جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-24@07:32:33 GMT

كذبة كبيرة.. كذبوها فصدقوها

تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT

كذبة كبيرة.. كذبوها فصدقوها

 

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

من يكتُب أو يُحلِّل دورات التاريخ، وتعاقُب الأزمنة، يَجِد العِبَر في تداول الأيام بين الناس، وبالاعتبار تحيا الأمم التي تسدُّ الخلل فيها، وتجبر كسرها وتكمل نقصها؛ إذا نسيت لا تجد للنسيان علاجًا إلا التذكير، واذا ما سقط قناع الزمن، تكشَّفتْ حقيقة ما جرى فيه، وأظهرت أيامه وجوها عليها غبرة، ترهقها قترة، حاولتْ التغلغل بمرور الزمن بصورتها السيئة، تنبذها وجوه نظرة، مستبشرة؛ لأنَّ المتلوِّنين يصعب العيش معهم، وكيف يمكن أن يكون التآلف والوداد مع من كذب كذبته الكبيرة، واغتصب بها الأرض، قتل بشرًا، هدم حجرًا، واقتلع الشجرة المباركة، وإذا به يهوي وتنكشف حقيقة كذبته عند سقوط قناعه المختبئ خلفه.

وأضحت معالم الكذبة الكبيرة، التي كذبها منظرو وسفسطائيو بني صهيون، استنسخوا بها كيانًا مُستعمِرًا مَسْخًا، فمال ميلًا عظيمًا نحو أخطر سلوك عدواني في التاريخ المعاصر، كذبة: "أرض بلا شعب.. شعب بلا أرض"، شوَّهوا بها حقائق الاقصى والأرض المباركة حوله، وحرَّفوا اسم فلسطين وشعبها، وغيروا معالم مهد المسيح وكنيسة القيامة، وسلبوا مسرى خاتم النبيين والرسل.

البعض قد يمل عناوين مقالاتي، والبعض الآخر قد يَرَاها شيئًا آخرَ، والبعض قد يعتبرني مُبالِغًا... التحية والتقدير لكل رأي، لعلِّي أجد من يرى مقالي أصاب هدفًا يروم الداخل والخارج في آن معا، ينشد وعيًا جمعيًّا في عناوين مختلفة والموضوع واحد، وصولا إلى الجميع بعيدا عن تعقيدات القضية المطروحة ومساراتها؛ ففي الكثير من الأحيان استخدم عنوانا يكون صَوْتًا للحق، اكشف به زيف الكذبة الكبيرة التي أعنيها... وسأبدأ بطرح سؤال على نفسي، لماذا أكتب عن قضية فلسطين؟ هل لأنَّها نتاج كذبة كذبها المستعمر منذ قرن ونيف أم لأنها القضية الأولى لأمة قسَّمها الكاذب الأشر نفسه، ونحن نكتب ونكتب مساهمة في نضال استرجاع الحقوق والحرية. هذه حزمة من الحقائق استندت في إدراجها استنباطا من مسار الكذبة التي كذبها المتصارعون على الهيمنة والثروة في زمنها، وصادق عليها وصدقها صهاينة العصر.

ولغاية حماية ذاتهم وامتدادها، بمظاهر سلوكهم العدواني، ظهرتْ هذه الكذبة بتعارض فاضح مع حقوق أهل الأرض الأصليين الذين يدافعون عن ذاتهم وخصوصيتهم في مقابل عدوان نرجسي الطبع، يمارس تقنية دعاية الكذبة الكبيرة التي كذبها آباؤهم المستعمرون الأوائل، فكررها مرارًا وتكرارًا، لدرجة الوقاحة في تشويه الحقيقة، فنشر أسطورته المزعومة، وها هو الكيان المسخ اليوم، وبعد قرن من الكذب والفشل والتخبُّط بين ضربات المقاومة الفلسطينية، وصفعات الساحات المساندة، وبعد أن أحاط به المكر السيئ من كل حدب وصوب، بات عاجزًا أمام استيعاب ما يجري من متغيرات بعد عملية أشاوس كتائب القسام يوم 7 اكتوبر 2023، وأسر جنوده ومستوطنيه، في إنجاز عسكري هو الأول من نوعه، أذهل العالم من أقصاه إلى أقصاه.

