محطات تاريخية في مسار تحقيق الوحدة اليمنية الخالدة
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
تحققت الوحدة اليمنية الخالدة بعد محطات تاريخية خالدة في تاريخ اليمن، استمرت لسنوات عدة، تضمنت العديد من اللقاءات والاجتماعات والقمم، ورسمت ملامح الطريق إلى الوحدة اليمنية مع عدة قادة في شطري اليمن، حتى أتى يوم 22 مايو 1990م، ليكون يوم إعلان قيام الجمهورية اليمنية وإنهاء التشطير والتفرقة.
بدأ النضال للوحدة اليمنية منذ تاريخ مبكر، وظلّت الوحدة اليمنية في وجدان كل اليمنيين قبساً يهتدي به الصغير والكبير وتنطلق منه كافّة الشعارات في صنعاء وعدن رغم التشطير السياسي للوطن الواحد واختلاف رؤية كلا النظامين حول سعيهما لتحقيق الوحدة، ورغم كل المساعي إلا أنها لم تحرز أي تقدم يذكر في أطر تحقيق الوحدة اليمنية.
كان تحقيق الوحدة اليمنية أمراً صعباً، لدى أغلب اليمنيين، بل لدى قادة وحكام شطري اليمن، وبالمقابل خاض الشطران حربين واسعتين، الأولى في عام 1972م والثانية في عام 1979م، وانتهتا في كل مرّة بإعلان اتفاقيّة وحدوية، ففي 21 رمضان 1392هـ الموافق 28 أكتوبر 1972م وقّع رئيسا وزراء شطري اليمن اتفاقية القاهرة، تلاها توقيع رئيسي شطري اليمن في 28 فبراير 1973م على بيان طرابلس، الذي تضمّن العديد من النقاط.
بيان طرابلس احتوى على عدة نقاط، وهي إقامة وحدة بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تذوب فيها الشخصيات الدولية لكل منهما، وأن يكون للدولة الجديدة علم وشعار واحد، وعاصمة واحدة، ورئاسة واحدة، وسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة، وأن يكون نظام الحكم في الدولة الجديدة نظاما جمهوريا وطنيا ديمقراطيا، وأن تضمن دولة الوحدة جميع المكاسب التي حققتها ثورة سبتمبر وأكتوبر، وأن يضمن دستور الوحدة جميع الحريات الشخصية والسياسية والعامة للجماهير كافة ولمختلف مؤسساتها ومنظماتها الوطنية والمهنية والنقابية، بالإضافة إلى أن تُتخذ جميع الوسائل الضرورية لكفالة ممارسة الحريات.
وقد التقى رئيسا شطري اليمن، في مدينة قعطبة بتاريخ 15 فبراير 1977م وتم الاتفاق على تشكيل مجلس من الرئيسين ومسؤولي الدّفاع والاقتصاد والتجارة والتخطيط والخارجية يجتمع مرّة كل ستة أشهر بالتناوب في صنعاء وعدن لبحث ومتابعة كافّة القضايا الحدودية التي تهم الشعب اليمني الواحد وتنسيق الجهود في كافة المجالات بما في ذلك السياسة الخارجية.
تسارعت الأحداث وحالت دون تحقيق ذلك إثر موجة اغتيالات تعرّضت لها قيادتا شطري اليمن، وكان لا بد من حدوث كارثة، لا سيّما وأن الحملات الإعلامية قد اشتدّت بين النظامين، وبعد فترة أعقبها الحرب الثانية بين شطري اليمن، في فبراير 1979م، بعد عام ونيف من تولي الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الحكم في الشطر الشمالي، وقد دعا الرئيس صالح كافة أبناء شطري اليمن إلى العقلانية ووقف إطلاق النار ومنع إزهاق الأرواح.
تولى الرئاسة في صنعاء الرئيس علي عبدالله صالح في 17 يونيو 1978م وقاد سفينة الحكم في بحر متلاطم من الأحداث الجسيمة، ولم يكن في استطاعة أحد الوقوف أمام تلك الأحداث والتي تسارعت إلى أن اشتعلت الحرب على خط المواجهة، وقد سارعت جهود عربية للتوسط أثمرت عن توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب.
