لجريدة عمان:
2024-12-27@19:58:06 GMT

لم يعد من المناسب لهم أن يقتلوك

تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT

(1)

لا أعطيكِ القُبلة، ولا تبغيني البلاد، وهناك ما هو أسوأ من ذلك فيما يتعلَّق بالوطن حين نتفكَّرُ في الأشياء الصغيرة التي تخصُّنا، وتخصُّ غيرنا (أحيانًا).

(2)

مصابٌ أنا برقبة حادَّة فيها دماء آخرين جاؤوا قبلي، وغيرهم ممن سيمضون بعدي، وسيوف كثيرة، وأحلام بسيطة، وقول حَرِج أمام الجميع.

(3)

يكتمل النِّسيان في مشروعٍ جليلٍ (لم أكن أناديكِ كي لا تسمعيني).

(4)

ذات صباح أحببتكِ، وفي مساء اليوم نفسه حاقَ بي قطار بضائع:

«ثمَّة في البسيطة أمكنة احتياطيَّة محجوزة لنا نحن الذين كقطارٍ دائخٍ في الظَّلام» (عبدالقادر الجنَّابي).

(5)

يا أنتِ: لم تعودي شخصًا، بل غدوتِ مناخًا (وهذا أسوأ من كل وبال يمكن أن يحدث على هذه الأرض).

(6)

أدَّخر الذكريات (أقول هذا وقد انكسرت الجِرار).

(7)

ألاقي حتفي في الأعالي. أهلِكُ لدى قوس قزح.

لا أستغفر الألوان، ولا أنكصُ.

(8)

أتفكَّرُ في المُهرِّج: هو الوحيد الذي يدير كل شيء، ويعرف جيَّدًا أولئك الذين سقطوا ضحكًا، أو موتًا، أو ندمًا (لكن، ليس بالضبط كما في حالة سينما فدريكو فليني).

(9)

أنا وحيدٌ تمامًا (ولم أعد أحتاج إليكِ كي أكون أكثر عزلة).

(10)

هل ذهبت حياتي كلّها سدى وأنا أحاول كل جهدي ألا أكون موجودًا ونَسْيًَا منسيًَّا؟

لا أعتقد (وهذا بالضبط هو مكمن الكارثة المُضاعفة).

(11)

هذا الصِّنف من الخمر لا يقتل، وهذا النَّوع من الحب لا يصيب بالخَبال، وهذا الضَّرب من الكتابة يقول أكثر مما ينبغي ولا يبوح بشيء، والبلاد تنسى كثيرًا، ولن أذهب إلى حانة أخرى كي أتذكَّر.

(12)

يقهقهون كمن لهم قلبٌ رحيمٌ في نهاية السَّهرة، والكثير من التُّراب الفاجر حين تبدأ السَّكرة.

(13)

لا عليك منهم، ولا تكترث بهم (أمامك البحر، وخلفك الحرب، وعلى يمينهم البحر، وعلى يسارهم ترابٌ متعفِّن أكثر من ديدان القبر).

(14)

غادر كل من انتظرتَ (والأسوأ من ذلك هو أن كلهم سيجيئون).

(15)

غدرت بهم النِّصال، وخذلتهم الحوافر استعدادًا للمعركة (التي لم تحدث لغاية الآن).

(16)

ما أسعده: لا يزال نائمًا لغاية الآن في حجر أُمِّه (منذ عهد المسرح الإغريقي، ومرورًا بالمسيح، وبعد صدور أحكام الإعدامات في الحقبة ما بعد الصَّليبيَّة).

(17)

سافر أحد مواطني البلد الأكثر سعادة في العالم، وقرَّر ألا يعود.

(18)

يذهب بي الموت، ويعيدني الموت (لهذا معاناتي كبيرة).

(19)

لم يعد الثَّكل مَنوطًا بالأمِّ وحدها، ولا اليُتم بالابن فقط.

على الموت أن يُعَرِّفنا.

(20)

التاريخ مشقَّة الآخرين، وكتابة آخرين عن الآخرين في الآخرين للآخرين (وهذا لم يعد يُقْنِعِني ولا يُرضيني).

(21)

على المرء أن يفقد ذاكرته بين حين وآخر. لكن، على ذلك أن يحدث في الوقت المناسب تمامًا من باب عدم إلحاق أذى كبير أو ندمٍ كثير (وهذا مما لم يحدث في ليل البارحة المُثْخَنَة، لأسفٍ قليلٍ أو كثير).

(22)

لن أموت في هذه الليلة. سأموت في ليلة أخرى، بعيدة عن الرَّمل والجدارة.

(23)

لا أحد يستطيع أن يسعفني أمام البحر، والسينما، والذِّكريات: لا أحد يستطيع أن يسعفني بعد ما هو قبل ذلك.

(24)

الموت صورة أصلها مفقود (وعليه أن يبقى كذلك على الرغم من ضخامة المجلَّدات التي في مكتبات الحاضرين والغائبين).

(25)

الشَّجرة عذر آخر لعجز الشُّعراء، واعتذارٌ من شجرة أخرى.

(26)

في الضَّريح، تصلُح الضِّحكة، ويُسمَحُ بالعلكِة، ولا تجوز البَسْمَة، ويَعُمُّ الهلاك.

(27)

الذين قتلونا لا يزالون يجدون صعوبة في كتابة الوثائق وإسدال السِّتار.

(28)

في البدء كان ما لن نعرف أبدًا.

فيلمي «الصُّقور والعصافير» يجعل بين المسيحيَّة والماركسيَّة علاقة جليَّة، وعلى وجه التحديد العلاقة بين الغموض والعقل. إن العقل يفي بالغرض إلى نقطة معيَّنة لا يستطيع بعدها أن يستجيب، فيأتي الغموض» (بيير باولو بازوليني، من حوار مع جون براجن).

(29)

أتذكر ليلة نيويوركيَّة شتويَّة شديدة البرودة في قلب مانهاتن، عند المنطقة التِّجاريَّة تمامًا، قبل حوالي خمس وثلاثين سنة.

كانت هناك، على رصيف يترنَّح عليه السُّكارى والمُخَدَّرون، وأولئك الذين يمشون باستقامة لا خمر ولا حشيش عليها، امرأة شعثاء مُسنَّة ترتدي الخِرَق والأسمال وهي تصرخ من خلف برميل تشتعل فيه نار تتدفأ بها، مردِّدة بصوتٍ كأنه آتٍ من مصائر نبوءات مغدورة: «الرأسماليَّة لا تصلح، ولن تصلح أبدًا»!، من دون أن يعيرها أحد أي اهتمام.

أتذكرها فجأة في هذه الليلة، هكذا من دون سبب عدا أننا لا نعرف أبدًا طريقة عمل الذَّاكرة، وأقول لها من بعيد (سواء لا تزال أو لم تعد موجودة هناك): «الرأسماليَّة لا تصلح، ولن تصلح أبدًا».

(30)

تَشِي السَّفينة الغريقة بالطِّفل الذي سيغمره الضَّباب والبحر إذ لا بد من استدعاءٍ تنويعيٍّ على بعض ما يحدث في فيلم «منظر طبيعي في السديم» لِثيو أنغِلوبولُس (تقريبًا، أحسد ذلك الطفل كما أحسد محفوظة حبيب).

(31)

كل ثقة بالنَّفس مناورةُ ومداراة فشلٍ ما (قد لا يعلمه أحد، وعلى الأرجح يعلمه صاحبه).

(32)

آه أيتها السِّدرة التي على طرف الحارة: من يختبئ خلفك الليلة انتظارًا للموعد الغرامي وقد أزالت البلد وزرات كلَّ مجز الصُّغرى ولم يبقَ سوى صفير السَّراب؟

(33)

يا إلهي، كيف تمكَّن من أن تكون له كل تلك الحناجر والألسن في حوالي ساعة واحدة فقط من عمر الفانية؟

(34)

الطُّفولة، والصِّبا، والشَّباب: لحظات اكتشاف الانتهاء (لغاية الآن).

(35)

انتبه واحذر أكثر من أي وقت مضى: لم يعد من المناسب لهم أن يقتلوك.

عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لم یعد

إقرأ أيضاً:

سيناريوهات ما بعد الـ 60 يوماً..


لا تزال اسرائيل تخرق قرار وقف اطلاق النار وتنفذ عمليات تسلل برية وتفجيرات، اضافة الى غارات جوية وان كانت تراجع عددها في المرحلة الاخيرة، ولعل تبرير البعض لكل هذه الخروقات بأنها مبنية على اتفاق ثنائي بين اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية، لا يلغي امكانية حصول تداعيات خطيرة في حال استمرت الخروقات بعد الايام الستين.

من المؤكد ان تلقي "حزب الله" لضربات قاسمة خلال الحرب ساهم في تكريس سلوكه الحالي وتعامله بروية مع كل ما يحصل، والاكيد ايضا ان قطع خط الامداد سيلعب دورا كبيرا في عدم ذهاب "حزب الله" الى مستويات كبيرة من التصعيد العسكري، وعليه فإن الانتظار اليوم سيد الموقف في ظل عدم قدرة الحزب على غض النظر طويلا لان ذلك سيكرس فكرة انه مهزوم ما سيمنعه على المدى القريب من ترميم قدراته والتحرك بشكل جدي.

يعمل "حزب الله" على تنفيذ القرار 1701 بشكل كامل وجدي وهذا ما يظهره الواقع جنوب الليطاني والتصريحات العلنية وفي الجلسات المغلقة لقادة الحزب ومسؤوليه، لكن تنفيذ القرار من طرف واحد ليس واردا لدى الحزب، اذ انه لا يمكنه ابدا السكوت على استمرار الخروقات الاسرائيلية بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوماً التي قبل بها من دون قناعة فعلية بجدواها.

السيناريو المثالي لمرحلة ما بعد الـ 60 يوما هو انتهاء الخروقات وانسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان بالكامل وهذا الامر سيؤدي الى استقرار طويل المدى، اذ يقول بعض المطلعين ان عقودا من الزمن ستمر من دون اي معارك بين لبنان واسرائيل. اما السيناريو الثاني فهو الذهاب الى انسحاب كامل للجيش الاسرائيلي مع استمرار الخروقات وهذا ما قد يتعايش معه الحزب لفترة الى حين ترميم قدرته والعمل على استعادة الردع بشكل او بآخر كما فعل منذ بداية التسعينيات حتى العام 2000.

اما السيناريو الثالث فيقوم على بقاء الجيش الاسرائيلي في الجنوب بعد انقضاء مهلة الـ 60 يوما، وهذا ما قد يشكل فرصة غير متوقعة للحزب، اذ سيستغل الحزب هذا الامر للعودة الى العمليات العسكرية ضد الجيش الاسرائيلي بما يشبه عملياته قبل التحرير وهو بذلك سيحظى بشرعية كاملة من الداخل اللبناني ومن الواقع الدولي، وسيكون الحزب عندها يملك القدرة السريعة على بناء الردع مجددا خصوصا ان اسرائيل لن تنسحب بسرعة الا بعد تعرضها لاستنزاف كبير، لذلك فإن هذا السيناريو الخطير الذي قد يؤدي الى الحرب مجددا.

كل هذه السيناريوهات ستتأثر حتما بالواقع الاقليمي والدولي، وتحديدا التطورات في الساحة السورية وقدرة "حزب الله" على استعادة خط الامداد عبرها او بطرق اخرى، كذلك في الداخل الاسرائيلي، اذ ان الفوضى السياسية في اسرائيل سيساهم في تكرار الحزب تجربة ما بعد حرب 2007 من إلتفاف على القرار 1701..
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • إنقاذ عامل من الموت بعد انهيار ورش بناء بطنجة
  • جلسة انتخاب من دون رئيس
  • الموت في طريقه إليك فلا تجتهد لتعرف من (ياتو ناحية)
  • توجيه عاجل بإنهاء ملف طريق الموت في محافظة عراقية
  • نصار زار بكركي لتهنئة الراعي بعيد الميلاد... وهذا ما أطلعه عليه
  • قائد الجيش غادر إلى السعودية.. وهذا ما سيبحثه هناك
  • إيمان أيوب تكشف تفاصيل عودتها للتمثيل بعد غياب سنوات: انتظر السيناريو المناسب
  • شفرةُ الموت وعقيدة التكفير
  • سيناريوهات ما بعد الـ 60 يوماً..
  • انقاذ 6 أشخاص من الموت إختناقا بالغاز في برج بوعريريج