لجريدة عمان:
2025-03-03@14:03:15 GMT

أوهام جو بايدن في رفح

تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

يبدو أن الرئيس جو بايدن تعلم كل ما يعرفه عن الشرق الأوسط من فيلم «الوصايا العشر» لتشارلتن هيستن الذي عرض حينما كان بايدن لا يزال شابا يحب السينما سنة 1956. ففي الآونة الأخيرة، وتحديدا في السابع من مايو، تحدث الرئيس عن «الكراهية العتيقة» معتبرا أنها تفسير لكل ما يجري في المنطقة منذ هجمة حماس في السابع من أكتوبر.

فالأمر هكذا: كراهية أقدم من حماس، وأقدم من إسرائيل، وأقدم من أمريكا نفسها، وهي التي تمثل الأساس لسياسته -إن أمكن تسميتها سياسة.

من الخطر دائما البحث عن تفسيرات في الماضي العتيق، والأخطر منه البحث عنها في ماض أسطوري لا وجود له في غير الملاحم الهوليودية. فهذا لا يترك من مجال للفهم الأصيل، وبايدن يعرف المزيد عن الأحداث القريبة في المنطقة. فلا بد أن يدرك أنها لا تتواءم مع أساطيره.

في حوار مع إيرين برونيت المذيعة في شبكة سي إن إن في الثامن من مايو، اعترف بايدن بأن إسرائيل تستعمل قنابل الألفي رطل الهائلة أمريكية الصنع في «تعقب المراكز السكنية» في غزة. وهذه قنابل يبلغ نصف قطر مداها ألف متر. ولذلك السبب أوقف بايدن شحنة مستقبلية من هذه القنابل لإسرائيل خوفا من أن تستعمل في هجوم على رفح. لكن لو كان بايدن يعرف أن هذه الأسلحة تستعمل لتدمير مراكز سكنية، فلماذا لم يفعل شيئا من قبل؟

ترمي الألعاب البهلوانية السياسية التي ينشغل بها بايدن ومستشاروه الآن إلى الحفاظ على الأسطورة في صراعها اليومي مع الأحداث الحقيقية. فحينما يقول بايدن: إن على إسرائيل ألا تدخل رفح -المدينة الواقعة على الحدود المصرية التي لاذ بها أكثر من مليون فلسطيني- فإنه يتحدث خائفا من أن تكون هجمة كهذه هي اللحظة التي يستحيل فيها التصديق بأن إسرائيل تخوض حربا ضد «كراهية عتيقة» وليست حربا هدفها الدمار التام لغزة.

حينما سـألته برونيت بقولها: وإذا كانت إسرائيل قد دخلت رفح، فانتهكت بذلك خطه الأحمر، رد بايدن بأن إسرائيل لم تدخل مركز المدينة، وكأن مدينة رفح الصغيرة في مثل ضخامة حاضرة طوكيو.

يغدو واضحا أن ما تريده إدارة بايدن حقا من إسرائيل هو المساعدة في الحفاظ على الأسطورة، وأن تحرص على ألا تسمح لواقع غزة الوحشي أن يدمر الرواية. لقد دخلت إسرائيل عمليا رفح. وقصفتها بلا تمييز شأن بقية القطاع. ومئات آلاف البشر تركوا المنطقة الآن، متجهين إلى خان يونس، وما هي إلا ركام، أو اتجهوا غربا إلى المواصي وهي أرض مهجورة بلا كهرباء أو صرف صحي أو إمدادات غذائية.

منذ بداية عملية إسرائيل في رفح في السابع من مايو، لم تعبر مساعدات من مصر، بما يهدد بامتداد المجاعة إلى جنوب غزة، حيث يوجد الآن أغلب السكان. وفي وقت مبكر من صباح الثالث عشر من مايو، تردد عدد من التقارير الموثوقة عن انفجارات وقصف مدفعي وطائرات حربية ونيران طائرات المروحية في عدة مناطق في رفح.