في مارس 1979م، التقى الرئيسان علي عبدالله صالح وعبدالفتاح إسماعيل، في الكويت فيما عُرف بقمة الكويت برعاية الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، وقد توصل رئيسا شطري اليمن إلى توقيع اتفاقية، أكدا فيها على الالتزام بالاتفاقيات الوحدوية السابقة، وعلى الخطوات التنفيذية لتحقيق الوحدة، والإسراع في إعداد دستور دولة الوحدة خلال أربعة أشهر ليجتمع الرئيسان لإقراره قبل أن يحال إلى السلطتين التشريعيتين للموافقة عليه وعرضه على الشعب للاستفتاء.
وجاءت استقالة عبدالفتاح إسماعيل في 21 إبريل 1980م، ليخلفه الرئيس علي ناصر محمد، الذي بادر بزيارة صنعاء في 13 يونيو 1980م، للاتفاق على إحياء الحوار وإزالة أسباب التوتر والتنسيق في كافة المجالات وإنشاء شركة مشتركة للنقل البري والبحري، وعلى اللقاء الدوري بين الرئيسين مرة كل أربعة أشهر.
وفي 30 نوفمبر 1980م، عُقدت قمة عدن، وقد توصلت القمة اليمنية في مدينة عدن إلى اتفاق تاريخي على إقرار مشروع دستور دولة الوحدة وإحالته إلى مجلس الشعب والشورى للموافقة عليه ومن ثم إجراء الاستفتاء الشعبي، وقد نشطت لجان الوحدة وتكثّفت لقاءات القمة في صنعاء ومكيراس وتعز وعدن، وتحرّكت عجلة التاريخ إلى الأمام.
إضافة إلى ذلك، عُقدت قمّة صنعاء في 27 رمضان 1410هـ - 22 أبريل 1990م، بين الرئيسين علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض، وقد تم في اللقاء الاتفاق على موعد إعلان الجمهورية اليمنية وعلى تنظيم أعمال المؤسسات خلال الفترة الانتقالية وعلى العمل بالدستور على أن يؤجل الاستفتاء الشعبي عليه إلى ما بعد قيام الوحدة، وقد تمّ التنفيذ العملي لهذا الاتفاق حيث طرحت قيادتا الشطرين مشروع الدستور واتفاق إعلان الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية وتنظيم العمل في الفترة الانتقالية على المجلسين التشريعيين يوم 21 مايو 1990م، وتمّت مصادقة المجلسين في نفس اليوم، وفي اليوم التالي 22 مايو وفي مدينة عدن أعلنت الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية.
واستهلّت الجمهورية اليمنية ممارسة الحكم بقواسم مشتركة تمّ الإتفاق عليها أهمّها السماح للأحزاب السياسية ممارسة أنشطتها انطلاقاً من ترسيخ مبدأ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وارتبطت التعددية السياسية بحرية الصحافة وإطلاق ملكة الإبداع الفني والأدبي، كما ظهر جلياً أنّ الدولة الفتية تريد أن تختزل الزمن في تحقيق التنمية الشاملة للإنسان.
وتمّ دمج السلطة التشريعية في كلا الشطرين بحيث جمع مجلس النواب المجلسين السابقين، كما دمجت السلطة التنفيذية والمتمثلة في مجلس الوزراء ومكاتب الوزارات والهيئات والمصالح والمؤسسات والأجهزة المركزية، بالإضافة إلى دمج السلطة القضائية، وبدأت سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية تمارس أعمالها من العاصمة صنعاء بمقتضى اتفاقية الوحدة رغبة في الدفع بالحياة السياسية والاقتصادية إلى مستوى الطموح الوطني للقيادة السياسية الموحدة.
كما بدأت بعد ذلك الخطوات العملية والمتمثلة في إنزال دستور الجمهورية اليمنية إلى الشعب للاستفتاء عليه في يومي 15- 16 مايو 1991م، تنفيذاً لاتفاق إعلان الجمهورية اليمنية من جهة، واعتبار الشعب المرجع الأخير من جهة أخرى، وقد تمّ التصديق عليه وإقراره من قبل الشعب اليمني في كل وحدة إدارية ودائرة انتخابية، حيث قال 98،3% من الذين أدلوا بأصواتهم نعم للدستور، وبذلك أصبح الدستور عقداً اجتماعياً ملزماً للقيادة ومعبراً عن إرادة الشعب اليمني ومنظماً لبناء دولة النظام والقانون.