ها هي أصوات الشعوب الحرة، جاءت ضِيَاء للحقيقة، لتفجر زيف الكذبة الكبيرة، وترسم الأمل الصادق على وجه الأرض المباركة الشاحب، وتثبت للتاريخ والكتب والحكم أن حبل الكذب مهما طال، حتى ولو لقرن من الزمان، فإنه قصير وقصير جدًّا أمام معاول مقاومة أهل الحق، الذين يحطمون صخرة الكذبة الكبيرة يومًا بعد آخر، لتبقى نواتها منبوذة مطرودة مدحورة لا تقبلها الأرض ولا الإنسانية، بعد أن خلع "طوفان الأقصى" غشاء الزيف الذي ألصقَه الكَذَبَة بأدمغة المجتمعات الغربية والشرقية، ليرى بأم عينيه صخرة كذبته وهي تتدحرج تحت أقدام الحق الصادق وأهله، تتناثر شظاياها الزائفة إلى الهاوية، هذه الصخرة التي جثمت على الأرض والشعب بطغيانها، وسدَّت كل عين ماء تنبع بالإبداع والقيم والمبادئ، لم تفتح غير هوة الشيطان واتباعه، ليصب النار على كل ورقة خضراء في أرض فلسطين.

لا أعلم كيف استطاع كَذَبة الكَوْن أن يحيكوا كذبتهم، فمهما قرأت عن دوائر التاريخ، وتعاقب الأزمنة والأحداث التي دارت على الأمة بأكملها، لمدة طالت عقودًا، أحداث تَحيَّر زعيمُ الشياطين نفسه منها، لعل الأسباب متباينة ومتعددة، ولكن أهمها بروزا: خبرة أهل الكذب وكفاءتهم اللامحدودة في صناعة الأكاذيب، ارتكز عليها صنيعهم، كما أنَّ الأمة صاحبت القضية، وهنت رغم كثرتها وغناها، بحيث استطاع الصهاينة أن يرسموا معالم الكذبة الكبيرة في جسدها، فأضحَت مجتمعتها تستقبل الكذبة تلو الأخرى، بصدر تطبيعي وترحيب غير قابل للنقض أو تكذيب الأكذوبة، وما زلنا إلى اليوم، نشهد قصصا من الأكاذيب الملفَّقة من الكيان المسخ الجاثم على حياة الفلسطينيين؛ بل ووصلت عدوى كذبته إلى بعض المُتصهْيِنين رغم أنَّ كيان الكذبة الكبيرة لم يعد يحمل أيَّ مؤهلات لقبوله بل حتى بقائه، مهما اهتمَّ بطرح زيفه، وكرَّس وسائله في صقل موهبته الفذة، التي آمن العالم الحر بأنها هي من ولَّدته كيانًا مسخًا في أمتنا العربية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الرئيس الصومالي: العلاقات والروابط مع مصر عميقة على مدار التاريخ

أعرب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، عن تقديره وسعادته بتواجده في القاهرة بناء على الدعوة الكريمة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، معربا عن امتنانه العميق لشعب مصر لهذه الاستضافة الاستثنائية المقدمة له في كل مرة يزور فيها مصر.

وأضاف في كلمته خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس عبدالفتاح السيسي بقصر الاتحادية، أن العلاقات والروابط بين مصر والصومال عميقة على مدار التاريخ، وتعتمد على الاحترام المتبادل والطموحات بين البلدين، وهذه ركيزة للتعاون وكذلك منارة الأمل بالنسبة للشعبين.

وتابع أن مباحثات اليوم يؤكد على الالتزام الجماعي من أجل تحقيق الاستقرار وتعميق وتطوير العلاقات والتعاون بين البلدين.

مقالات مشابهة

  • غزة: مَن وقف ومَن خذل؟ التاريخُ لا يرحم
  • أحمد السيد ينتقد إدارة الأهلي بسبب تأخر الصفقات: الأندية الكبيرة تحدد احتياجاتها مبكرا
  • الرئيس الصومالي: العلاقات والروابط مع مصر عميقة على مدار التاريخ
  • حسن شيخ : العلاقات بين مصر والصومال عميقة على مدار التاريخ
  • موقع صدي البلد يكريم الإعلامية الكبيرة سهير شلبي.. صور
  • عمر مرموش يصبح أغلى لاعب مصري في التاريخ
  • كيف حذر النبي من التمثيل بالجثث؟ لا تؤذي أحدًا فتقع في هذه الكبيرة المُحرمة
  • خلال مشاركته بجلسات منتدى “دافوس”.. وزير السياحة يستعرض مسيرة النجاحات الكبيرة بالقطاع السياحي بالمملكة
  • عرس قانا الجليل.. المعجزة الأولى التي غيرت مسار التاريخ الروحي
  • مقارنة بين خسائر إسرائيل في حربها على غزة وحروبها عبر التاريخ