الرقابة المالية والإدارية.. وحماية المال العام
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
عمير العشيت
alashity4849gmail.com
تعدُّ الرقابة المالية والإدارية إحدى أهم العمليات التي تحرص الدول على العمل بها، وهي من العناصر الرئيسية والفاعلة في حماية المال العام، وتحتلُّ العنصر الإستراتيجي في التسلسل الهرمي للضوابط الفاعلة والكفاءة والتخطيط والتنظيم وتحديد المسؤولية، لبلوغ الأهداف، كما توجد العديد من أنواع الرقابة؛ من بينها: الرقابة المالية التي تعني السياسات والإجراءات والوسائل التي يتم من خلاها التحقق من سلامة العمليات التي لها أثر مالي على الميزانية والقوائم المالية والحسابات الختامية الخاصة بالجهة.
بدأت مسيرة الرقابة في سلطنة عمان بعدة مراحل؛ بدءا من فجر النهضة المباركة، وصولا للمرحلة التي صدر فيها المرسوم السلطاني رقم 6/2021 بإصدار النظام الأساسي للدولة، وتمَّ النص بموجب المادة 66 منه على أنه "ينشأ جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة يتبع السلطان. يختص بالمتابعة المالية والإدارية لوحدات الجهاز الإداري للدولة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة؛ وذلك على النحو الذي يبيًنه القانون، وعلى الجهاز إرسال نسخة إلى كلٍّ من مجلس الوزراء ومجلس الدولة ومجلس الشورى".
ولا شك أنَّ اهتمام الحكومة بتفعيل جهاز الرقابة والمالية والإدارية في الدولة يُعطي انطباعا كاملا عن مكانتها الواسعة في أن تكون العين الرقيبة على المخالفات المالية والإدارية ورصدها بشفافية ومهنية، مما يؤدي بدوره لتحقيق الحوكمة والرقابة والتقييم لبلوغ سمو الأهداف الوطنية في تنمية البلاد.
وفي ظل تعيين الهيكل الإداري الحالي الذي يقوم بإدارة هذا الجهاز، فقد شهد الكثير من الإنجازات التي تُسجل في تاريخه؛ وذلك من خلال اتباع القيم والمبادئ المهنية المتعارف عليها، كالاستقلالية والنزاهة والشفافية، والموضوعات الحيادية، والكفاءة والفاعلية، والشراكة مع الأطراف ذات العلاقة، ونتيجة لذلك فقد تمكَّن جهاز الرقابة المالية والإدارية في خطة الفحص السنوي للعام 2022، كما ورد في موقعه الإلكتروني الرسمي، بتنفيذ إجمالي عدد 181 مهمة صَدَر عنها 147 تقريرًا رقابيًّا تضمنت نسبة الملاحظات 1591. كما وَرَد في تقريره السنوي للعام ذاته، أنَّه قام باسترداد مبالغ بقيمة 97.8 مليون ريال عماني لصالح الخزانة العامة؛ مما يعطي انطباعًا جيدًا على مدى حرص هذا الجهاز على الحفاظ على المال العام، وأيضا وعي المجتمع العماني بمسؤوليته الوطنية نحو بلده؛ من خلال التبليغ عن أي انحرافات أو أخطاء قد تحدث أثناء تنفيذ أي مشاريع عامة مرتبطة بالمال العام، وهذا واجبٌ وطنيٌّ وأخلاقيٌّ ودينيٌّ لا يجوز التفريط فيه لا من قريب أو بعيد، فـ"الساكت عن الحق شيطان أخرس"، بل قد يكون شريكا مباشرا أو غير مباشر في ارتكاب الخطأ، والجهاز فاتح أبوابه لكل مواطن يرغب في الإبلاغ عن أخطاء ارتُكِبت في المال العام، ولديه منصات ومنافذ للبلاغات عبر موقعه الإلكتروني تقوم باستقبال أي بلاغ على مدار الساعة.
لقد أشار حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- في أول خطاباته خلال توليه سُدة الحكم في البلاد إلى: "إننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل، وإعلاء قيمة ومبادئ وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة، لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها".
