منى بنت حمد البلوشية

ظاهرة بات العالم كله يشتكي منها، ويعاني من تبعاتها وويلاتها، ويبحثها المهتمون بالعملية التربوية ونشأة الأجيال للوصول إلى طرق علاجها لخطورتها، حتى باتت تلقى اهتماماً غير عادي من المهتمين بقضايا ومشكلات التربية والتعليم في جميع أنحاء العالم؛ حيث تعتبر هذه الظاهرة سبباً للتعثر الدراسي للكثير من الطلبة، وقد تدفع البعض منهم لكره الدراسة وترك مقاعدها، ألا وهي ظاهرة العنف الشديد بين طلبة المدراس، الذي بلغ حدًّا من التوحش لدرجة أنَّ العالم تعامل معه باسم توصيفي جديد سماه "ظاهرة التنمر".

ولا يُمكن فصل مجتمعنا العربي والإسلامي وعزله عن المجتمع العالمي في ظل هذا التقارب الشديد بين الأفكار والمشكلات التي سُرعان ما تجوب الكرة الأرضية في دقائق معدودة، من خلال برامج التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية...وغيرها، حيث شاهدنا خلال الفترة الأخيرة ذلك المقطع الذي تم تداوله عبر برامج التواصل الاجتماعي بما يحمله من وحشية وتنمُّر على ذلك الطالب الذي كان طريح الأرض من شدة ما تعرَّض له من ضرب مُبرح من المُتنمِّر، والطلبة حوله يصفقون وكأنها مباراة ينتظرون من الفائز بها، وهذه الظاهرة ليست المرة الأولى التي نُشاهدها فهي مُتكررة وكثيرة منها، والمعتدَى عليه سيصبح مُتضرراً نفسيًّا مما سيعانيه مستقبلاً جراء ما حدث له وهو تحت الضرب المُبرح، وهناك العديد من مظاهر التنمر التي سأتحدث عنها في مقالي هذا.

فقد أصبحت المدارس مأوى لهذه الظاهرة، وأصبح انتشارها أمراً أثبتته العديد من الدراسات على مستوى العالم أكمل، مما شغل بال الكثير من المهتمين لهذه الظاهرة. ويُعرِفه ألويس النرويجي المؤسس للأبحاث حول التنمر في المدراس، بأنَّه أفعال سلبية مُتعمَّدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر، تتم بصورة متكررة وطوال الوقت. ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية بالكلمات؛ مثل: التهديد، والتوبيخ، والإغاظة، والشتائم، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل، أو حتى بدون استخدام الكلمات أو التعرُّض الجسدي؛ مثل: العبوس بالوجه أو الإشارات غير اللائقة، بقصد وتعمُّد عزله عن المجموعة، أو رفض الاستجابة لرغبته. وحسب ما قال ألويس، فلا يمكن الحديث عن التنمر إلا في حالة عدم التوازن في الطاقة أو القوة؛ أي في حالة وجود صعُوبة في الدفاع عن النفس. فالتنمُّر من أكثر المشاكل حضوراً بين المشاكل الأخرى التي تُعاني منها المدارس. وتُشير الدراسات إلى أنَّ ثمانية من طلاب المدارس الثانوية يتغيبون يوماً واحداً في الأسبوع على الأقل بسبب الخوف من الذهاب إلى المدرسة خشية التنمر.

وتوجَد نسب متفاوتة في المراحل الأخرى تتراوح ما بين 50 إلى 80% ممن يتعرضون لحالات التنمر، وهذه النسب مُخيفة وتدفعنا للتساؤل حول هذه الظاهرة وتحليلها بحثاً عن أسبابها وطرق علاجها. ويستغل المتنمر أوقاتاً مُحدَّدة ليقوم بفعلته إزاء أقرانه الذين يراهم أضعف منه بعيداً عن وجود الكبار: كأماكن الفسح المدرسية، وما بين الحصص واستبدالها، ودورات المياة، وأماكن انتظار الحافلات، وفي الطريق للمدرسة والعودة للبيت.

فمن أسباب التنمُّر التي تكثُر: استضعاف بنية الأقران؛ حيث يقوم المتنمِّر بالركل ووضع قدميه على جسد قرينه بدون مقاومة منه، مُستغلاً خروج المعلم من الصف، إضافة للنظرات المزعجة والشتائم، ومواقف كثيرة تُحكى وتحدث، فلا بد لنا من التخفيف من حدَّة هذه الظاهرة التي باتت مخيفة، ويتخوف منها الطلبة، مما يُؤثر سلبًا على مستوياتهم العلمية، وربما تؤدي لعاهات جسدية ونفسية –لا سمح الله- ترافقهم مدى حياتهم.

لذلك؛ لا بد من وضع قوانين صارمة إزاء هذه الظاهرة، والعمل من أجل التخفيف منها، وبحث السُّبل والطرق التي جعلت المتنمِّر يقوم بهذا الفعل، ووضع دراسة وأطر تحمي الطلبة جميعاً من هذه الأفعال المنتشرة التي باتت مؤرقة للمجتمع المدرسي، ولا بد من معرفة الأسباب التي تؤدي لظاهرة التنمُّر، وهذا سيكون في مقالي القادم بإذن الله تعالى، ودمتم وأبناؤكم الطلبة بأمن وأمان وإبداع وتميز.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إحصائيات : المغرب يجني 415 مليون يورو من الطلبة الأجانب

زنقة 20 | الرباط

كشفت إحصاءات نشرها وزير التعليم العالي السابق عبد اللطيف الميراوي، أن الطلبة الأجانب يدرون حوالي 415 مليون يورو على الاقتصاد الوطني.

ونشر الميراوي ، على حسابه لينكدن، أرقاما نقلا عن إحصاءات البنك الدولي و “كامبوس فرنسا”، جاء فيها أن المغرب يستقبل 23 ألف طالب معظمهم من أفريقيا ، و يساهمون بـ415 مليون يورو في الاقتصاد الوطني.

و أوضح أن الجهات التي تستفيد من هؤلاء الطلبة هي الجامعات و المدارس العليا بدرجة أولى عبر رسوم الدراسة ، بالإضافة إلى عائدات نفقات المعيشة ، من سكن ، و غذاء، مواصلات، الصحة.

أما العائدات غير المباشرة ، فتتعلق بالتوظيف المحلي، الضرائب، السياحة العائلية.

مقالات مشابهة

  • ظاهرة غامضة في عدن.. مياه البحر تتقدم 300 متر وتثير الذعر!
  • الأمير هاري يستقيل من جمعية خيرية بعد اتهامات بالتنمر
  • تقرير برلماني: مخرجات مؤسسات التعليم العالي لا تواكب سوق العمل
  • بعد حادثة طعن.. علماء الدين في كوردستان يحذرون من ظاهرة الأسلحة البيضاء
  • من التنمر إلى الاستغلال.. الوجه الخفي لعالم الألعاب الإلكترونية
  • مريم الجندي عن "منتهي الصلاحية" : شخصية نعمة صعبة وردود الأفعال فاجأتني 
  • مشروع أحمد النوفلي.. والظاهرة القرآنية
  • الطلبة يعلق نشاطاته الكروية وأي تعاون مع اتحاد الكرة (وثائق)
  • المكسيك.. إجراءات لافتة لمكافحة «السمنة» عند الأطفال
  • إحصائيات : المغرب يجني 415 مليون يورو من الطلبة الأجانب