وباكتمال الخطوات الدستورية انتهت إلى الأبد تجزئة اليمن إلى دولتين وبدأ الشّعب يتطلّع إلى تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبناء الوحدوي، ورغم ما أحدثته أزمة صيف 94م، إلا أن صمود شعبنا وجيشنا تمكن من إخماد نيران الفوضى وأفشل كل مؤامرات إعادة تمزيق الوطن، وترسخت الوحدة اليمنية الخالدة.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: الجمهوریة الیمنیة علی عبدالله صالح الوحدة الیمنیة تحقیق الوحدة ت الوحدة فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
سياسيون وحقوقيون يفتحون النار على تقرير الخبراء الأممي بشأن اليمن
خالد الصايدي
تزايدت الانتقادات الموجهة للأمم المتحدة على خلفية غياب المهنية والحيادية عن قراراتها وتقاريرها بشأن الأوضاع في اليمن وتعاملها بمعايير مزدوجة.
يأتي ذلك على خلفية تقرير فريق الخبراء الأممي الذي تناول مزاعم عن انتهاكات وسوء إدارة للمساعدات الإنسانية في صنعاء.
سياسيون ومنظمات حقوقية اعتبروا التقرير بمثابة أداة سياسية لخدمة أجندات الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني، في الوقت الذي كان يجب أن يظهر حيادية المنظمة التي أُنشئت لتكون مرجعا عالميا للعدالة والسلام.
التقرير أثار تساؤلات جدية حول مصداقية المنظمة الأممية ودورها الحقيقي في إدارة النزاعات الدولية، حيث اعتُبر محاولة لتبرير الحصار والعقوبات المفروضة على اليمن تحت غطاء أممي.
استهداف المواقف الوطنية
عدد من القيادات في صنعاء ربطوا بين توقيت التقرير والضغوط المتزايدة على اليمن بسبب موقفه المبدئي من دعم القضية الفلسطينية؛ فقد أشار عبد القادر المرتضى، رئيس لجنة شؤون الأسرى، إلى أن التركيز على البحر الأحمر وباب المندب في التقرير يمثل تهديدًا مباشرًا لسيادة اليمن ويخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
ونوه المرتضى بأن التقرير يحمل في طياته أهدافا سياسية واضحة تستهدف مواقف صنعاء المبدئية، خاصة دعمها للقضية الفلسطينية، ويظهر عداء صريحا للمواقف اليمنية المناهضة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ورغبة في الضغط على صنعاء لإيقاف دعمها لفلسطين، خصوصًا في البحر الأحمر وباب المندب.
وأضاف المرتضى أن التقرير يمثل انعكاسا لمحاولات تشويه صورة صنعاء أمام المجتمع الدولي، ويمهد الطريق لمزيد من التدخلات الأجنبية في اليمن..
ضعف المصداقية
من جانبه قال محمد عياش قحيم، وزير النقل بحكومة التغيير والبناء، إن الأمم المتحدة تعتمد في معلوماتها على مصادر غير موثوقة، معتبرًا أن التقرير الاممي دليل على عجز المنظمة الأممية عن تحقيق الشفافية والحيادية.. ويؤكد أن هذا التقرير لا يمتلك أي مصداقية، وأن الأمم المتحدة أصبحت أداة تخدم أجندات معينة.”
مشيرا الى أن التقرير بدلًا من أن يكون أداة لدعم الحلول، بات وسيلة لإثارة الفوضى وتبرير الحصار والعدوان على اليمن.
ازدواجية
من جهته لفت حسين العزي نائب وزير الخارجية السابق، إلى أن مجلس الأمن الدولي فقد الكثير من شرعيته بسبب انحيازه المتكرر لصالح القوى الكبرى، واستخدامه كأداة لتبرير التدخلات الأجنبية حيث يقول العزي”مجلس الأمن بات اليوم غطاء سياسيا للمصالح الأمريكية والإسرائيلية، متجاهلا حقوق الشعوب الحرة ومعاناة المدنيين في الدول المستهدفة.”
وأضاف العزي أن ازدواجية المعايير التي تتبعها الأمم المتحدة تسهم في فقدان الثقة الدولية بها، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي مطالب بالتصدي لهذا الانحياز السافر.
