت من ضعف التغطية أو انعدامها بسبب محدودية الشبكات التقليدية.
إنترنت الأقمار الصناعية هي خدمة يتم من خلالها إرسال واستقبال البيانات بين محطات أرضية وأقمار صناعية في مدار الأرض، ويختلف هذا النوع من الإنترنت عن الإنترنت التقليدي الذي يعتمد بشكل رئيسي على الكابلات الأرضية مثل الألياف الضوئية أو الأسلاك النحاسية، بينما يعمل إنترنت الأقمار الصناعية على توفير الاتصال عبر الفضاء، مما يتيح تغطية واسعة للمناطق التي يصعب توصيلها بشبكات الأرض. وفي طليعة الشركات التي تقود هذا التحول الرقمي، تأتي «ستارلينك»، التي تعتمد على شبكة من الأقمار الصناعية منخفضة المدار، مصممة خصيصًا لتوفير إنترنت عالي السرعة في أماكن لم تصلها البنية التحتية الأرضية بعد. وتتسم هذه الشبكة بقدرتها على توفير اتصال أسرع وأكثر استقرارًا مقارنة بالأقمار الصناعية التقليدية في المدار الثابت (GEO)، مما يقلل من الكمون ويعزز تجربة المستخدم. حاليًا، توفر ستارلينك خدمات الإنترنت في العديد من المناطق حول العالم، بما في ذلك المناطق الريفية والنائية في الولايات المتحدة وكندا وبعض المناطق الأخرى. أما بالنسبة للمستقبل، فتخطط الشركة لتوسيع نطاق تغطيتها بشكل أكبر عبر إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية، مع التركيز على تلبية احتياجات المستخدمين في المناطق التي تفتقر إلى الاتصال السريع.
وتشير التوقعات المستقبلية إلى أن سوق الإنترنت عبر الأقمار الصناعية سيواصل النمو بشكل كبير في السنوات القادمة. ومن المتوقع أن يستمر الابتكار التكنولوجي في تحسين السرعات وتقليل الكمون، مما يتيح استخدام الإنترنت الفضائي في تطبيقات أكثر تطورًا مثل الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي. كما أن الشركات الكبرى مثل SpaceX وOneWeb تعمل على تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، مما قد يؤدي إلى توفير الإنترنت الفضائي بأسعار معقولة لمزيد من المستخدمين حول العالم. ومن المتوقع أيضًا أن تسهم هذه التقنية بشكل كبير في التحول الرقمي في الدول النامية.
إمكانيات هائلة.. ولكن!
رغم الآمال الكبيرة في تحقيق التوسع في استخدام الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، هناك عدة تحديات قد تعيق تطوره وانتشاره بشكل أوسع. فالحطام الفضائي، على سبيل المثال يمثل خطرًا حقيقيًا، حيث إن زيادة عدد الأقمار الصناعية في المدار قد يؤدي إلى تزايد الحطام الفضائي الذي يمكن أن يضر بالأقمار الأخرى. من جهة أخرى، قد يواجه المستخدمون في بعض المناطق مشاكل تتعلق بالأمن السيبراني وحماية الخصوصية، كما تتطلب هذه الشبكات استثمارات ضخمة، وقد تكون هذه التكاليف عاملا في تقييد التوسع في بعض الأسواق.
ولعل أبرز التحديات التقنية التي تواجه هذا القطاع في الوقت الآني التأخير أو (الكمون) في نقل البيانات. فعلى الرغم من أن الأقمار الصناعية في المدار المنخفض (LEO) تُعد أسرع من نظيرتها في المدار الثابت، إلا أن الكمون لا يزال يمثل عائقًا في بعض التطبيقات مثل الألعاب عبر الإنترنت والفيديو المباشر. أما من الناحية الاقتصادية، فيتطلب إطلاق وتشغيل الأقمار الصناعية استثمارات ضخمة، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا خاصة في المناطق النائية ذات السوق الصغيرة. كما أن البنية الأساسية لا تزال تمثل عائقا آخر ضخم في وجه هذا النوع من الإنترنت، كون شبكات الأقمار الصناعية تعتمد على التقنيات الفضائية التي قد تتأثر بالتداخل الكهرومغناطيسي أو الظروف الجوية. وفي المقابل، تستفيد شبكات الألياف الضوئية من البنية الأساسية الأرضية المستقرة، في حين يحتاج الإنترنت الفضائي إلى بنية أساسية إضافية مثل محطات استقبال الأقمار الصناعية على الأرض.
جهود مُمكنة
تستطيع الحكومات والمؤسسات أن تلعب دورًا كبيرًا في دعم وتنظيم الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، من خلال التشجع على توفير الترددات الفضائية بشكل عادل ومنظم، وتقديم الدعم المالي للشركات التي تعمل على توسيع الشبكات في المناطق الريفية والنائية، وسن التشريعات التي تسهم في ضمان الأمن السيبراني وحماية الخصوصية للمستخدمين، بالإضافة إلى التعاون مع شركات القطاع الخاص لتوسيع التغطية في مختلف أنحاء العالم. كما يمكن للمؤسسات الدولية تشجيع التعاون بين الدول لتبادل المعرفة وتحقيق الاستخدام الأمثل لتقنيات الفضاء.
يمثل إنترنت الأقمار الصناعية بوابة نحو مستقبل مشرق، حيث يعيد رسم خريطة الاتصال العالمي ويفتح آفاقًا جديدة للتواصل بلا حدود. فبفضل تطور التقنيات الرائدة، وعلى رأسها شبكة ستارلينك، يقترب العالم من تحقيق حلم الإنترنت الشامل، الذي يصل إلى كل زاوية من الأرض، مهما كانت معزولة أو نائية. لكن هذا الطموح لا يخلو من التحديات، إذ تقف العقبات التقنية والاقتصادية والتنظيمية كاختبارات حقيقية لابد من تجاوزها لضمان نجاح هذه الثورة الرقمية. وهنا يأتي دور الحكومات والمؤسسات، ليس فقط كجهات رقابية، بل كشركاء في صياغة مستقبل متوازن بين الابتكار والتنظيم، بحيث تُستثمر هذه التكنولوجيا لصالح المجتمعات، وتتحول إلى قوة دافعة نحو التقدم والتنمية على مستوى العالم.
وائل بن علي الكلباني أخصائي شبكات بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات