لجريدة عمان:
2025-03-31@09:45:32 GMT

لم يعد من المناسب لهم أن يقتلوك

تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT

(1)

لا أعطيكِ القُبلة، ولا تبغيني البلاد، وهناك ما هو أسوأ من ذلك فيما يتعلَّق بالوطن حين نتفكَّرُ في الأشياء الصغيرة التي تخصُّنا، وتخصُّ غيرنا (أحيانًا).

(2)

مصابٌ أنا برقبة حادَّة فيها دماء آخرين جاؤوا قبلي، وغيرهم ممن سيمضون بعدي، وسيوف كثيرة، وأحلام بسيطة، وقول حَرِج أمام الجميع.

(3)

يكتمل النِّسيان في مشروعٍ جليلٍ (لم أكن أناديكِ كي لا تسمعيني).

(4)

ذات صباح أحببتكِ، وفي مساء اليوم نفسه حاقَ بي قطار بضائع:

«ثمَّة في البسيطة أمكنة احتياطيَّة محجوزة لنا نحن الذين كقطارٍ دائخٍ في الظَّلام» (عبدالقادر الجنَّابي).

(5)

يا أنتِ: لم تعودي شخصًا، بل غدوتِ مناخًا (وهذا أسوأ من كل وبال يمكن أن يحدث على هذه الأرض).

(6)

أدَّخر الذكريات (أقول هذا وقد انكسرت الجِرار).

(7)

ألاقي حتفي في الأعالي. أهلِكُ لدى قوس قزح.

لا أستغفر الألوان، ولا أنكصُ.

(8)

أتفكَّرُ في المُهرِّج: هو الوحيد الذي يدير كل شيء، ويعرف جيَّدًا أولئك الذين سقطوا ضحكًا، أو موتًا، أو ندمًا (لكن، ليس بالضبط كما في حالة سينما فدريكو فليني).

(9)

أنا وحيدٌ تمامًا (ولم أعد أحتاج إليكِ كي أكون أكثر عزلة).

(10)

هل ذهبت حياتي كلّها سدى وأنا أحاول كل جهدي ألا أكون موجودًا ونَسْيًَا منسيًَّا؟

لا أعتقد (وهذا بالضبط هو مكمن الكارثة المُضاعفة).

(11)

هذا الصِّنف من الخمر لا يقتل، وهذا النَّوع من الحب لا يصيب بالخَبال، وهذا الضَّرب من الكتابة يقول أكثر مما ينبغي ولا يبوح بشيء، والبلاد تنسى كثيرًا، ولن أذهب إلى حانة أخرى كي أتذكَّر.

(12)

يقهقهون كمن لهم قلبٌ رحيمٌ في نهاية السَّهرة، والكثير من التُّراب الفاجر حين تبدأ السَّكرة.

(13)

لا عليك منهم، ولا تكترث بهم (أمامك البحر، وخلفك الحرب، وعلى يمينهم البحر، وعلى يسارهم ترابٌ متعفِّن أكثر من ديدان القبر).

(14)

غادر كل من انتظرتَ (والأسوأ من ذلك هو أن كلهم سيجيئون).

(15)

غدرت بهم النِّصال، وخذلتهم الحوافر استعدادًا للمعركة (التي لم تحدث لغاية الآن).

(16)

ما أسعده: لا يزال نائمًا لغاية الآن في حجر أُمِّه (منذ عهد المسرح الإغريقي، ومرورًا بالمسيح، وبعد صدور أحكام الإعدامات في الحقبة ما بعد الصَّليبيَّة).

(17)

سافر أحد مواطني البلد الأكثر سعادة في العالم، وقرَّر ألا يعود.

(18)

يذهب بي الموت، ويعيدني الموت (لهذا معاناتي كبيرة).

(19)

لم يعد الثَّكل مَنوطًا بالأمِّ وحدها، ولا اليُتم بالابن فقط.

على الموت أن يُعَرِّفنا.

(20)

التاريخ مشقَّة الآخرين، وكتابة آخرين عن الآخرين في الآخرين للآخرين (وهذا لم يعد يُقْنِعِني ولا يُرضيني).

(21)

على المرء أن يفقد ذاكرته بين حين وآخر. لكن، على ذلك أن يحدث في الوقت المناسب تمامًا من باب عدم إلحاق أذى كبير أو ندمٍ كثير (وهذا مما لم يحدث في ليل البارحة المُثْخَنَة، لأسفٍ قليلٍ أو كثير).

(22)

لن أموت في هذه الليلة. سأموت في ليلة أخرى، بعيدة عن الرَّمل والجدارة.

(23)

لا أحد يستطيع أن يسعفني أمام البحر، والسينما، والذِّكريات: لا أحد يستطيع أن يسعفني بعد ما هو قبل ذلك.

(24)

الموت صورة أصلها مفقود (وعليه أن يبقى كذلك على الرغم من ضخامة المجلَّدات التي في مكتبات الحاضرين والغائبين).

(25)

الشَّجرة عذر آخر لعجز الشُّعراء، واعتذارٌ من شجرة أخرى.

(26)

في الضَّريح، تصلُح الضِّحكة، ويُسمَحُ بالعلكِة، ولا تجوز البَسْمَة، ويَعُمُّ الهلاك.

(27)

الذين قتلونا لا يزالون يجدون صعوبة في كتابة الوثائق وإسدال السِّتار.

(28)

في البدء كان ما لن نعرف أبدًا.

فيلمي «الصُّقور والعصافير» يجعل بين المسيحيَّة والماركسيَّة علاقة جليَّة، وعلى وجه التحديد العلاقة بين الغموض والعقل. إن العقل يفي بالغرض إلى نقطة معيَّنة لا يستطيع بعدها أن يستجيب، فيأتي الغموض» (بيير باولو بازوليني، من حوار مع جون براجن).

(29)

أتذكر ليلة نيويوركيَّة شتويَّة شديدة البرودة في قلب مانهاتن، عند المنطقة التِّجاريَّة تمامًا، قبل حوالي خمس وثلاثين سنة.

كانت هناك، على رصيف يترنَّح عليه السُّكارى والمُخَدَّرون، وأولئك الذين يمشون باستقامة لا خمر ولا حشيش عليها، امرأة شعثاء مُسنَّة ترتدي الخِرَق والأسمال وهي تصرخ من خلف برميل تشتعل فيه نار تتدفأ بها، مردِّدة بصوتٍ كأنه آتٍ من مصائر نبوءات مغدورة: «الرأسماليَّة لا تصلح، ولن تصلح أبدًا»!، من دون أن يعيرها أحد أي اهتمام.

أتذكرها فجأة في هذه الليلة، هكذا من دون سبب عدا أننا لا نعرف أبدًا طريقة عمل الذَّاكرة، وأقول لها من بعيد (سواء لا تزال أو لم تعد موجودة هناك): «الرأسماليَّة لا تصلح، ولن تصلح أبدًا».

(30)

تَشِي السَّفينة الغريقة بالطِّفل الذي سيغمره الضَّباب والبحر إذ لا بد من استدعاءٍ تنويعيٍّ على بعض ما يحدث في فيلم «منظر طبيعي في السديم» لِثيو أنغِلوبولُس (تقريبًا، أحسد ذلك الطفل كما أحسد محفوظة حبيب).

(31)

كل ثقة بالنَّفس مناورةُ ومداراة فشلٍ ما (قد لا يعلمه أحد، وعلى الأرجح يعلمه صاحبه).

(32)

آه أيتها السِّدرة التي على طرف الحارة: من يختبئ خلفك الليلة انتظارًا للموعد الغرامي وقد أزالت البلد وزرات كلَّ مجز الصُّغرى ولم يبقَ سوى صفير السَّراب؟

(33)

يا إلهي، كيف تمكَّن من أن تكون له كل تلك الحناجر والألسن في حوالي ساعة واحدة فقط من عمر الفانية؟

(34)

الطُّفولة، والصِّبا، والشَّباب: لحظات اكتشاف الانتهاء (لغاية الآن).

(35)

انتبه واحذر أكثر من أي وقت مضى: لم يعد من المناسب لهم أن يقتلوك.

عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لم یعد

إقرأ أيضاً:

أسير محرر للجزيرة نت: الموت هو العنوان الأبرز بسجون الدعم السريع

الخرطوم – لم يكن الأسير المحرر المعز عباس محمد يعلم أنه سيواجه مخاطر التعذيب المميتة داخل سجن قوات الدعم السريع بعد اقتياده عنوة من مدينة بحري شمال الخرطوم إلى زنزانة بحي كافوري، ثم ترحيله إلى حي الرياض حيث شاهد من يموت جوعا ومرضا ولا أحد يتدخل لإسعافهم.

ويقول للجزيرة نت إن الموت هو العنوان الأبرز داخل سجون الدعم السريع ولا يستثني صغيرا أو كبيرا، ولا عسكريا أو مدنيا. وأشار إلى أنه مدني ولا يشارك في المعارك، وأنه تعرض طيلة أيام للتعذيب والضرب المبرح، ثم نُقل إلى معتقل الرياض ووُضع في عمارة الجامعة العربية.

ويضيف أن المعتقل يضم غرفا تحت الأرض لا يتجاوز طولها 500 متر وبها أكثر من ألف شخص، ويتم تخصيص وجبة واحدة في اليوم عبارة عن عدس وأحيانا يحرمون منها. وتحدث عن وجود كبار السن والشباب وبعض الأطفال الذين اتهمتهم قوات الدعم السريع "بوضع شرائح تجسس كإحداثيات للطيران".

الأسرى لدى الدعم السريع خرجوا بأوضاع جسدية ونفسية صعبة (الجزيرة) تعذيب وتنكيل

ووفق محمد، كانت هنالك أسبوعيا وفيات خاصة بصفوف كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وأفاد بأن عدد العسكريين الموجودين بالأسر لا يتجاوز 5%، وما تبقى منهم مدنيون، بعضهم اعتقلهم الدعم السريع من حافلة للنقل كانت في طريقها إلى مدينة شندي واتهمهم بالتعاون مع الجيش.

أما الصلاة، فيقول إنها كانت تخضع "لمزاج الضابط المناوب، ولا يوجد مكان لقضاء الحاجة أو للاستحمام، كما لا يتوفر العلاج، ومن يموت يتم إخراج جثمانه ولا ندري أين يُدفن".

مع استعادة الجيش السوداني أجزاء واسعة من ولاية الخرطوم، تم العثور على عدد من الأسرى والمختطفين المدنيين الذين كانوا على مدى شهور في سجون الدعم السريع دون تقديمهم للمحاكمة، وبعضهم مكث فيها 20 شهرا، وآخرون تترواح مدة اعتقالهم بين عام ونصف العام.

إعلان

وبعد تمكن الجيش من السيطرة على عدد من مواقع الدعم السريع في الخرطوم، اكتشف مقرات كانت تستخدمها هذه القوات أقبية للتعذيب والتنكيل بالأسرى من خلال وضعهم في زنازين ضيقة وحرمناهم من الماء والأكل إلى حد الموت.

أظهرت عشرات الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام عددا من الأسرى والمختطفين بعد خروجهم من سجون الدعم السريع وهم في أوضاع صحية سيئة، حيث تحول بعضهم إلى "هياكل من العظام"، وآخرون فقدوا السمع والبصر والعقل، و"من نجا من الموت ظلت على جسده علامات بارزة من آثار التعذيب".

مصادر في الجيش السوداني أفادت بتحرير عشرات الأسرى في مدينة جبل أولياء (الجزيرة) معتقلات سيئة

اتخذت قوات الدعم السريع عدة أماكن في الخرطوم لاعتقال المواطنين وعدد من الضباط المتقاعدين، فضلا عن أسرى الجيش، وأبرز تلك المواقع معسكرها بحي الرياض الذي يضم عدة أبنية إسمنتية، إلى جانب المباني المحيطة به مثل مكاتب الأدلة الجنائية التابعة للشرطة ومقر الجامعة العربية.