يُذكر أنَّ محافظة ظفار ما زالت تُعاني من مشاريع متعثرة ومتوقفة لأكثر من ثلاثة عقود، وهي مشاريع وطنية وحيوية ومهمة جدًّا ومُؤثرة في تنمية المحافظة والمال العام، وأنفق عليها ملايين الريالات، وإلى الآن ما زالت على وضعها الحالي؛ كمشروع منطقة وسوق الحصن، وشارع الكورنيش المجاور لمنطقة الحصن، ومجمع بلدية ظفار، والسوق المركزي، وسوق الذهب الجديد، ومبنى مُرافق لجامعة التقنية التابع لوزارة التعليم العالي بمنطقة السعادة، ودورات خط السير المُزمع إقامة جسور لتخفيف ازدحام المرور، ثم جاء الاقتراح بإنشاء إشارات ضوئية، إلى أنْ توقفت التوصيات وعادت الدوارات إلى الوضع السابق، مع إضافة بعض الصخور البيضاء على بعضها للزينة، ولا يزال الازدحام المروري مستمرًا، خصوصا في موسم الخريف، كما هي الحال في دوار إتين، ودوار حمرير، ودوار السعادة، كذلك ازدواجية طرق وشوارع المدن في صلالة. كلُّ هذه المشاريع الإستراتيجية تحتاج إلى تدخُّل جهاز الرقابة المالية بشكل مباشر للبحث عن أسباب تعثُّر وتوقُّف هذه المشاريع، وكتابة تقارير عنها، وتحويلها للجهات المختصة لتقييمها وتصحيح مساراتها، وهذا بلا شك سيؤدي لزيادة نسبة التنفيذ وحماية المال العام وصون مكتسبات الوطن، واستقطاب السياح وتخفيف الضغط على المدن والمنشآت الحكومية في ظفار وتشجيع الاستثمار.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«الرقابة المالية»: زيادة الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات التأمين
أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، القرار رقم 196 لسنة 2024، بشأن تحديد الحد الأدنى لرؤوس أموال الشركات العاملة في قطاع التأمين، وذلك تنفيذًا لأحكام قانون التأمين الموحد الصادر في يوليو 2024.
وألزم القرار الشركات العاملة في قطاع التأمين أن ترفع الحد الأدنى لرأس المال المصدر والمدفوع على مرحلتين على مدار سنتين ليصل إلى 400 مليون جنيه في المرحلة الأولى والتي تتم خلال سنة من تاريخ العمل بالقرار، ثم تتم زيادة رأس المال بالمرحلة الثانية ليصل إلى 600 مليون جنيه بنهاية العام الثاني من تاريخ العمل بالقرار.
شركات تأمينات الممتلكات والمسئولياتكما حدد القرار الحد الأدنى لرأس مال شركات تأمينات الممتلكات والمسئوليات التي تزاول أي من فروع تأمين البترول أو الطيران أو الطاقة، بنحو 400 مليون جنيه بالمرحلة الأولى خلال سنة من تاريخ العمل بالقرار، على أن تزداد القيمة بمبلغ 50 مليون جنيه لكل فرع يتم مزاولته ثم يتم زيادة رأس المال إلى 600 مليون جنيه، خلال سنتين من العمل بالقرار على أن تزداد بمبلغ 50 مليون جنيه لكل فرع يتم مزاولته.
شركات التأمين متناهي الصغرفيما ألزم القرار باقي الشركات المخاطبة بالقرار بتوفيق أوضاعها خلال سنة من تاريخ العمل به، حيث تم وضع الحد الأدنى لرأس مال شركات التأمين متناهي الصغر بقيمة 40 مليون جنيه، كما وضع القرار حدًا أدنى لرأس مال شركات التأمين المتخصصة في إحدى فروع التأمين بقيمة 75 مليون جنيه، وحدد القرار الحد الأدنى لرأس مال شركات التأمين الطبي المتخصصة بقيمة 75 مليون جنيه، فيما تم تحديد الحد الأدنى لرأس مال شركات إعادة التأمين بقيمة مليار جنيه.
وتأتي أهمية زيادة رأس مال شركات التأمين، من ارتباطه الوثيق بتعزيز الملاءة المالية للشركات وتحسين قدرتها على تأمين أخطار أكبر مدفوعة بقاعدة رأسمالية قوية تسهم في تعزيز مستويات الاستقرار المالي لقطاع التأمين، ومن ثم دعم الجهود الرامية لزيادة مستويات الشمول التأميني، كما يُمكن القرار الشركات من التعاقد واستخدام أحدث البرمجيات ونظم المعلومات التي تمكنها من تقديم أفضل خدمة ممكنة، بجانب زيادة قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الوثائق.
شركات تزاول مهنا وأنشطة مرتبطة بالتأميننص القرار على تحديد الحد الأدنى لرأس مال الشركات التي تزاول المهن والأنشطة المرتبطة بالتأمين، على أن يكون الحد الأدنى لرأس مال شركات إدارة برامج التأمين الطبي بقيمة 20 مليون جنيه، وشركات الوساطة في التأمين وإعادة التأمين بقيمة 5 ملايين جنيه، وشركات خبرة تقييم الأخطار وشركات خبرة المعاينة وتقدير الأضرار وشركات خبرة الاستشارات التأمينية وشركات الخبرة الاكتوارية بقيمة 3 ملايين جنيه لكل منهم.
على أن يكون رأس مال كافة الشركات المخاطبة بالقرار مدفوعًا بالكامل بالجنيه المصري أو ما يعادله بالعملات الأجنبية الحرة التي يقبلها البنك المركزي المصري.
كذلك ألزم القرار كافة الشركات بإعداد جدول زمني موضحًا به مراحل زيادة رؤوس أموالها وفقًا لأحكام القرار وموافاة الهيئة به خلال شهر من تاريخ العمل به، كما يُحظر على تلك الشركات توزيع أي أرباح نقدية على مساهميها قبل استيفاء متطلبات الحد الأدنى لرؤوس الأموال المشار إليها إلا بعد الحصول على عدم ممانعة من الهيئة.