جولات التراخيص النفطية… ضرورة اقتصادية أم فخ جديد للفساد؟
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
مايو 19, 2024آخر تحديث: مايو 19, 2024
بغداد – في ظل النقاشات المتواصلة حول إدارة ثروات العراق النفطية والغازية، تبرز جولات التراخيص الخامسة والسادسة كموضوع رئيسي يثير الكثير من الجدل. بينما تهدف الحكومة إلى جذب الاستثمارات وتحقيق التنمية الاقتصادية، يخشى الخبراء النفطيون أن تكون هذه الجولات فخًا لتعميق الفساد وإهدار الموارد.
منذ الجولة الأولى للتراخيص، اعتمد العراق على عقود المشاركة الاستثمارية لإدارة موارده النفطية والغازية. ومع ذلك، تعرضت هذه العقود لانتقادات واسعة بسبب عدم إلزام الشركات بشروط حيوية تشمل استثمار الغاز المصاحب الذي يُعد مصدرًا رئيسيًا للطاقة بدلاً من إهداره، واتباع تقنيات حديثة لتقليل الانبعاثات وحماية البيئة، وتشغيل الكادر العراقي بنسبة لا تقل عن 50 إلى 60% لتعزيز فرص العمل المحلية، بالإضافة إلى الرقابة الحكومية للحفاظ على الموارد ومنع الهدر.
من جانبه، قال الأستاذ صباح علو، المختص بالسلامة النفطية والطاقة، يوضح أن السياسة الحالية للحكومة في منح عقود التراخيص لم تكن فعالة في تحقيق الفائدة القصوى للعراق. ويرى علو أن الشروط الجديدة للجولة الخامسة المكملة والجولة السادسة يجب أن تكون أكثر فائدة للعراق من خلال توجيه الاستثمارات نحو الصناعات التحويلية للنفط والغاز والبتروكيماويات بدلاً من مجرد إنتاج وتصدير النفط الخام. ويقول علو: “نحن بحاجة إلى تحويل الاستثمارات نحو التصنيع المحلي لتعزيز الإيرادات غير النفطية”.
أحد الانتقادات الرئيسية الموجهة للجولات الحالية هو غياب الاستثمار في الغاز الحر. حيث تشير الاحصائيات الى ان العراق لديه احتياطي مستكشف يبلغ 4.3 تريليون متر مكعب من الغاز، ومع ذلك، لم تتضمن التراخيص الأخيرة استثمارات في حقول الغاز الحر مثل حقل المنصورية وعكاز. يتساءل علو: “لماذا نتجاهل فرصة استثمارية ضخمة كهذه في وقت يزداد فيه الطلب العالمي على الغاز؟”.
يدعو علو الحكومة إلى إصدار توجيهات لإنشاء منظومات طاقة شمسية في جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية، مما سيساهم في تقليل التلوث وتخفيف الاعتماد على الشبكة الوطنية. هذا التحول نحو الطاقة المتجددة يعد ضرورة ملحة لمواجهة تحديات المستقبل.
يثير الخبراء تساؤلات حول مدى حاجة العراق لجولات التراخيص الجديدة في ظل فائض الإنتاج النفطي والتزام العراق بحصص “أوبك+” التي تفرض تخفيض الإنتاج للحفاظ على الأسعار. يزداد القلق من أن تكون هذه الجولات فرصة جديدة للفساد، مع استمرار الحكومة في منح العقود دون منافسة شفافة وعادلة.
الأستاذ صباح علو يشدد على أن كثرة الإحالات المباشرة للعقود تزيد من احتمالية الفساد. ويقول: “الإصرار على منح العقود بشكل مباشر دون منافسة شفافة يشكل بيئة خصبة للفساد ويزيد من هدر الموارد”.
يشدد الأستاذ صباح علو على ضرورة إعادة تقييم جولات التراخيص والتركيز على استثمار الغاز الحر وتحويل النفط والغاز إلى صناعات تحويلية، مع الالتزام بالشفافية والحد من الفساد. يجب أن تركز الحكومة على تنمية اقتصادية مستدامة تلبي احتياجات المستقبل وتستفيد من موارد العراق بشكل أفضل. ويضيف: “الحكومة بحاجة إلى اتخاذ إجراءات جريئة لتصحيح المسار وضمان تحقيق فوائد حقيقية للاقتصاد العراقي”.
في النهاية، يبقى السؤال: هل ستتمكن الحكومة من تحويل هذه الجولات إلى فرصة حقيقية للتنمية، أم ستظل فخًا لتعميق الفساد وإهدار الموارد؟ الوقت سيكشف الإجابة، ولكن الاستمرار في نفس النهج لن يؤدي إلا إلى المزيد من التحديات والخيبات. يحتاج العراق إلى استراتيجيات جديدة وإصلاحات جذرية لضمان الاستفادة القصوى من ثرواته الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة التي يستحقها الشعب العراقي.
مرتبط الوسوماخبار العراق العراقالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: اخبار العراق العراق
إقرأ أيضاً:
مستشار حكومي: العراق قوة اقتصادية فاعلة في جذب الفرص الاستثمارية في مجالات التنمية
آخر تحديث: 24 أبريل 2025 - 11:27 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح، الخميس، النهضة العمرانية من أهم فعاليات السياسة الحكومية وفعالياتها الاقتصادية، فيما بين أن الناتج المحلي يدفع العراق نحو استدامة تنموية أسرع من المتوقع.ونقل الإعلام الرسمي عن صالح، في تصريح صحفي، إن “كون العراق القوة الاقتصادية الثالثة في غرب آسيا بين الدول العربية في مركب الناتج المحلي الإجمالي بعد المملكة العربية السعودية والإمارات، فإنه مؤشر يأتي باتجاهين؛ الأول: القدرة المتسارعة على توافر الانطلاق في التنمية بأشواط بعيدة، مؤكداً تحقق السرعة والتطور غير المسبوق لبلادنا في فرض الاستقرار الاقتصادي والسياسي الكبير الذي تحقق للعراق”.وأوضح، “أما الثاني، فهو يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي، ويؤكد على المستوى الداخلي أيضاً أن بلادنا هي قوة اقتصادية فاعلة في جذب الفرص الاستثمارية في مجالات التنمية، وفرتها بيئة الاستقرار الكبيرة في السنوات الأخيرة، باتجاه دعم استدامة التنمية بسرعة أكبر من المتوقع لها”.وتابع صالح: “فالنهضة العمرانية وانطلاق برامج البنية التحتية والخدمات، هي من بين أهم الفعاليات في السياسة الحكومية وبرنامجها الاقتصادي، ولم تتوقف لثبات نجاحها في التعجيل، لكي تحتل بلادنا موقعها الجيو اقتصادي كمسار واعد أشره ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي العالي”.وأضاف إن “ما نراه من مؤشرات إيجابية لمصلحة العراق بين اقتصاديات غرب آسيا، قد أسّس لعصر اقتصادي جديد للعراق، أخذ يراكم بشكل متسارع من معدلات التنمية المسبوقة بقوة الاستقرار، الذي كان (شرط الضرورة) ليحتل بلدنا المركز الثالث في تقدم الناتج المحلي الإجمالي (كشرط كفاية) وبتماسك عالٍ”.وأشار مستشار رئيس الوزراء إلى أن “هذا التماسك ظلت ركيزته الدور التشاركي والمؤسساتي الفاعل للسلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقانونية، في تخطي تجربة السنوات الصعبة، لتحقيق ركني التقدم المنشود نحو ضمان المستقبل، وبناء مستقبل الرفاهية والاستقرار والتنمية، ما أكسب البرنامج الحكومي الحالي القدرة على بلوغ أهدافه الإيجابية في تحقيق النجاحات الاقتصادية الواسعة النطاق بلا شك”.