قنوات يزد المائية.. معلم تاريخي وسط صحاري إيران يتحول إلى معلم سياحي
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
تحولت القنوات المائية التاريخية، التي وفرت مياه الشرب لسكان مدينة يزد في إيران لعدة قرون وجعلتها واحة وسط الصحراء، إلى معلم مهم من المعالم التي تستقطب السياح المحليين والأجانب.
وتقع مدينة يزد وسط إيران، على أرض منبسطة تحيط بها الصحاري، وتشتهر بالقنوات التي مدتها بالمياه لقرون طويلة.
وتزايدت أهمية هذه القنوات على مدى التاريخ، نظرا لموقع مدينة يزد وسط الصحراء وندرة المياه في المنطقة، مما خلق مشكلة في تلبية احتياجات السكان المحليين من مياه الشرب.
ففي يزد، يصعب جر المياه الجوفية من المناطق المحيطة من دون ضياعها بسبب البيئة الحارة الصعبة، وهو ما دفع سكان المنطقة قبل قرون للبحث عن حلول مختلفة لإيصال الحياة إلى المدينة.
وبدلا من نقل المياه عبر قنوات سطحية، بدأ أهالي المنطقة باستجرار المياه إلى يزد باستخدام قنوات محفورة تحت الأرض، لتلعب شبكة القنوات هذه دورا مهما لمئات السنين.
ويصل عمق مداخن القنوات المائية المحفورة تحت الأرض أحيانا إلى 40 مترا، تشد أنظار زوار المدينة، لا سيما القادمين جوا، إذ تنتشر في يزد عشرات التلال الكبيرة التي تأخذ أشكالا مختلفة لا يمكن فهم مغزاها للوهلة الأولى.
وبما أن القنوات موجودة في عمق الأرض، وملامسة للجزء الصلب منها، فإن نسبة ضياع الماء في الأرض الرملية يصبح أقل بكثير، إضافة إلى أن الجزء الصخري من الأرض يعمل مثل مبرّد للماء.
وتخترق قنوات المياه القادمة من الجبال الواقعة على بعد حوالي 70 كيلومترا الأراضي المحيطة بيزد، وكان السكان المحليون يحصلون على المياه من خلال النزول عبر أنفاق وسلالم كبيرة تصل إلى عمق القناة.
أما المياه الفائضة المتدفقة عبر القنوات، والتي يتناقص عمقها كلما ما ابتعدنا عن منطقة الجبال إلى المدينة، فيتم استخدامها في سد الاحتياجات المائية لنقاط أخرى وفي الأنشطة الزراعية أيضا.
وتضاءلت أهمية هذه القنوات المائية في العصر الحديث مع تطور نظام الضخ ومد أنابيب المياه ونقل المياه من نهر زندرود في أصفهان إلى يزد، ولكنها لا تزال تعمل إلى يومنا هذا رغم تناقص أعدادها وتراجع استخدامها، إذ تحوّلت إلى معلم جذب سياحي.
وسنويا، تستقبل قنوات المياه التاريخية المفتوحة وسط المدينة آلاف السياح المحليين والأجانب، الذين يحرصون على زيارتها كلما زاروا يزد.
ولا تقتصر زيارة السياح للقنوات المائية على رؤية مجرى المياه وحسب، بل يذهب السياح في جولة تفصيلية لمشاهدة أحواض تخزين المياه وطريقة عمل القنوات المختلفة، والمشي في القناة الطويلة التي يبلغ ارتفاعها مترا ونصف المتر.
ويقول مدير قناة زارج المائية إبراهيم كاظم نجند إن السلطات المحلية قامت بإعادة بناء وتأهيل القناة الطويلة ليتمكن السياح من زيارتها، لافتا إلى أن قناة زارج المائية وفّرت المياه لسكان يزد لعدة قرون.
وقال إن "قناة زارج تقع على عمق 30 مترا تحت مدينة يزد التاريخية. ويبلغ طول هذه القناة 72 كيلومترا، وقد تم تسجيلها من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) باعتبارها أطول قناة مائية تحت الأرض في العالم".
وأوضح نجند أن السلطات المحلية أعادت قبل 3 سنوات بناء وتأهيل قناة زارج التاريخية، وافتتاحها أمام الزوار المحليين والأجانب، مشيرا إلى أن تاريخ هذه القناة يرجع إلى العصر الإيلخاني (1256–1335).
من جهته، قال محمود نصيري، أحد زوار المدينة، إنه جاء من محافظة البرز الإيرانية لرؤية قنوات المياه التاريخية في يزد.
وأضاف "جئت إلى يزد لأول مرة لرؤية قنوات المياه التاريخية. دائما كنت أتساءل كيف استطاع الأقدمون بناء هذا الصرح العظيم. من المثير للاهتمام بالنسبة إليّ كيف بنوا تلك القنوات بالوسائل والأدوات التقليدية".
أما فريدة نجاتي، إحدى زائرات يزد، فقالت إنها جاءت إلى المدينة من مدينة كرج الإيرانية (شمال)، مشيرة إلى أن رؤية القنوات المائية التاريخية كانت تجربة رائعة ومميزة.
وختمت بأن "مشاهدة قنوات المياه التاريخية من الداخل تجربة مثيرة للغاية. كان جميلا جدا المشي في الماء داخل القناة. لم أكن أعرف تفاصيل كثيرة عن قنوات المياه التاريخية في يزد من قبل. الآن، أصبحت لدي معلومات تاريخية وافية عن هذا الصرح التاريخي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات المحلیین والأجانب وسط الصحراء إلى أن
إقرأ أيضاً:
حلم البركة يتحول إلى مأساة.. أسطورة بئر العين بعد العثور على البدري أسفل الجبل بسوهاج
في قلب صحراء سوهاج الشرقية، وعلى بعد ستة كيلومترات من حي الكوثر، تقبع "بئر العين"، تلك البقعة التي تختلط فيها الحقيقة بالأسطورة.
وتنبض بحكايات شعبية عن الأمل والشفاء، ويتوافد إليها المئات كل عام، طامحين في بركة ماء يُعتقد أنها تفتح أبواب الرزق وتُذهب العقم وتحقق الأمنيات.
وبين طقوس الرجاء وهمسات الزائرين، تحوّلت هذه الأرض الأسطورية إلى مشهد مأساوي، بعد العثور على جثمان طالب عشريني أسفل أحد جبال المنطقة، عقب تغيبه لعدة أيام.
تفاصيل الواقعةوتعود أحداث الواقعة عندما تلقى اللواء صبري صالح عزب، مساعد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج، إخطارًا من مأمور قسم شرطة الكوثر، يفيد بورود بلاغ من المدعو "مصطفى م. أ. ع"، 23 عامًا، نجار، ويقيم بمركز أخميم.
يفيد بالعثور على جثة شقيقه أسفل الجبل الشرقي بمنطقة بئر العين، بدائرة القسم.
وعلى الفور، انتقلت قوة من مباحث القسم، وتبين أن الجثة تعود للمدعو "البدري"، 20 عامًا، طالب، ومقيم بذات العنوان.
وبمناظرة الجثة، تبين أنه يرتدي كامل ملابسه، ويعاني من كسور متفرقة بالجسم، وتم نقل الجثمان إلى مشرحة مستشفى أخميم المركزي تحت تصرف النيابة العامة.
وأكد شقيق المتوفي في أقواله، أن شقيقه خرج من المنزل يوم 1 أبريل الجاري بهدف التنزه والتقاط الصور التذكارية في منطقة بئر العين الجبلية، إلا أنه لم يعد منذ ذلك الوقت.
ولم يتم تحرير محضر بغيابه لانشغاله بالبحث عنه على مدار الأيام الماضية، حتى تم العثور عليه جثة هامدة أسفل الجبل.
وأوضح أن الوفاة نتجت عن سقوطه من أعلى الجبل، ولم يتهم أحدًا بالتسبب في وفاته، كما نفى وجود أي شبهة جنائية، وهو ما أكدته التحريات الأولية وتقارير الكشف الظاهري.
منطقة "بئر العين"، التي تكتسي بغموض الطبيعة الجبلية، تشتهر منذ عقود بأنها وجهة للباحثين عن الإنجاب والبركة، حيث يعتقد سكان القرى المجاورة أن مياه البئر قادرة على شفاء المرأة العقيمة وتحقيق الرجاء.
وتبدأ رحلات الزائرين إليها مساء الخميس من كل أسبوع، حاملين الذبائح والطعام، ويتجمعون في أجواء روحانية، يغمرها الإيمان والتعلق بالأمل.
وفي محيط البئر، يُقام مسجد صغير بجوار ضريح يُعرف بضريح الشيخ "شيخون"، شُيد عام 1985 بعد تكرار رؤى روحية لأهالي المنطقة، يتخللها ماء متدفق من بين الصخور، يضفي على المكان طابعًا فريدًا من الصفاء والغموض.
وعلى الرغم من طابع الأسطورة الذي يغلف المنطقة، إلا أن التضاريس الصعبة ووعورة الطريق، خاصة بعد النقطة التي تُعرف بـ"العتبة الكبرى"، تجعل من التنقل في الجبل مغامرة محفوفة بالمخاطر، وهو ما قد يفسر تكرار الحوادث في تلك المنطقة.
بين قدسية المكان وخرافاته، يبقى المشهد الأخير لهذا الشاب هو الأكثر صدقًا ووجعًا.
مأساة سقطت فوق صخرة من الأساطير، لترسخ في ذاكرة المكان أن لكل أسطورة ثمن، ولكل أمنية طريق قد يكون وعرًا أكثر مما يُتصوّر.