البوابة نيوز:
2025-01-29@00:02:12 GMT

«النمل والنحل» فى علاقة الآباء بالأبناء!

تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

من أجمل ما قرأتُ مؤخرًا عن علاقة الآباء بالأبناء مقال للدكتور جوزيف زيتون، وهو مفكر سورى معروف بعمله فى مجال الحفاظ على التراث والوثائق التاريخية. ولكنى اكتشفت فيه الفيلسوف فى علوم التربية أيضا، وقد لخَّصَ الدكتور زيتون التربية السليمة فى كلمتين لتسهيل فهم واستيعاب هذه العلوم التربوية، وكل كلمة منهما تتكون من ثلاث حروف؛ الأولى كلمة (نمل) بكل ما ترمز إليه الحشرة من قدرة على التدمير رغم صغرها.

وقد جمع تحت هذا العنوان الملفت المفاهيم التى يجب تجنبها فى العملية التربوية. أما الثانية فكلمة (نحل) بكل ما ترمز له من عمل ومثابرة واجتهاد - رغم كونها حشرة مثل النمل لكنها عظيمة الفائدة - ولخص فيها ما يجب العمل على تبنيه وتعظيمه.

بالنسبة لكلمة نمل فهى بدورها تلخص بحروفها الثلاثة مجموعة من النواهي، هي: حرف النون ويشير إلى النقد والذى يجب تلافيه فى التعامل مع الأبناء، لأنه يقلِّلُ ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم مهزومين فى داخلهم. أمًا حرف الميم، وهو الحرف الثانى فى كلمة نمل، فهو يشير إلى المقارنة التى يجب أيضًا تلافيها حتى لا يتسبب ذلك فى عقد للأبناء، كأن نقارنهم بأخوتهم أو أقرانهم فى المدرسة، أو حتى أبناء الجيران والأقارب؛ ويؤكد الدكتور زيتون على ضرورة التعامل مع كل ابن/ ة كطفل متميز، وحتى اختلافه هو تميّزٌ فى حد ذاته. ويقول إن المقارنة الوحيدة المسموح بها هى بين القدرات وبين الأداء وما يستطيع الطفل القيام به وما لا يستطيع، وهذا هو معنى الاختلاف الإيجابي.

نأتى للحرف الثالث وهو حرف اللام ويشير به إلى اللّوم ومرادفاته - وما أكثرها- وهذا أيضًا علينا تجنبه كما يقول الدكتور زيتون، فاللوم الكثير يشعر الأبناء بالذنب للدرجة التى تفقدهم الدافع النجاح، فى لحظة الضجر، وبالتالى تصبح المحاولة والاجتهاد بلا فائدة، ويدخل الطفل حينئذ فى مرحلة قبول الفشل حتى يهرب من التوتر وضربات الضمير الموجعة. ناهيك عن أن الفجوة تتسع بين الأبناء والآباء إذا سكنت هذه العلاقة فى منطقة مظلمة من النقد والمقارنة واللوم. ولا يمكن أن يبرأ الأبناء من تبعاتها. وللأسف، مجتمعاتنا العربية غارقة فى هذه المنطقة المظلمة، لذلك أمراض الأجيال متوارثة وتولِّدُ كوارث ليست فقط على الحيوات الشخصية وإنما على المجتمعات، خاصة أن الأبناء هم أنفسهم من يحكمون ويديرون الشركات بعد ذلك وكافة شؤون بلدانهم!

والسؤال هنا: ما هو الحل لهذه الأنماط من السلوكيات السلبية الكارثية؟

الإجابة يقدِّمُها الدكتور جوزيف زيتون أيضًا حيث يقترح المجموعة البديلة وهى التى يختصرها بكلمة (نحل) وحروفها الثلاثة التى تلخِّصُ قيمًا تربوية إيجابية؛ والبداية من حرف النون وهو مرادف لمفهوم النجاح. والنصيحة للآباء والأمهات بل وحتى المعلِّمين والمعلّمات بتعزيز شخصية الطفل بالإشادة والثناء والابتهاج تجاه ما يقوم به من واجبات وتصرفات والتعامل إزاءها على أنها دليل على النجاح، إلى أن يتحقق النجاح الفعلى والتقدم الذى يسعد الأهل والطفل على حد السواء.

يأتى بعد ذلك حرف الحاء، وهى تجمع صفات حسن الخلق، وعكسها الخشونة والعنف بأشكاله كافة. وما أحوج البيوت العربية لحسن الخلق، الذى دعت إليه كل الأديان، لكنّ السلوكيات التى نراها فى المسجد والكنيسة غائبة عن حياة الأسر اليومية، وتلك الازدواجية يلمسها الأبناء ويتعذبون بنارها، ولسان حالهم يقول "خيركم خير لأهله".

أخيرًا حرف اللام وهو المرادف للِّينِ؛ وهو مفقود مفقود يا ولدي، فلا لين ومرونة لدى الأهل بل العناد والصلف وعدم الإنصات للأبناء شيمتهم، وينسون قول الله سبحانه وتعالى: (ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك).

وهكذا فالرسالة التربوية هى محاربة النمل الذى ينخر فى شخصية الطفل من خلال سلبيات النقد والمقارنة واللوم. وفى المقابل الترحيب بالنحل من نجاح وحسن خلق ولين. وما أجملها رسالة، غابت عن الفلسفة التربوية داخل الأسرة العربية خلال التعامل مع أبنائنا. وكم أتمنى أن تستفيد البرامج الإعلامية من شخصيات ورموز عظيمة، مثل الدكتور جوزيف زيتون، حتى ننشر التوعية بالتربية الإيجابية ونعزز العلاقة بين أفراد الأسرة التى تُرِكتْ للفجوات تتسع فيما بينهم حتى أصبح الصدام هو السلوك اليومى العادي، ثم نستغرب بعد ذلك من التداعيات الكارثية كتدهور الاخلاق وغياب الحافز والتفكك الأسرى والعنف والجرائم وغيرها من الأمراض الاجتماعية!

ألفة السلامي: كاتبة صحفية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: علاقة الآباء بالأبناء

إقرأ أيضاً:

أستاذ علم نفس: الحب والتفاهم بين الزوجين أساس تربية الأطفال

أكدت الدكتورة رشا عادل، أستاذة علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، أن الحب والتفاهم بين الزوجين يشكلان حجر الزاوية لتربية الأطفال في بيئة نفسية صحية، مشيرة إلى أن الأسرة يجب أن تبني علاقاتها على مبدأ التفاهم المتبادل والتضحيات، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على تربية الأبناء.

تربية الأطفال في بيئة هادئة

وقالت أستاذة علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، خلال حوار مع الإعلامية مروة شتلة، ببرنامج «البيت»، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، «إذا كان الحب قائمًا بين الزوج والزوجة، فإن هذا يسهم بشكل كبير في تربية الأطفال في بيئة هادئة ومطمئنة، العلاقة العاطفية بين الوالدين تخلق جوًا نفسيًا مستقرًا في المنزل، ما يجعل الأطفال يشعرون بالأمان والراحة النفسية، وهو ما يساعد في تعزيز تواصلهم مع الوالدين وتقبلهم للنصائح والتوجيهات».

أضافت: «النبي صلى الله عليه وسلم قدم أعظم نماذج الحب في تاريخه مع سيدتنا عائشة رضي الله عنها، حيث كان يعبّر عن حبه لها بشكل مميز، قائلاً: حبي لك كعقدة في حبل لا أحد يستطيع حله، وقد كانت تستمتع بسؤاله المستمر عن حال هذه العقدة التي يصفها دائمًا بأنها كما هي، مؤكداً له حبًا لا ينتهي، كما كان يُظهر محبته العميقة لها في قوله: إن عيناي تنام وقلبي بحبك لا ينام».

الحياة الزوجية والعائلية

وتابعت: «عندما سئل عن أحب الناس إليه، كانت إجابة النبي واضحة عائشة، وحين سئل عن الرجال، قال: أبوها، أما عن حب علي بن أبي طالب لفاطمة رضي الله عنها، فقد كان حبًا كبيرًا يُذهب الحزن عن قلبه بمجرد رؤيتها، هذا الحب الذي ظهر في تعاملات الصحابة، يُعتبر مثالا رائعا لما يجب أن يكون عليه الحب في الحياة الزوجية والعائلية».

وأوضحت أنه يجب على الزوجين أن يظهروا الاحترام المتبادل أمام الأطفال، وأن يكون هناك توازن في التعامل بين الأب والأم في تربية الأبناء، بعيدًا عن الصراعات والنزاعات التي قد تؤثر سلبًا على نفسية الأطفال، لأنهم بحاجة إلى رؤية صورة متوازنة لوالديهم، حيث يعبر كل منهما عن الحب والاحترام تجاه الآخر، ليشعر الأبناء بأن هناك استقرارًا داخل الأسرة.

التربية السليمة للأبناء

وأضافت أيضًا أن هناك دورًا كبيرًا للوالدين في التربية السليمة لأبنائهم من خلال التحكم في مشاعرهم تجاه بعضهم البعض أمام الأطفال، حيث يجب أن يتم حل الخلافات بعيدًا عنهم، مؤكدة أن هذا يساعد في الحد من المشاكل النفسية والسلوكية التي قد يواجهها الأطفال في المستقبل.

وأشارت إلى أن الأسرة التي تقوم على هذه المبادئ تكون قادرة على تربية أبناء يتسمون بالاستقرار النفسي والعاطفي، ويشعرون بالتقدير والاحترام، لافتة إلى أنه إذا أردنا تربية أطفال صالحين، يجب أن نبدأ بأنفسنا، لأن الأبوين هما قدوة الأبناء، وبالتالي يجب أن يكون تعاملهما مع بعضهما البعض مبنيًا على الحب والاحترام المتبادل.

مقالات مشابهة

  • مفاجأة الدكتور «جمال شعبان»: مخ صغير في القلب و 40 ألف خلية عصبية
  • الدكتور محمد وسام: سيدنا نوح أول من أطلق على مصر أم البلاد (فيديو)
  • أستاذ علم نفس: الحب والتفاهم بين الزوجين أساس تربية الأطفال
  • بمناسبة عيد الحب.. ناصيف زيتون يحيي حفلا غنائيا في الأردن 15 فبراير
  • عبدالرحيم علي ينعي والدة الدكتور محمد كمال
  • 15 فبراير المقبل.. ناصيف زيتون يحتفل بعيد الحب في الأردن بحفل غنائي مميز
  • بعد الخلع.. رنا سماحة تثير الجدل بمنشور عن أذى الآباء
  • الصالون الثقافي في معرض الكتاب يناقش «الإنسانيات الرقمية»
  • لماذا تأكل قشر المانجو يا أبي؟
  • "زايد الكبرى للهجن".. عقود من العطاء لرياضة الآباء والأجداد