اليوم معى حكاية الفنان التشكيلى نبيل درويش الذى ولد فى قرية السنطة القريبة من مدينة طنطا فى محافظة الغربية، فى 5 سبتمبر 1936، ورحل عن عالمنا عام 2002، وما بين الميلاد والرحيل الدراسة فى كلية الفنون التطبيقية، والتخرج فى قسم الخزف عام 1962، دكتوراه الفلسفة فى الفنون التطبيقية من كلية الفنون التطبيقية من جامعة حلوان عام 1981، حيث عاش الفنان التشيكلى الجميل «نبيل درويش» رحلة إبداع وشغف يصل إلى درجة التضحية بالصحة والمال والوقت لكى يترك لنا متحفاً خاصاً يضم بين جنباته أكثر من 3000 قطعة خزف، تنوعت بين مقتنياته وقطع خزفية فريدة، إلى جانب مكتبته وأدواته الفنية التى عمل بها، ما جعل متحفه قبلة لعشاق الفن التشكيلى والمتخصصين وتلاميذه يزورنه بالمجان منذ عام 1983.
والفنان نبيل درويش كان عشقه الأول الخزف ما جعله يتوصل إلى اكتشاف علمى مهم على مستوى الآثار وفن الخزف، حيث نشر فى جريدة الشروق بتاريخ 26 أبريل 2024، أنه من خلال دراسته التى نال على درجة الدكتوراه عنها، وانصبت على الخامات السوداء ذات الحرارة العالية، التى من خلالها يفسر سر القهوة السوداء فى أوانى ما قبل الأسرات فى الحياة المصرية القديمة، وقد استغرقت الدراسة من عام 1977 إلى 1981، وتوصل أيضاً إلى الرسم بالدخان على الإناء أوالطبق الخزفى، وهو ما يعتبره بدوره «إضافة جديدة لفن الخزف» حينها، ويتم ذلك بالتحكم فى الدخان أثناء عملية الاختزال (أى نزع الأكسجين من داخل الفرن ومن الطينة الخزفية والطلاءات وإضافة الكربون).
نتيجة هذه النقطة– الرسم بالدخان- توصل درويش إلى ما أسماه «طوق الحمامة»، ونجح فى أن يجعل الكائن الخزفى يكتسب ألوان الطيف مثل التى نشاهدها على عنق الحمامة، عن طريق توجيه الدخان إلى الجسم الخزفى حتى تظهر فيه هذه الألوان بتفاعل الكربون وخامة الطين تحت درجة حرارة متحكم فيها، وإثر هذا الأسلوب طلب متحف الفنون الشرقية بغرناطة اقتناء قطعتين من هذه الأعمال وطلب عمدة برلين اقتناء قطعة لمتحف برلين، ومتحف زيوريخ أيضاً.
حكاية الفنان التشكيلى «نبيل درويش» لم تنتهِ عند هذا الإرث الفنى النادر والفريد الذى تركه بمتحفه لكى تستفيد منه الأجيال القادمة من عشاق الفن وتلاميذه.
هزم الفنان أمام مقاول الهدم وصدر إنذار موجه من مركز مدينة أبوالنمرس التابعة لمحافظة الجيزة، فى يناير 2024، إلى ورثة الفنان الراحل نبيل درويش، بضرورة إخلاء المبنى لتوسعة وتطوير الطريق من (المنصورية إلى المريوطية) بطول 3,5 كم.
فقد أعلنت أسرة الفنان التشكيلى الراحل نبيل درويش عبر الصحف، تلقيها إخطاراً بضرورة إخلاء متحف الفنان الراحل ومنزله فى غضون أسبوعين، للبدء فى تنفيذ قرار هدم متحفه الواقع على طريق سقارة السياحى بمحافظة الجيزة، وذلك ضمن أعمال توسعة دائرى المريوطية.
قرار الهدم صادم وحزين، الكل يكتب لدرجة الصراخ مطالب بوقف قرار هدم متحف الفنان «نبيل درويش» بل هناك مناشدات دولية تطالب بوقف الهدم وصلت لأعلى هيئة متخصصة لحفظ التراث الأنسانى حيث أرسلت الأكاديمية الدولية للخزف بسويسرا التابعة لهيئة اليونسكو، فى 6 أبريل 2024، خطاب رسمى لوزارة النقل تطالب بإعادة النظر فى قرار هدم المتحف نظرا للقيمة الفنية للفنان الراحل.
ربما كلماتى السابقة المطالبة أيضاً بوقف هدم متحف الفنان الراحل «نبيل درويش» تذهب أدراج الرياح، وتكون كلمة النهاية لصوت معوال الهدم الأعلى والأسرع، ولكن يبقى حق الصراخ، القدرة على الحزن والشعور بالتعاسة لما يحدث متاح لأمثالى من محبى الفن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الفنان التشكيلي نبيل درويش مدينة طنطا محافظة الغربية نبیل درویش
إقرأ أيضاً:
حكاية أطفال الأنابيب (٢)
يبدأ طفل الأنابيب بالتحام الحيوان المنوي بالبويضة في المختبر، و هذا يعنى أن نحصل من مبيض الأم على بويضة ناضجة، أو مجموعة بويضات ناضجة، ثم تحضير السائل المنوي من الزوج ، واستخراج الحيوانات المنوية. بالطريقة التقليدية يجمع عدد كبير من الحيوانات المنوية مع البويضة في طبق مخبري يوفر أجواء مثالية لكى يخترق واحد من هذه الحيوانات جدار البويضة، و تلتحم المادة الجينية للحيوان المنوي بالمادة الجينية البويضة، و بمشيئة الله يحدث أن تبث الحياة في البويضة المخصّبة، و تبدأ الخلية بالانقسام إلى مجموعة خلايا، و بعد خمسة أيام من اتحاد الحيوان المنوي بالبويضة، يصبح المسمَّى جنينا، و تتم إعادته إلى الرحم.
الأغلب حاليا ألا يتم العمل بهذا الشكل التقليدى الذي شرحناه، و لكن يقوم الطبيب بعمل تلقيح مجهري، و يتم ذلك لزيادة احتمالات النجاح، و خاصة إذا كان عدد الحيوانات المنوية قليلا، أو أن هناك عيب كبير في قدرتها على الحركة، و بدلا من أن تترك المسألة لقدرة الحيوان المنوي الذاتية على اختراق جدار البويضة، يتم استخدام أنبوبة مخبرية دقيقة تحمل الحيوان المنوي و تخترق جدار البويضة ، و قد أصبح هذا هو الغالب في مختبرات أطفال الأنابيب.
في بداية تاريخ أطفال الأنابيب كانت البويضة تؤخذ من الأم التى وصل المبيض فيها إلى مرحلة إنتاج بويضة ناضجة بالطريقة الطبيعية، و حيث أن كثيرا من الأخوات لا تكتمل لديهن الدورة المبيضية بحيث نحصل على البويضة الناضجة، كان لا بد من اتباع طرق علمية تحقق اكتمال الدورة المبيضية حتى مرحلة البويضة كاملة النضج، ليتم استخراجها جاهزة للتلقيح المجهري، والسؤال كيف؟
تمكن العلم من فهم الطرق الفسيولوجية التى توصل المبيض لإنتاج البويضه الناضجة، وهذا قادنا إلى التوصل إلى صناعة الأدوية المشابهة تركيبا و وظيفة للهرمونات التي تفرزها أجهزة الجسم، و تؤدى إلى تحفيز و اكتمال الدورة المبيضية حتي نحصل على البويضات الناضجة.
و بتبسيط شديد يمكن شرح هذه الدورة الفسيولوجية كالتالي : يحتوى كل مبيض على آلاف الجريبات، و كل جريب منها يحتوى على بويضة بدائية ( غير ناضجة)، في الأحوال الطبيعية تدخل عدد من هذه الجريبات في عملية إنضاج ينتهى واحد منها أو اثنين للوصول إلى البويضة الناضجة. و لحدوث هذه الدورة و اكتمالها، فإن المبيض يكون تحت تأثير حافز يفرزه الفص الأمامي للغدة النخامية الموجودة في المخ وهو هرمون (FSH ) ، وعند الوصول إلى هذه المرحلة، يلزم إخراج البويضة الناضجة من الجريب الذي يحتويها، و يتم هذا إذا تعرضت لمؤثر يعمل كمشغل العربة، يعنى مثل طفرة فجائية، و هذا الحافز هو هرمون ( LH ) ، وهو يُفرز عند توفر شروط خاصة لها علاقة بمستوى هرمون الاستروجين الذي ينتج من المبيض، وعدم خروج هذا الهرمون في الوقت المناسب، أو خروجه قبل اكتمال نضج البويضة، يعنى عدم القدرة على الحصول على البويضة الناضجة. و هذه العمليات العبقرية التى تحدث يوميا مع آلاف الانات تخضع لإدارة منطقة في الدماغ ( hypothalamhs ) و يسميها العرب المهاد أو الوطاء، و يصدر عنها مواد تتحكم في الدورة الهرمونية التى تحدث في الغدة النخامية و من ثم في المبيض.
وعندما تم اكتشاف تركيب هذه الهرمونات و الحصول عليها بعدة طرق أحدثها طريقة الهندسة الوراثية، أصبح استخدامها يؤدي إلى الحصول على عدد أكبر من البويضات الناضجة، و هذا يزيد من فرص النجاح، كما أمكن تفادى خروج هرمون ( LH ) قبل الوقت المناسب، و ذلك باستخدام أدوية تلغى تأثير العوامل التى يفرزها المهاد،و بالتالى نصل إلى التحكم الكامل بعملية الإباضة دون تدخل الجسم، وهذا أيضا أدى إلى زيادة فرص النجاح.
SalehElshehry@