فهل من مخرج؟ تتمثل الخطوة الأولى في أن ندرك أننا واقعون في قبضة الهوس. وبضمير الجمع هذا أعني البلاد الديمقراطية الغربية، حتى لو أن هذه المجموعة تضم عددا قليلا من الخارجين على الديمقراطية. علينا أن نتعلم من جديد أن نرى ما يقع أمام أعيننا. فبعد رفح سوف تصبح غزة كلها مدينة خيام بلا مبان متبقية فيها. فهل كنا نعرف هذا منذ البداية؟ لقد قال مسؤول دفاع إسرائيلي للقناة الثالثة عشرة الإسرائيلية في العاشر من أكتوبر في العام الماضي: إن «غزة سوف تتحول في نهاية المطاف إلى مدينة خيام، لن تبقى فيها أي مبان».

غير أن بايدن يبدو مصرا على التشبث بمساره: إسرائيل لم تدخل رفح. لعله يقصد أن إسرائيل لم تقم باجتياح رفح، ولكن إسرائيل تتبع في رفح البروتوكول الذي اتبعته في غزة، إذ يتضح أن هدفهم هو اجتناب وقوع خسائر في صفوفهم، مع حملة قصف كثيف يليها غزو بري مشفوع بتدمير شامل للمباني والبنية الأساسية.

أما عن المسافة القائمة فيما بين إدارة بايدن ومجلس وزراء إسرائيل الحربي، فيبدو أنها لا تعدو خلافا في طريقة التواصل. فبايدن يرغب في أن تستعمل لغة مختلفة بعض الشيء، ولعله يرغب في أن تستعمل قنابل مختلفة. لكن إدارته سارعت بإيضاح أن شحنة واحدة فقط من قنابل الألفي رطل هي التي تم تأجيلها، وحتى هذه الشحنة قد تستأنف.

خطيرة هي مقامرة بايدن. فقد أقام واقعا بديلا، يجري بالتوازي مع أحداث حقيقية في غزة. وفي حال انهيار هذا الواقع، بل عند انهياره، فإن قدرا كبيرا سوف ينهار معه. ففي السابع من مايو اتهم المتظاهرين المناهضين للحرب في عشرات الجامعات بنفس اتهام الكراهية العتيقة التي تفسر بالنسبة له كل شيء في الصراع. فهل إهانة الناخبين الطلبة استراتيجية انتخابية جيدة لمرشح رئاسي ديمقراطي؟ لقد كان بايدن متخلفا بالفعل بإحدى عشرة نقطة عن دونالد ترامب في استطلاعات الرأي للفئة العمرية في ما بين 18 و34 عاما، بحسب استطلاع رأي لسي إن إن في أبريل. وبيرني صاندرز محق في تخوفه من أن تعامل بايدن مع الحرب في غزة قد يكلفه انتخابات نوفمبر.

بالنسبة لصورة أمريكا ومكانتها في الشرق الأوسط -وفي العالم- تمثل غزة نقطة تحول تاريخية. والولايات المتحدة ـ مثلما قال لي مسؤول في الأردن في أبريل- تحولت من مصدر للنظام إلى عامل للفوضى. وكثيرا ما يقال: إن السياسات الأمريكية انكفأت على نفسها. ويفترض بذلك أن يعني النأي عن العالم والانشغال بالهموم المحلية الأمريكية. وأخشى أن الوضع أسوأ من ذلك كثيرا. فلو أن الولايات المتحدة انكفأت على نفسها، فقد انكفأت نائية عن العالم مستغرقة في أوهامها وأساطيرها وأغوار عقلها المحموم.

برونو ماسياس وزير برتغالي سابق للشؤون الأوروبية وأحد كتاب الرأي في نيوستيتسمان

عن موقع نيوستيتسمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی السابع من أن إسرائیل من مایو فی غزة فی رفح

إقرأ أيضاً:

تأجيل دعوى إلغاء قرار منع النساء من السفر لـ السعودية لـ 31 مايو

قررت محكمة مجلس الدولة تأجيل نظر الدعوى المطالبة بإلغاء قرار منع النساء المصريات من السفر إلى السعودية دون تصريح مسبق إلى جلسة 31 مايو المقبل، وذلك لإثبات تدخل عدد من المواطنات انضماميًا في القضية، فيما طلبت هيئة قضايا الدولة مهلة للرد على تقرير مفوضي مجلس الدولة، الذي أوصى بإلغاء القرار.

كانت هيئة مفوضي الدولة بالدائرة الأولى للحقوق والحريات قد أصدرت تقريرًا لصالح النساء، مؤكدة أن القرار الصادر من الإدارة العامة للجوازات والهجرة بفرض قيود على سفر بعض الفئات النسائية يتعارض مع الدستور المصري ومبادئ المساواة وعدم التمييز.

