نشرت مجلة "فورين بوليسي" حوارًا أجرته مع نجوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، تناولت فيه الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على الصين وتأثيرها على التجارة العالمية.

وتساءلت الصحيفة، في حوارها الذي ترجمته "عربي 21"، عن رأي إيويالا في إعلان إدارة بايدن هذا الأسبوع عن توسيع التعريفات الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية، ورفعتها إلى 100 بالمائة.

وإذا ما كان يعتبر حمائية صارخة.

وردت إيويالا قائلة إنهم في منظمة التجارة العالمية يشعرون بالقلق بشأن زيادة الحمائية في العالم لأنهم يعتقدون أن ذلك قد يكون له تأثير على تجزئة التجارة. وهذا شيء لا يريدون رؤيته بالتأكيد. على سبيل المثال، تظهر بعض التقديرات بشأن تجزئة التجارة إلى كتلتين جيوسياسيتين أنه على المدى الطويل، ستكون هناك خسارة بنسبة 5 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي الحقيقي. وستكون الخسائر أكبر بالنسبة للدول النامية.

وأوضحت إيويالا أن الطريقة التي تعمل بها منظمة التجارة العالمية تعتمد كثيرًا على كيفية تصرف الأعضاء. لذلك، إذا اتخذ أحد الأعضاء إجراءات يشعر عضو آخر بأنها ضارة، فإن الأمر متروك للعضو الثاني لاستخدام العلاجات المختلفة المتاحة لأعضاء منظمة التجارة العالمية، مشيرة إلى أن المنظمة توفر منتديات ولجان لتسوية المنازعات ودراسة شكاوى الأعضاء ضد بعضهم البعض.

وبسؤالها عن أن منتقدي منظمة التجارة العالمية يتهمونها بأنها تستغرق وقتا طويلا لحل القضايا المنظورة لديها؛ ومن ثم أصبحت هيئة الاستئناف غير موجودة. قالت إيويالا إن الناس لا يفهمون أن تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية يتضمن سبلاً أخرى لحل المنازعات، موضحة أن الولايات المتحدة يمكنها أن تتوصل إلى أي من هذه العناصر وتستخدمها. 

وذكرت إيويالا أن الولايات المتحدة تعد واحدة من أكثر المستخدمين كثافة لنظام تسوية المنازعات التابع لمنظمة التجارة العالمية، مضيفة أن العضو الذي يشعر بالضرر من هذه التدابير له الحرية في أن يطلب من منظمة التجارة العالمية تناول هذه القضايا.

وأفادت إيويالا أنه كانت هناك شكاوى من أن هيئة تسوية المنازعات ونظام هيئة الاستئناف يستغرقان وقتًا طويلاً للتوصل إلى أحكام بشأن القضايا المعروضة عليهما. ولهذا السبب نحن الآن في خضم إصلاح النظام لجعله أكثر استجابة وأسرع، مبينة أن بعض هذه الانتقادات صحيحة. والأعضاء يعملون على إصلاحه. وقال الوزراء إنه يتعين على المنظمة الانتهاء من إصلاح النظام بحلول نهاية هذه السنة.

وبسؤالها عمن يفرض القواعد التجارية اليوم إذا خرقت دولة ما هذه القواعدة، سواء كانت الصين أو الولايات المتحدة، بينت إيويالا أن منظمة التجارة العالمية هي الوصي على الكثير من الاتفاقيات التي تحكم التجارة العالمية وتبقيه مستقرة ومفتوحة ويمكن التنبؤ بها. والطريقة التي تسير بها الأمور هي كما يلي: إذا شعر أحد أعضاء منظمة التجارة العالمية بأن عضوًا آخر قد انتهك قواعد التجارة، فإنه يلجأ إلى منظمة التجارة العالمية ويوضح قائلاً: "انظر، هذه الإجراءات أضرت بنا ونحن نريد اتخاذ إجراء في منظمة التجارة العالمية".

وأشارت إيويالا إلى أنه لا يزال نظام تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية يعمل، فهناك تسع حالات أمامها الآن. كل ما في الأمر هو أن المستوى الثاني، هيئة الاستئناف، لا تعمل في الوقت الحالي. ولهذا السبب نسعى إلى الإصلاح، وأن نأخذ في الاعتبار جميع الشكاوى المتعلقة بطريقة العمل، لكن نظام تسوية المنازعات لا يزال يعمل.

وبسؤالها عن سبب اعتقادها بأن البلدان بدأت تتحدث  أكثر عن الدعم القريب وتأمين سلاسل التوريد الخاصة بها مع الأزمات المالية ثم الوباء وإذا ما كان هذا الأمر يشكل تراجعًا عن العولمة، قالت إنه قد يكون هناك مبالغة في الحديث عن تراجع العولمة، فالاضطرابات ونقاط الضعف التي شهدناها خلال الجائحة، وخاصة في سلاسل التوريد العالمية، دفعت الكثير من البلدان والأعضاء إلى الشعور "بأننا ضعفاء، وربما لا ينبغي لنا أن نعتمد على الآخرين"، مضيفة أن الكثير من الناس يتحدثون عن الاعتماد المتبادل باعتباره المشكلة، إلا أن تكمن في الاعتماد المفرط على قطاعات معينة ومناطق جغرافية معينة في بعض سلاسل التوريد. وهذا شيء ينبغي العمل عليه. ويجب علينا تنويع سلاسل التوريد وإلغاء تركيزها.


وشددت على أن الاعتماد المتبادل من خلال التجارة قد جلب للعالم الكثير من الخير. لقد استفادت البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء. وخلال كل هذه الأزمات، كانت التجارة مرنة إلى حد كبير.
وتساءلت الصحيفة عن حجم تراجع العولمة الذي يعد بمثابة رد فعل عكسي على "صعود البقية"، وهو صراع ضد الطريقة التي ستصبح بها القوة أقل تركزًا في الغرب في المستقبل.

وتساءلت المجلة حول تأثير الأفكار الحمائية في أغنى البلدان على  حجم تراجع العولمة الذي يعد بمثابة رد فعل عكسي على "صعود البقية"، فأوضحت إيويالا أن العولمة كانت مفيدة إلى حد كبير، ولكن كانت هناك مناطق فقيرة في البلدان الغنية، وكانت هناك أيضًا بلدان فقيرة لم تستفد من العولمة بالقدر الذي ينبغي لها، وهذا لا يعني أن نتخلص منها لأسباب قد تكون جيوسياسية، بل يتعين أن نعيد تصور العولمة حتى يتسنى لها أن تعود بالنفع على الفقراء في البلدان الغنية الذين لم يستفيدوا منها، والبلدان الفقيرة التي تركت على هامش التجارة العالمية.

لذا بدلاً من الحديث عن تراجع العولمة، لنتحدث عن إعادة العولمة، ودعونا نرى الفرصة في هذه القضية المتعلقة بمرونة سلسلة التوريد من خلال استخدام هذا كوسيلة لتنويع وإمداد سلاسل التوريد إلى تلك البلدان التي تُركت على الهامش، وإلى تلك المناطق التي لم تستفد من الموجة الأولى للعولمة. 

وأشارت إيويالا إلى أنه يجب تطوير سلاسل توريد كاملة في بعض البلدان التي تمتلك هذه الموارد والمعادن الحيوية، وليس فقط الذهاب إلى هناك للاستخراج والتصدير، وبهذه الطريقة تُخلق فرص عمل وقيمة في تلك البلدان، ويصبحون حاضرين في مركز التجارة العالمية، وبهذا يستطيع العالم الآن أن يستفيد من نوع آخر من العولمة، ويمكن أن يساعدنا في تحقيق الشمول. 

وبسؤالها حول التوافق واسع النطاق في الولايات المتحدة على توجيه السياسة الخارجية والسياسة الداخلية من خلال منظور المنافسة مع الصين وتأثير ذلك على ما تصفه بمحاولة إعادة العولمة، أفادت إيويالا أن إعادة العولمة تحدث بالفعل، وأنه يجب ترك الشركات لاتخاذ قرار التنويع بنفسها؛ حيث تذهب إلى المغرب، إلى بنغلاديش، إلى كوستاريكا، وإلى العديد من البلدان الأخرى. وهذا يحدث رغم سياسات القوى الكبرى بين الصين والولايات المتحدة.

وأكدت وجود قلق حقيقي من انقسام العالم إلى كتلتين تجاريتين، واحدة مع الولايات المتحدة وأخرى مع الصين، لأن ذلك سيشكل خسارة كبيرة للعالم أجمع، سواء في الدول المتقدمة أو النامية. 

وتراقب منظمة التجارة العالمية الوضع وتأمل ألا نرى المزيد من التدهور في العلاقة، المركبات الكهربائية تمثل 2 بالمائة فقط من السوق الأمريكية، وكل الأشياء التي تم فرض الرسوم الجمركية عليها بلغت حوالي 7 بالمائة من التجارة بين الولايات المتحدة والصين في 2023. لذا، إذا ظلت الأمور ضيقة قطاعيًا ولم يتم توسيعها، فقد نتمكن من المضي قدمًا. لكن هناك قلقًا بالطبع من حدوث المزيد من التصعيد لهذا النوع من الإجراءات بين القوتين الكبيرتين في العالم. 

واستفسرت المجلة حول مصير الدول الأصغر مع تركيز الدول الكبرى أكثر على السياسة الصناعية والحمائية، وعن وسائل الحماية المتوفرة لمساعدتهم على المشاركة في عالم يلعب فيه اللاعبون الكبار لعبة مختلفة، وأجابت إيويالا بأنه لهذا السبب يجب أن يغير اللاعبون الكبار طريقتهم، والواقع أن البلدان الأصغر حجمًا مثل سريلانكا التي لا تملك الحيز المالي الذي تملكه البلدان الأكبر حجماً ستمون الطرف الخاسر لأنها لن تكون قادرة على المنافسة، وهذاأمر يثير قلقًا كبيرًا.

وتساءلت المجلة حول مدى اللوم الذي يقع على الولايات المتحدة فيما ما وصلنا إليه؛ حيث بنت الولايات المتحدة النظام الدولي القائم على القواعد، ولكن من الواضح أنها كثيراً ما تسيء استخدام قوانين التجارة العالمية التي طالما بشرت بها، مما يشجع الدول الأخرى أيضًا للقيام بذلك، فأفادت إيويالا بأنه ليس هناك الكثير من البلدان التي لا تلعب وفقًا للقواعد حتى الآن، والأمر متروك أيضًا للبلدان التي تهمها التجارة كثيرًا لتوضيح أن النظام التجاري المتعدد الأطراف ذو قيمة بالنسبة لها، وبالطبع، على الولايات المتحدة، باعتبارها مؤسس النظام، أن تظل ثابتة عليه، وأن تدعمه لا أن تقوضه. 

ومع ذلك، يتعين أيضًا على الدول الأخرى التي تشكل جزءً من هذا النظام أن تقف وتحظى بالتقدير، فهناك قوى متوسطة تعتبر القواعد المتعددة الأطراف والنظام القائم على القواعد في غاية الأهمية بالنسبة لها؛ حيث تتجاوز نسبة التجارة إلى الناتج المحلي الإجمالي 100 بالمائة، لذا فإن جميع البلدان التي تعتبر التجارة عنصرا أساسيا للغاية في رفاهيتها وخلق فرص العمل في اقتصاداتها بحاجة إلى التعاون ودعم النظام القائم على القواعد.

وسألت المجلة عن الرسالة التي تريد إيويالا إيصالها إلى الناخبين الأمريكيين في ظل تحذير ترامب سابقًا من أنه قد يسحب الولايات المتحدة من منظمة التجارة العالمية، وأنه سيمرر قانونه التجاري المتبادل إذا أعيد انتخابه، وهو ما يعكس في الأساس التعريفات الجمركية التي تفرضها أي دولة على أمريكا. 

وأكدت إيويالا أنه لا يحق لها التعليق على الانتخابات في أي بلد بعينه، لكن الأميركيين يجب أن يعلموا أن النظام التجاري المتعدد الأطراف قد قدم خدماته للبلاد وما زال يقدم خدماته للولايات المتحدة، هناك بعض التقديرات أنه على مدى العقود التي تلت ظهور اتفاقية الجات [الاتفاقية العامة بشأن التعريفات الجمركية والتجارة] كسبت الولايات المتحدة حوالي 2.6 تريليون دولار من خلال التجارة في اقتصادها، لذا فإنه على أساس نصيب الفرد، حققت الأسر الأمريكية مكاسب من التجارة، وغالبًا ما يتم إلقاء اللوم عليها في فقدان الوظائف، ولكن إذا نظرنا إلى معدل دوران الوظائف فإن التجارة لا تمثل سوى حوالي 0.6 بالمائة من هذا، بينما تخلق التجارة فرص عمل في مجالات أخرى، مثل الخدمات، والتي لم يتحدث عنها أحد على الإطلاق. لقد ركزنا اهتمامنا على التصنيع والسلع، ولكن الخدمات هي التي تحرك جزءًا كبيرًا من الاقتصاد في الولايات المتحدة، لذا فإن التجارة في المحصلة كانت مفيدة، ومن الممكن أن تظل مفيدة، إنها ليست مثالية، ولكن يمكن بالتأكيد التعامل مع القضايا التي لا تؤدي فيها التجارة الأداء الأمثل الذي يرغبون فيه. 

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن الصين الولايات المتحدة الولايات المتحدة الصين بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی منظمة التجارة العالمیة التعریفات الجمرکیة الولایات المتحدة تسویة المنازعات سلاسل التورید البلدان التی الکثیر من من خلال تراجع ا

إقرأ أيضاً:

مسؤول أمريكي سابق: حرب الرسوم الجمركية مع الصين قادمة

رجّح وزير الخزانة الأمريكي السابق ستيفن منوتشين الخميس أن يعود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى قضية الرسوم الجمركية في المفاوضات مع الصين، إضافة إلى النظر في إجراء تخفيضات ضريبية وفرض عقوبات جديدة.

وأعرب منوتشين في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" عن اعتقاده "أن الرسوم الجمركية يجب أن تُستخدم لإعادة الأطراف المتقابلة إلى الطاولة، وخصوصاً الصين التي لم تف بجميع الاتفاقات التي أبرمتها في المرحلة الأولى من اتفاقية التجارة".

وكان يشير إلى الاتفاق التجاري للعام 2020 الذي أعقب هدنة في حرب الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين.

وشهد الاتفاق تعهد الصين بزيادة مشتريات المنتجات والخدمات الأمريكية بما لا يقل عن 200 مليار دولار خلال عامي 2020 و2021. لكن الهدف لم يتحقق في ظل تفشي فيروس كورونا.

وأضاف منوتشين الخميس أنه سيوصي ترامب باستخدام الرسوم الجمركية "بطريقة استراتيجية" لضمان عدم ارتفاع التضخم.

مع عودة ترامب.. الصين تستعد لمرحلة جديدة من التنافس - موقع 24خلال العام الماضي، حاولت الولايات المتحدة والصين إدارة التنافس بينهما لطمأنة العالم بأن التوترات بين القوتين العظميين لن تتحول إلى صراع، لكن عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تهدد بقلب هذا التوازن الدقيق، كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير تحليلي.

وأشار إلى أنه في فترة عمله في إدارة ترامب، كانت الرسوم الجمركية مصحوبة بإعفاءات لبعض المنتجات التي تحتاج إليها الشركات الأمريكية.

وبالإضافة إلى ذلك، قال إنه يجب خفض أسعار الطاقة لإبقاء الأكلاف على المستهلكين تحت السيطرة.

وفي ولايته الرئاسية الأولى، خفض ترامب الضريبة على الشركات إلى 21%، وواصل مذاك الدعوة لخفضها مجدداً إلى 15%.

وقال منوتشين: "إذا كان سيتم خفض ضريبة الشركات، فيجب خفضها بطريقة تدعم التصنيع الأمريكي والوظائف الأمريكية بدلاً من خفضها على نطاق واسع".
كما اقترح تكثيف العقوبات على دول مثل إيران وروسيا، مضيفاً "بالنسبة إلى إيران، هم يبيعون الآن ملايين من براميل النفط، وهذا ما يجب وقفه".

مقالات مشابهة

  • مسؤول أمريكي سابق: حرب الرسوم الجمركية مع الصين قادمة
  • الصحة العالمية: مصر من أولى الدول التي طبقت معايير منع ومكافحة العدوى
  • تايوان:سنساعد الشركات على نقل إنتاجها من الصين لتجنب الرسوم الجمركية
  • بعد فوز ترامب وقبل مغادرة بايدن.. ماذا تعني مرحلة البطة العرجاء؟
  • بعد فوز ترامب وقبل رحيل بايدن.. ماذا تعني مرحلة البطة العرجاء؟
  • توقعات الاقتصاد العالمي بعد فوز ترامب.. الرسوم الجمركية «سلاح تجاري» جديد ضد الصين
  • السودان بين صرامة ترامب ومرونة الديمقراطيين: ماذا تعني نتائج الانتخابات الأمريكية؟
  • زيت الزيتون الإسباني في مرمى التعريفات الجمركية الأمريكية مجدداً
  • ماذا تعني بالنسبة لأوروبا الاتفاقية الدفاعية الجديدة بين بريطانيا وألمانيا؟
  • منظمة الصحة العالمية: حظر الأونروا لن يعزز أمن إسرائيل