ماذا تريد إيران والهند من اتفاق تطوير ميناء تشابهار؟
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
طهران– رغم التأخيرات التي طرأت على تعاونهما في ميناء تشابهار الإستراتيجي منذ 2003، وقعت الهند وإيران، الاثنين الماضي، اتفاق "تجهيز محطات الحاويات والبضائع العامة وتشغيلها" في مرفأ الشهيد بهشتي بميناء تشابهار جنوب شرقي إيران لتحل محل اتفاقية عام 2016 التي عرقلتها عودة العقوبات الأميركية على طهران عام 2018.
في غضون ذلك، حذرت واشنطن الشركات الهندية من خطر عقوبات تُفرض عليها إذا استثمرت في إيران، مؤكدة أنه "على كل كيان معني بصفقات تجارية مع إيران أن يكون على دراية بالمخاطر المحتملة التي يعرض نفسه لها والمخاطر المحتملة للعقوبات".
في المقابل، قال وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار إن بلاده ستعمل على توضيح فوائد الاتفاق على تطوير ميناء تشابهار الإيراني، مضيفا أنه "إذا نظرت إلى موقف الولايات المتحدة تجاه تشابهار في الماضي، فقد كانت تقدر أن تشابهار له أهمية أكبر".
يعتبر ميناء تشابهار الأكبر من نوعه في إيران والوحيد بين نظرائه حيث يقع على مياه المحيط الهندي، ويزداد أهمية كونه جزءًا من الممر الدولي بين الشمال والجنوب ويشكل بوابة بوجه دول شرق آسيا عبر إيران نحو آسيا الوسطى والقوقاز وشرق أوروبا.
ويعتقد الباحث الإيراني في شؤون شبه القارة الهندية فرزاد بونش أن ميناء تشابهار يمكّن الجانب الإيراني من الوصول إلى المياه الدولية والمحيط الهندي، إلى جانب تشكيله همزة وصل بين الأسواق الهندية والروسية، مضيفا أن طهران تتطلع من وراء تشغيل الميناء إلى رفع ثقلها الإقليمي والدولي والتحول إلى دولة ممرات إستراتيجية.
وفي حديثه للجزيرة نت، تابع بونش أنه على صعيد التنافس الدولي على الممرات التجارية، فإن الحرب الروسية على أوكرانيا وتطورات البحر الأحمر الأخيرة زادت من أهمية ميناء تشابهار لنقل البضائع من شرق آسيا نحو منطقة القوقاز، فضلا عن حاجة روسيا لنقل سلعها إلى الهند عبر إيران.
وكان وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني مهرداد بذرباش قال عقب التوقيع على الاتفاقية إن بلاده اقترحت على السلطات الهندية إطلاق "شركة شحن مشتركة" بين البلدين من أجل تطوير حركة العبور في المنطقة، مضيفا أنه يمكن لمدينة تشابهار أن تكون بمثابة نقطة محورية في تنمية عملية العبور في المنطقة.
كيف تنظر نيودلهي إلى ميناء تشابهار؟ما كان للاتفاق الإيراني الهندي الأخير لتطوير وتشغيل ميناء تشابهار أن يرى النور لولا الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى باكستان الشهر الماضي عقب تراجع العلاقات بين طهران ونيودلهي، وفق بونش.
ويرى المتحدث نفسه في تعزيز علاقات بلاده مع كل من الصين وباكستان عاملًا لحث نيودلهي على تحريك المياه الراكدة في ملف التعاون بميناء تشابهار، مشيرا إلى أن الهند تعتبر منافسا رئيسا لكل من جارتيها الشرقية والغربية، لا سيما أن بكين تربطها علاقة اقتصادية وطيدة مع إسلام أباد لتطوير ميناء غوادار الباكستاني.
واعتبر أن ميناء تشابهار يمثل بوابة ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب إلى مياه المحيط الهندي، كما أنه يشكل مدخلا يوصل الجانب الهندي بآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية.