الدعوى، التي حملت رقم 9631 لسنة 79 قضائية وتقدم بها المحامي د.هاني سامح، استندت إلى نصوص الدستور المصري التي تكرّس الحقوق الشخصية والعامة للمرأة، وتحظر أي شكل من أشكال التمييز أو التسلط، بما في ذلك فرض قيود على سفرها أو عملها.

وأكدت الدعوى أن القرار الصادر من الإدارة العامة للجوازات والهجرة بتاريخ 26 أكتوبر، والذي اشترط حصول فئات معينة من النساء - مثل ربات المنزل، الحاصلات على دبلوم، ومن لا يعملن - على تصريح مسبق للسفر إلى السعودية، يُعد تمييزًا غير دستوري، ويمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق المرأة والمواطنة.

وجاء في الدعوى أن القرار الإداري لم يكتفِ فقط بفرض قيود على حرية السفر، بل ذهب إلى تصنيف شرائح من النساء تحت ما أسماه "الفئات الدنيا"، وهو تصنيف مهين شمل جليسات الأطفال، ومديرات المنازل، والمربيات، والطاهيات، ومصففات الشعر، والممرضات، والبائعات، والسكرتيرات، والعاملات في مجالات التجميل والتطريز، وغيرهن.

كما أكد المحامي د.هاني سامح في دعواه أن الدستور المصري، خاصة المادة 62، يكفل حرية التنقل والهجرة والإقامة، ولا يجوز منع أي مواطن أو مواطنة من مغادرة البلاد إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وهو ما يجعل القرار الإداري المطعون عليه غير مشروع.

كما شددت الدعوى على أن الدستور نص بوضوح على المساواة بين المواطنين دون تمييز على أساس الجنس أو المستوى الاجتماعي، واعتبر أن التمييز جريمة يُعاقب عليها القانون، مما يجعل فرض قيود على سفر النساء استنادًا إلى حالتهن الاجتماعية أو الوظيفية قرارًا رجعيًا يتنافى مع قيم العدالة والمساواة.

وطالبت الدعوى المحكمة بإلغاء القرار الإداري لعدم مشروعيته، وإلزام الجهات المختصة بحظر أي تصنيف أو تمييز بين المواطنين والمواطنات في إصدار القرارات والمعاملات الحكومية، وعدم النظر إلى الوظيفة أو الجنس أو الحالة الاجتماعية كمعايير لحرية السفر والتنقل.

وبعد الاستماع إلى دفوع الأطراف، قررت المحكمة تأجيل نظر القضية إلى 31 مايو لاستكمال الإجراءات القانونية، وإثبات تدخل مواطنات لدعم القضية، بالإضافة إلى منح هيئة قضايا الدولة فرصة للرد على التقرير الصادر عن مفوضي مجلس الدولة، والذي أوصى بإلغاء القرار.

اقرأ أيضاًمصرع عامل دهسا أسفل لودر بموقع تحت الإنشاء بالواحات البحرية

إحالة دعوى عزل أطباء مستشفى العباسية للصحة النفسية لمفوضي المجلس

6 مصابين في حادث تصادم أتوبيس بعامود إنارة في أكتوبر

مقالات مشابهة

  • لـ 4 مايو.. تأجيل محاكمة 9 متهمين في قضية «أحداث مجلس الوزراء»
  • تأجيل محاكمة متهمي أحداث مجلس الوزراء إلى 4 مايو المقبل
  • تأجيل إعادة محاكمة 9 متهمين بقضية أحداث مجلس الوزراء لجلسة 4 مايو
  • كينيا تستضيف مؤتمرًا عالميًا في مايو حول أصالة التراث في إفريقيا
  • لـ 5 مايو.. تأجيل محاكمة متهم في قضية داعش بولاق
  • تأجيل محاكمة متهم بقضية داعش بولاق إلى جلسة 3 مايو
  • تأجيل محاكمة متهم بالانضمام لـداعش بولاق لجلسة 3 مايو المقبل
  • واشنطن بوست: إدارة بايدن تراجعت في آخر لحظة عن معاقبة إسرائيل
  • تأجيل دعوى إلغاء قرار منع النساء من السفر لـ السعودية لـ 31 مايو
  • في مايو..مايكروسوفت توقف خدمات "سكايب"