جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-07@08:33:37 GMT

كذبة كبيرة.. كذبوها فصدقوها

تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT

كذبة كبيرة.. كذبوها فصدقوها

 

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

من يكتُب أو يُحلِّل دورات التاريخ، وتعاقُب الأزمنة، يَجِد العِبَر في تداول الأيام بين الناس، وبالاعتبار تحيا الأمم التي تسدُّ الخلل فيها، وتجبر كسرها وتكمل نقصها؛ إذا نسيت لا تجد للنسيان علاجًا إلا التذكير، واذا ما سقط قناع الزمن، تكشَّفتْ حقيقة ما جرى فيه، وأظهرت أيامه وجوها عليها غبرة، ترهقها قترة، حاولتْ التغلغل بمرور الزمن بصورتها السيئة، تنبذها وجوه نظرة، مستبشرة؛ لأنَّ المتلوِّنين يصعب العيش معهم، وكيف يمكن أن يكون التآلف والوداد مع من كذب كذبته الكبيرة، واغتصب بها الأرض، قتل بشرًا، هدم حجرًا، واقتلع الشجرة المباركة، وإذا به يهوي وتنكشف حقيقة كذبته عند سقوط قناعه المختبئ خلفه.

وأضحت معالم الكذبة الكبيرة، التي كذبها منظرو وسفسطائيو بني صهيون، استنسخوا بها كيانًا مُستعمِرًا مَسْخًا، فمال ميلًا عظيمًا نحو أخطر سلوك عدواني في التاريخ المعاصر، كذبة: "أرض بلا شعب.. شعب بلا أرض"، شوَّهوا بها حقائق الاقصى والأرض المباركة حوله، وحرَّفوا اسم فلسطين وشعبها، وغيروا معالم مهد المسيح وكنيسة القيامة، وسلبوا مسرى خاتم النبيين والرسل.

البعض قد يمل عناوين مقالاتي، والبعض الآخر قد يَرَاها شيئًا آخرَ، والبعض قد يعتبرني مُبالِغًا... التحية والتقدير لكل رأي، لعلِّي أجد من يرى مقالي أصاب هدفًا يروم الداخل والخارج في آن معا، ينشد وعيًا جمعيًّا في عناوين مختلفة والموضوع واحد، وصولا إلى الجميع بعيدا عن تعقيدات القضية المطروحة ومساراتها؛ ففي الكثير من الأحيان استخدم عنوانا يكون صَوْتًا للحق، اكشف به زيف الكذبة الكبيرة التي أعنيها... وسأبدأ بطرح سؤال على نفسي، لماذا أكتب عن قضية فلسطين؟ هل لأنَّها نتاج كذبة كذبها المستعمر منذ قرن ونيف أم لأنها القضية الأولى لأمة قسَّمها الكاذب الأشر نفسه، ونحن نكتب ونكتب مساهمة في نضال استرجاع الحقوق والحرية. هذه حزمة من الحقائق استندت في إدراجها استنباطا من مسار الكذبة التي كذبها المتصارعون على الهيمنة والثروة في زمنها، وصادق عليها وصدقها صهاينة العصر.

ولغاية حماية ذاتهم وامتدادها، بمظاهر سلوكهم العدواني، ظهرتْ هذه الكذبة بتعارض فاضح مع حقوق أهل الأرض الأصليين الذين يدافعون عن ذاتهم وخصوصيتهم في مقابل عدوان نرجسي الطبع، يمارس تقنية دعاية الكذبة الكبيرة التي كذبها آباؤهم المستعمرون الأوائل، فكررها مرارًا وتكرارًا، لدرجة الوقاحة في تشويه الحقيقة، فنشر أسطورته المزعومة، وها هو الكيان المسخ اليوم، وبعد قرن من الكذب والفشل والتخبُّط بين ضربات المقاومة الفلسطينية، وصفعات الساحات المساندة، وبعد أن أحاط به المكر السيئ من كل حدب وصوب، بات عاجزًا أمام استيعاب ما يجري من متغيرات بعد عملية أشاوس كتائب القسام يوم 7 اكتوبر 2023، وأسر جنوده ومستوطنيه، في إنجاز عسكري هو الأول من نوعه، أذهل العالم من أقصاه إلى أقصاه.