شرعنة لصالح القوى الكبرى
أما محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لانصار الله فقد أكد أن الأمم المتحدة تتخذ مثل هكذا قرارات وتقارير كأداة لشرعنة الحروب لصالح الدول الكبرى، مشيراً إلى أن صنعاء لن تتراجع عن دعمها لغزة رغم هذه التهديدات. وأوضح البخيتي أن الأمم المتحدة كهيكل تنظيمي يحتوي على مواثيق جيدة، لكن التدخلات السياسية تعرقل تطبيقها.
وقال البخيتي “تقرير فريق الخبراء هو انعكاس لهيمنة القوى الكبرى على الأمم المتحدة، وتحويلها إلى وسيلة لتزييف الحقائق وتبرير الحروب. لكننا في صنعاء سنواصل دعم القضايا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين.”
مصادر غير موثوقة
الدكتور عبد الملك محمد عيسى استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، دعا الجهات الأممية إلى تحقيق توازن وشفافية أكبر في تقاريرها المستقبلية، لتقديم رؤية واقعية تعكس وجهات نظر جميع الأطراف، محذرًا من أن استمرار التحيز سيؤدي إلى تفاقم الأزمة ويعزز مواقف دولية تستهدف اليمن بشكل غير مبرر.
ويرى عيسى أن تقرير فريق الخبراء الامميين الاخير يعكس انحيازا واضحا ويعتمد على مصادر محددة وغير موثوقة، في حين يتجاهل وجهات نظر وأصوات محايدة من الداخل اليمني، مما يقلل من مصداقيته.
أبرز الانتقادات التي ذكرها عيسى في ورقته التي حصلت “الوحدة” على نسخة منها تتعلق بالاعتماد المتكرر على مصادر إعلامية معادية لليمن وتجاهل الروايات الصادرة عن مناطق يسيطر عليها المجلس السياسي الأعلى، مما يشير إلى انحياز نحو التحالف السعودي-الإماراتي.
وأشار عيسى إلى أن التقرير يدعو ضمنيا المجتمع الدولي إلى فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية، وهو ما يتعارض مع الأهداف المعلنة للأمم المتحدة في دعم السلم والأمن.
وتطرق أيضًا إلى عدة عبارات تضمنها التقرير، رأى فيها محاولة لربط جماعة أنصار الله بجماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة، ووصف هذا الربط بأنه استناد إلى مصادر مغلوطة، مشيرًا إلى أن هناك تقارير تثبت قتال هذه التنظيمات إلى جانب خصوم أنصار الله.
تسييس النزاعات
وكانت منظمة “انتصاف” للحقوق، أكدت أن التقرير الأخير يعكس انحيازًا صارخا، ويستغل سلطات مجلس الأمن الدولي لتحقيق مصالح القوى الكبرى.
وقالت المنظمة في بيان لها حصلت “الوحدة” على نسخة منه “التقرير الأخير ليس إلا أداة لتحقيق السياسات العدوانية الأمريكية والإسرائيلية، ويتناقض مع مبادئ العدالة والحيادية التي من المفترض أن تمثلها الأمم المتحدة.”
وأوضحت المنظمة أن التقرير يتضمن إشارات ضمنية لدعوات بتشديد العقوبات الاقتصادية على اليمن، مما قد يمثل تمهيدا لاعتداءات جديدة.
وأشارت المنظمة إلى ازدواجية واضحة في المعايير، حيث يتجاهل التقرير جرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ولبنان، بينما يُسخر لتبرير المزيد من الضغط على صنعاء.
وأكدت المنظمة أن هذا التقرير، إذا لم يواجه بالرفض، قد يفتح المجال لإسرائيل لتنفيذ اعتداءات إضافية بغطاء من الشرعية الدولية. ودعت المنظمة الحقوقية جميع المؤسسات الحقوقية والناشطين العالميين إلى إدانة التقرير، ورفض ما وصفته بـ”الانحياز” السافر، وإظهار حقيقة الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين في فلسطين ولبنان.
وحمّلت “انتصاف” مجلس الأمن والأمم المتحدة وأمينها العام المسؤولية الكاملة عن أي جرائم قد تحدث نتيجة لهذا التقرير، مشيرة إلى أهمية محاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان.