تلويح بإغلاق قواعدها في السنغال.. هل تفقد فرنسا آخر قلاعها بأفريقيا؟
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
تتزايد في منطقة غرب أفريقيا موجة رفض واسعة للحضور الفرنسي، خصوصا في شقه العسكري، وسط تصاعد النفوذ الروسي بالقارة السمراء.
وحتى وقت قريب كانت لفرنسا نحو خمسة قواعد عسكرية بمنطقة غرب أفريقيا وتحديدا في السنغال وساحل العاج والغابون والنيجر وجيبوتي، وتشاد.
لكن ثلاث من هذه الدول طردت بالفعل القوات الفرنسية من أراضيها، وذلك عقب وصول حكام عسكريين لهذه الدول وهي مالي والنيجر وبوركينافاسو.
وأصدر قادة هذه الدول قرارات بإنهاء التواجد العسكري الفرنسي على أراضيها ولجأت إلى روسيا للمساعدة في مكافحة الحركات المسلحة على أراضيها.
كما أعلنت تشاد قبل أسابيع عزمها إلغاء الاتفاقيات المتعلقة بالحضور العسكري الفرنسي في البلاد.
تلويح بالطرد من آخر قلاع باريس
واستمرارا لما يبدو أنه رفض أفريقي متصاعد للحضور الفرنسي، لوحت السنغال بإغلاق القواعد العسكرية الفرنسية على أراضيها.
وألمح رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونغو، إلى ذلك حين قال إنه "بعد مرور أكثر من 60 عاما على استقلال السنغال يجب أن نتساءل عن الأسباب التي تجعل الجيش الفرنسي على سبيل المثال لا يزال يستفيد من عدة قواعد عسكرية في بلادنا، ومدى تأثير هذا الوجود على سيادتنا الوطنية واستقلالنا الاستراتيجي".
وأضاف في مؤتمر صحفي بداكار إلى جانب السياسي الفرنسي جان لوك ميلنشون: "أكرر هنا رغبة السنغال في أن تكون لها سيطرتها الخاصة، وهو ما يتعارض مع الوجود الدائم لقواعد عسكرية أجنبية في السنغال".
وتابع: "لقد وعدت العديد من الدول باتفاقيات دفاعية، لكن هذا لا يبرر حقيقة أن ثلث منطقة داكار محتل الآن بحاميات أجنبية".
الاستثناء السنغالي
ويرى مدير "مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية والاستشارات وتحليل السياسات" أحمد ولد وديعة، أن التصريح الصادر عن رئيس الوزراء السنغالي "هو تجسيد لواحدة من النقاط الأساسية في خطابه الذي دخل به الحياة السياسية قبل 10 سنوات".
ولفت ولد وديعة في تصريح لـ"عربي21" أن النقطة الأساسية في خطاب رئيس الوزراء السنغالي الجديد هي تلك المتعلقة بموضوع السيادة.
وأشار في هذا الصدد إلى بعدين أساسيين أحدهما المتعلق بالوجود العسكري والبعد المتعلق بعملة "لفرنك الغرب افريقي".
وأضاف: "الظاهر أن السنغال كما مثلت استثناء في المجال الديمقراطي في المنطقة الغرب أفريقية في طريقها لتمثل أيضا حالة تميز في طريقة مراجعة علاقتها بفرنسا".
وتابع ولد وديعة: "نحن أمام نموذج لا يريد للعلاقة مع فرنسا أن تنهي بالشكل الذي حصل في مالي والنيجر وبوركينافاسو من خلال الأنظمة العسكرية، ولكنه لا يريد لها أن تبقى أيضا بنفس الحالة".
وأشار إلى أن تصريحات رئيس الوزراء السنغالي الجديد تؤكد أنه يريد "طريقا ثالثا تتم فيه المراجعة وفي النهاية تكون فرنسا فقدت واحدة من أهم مراكزها في القارة وقلعة من أبرز قلاعها".
ونبه المتحدث إلى أن "اللافت أن هذا الموقف تم خلال استقبال سياسي فرنسي".
وأكد ولد وديعة أن "الوجود الفرنسي كما عرفه الفرنسيون قبل فترة في طريقه لأن ينتهي" ولكنه
نبه إلى أن هذا لا يعني أن فرنسا في طريقها لأن تخرج بشكل نهائي من المنطقة.
معركة "الفرنك الإفريقي"
وفي مؤشر آخر على استمرار الرفض الأفريقي لمختلف أشكال التبعية لفرنسا، تصاعدت في القارة، مطالب بالتخلي عن الفرنك الأفريقي وهو العملة التي يصفها الكثيرون في أفريقيا بأنها "عملة استعمارية تتحكم بها فرنسا في اقتصاد القارة السمراء".
وفي هذا الإطار قال رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونغو، في مؤتمره الصحفي الخميس الماضي، إن السنغال التي تتقاسم مع دول أفريقية أخرى عملة الفرنك الإفريقي المرتبطة باليورو "ترغب في عملة مرنة مرتبطة بعملتين على الأقل، للمساعدة في امتصاص الصدمات ودعم القدرة التنافسية للصادرات".
وجعل كل من رئيس السنغال بَسِّيرُ دِيوماي فاي، ورئيس وزرائه عثمان سونغو، نهاية الفرنك الأفريقي شعارا لحملتهما السياسية.
وحسب صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية برز "العداء تجاه الفرنك الأفريقي" أيضا في ثلاثة دول أفريقية أخرى هي بوركينا فاسو ومالي والنيجر، حيث قررت هذه الدول الثلاث مؤخرا الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وهي الكتلة الإقليمية التي كانت تضم خمس عشرة دولة قبل انسحاب هذه الدول الثلاث.
و للإشارة فإن "الفرنك الأفريقي" هو عملة فرضتها فرنسا في أربعينيات وخمسينيات القرن الـ20 على دول أفريقية كانت مستعمرات لها، وذلك تزامنا مع بداية حركات التحرر والاستقلال عن الاستعمار الفرنسي للقارة الأفريقية.
ويصنف "الفرنك الأفريقي" ضمن الأضعف في العالم بحسب المؤشرات التنموية والاقتصادية والاجتماعية للدول التي تتداوله، والتي يعاني جلها من عدم الاستقرار السياسي والصراعات المسلحة وتنامي الجماعات المسلحة والانفصالية، إضافة إلى الهجرة السرية نحو أوروبا رغم ثرواتها الطبيعية الهائلة.
والدول التي يعتبر "لفرنك الأفريقي" عملتها الرسمية هي: بنين وبوركينا فاسو وساحل العاج وغينيا بيساو ومالي والنيجر والسنغال وتوغو، الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو والغابون وغينيا الاستوائية وتشاد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السنغال فرنسا فرنسا موريتانيا السنغال ماكرون المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس الوزراء السنغالی هذه الدول
إقرأ أيضاً:
قوات خفر السواحل تعلن ضبط عصابة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن
ضبطت دورية لقوات خفر السواحل اليمنية قارباً يُقل العشرات من المهاجرين غير الشرعيين كانوا قادمين من القرن الأفريقي، ضمن الإجراءات التي اتخذتها السلطات للحد من تدفق المهاجرين من تلك المناطق، وذلك بعد وصول أكثر من 15 ألفاً منهم إلى البلاد خلال أول شهر من العام الحالي.
الحملة الأمنية المشتركة للقوات الحكومية التي تعمل في سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت أن إحدى الدوريات التابعة لها تمكنت في اليوم الأول من شهر رمضان من ضبط أحد القوارب في المياه الإقليمية، وكان على متنه 164 من المهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي، من بينهم 37 امرأة.
وبيّنت الحملة أن العملية تمت بعد عملية رصد ومتابعة مكثفة، حيث اشتبهت الدورية البحرية بتحركات القارب الذي كان قادته يحاولون التسلل إلى الساحل اليمني. ووفق ما أوردته الحملة، فإنه عند اقتراب الدورية من القارب وتفتيشه، تبيّن أنه يحمل عدداً كبيراً من المهاجرين غير الشرعيين، الذين تم تهريبهم في ظروف غير إنسانية، وأن هؤلاء لا يحملون أي وثائق رسمية أو تصاريح لدخول البلاد.