وخلص إلى أن نيودلهي تنظر إلى ميناء تشابهار من بوابة الجغرافيا السياسية ومصالحها الجيواقتصادية، مؤكدا أن الهند تريد ربط الممر الواصل بين مياهها الإقليمية وميناء تشابهار بممر الشمال الجنوب للوصول إلى الأسواق الأفغانية والروسية والقوقاز ودول أوراسيا، وكذلك تقليص مدة تسليم بضائعها إلى أوروبا الشرقية عبر الأراضي الإيرانية.
يشير الأكاديمي في جامعة تربيت المدرس والباحث في القضايا الجيوستراتيجية فرزاد أحمدي إلى أن الرغبة الهندية في المشاركة في بناء ميناء تشابهار تعود للعقود الماضية، بيد أن التطورات الإقليمية والدولية الأخيرة حفزت نيودلهي على اللعب بهذه الورقة في سياق التنافس المتواصل مع القوى السياسية في المنطقة من جهة، وعلى صعيد الممرات الدولية من جهة أخرى.
وفي حديثه للجزيرة نت، صنف أحمدي كلا من النظامين الصيني وباكستاني "منافسا لدودا" للجانب الهندي، موضحا أن نيودلهي -التي تخطط لتخطي الاقتصادات العالمية الصاعدة لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم خلال العقد المقبل- تعمل من بوابة ميناء تشابهار على منافسة ميناء غوادار الباكستاني الذي وجدت الصين فيه بوابة نحو آسيا الوسطى إلى جانب مبادرة الحزام والطريق لتعزيز مكانتها في التجارة العالمية.
ورأى أحمدي أن نيودلهي سبق أن انضمت العام الماضي إلى الممر الاقتصادي الواصل بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط لمنافسة الممرات الصينية وعلى رأسها مبادرة الحزام والطريق الرامية إلى إحياء طريق الحرير القديم.
واستدرك أنه إذا كانت نيودلهي تسعى لمنافسة خصمها الصين على الصعيد الدولي عبر الممر الاقتصادي من الهند إلى أوروبا، فإن ممر النقل البحري الجديد الواصل بين مياهها الإقليمية وميناء تشابهار يسعى من خلال ربطه بممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب لمنافسة بكين وإسلام آباد على الصعيد الإقليمي.
ولدى إشارته إلى الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة والتوتر الناجم عنها في البحر الأحمر، يؤكد الأكاديمي الإيراني أن تطورات الشرق الأوسط خلال الأشهر السبعة الماضية أدت إلى تراجع رغبة الدول الخليجية في التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وهو ما حدا بالجانب الهندي إلى أن يفكر بخيار بديل للممر الاقتصادي الذي كان يعول عليه لوصول السلع الهندية إلى الأسواق الأوروبية.
وخلص أحمدي إلى أن الجمهورية الإسلامية ترى في التعاون مع الجانب الهندي فرصة ثمينة لتشغيل الميناء، وعرقلة الممر التجاري بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، مؤكدا أن نيودلهي ترى في ميناء تشابهار طريقا معبدا لحقيق حُلمها الرامي لإيصال بضائعها إلى أوروبا.
لماذا تعارض واشنطن الاتفاق وانخراط الجانب الهندي في تشغيل ميناء تشابهار؟وفي مطلع رده على هذا السؤال، يذكّر الأكاديمي الإيراني فراد أحمدي بالعداء المتواصل منذ 45 عاما بين طهران وواشنطن والعقوبات الأميركية المتزايدة على طهران، معتبرا الاستثمار الخارجي في المشاريع الإيرانية بمثابة إبطال مفعول تلك العقوبات وفتح الباب على مصراعيه أمام الأطراف الأخرى لتحدي الإرادة الأميركية والتعاون مع الجمهورية الإسلامية.