كما تشمل هذه المقرات سجن سوبا "الذي يضم أكثر من 4 آلاف أسير، ومات بدخله العشرات جراء الجوع والتعذيب والمرض"، فضلا عن مبان وعمارات في حي كافوري قبل استعادته من قبل الجيش.

ويُعد المعسكر والسجن من أشهر معتقلات الدعم السريع، ويخضعان -بحسب معلومات تحصلت عليها الجزيرة نت من مصادر أمنية سودانية- لإشراف مباشر من مدير استخبارات الدعم السريع العميد عيسى بشارة.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن السجون والمعتقلات كانت في وقت سابق تحت إشراف عصام فضيل قائد ثالث قوات الدعم السريع والذي أصيب في إحدى المواجهات، ثم تولى بشارة الإشراف عليها.

وحسب المصادر نفسها، شهدت معتقلات الدعم السريع انتهاكات في عهد العميد عيسى بشارة حيث مات العشرات من المعتقلين تحت التعذيب وجراء الجوع ومرض الكواليرا الذي انتشر بشدة في سجن سوبا. وأضافت أن معسكر الرياض يُعد الأسوأ و"حدثت فيه فضائع لأن ضابطا بالدعم السريع يدعى علي دخرو كان شديد القسوة مع المساجين ويعاملهم وفقا لاعتباراته الجهوية والقبلية".

إعلان

وأظهرت مقاطع فيديو عشرات الأسرى وهم في حالة يرثى لها في مدينة جبل أولياء جنوب الخرطوم، أجساد بعضهم متهالكة وتخلو من الملابس، في حين ارتدى آخرون ملابس ممزقة ومتسخة.

إدانة رسمية

وذكر ضابط بالجيش السوداني للجزيرة نت أنهم تمكنوا من تحرير عشرات الأسرى في جبل أولياء من قاعدة النجومي الجوية ومقر آخر كان يتبع للجيش سابقا، وتحدث عن العثور على بعض الأسرى وقد فارقوا الحياة قبيل لحظات من وصول الجيش إلى المدينة.

في مقطع مصور على فيسبوك، قال أسير سوداني محرر إن عددا منهم مات داخل السجن، أبرزهم من العسكرين، وإن قوات الدعم السريع كانت تخطط لنقلهم إلى دارفور بغرض "استعبادهم"، وكشف أنها كانت تنقل المعدات الثقيلة من ذخائر وأسلحة أثناء وجودهم في الخرطوم.

من جهته، أفاد ضابط رفيع بالجيش السوداني للجزيرة نت بأنهم قاموا بحصر الأسرى ونقلهم من مدينة جبل أولياء إلى مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد، لتلقي الرعاية الصحية والنفسية.

وقد قال المتحدث باسم الحكومة السودانية خالد الإعيسر -في تصريح صحفي- إن الحكومة "تدين بأشد العبارات الجرائم والانتهاكات التي ارتكتبها مليشيا الدعم السريع بحق المواطنين والمتحجرين والأسرى في سجونها ومعتقلاتها".

وأضاف أنهم تعرضوا لأبشع أشكال الجرائم والتصفية الجسدية، وأن "هذه الانتهاكات تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان وتتنافى مع كافة القوانين والمواثيق"، وطالب المنظمات الدولية بالتحلي بالمسؤولية والمصداقية والشفافية لتوثيق انتهاكات الدعم السريع.

مقالات مشابهة

  • أعراض الموت.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول فسيخ فاسد؟
  • الموت يغيب النائب السابق في أوستراليا طوني عيسى
  • الخوذة أنقذته من الموت.. صحفي يروي تفاصيل اختطافه على يد فلول الأسد
  • أسير محرر للجزيرة نت: الموت هو العنوان الأبرز بسجون الدعم السريع
  • سجّانو الموت الحوثيون
  • “فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته”
  • مسلسل فهد البطل الحلقة 28.. العلامة أنقذت عمرو الجارحي من الموت| صور
  • أب يعذب طفليه حتى الموت
  • باحث: الشعب الفلسطيني يريد الحياة ويرفض الموت
  • اختيار الحليب المناسب.. الفوائد الصحية والمخاطر المحتملة