وأفاد البيان بأنه تم ضبط القارب وحجز المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لإعادتهم إلى بلادهم وفق الإجراءات القانونية المتبعة.
وألقت الدورية الحكومية القبض أيضاً على طاقم القارب المكون من 3 أشخاص، وأودعتهم السجن تمهيداً لتقديمهم للمحاكمة بتهمة المتاجرة بالبشر، وفتحت تحقيقاً موسعاً مع المهربين والضحايا للكشف عن شبكة التهريب والمتورطين في مثل هذه العمليات غير القانونية، بوزصفها خطراً يهدد الأمن والاستقرار، وفق ما جاء في بيان الحملة الأمنية.
ونبّهت قيادة الحملة الأمنية إلى أن الهجرة غير الشرعية إلى اليمن باتت تمثل تحدياً أمنياً وإنسانياً كبيراً، حيث يتم استغلال حاجة المهاجرين وظروفهم الصعبة من قِبل شبكات التهريب التي تجني أموالاً طائلة على حساب أرواحهم، دون أي حساب للمخاطر التي يواجهونها في عُرض البحر أو عند وصولهم.
وأكدت أن المهربين المقبوض عليهم سيواجهون تهماً عدة، من بينها تعريض حياة المهاجرين للخطر أثناء الرحلة عبر البحر، حيث يواجه هؤلاء ظروفاً قاسية واحتمال الغرق، إلى جانب الاشتراك في أعمال الجريمة المنظمة وشبكات التهريب التي تستغل هؤلاء الأشخاص لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
كما سيواجهون تهمة تهديد الأمن والاستقرار نتيجة محاولة الدخول إلى الأراضي اليمنية بشكل غير قانوني.
ومع تأكيد الحملة استمرارها في التصدي لعمليات التهريب وعزمها على ملاحقة شبكات التهريب، ذكرت أنها سوف تتخذ جميع الإجراءات لضبط أي محاولات مماثلة، بهدف حماية الأمن الوطني ومكافحة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والاستقرار.
ودعت السكان إلى الإبلاغ الفوري عن أي أنشطة مشبوهة تتعلق بتهريب البشر، لما لهذه الظاهرة من تأثيرات خطيرة في المجتمع والأمن.
وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن 15,400 مهاجر غير شرعي وصلوا من القرن الأفريقي إلى اليمن خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وأكدت أن هذا العدد يمثل انخفاضاً بنسبة 25 في المائة عن العدد الإجمالي المُبلَّغ عنه في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، حيث وصل البلاد حينها أكثر من 20 ألف مهاجر.
ووفق هذه البيانات، فإن غالبية المهاجرين (89 في المائة) قدموا من موانئ جيبوتي، ووصلوا إلى مديرية ذوباب بمحافظة تعز بالقرب من باب المندب، وعددهم (13,642 مهاجراً)، بينما وصل البقية (11 في المائة) إلى سواحل محافظة شبوة شرق عدن، قادمين من الموانئ الصومالية.
وطبقاً للبيانات الأممية، فقد بلغ إجمالي عدد الوافدين خلال عام 2024 نحو 76,297 مهاجراً، من بينهم 21 في المائة من الأطفال، و22 في المائة من النساء، و57 في المائة من الرجال. وكان معظم هؤلاء من حملة الجنسية الإثيوبية بنسبة (98 في المائة)، بينما كان 2 في المائة فقط من الرعايا الصوماليين.
في حين لم يتم تسجيل وصول أي مهاجرين إلى سواحل محافظة لحج خلال هذه الفترة، وأُعيد سبب ذلك إلى التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية لمكافحة التهريب منذ أغسطس (آب) 2023، في سواحل المحافظة التي كانت أهم طرق تهريب المهاجرين من القرن الأفريقي خلال السنوات السابقة