ما حظوظ نجاح الاتفاق وتداعياته على تطوير وتشغيل ميناء تشابهار؟يصنف الباحث الاقتصادي علي محمدي العقوبات الأميركية عقبة أساسية من شأنها إعاقة تنفيذ الاتفاق بين الهند وإيران لتطوير ميناء تشابهار، مستدركا أن الهند ليست الوحيدة التي تشارك في بناء وتجهيزه، بل إن الجانب الصيني كان قد سبقها في عقد اتفاق مع الجانب الإيراني، مع الفارق أن الصين لا ترى نفسها معنية بالحظر الأميركي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح الباحث الاقتصادي أن مبلغ الاتفاقية الأخيرة بين طهران ونيودلهي ليس كبيرا ولا كافيا لتشكيل قفزة نوعية في تطوير الميناء، مستدركا أنه "رغم أن الاستثمار الهندي يعتبر الأكبر بين الاستثمارات الداخلية والخارجية، فإن طهران ماضية في تشغيل الميناء سواء بمشاركة نيودلهي أو بدونها".
وتابع محمدي أن الجدوى الاقتصادية وعامل موازنة القوى لتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة ومنافسة الدول الإقليمية التي تصنفها نيودلهي في قائمة الخصوم تبرر للجانب الهندي الاستثمار في ميناء تشابهار الإستراتيجي.
وأضاف المتحدث نفسه أن الجانب الهندي سيبذل مساعي جبارة للحصول على إعفاءات من العقوبات الأميركية على غرار الإعفاءات التي سبق أن حصلت عليها نيودلهي للاستفادة من الميناء خلال السنوات الأخيرة.
واعتبر الباحث الإيراني حظوظ نجاح الاتفاق الإيراني الهندي وتنفيذه في ظل المعارضة الأميركية "نسبية"، مستدركا أنه لا يمكن التقليل من أهمية الاتفاق وتداعياته على تطوير وتشعيل ميناء تشابهار بسبب قلة الخيارات المطروحة أمام إيران لجذب الاستثمارات الخارجية.
وختم بالقول إن ترجيح كفة فوائد الجانب الهندي جراء الاستثمار بميناء تشابهار مقارنة مع الأضرار التي قد تلحق بها بسبب تحديها العقوبات الأميركية قد تدفع بالهنود نحو عدم الانصياع إلى إملاءات واشنطن ووضعها أمام الأمر الواقع عشية انتخاباتها الرئاسية 2024.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات العقوبات الأمیرکیة الجانب الهندی فی المنطقة إلى أن
إقرأ أيضاً:
تل أبيب لم تغلق باب التفاوض..تطورات جديدة في قطاع غزة | ماذا يحدث؟
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي خروقاتها لوقف إطلاق النار في مختلف مناطق قطاع غزة، ما خلف عددا من الشهداء والجرحى.
تل أبيب لم تغلق باب التفاوضوتمنع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وأوقفت الأحد، إمدادات الكهرباء لمحطة تحلية المياه الرئيسية التي تزود ما لا يقل عن 600 ألف شخص.
وسط استمرار الغارات وتأكيدها مراراً على رفض وقف النار، عادت إسرائيل وأعلنت جديداً عن قطاع غزة بعدما أكدت حركة حماس عدم إغلاق باب التفاوض.
فقد أكد مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب لم تغلق باب التفاوض إذا كانت حماس ستوافق على تسليم مزيد من الرهائن.
وأضاف أن حملة الضربات المتجددة التي تشنها إسرائيل ضد حركة حماس في قطاع غزة سوف تستمر حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، وفقا لشبكة "ABC" الأميركية.
كما وصف المسؤول الهجمات المتجددة التي تشنها القوات الإسرائيلية ضد حماس في غزة بأنها "شكل مختلف من التفاوض"، وقال إن إسرائيل "لم تغلق الباب" أمام استئناف المحادثات عبر وسطاء إذا كانت حماس مستعدة لقبول المزيد من عمليات تبادل الأسرى.
رغم هذا، لم يذكر المسؤول ما إذا كانت إسرائيل تخطط لشن هجوم بري جديد على غزة، بل قال إن الهجوم سيستمر "ما دام ذلك ضروريا"، وسوف "يتوسع إلى ما هو أبعد من الضربات الجوية".
جاء هذا بعدما أكدت مراراً على ألا مفاوضات بعد الآن إلا تحت النار، في حين جددت حركة حماس تأكيدها الاستعداد للتفاوض، على الرغم من الغارات الإسرائيلية العنيفة على قطاع غزة منذ أمس الثلاثاء.
وقال طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي للحركة، اليوم الأربعاء، إن "حماس لم تغلق باب التفاوض ولا حاجة إلى اتفاقات جديدة في ظل وجود اتفاق موقع من كل الأطراف".
كما أضاف أن "حماس تطالب الوسطاء والمجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بوقف العدوان وتنفيذ اتفاق وقف النار والبدء بالمرحلة الثانية" من الهدنة التي بدأ سريانها في 19 يناير الماضي، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
وكانت حماس أوضحت أمس أنها أبدت مرونة خلال التفاوض، ووافقت على مقترح المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، وتعاملت معه بإيجابية.
في حين شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أن الضربات الجوية على غزة "مجرد بداية"، مؤكدا ألا تفاوض بعد الآن إلا تحت النار.
بدوره، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الجيش الإسرائيلي سيواصل عملياته "حتى تفهم حماس أن قواعد اللعبة تغيرت، وأنها يجب أن تطلق سراح جميع الرهائن أو تواجه فتح أبواب الجحيم".
فيما رأى مراقبون أن عودة إسرائيل للحرب تهدف إلى إجبار حماس على تقديم مزيد من التنازلات خلال المفاوضات.
يذكر أنه منذ انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المتضمن 3 مراحل في الأول من مارس الحالي، تمسك الجانب الإسرائيلي بمطلب تمديدها وإطلاق المزيد من الأسرى.
في حين رفضت الحركة هذا المطلب، داعية إلى الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق كما كان مقرراً، والتي تنص على الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وإطلاق سراح باقي المحتجزين الإسرائيليين الأحياء.
هذا هو السيناريو الاخطرهذا الصدد قال احمد التايب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إن عودة إسرائيل إلى الحرب العدوانية على قطاع غزة بعد ضوء أخضر من الرئيس الأمريكي يؤكد إصرار نتنياهو على تنفيذ مخططاته الخبيثة، وأيضا من أجل إنقاذ حكومته من السقوط، لذلك قرر الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار لاعتبارات سياسية وشخصية، وكذلك لاجبار حماس على عقد صفقة استسلام أو على الأقل رضوخها لقبول مقترح ويتكوف المبعوث الأمريكي دون الالتزام بالمرحلة الثانية من اتفاق إطلاق النار .
واضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد "
ان وقف الحرب بالنسبة لنتنياهو يؤدّي لانهيار ائتلافه، ومن ثم الذهاب لانتخابات برلمانية، ترجّح كافة استطلاعات الرأي الإسرائيلية أنه لن يفوز فيها، بمعنى تحوّله إلى أقلّية في الكنيست، وخروجه من رئاسة الحكومة، غير أن إنهاء الحرب تعنى هزيمة تاريخية لإسرائيل من وجهة نظر الائتلاف المتطرف، لذلك، أعتقد أن هذه هى الدوافع وراء قرار نتنياهو باستئناف الحرب على غزة مجددا .
وتابع: أما الحديث على عن المجتمع الدولى، ودوره فيما يحدث، فما زال يواصل اتباع سياسة ازدواجية المعايير ، دون ممارسة ضغط حقيقى على إسرائيل، والعقبة الحقيقية هو دعم الولايات المتحدة الأمريكية اللامحدود لنتنياهو، والإصرار على إنهاء الحرب لكن بشروط إسرائيل، خاصة أن نتنياهو يواصل استنفار اللوبى الصهيوني للضغط على ترامب لاستمرار الحرب لتحقيق ما يريده.
واكد : السيناريو الأخطر فى - اعتقادى - هو الدخول فى حرب برية جديدة فى القطاع لأن التكلفة ستكون باهظة على مستوى الأرواح وحياة الفلسطينيين، وأيضا نجاح نتنياهو فى جرّ الإدارة الأمريكية إلى متاهاته السياسية فى المنطقة ما يهدد بنشوب حرب إقليمية الكل سيدفع الثمن