ها هي أصوات الشعوب الحرة، جاءت ضِيَاء للحقيقة، لتفجر زيف الكذبة الكبيرة، وترسم الأمل الصادق على وجه الأرض المباركة الشاحب، وتثبت للتاريخ والكتب والحكم أن حبل الكذب مهما طال، حتى ولو لقرن من الزمان، فإنه قصير وقصير جدًّا أمام معاول مقاومة أهل الحق، الذين يحطمون صخرة الكذبة الكبيرة يومًا بعد آخر، لتبقى نواتها منبوذة مطرودة مدحورة لا تقبلها الأرض ولا الإنسانية، بعد أن خلع "طوفان الأقصى" غشاء الزيف الذي ألصقَه الكَذَبَة بأدمغة المجتمعات الغربية والشرقية، ليرى بأم عينيه صخرة كذبته وهي تتدحرج تحت أقدام الحق الصادق وأهله، تتناثر شظاياها الزائفة إلى الهاوية، هذه الصخرة التي جثمت على الأرض والشعب بطغيانها، وسدَّت كل عين ماء تنبع بالإبداع والقيم والمبادئ، لم تفتح غير هوة الشيطان واتباعه، ليصب النار على كل ورقة خضراء في أرض فلسطين.

لا أعلم كيف استطاع كَذَبة الكَوْن أن يحيكوا كذبتهم، فمهما قرأت عن دوائر التاريخ، وتعاقب الأزمنة والأحداث التي دارت على الأمة بأكملها، لمدة طالت عقودًا، أحداث تَحيَّر زعيمُ الشياطين نفسه منها، لعل الأسباب متباينة ومتعددة، ولكن أهمها بروزا: خبرة أهل الكذب وكفاءتهم اللامحدودة في صناعة الأكاذيب، ارتكز عليها صنيعهم، كما أنَّ الأمة صاحبت القضية، وهنت رغم كثرتها وغناها، بحيث استطاع الصهاينة أن يرسموا معالم الكذبة الكبيرة في جسدها، فأضحَت مجتمعتها تستقبل الكذبة تلو الأخرى، بصدر تطبيعي وترحيب غير قابل للنقض أو تكذيب الأكذوبة، وما زلنا إلى اليوم، نشهد قصصا من الأكاذيب الملفَّقة من الكيان المسخ الجاثم على حياة الفلسطينيين؛ بل ووصلت عدوى كذبته إلى بعض المُتصهْيِنين رغم أنَّ كيان الكذبة الكبيرة لم يعد يحمل أيَّ مؤهلات لقبوله بل حتى بقائه، مهما اهتمَّ بطرح زيفه، وكرَّس وسائله في صقل موهبته الفذة، التي آمن العالم الحر بأنها هي من ولَّدته كيانًا مسخًا في أمتنا العربية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أكبر أزمة أيتام في التاريخ الحديث.. أرقام صادمة لضحايا العدوان على غزة من الأطفال

فلسطين– سلط الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الضوء على الأرقام الصادمة لضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، وخاصة من الأطفال، كاشفا عن وجود أكثر من 39 ألف طفل يتيم، واستشهاد قرابة 17 ألف طفل، من بينهم رُضّع.

وفي هذا السياق، استعرضت رئيسة الجهاز، علا عوض، يوم الخميس، سلسلة من الانتهاكات التي تعرض لها أطفال فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال عام 2024، مشيرة إلى أعداد الشهداء والأيتام والمعتقلين، في ظل تصاعد الجرائم والانتهاكات بحق الطفولة الفلسطينية.

عدد الأطفال الأيتام في غزة بلغ 39 ألفا و384 طفلا فقدوا أحد والديهم أو كليهما منذ بدء العدوان الإسرائيلي (وكالة الأناضول)

وكشف التقرير عن أن عدد الأطفال الأيتام في غزة بلغ 39 ألفا و384 طفلا فقدوا أحد والديهم أو كليهما منذ بدء العدوان الإسرائيلي، من بينهم نحو 17 ألف طفل حرموا من كلا الوالدين، ليكون هذا الرقم "أكبر أزمة يُتم في التاريخ الحديث".

وتطرق البيان إلى أن عدد الشهداء من الأطفال في غزة وصل إلى 17 ألفا و954 طفلا، بينهم 274 رضيعا و876 طفلا دون عام واحد، كما فقد 17 طفلا حياتهم بسبب البرد في الخيام و52 طفلا بسبب المجاعة وسوء التغذية، وفي الضفة الغربية، استشهد 188 طفلا.

بعد حوالي 18 شهرًا من الحرب، يتعرض ما يقرب من مليون طفل في غزة للتهجير المتكرر والحرمان من حقهم في الحصول على الخدمات الأساسية.
يجب ألا يقف العالم متفرجًا ويسمح باستمرار قتل ومعاناة الأطفال في غزة. pic.twitter.com/jDPbBvCYdF

— منظمة اليونيسف (@UNICEFinArabic) April 3, 2025

إعلان

 

كما أشار التقرير إلى اعتقال نحو 1055 طفلا في الضفة الغربية، وعودة مرض شلل الأطفال إلى غزة جراء غياب اللقاحات. وحذر الإحصاء الفلسطيني من تعرض نحو 60 ألف طفل لخطر المجاعة وسوء التغذية الحاد في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية.

من جهتها، كشفت منظمة "يونيسيف" للطفولة في بيان الخميس عن أن نحو مليون طفل في غزة يتعرضون للتهجير المتكرر والحرمان من الحصول على الخدمات الأساسية بعد حوالي 18 شهرا من الحرب الإسرائيلية.

وأضافت المنظمة أن التقارير تشير إلى أن انهيار وقف إطلاق النار والعمليات البرية في غزة أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 322 طفلا وإصابة 609 أطفال آخرين، مع العلم أن معظمهم من المهجّرين ويقيمون في خيام مؤقتة أو بيوت مهدّمة.

قد وُضع الأطفال مجددًا في قلب دوامة الحرمان والعنف المميت.
على العالم ألا يقف مكتوف اليدين متفرّجًا إذ يُقتل الأطفال ويعانون دون انقطاع.https://t.co/onBIWqEuDg pic.twitter.com/Drm0jv6ecn

— منظمة اليونيسف (@UNICEFinArabic) April 1, 2025

وكان المكتب الإعلامي الحكومي قد أعلن -في بيان نشره في الأول من أبريل/نيسان الجاري- عن استشهاد أكثر من 50 ألف شخص في غزة منذ بداية العدوان، من بينهم أكثر من 30 ألف طفل وامرأة، مع إبادة الاحتلال لنحو 7.200 أسرة بالكامل.

وتحيي منظمات حقوق الطفل الدولية في الخامس من أبريل/نيسان من كل سنة ذكرى "يوم الطفل الفلسطيني"، حيث تتزامن الفعالية هذا العام مع استمرار الحرب على قطاع غزة والانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

مقالات مشابهة

  • الآثار السُّودانيَّة.. إنهم يسرقون التاريخ!
  • عُمان.. حينما تمتد الروح من التاريخ إلى المستقبل
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • الآثار السُّودانيَّة … إنهم يسرقون التاريخ!
  • شهيد و4 جرحى في قصف إسرائيلي استهدف بلدة عبسان الكبيرة شرقي خان يونس
  • هقابل الراس الكبيرة.. نص أقوال المتهمين في رشوة وزارة الري الجديدة
  • المرور العامة: منع مرور مركبات الحمل الكبيرة على جسر المثنى
  • "ذا سيمبسون" يتوقع وفاة ترامب بهذا التاريخ.. حقيقة أم خيال؟
  • كيف وقع الذكاء الاصطناعي ضحية كذبة أبريل؟
  • أكبر أزمة أيتام في التاريخ الحديث.. أرقام صادمة لضحايا العدوان على غزة من الأطفال