تحليل : رغم الخلافات لا تزال أمريكا والصين تحتاج كل منهما للأخرى اقتصاديا
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
يرى الكاتب بروس ياندل أن زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين للعاصمة الصينية بكين في الشهر الماضي قد حققت نجاحات على العديد من الجبهات. فقد أجرت محادثات مع كبار المسؤولين الصينيين بشان قضايا حساسة تتعلق بالسياسة الاقتصادية ، بما في ذلك التجارة والسيارات الكهربائية والرقائق وبالتالي تعزيز روابط الاتصالات المهمة ،و من المأمول، تخفيف حدة المشاعر العدائية.
وقال ياندل ، الزميل البارز في مركز ميركاتوس بجامعة جورج ميسون و العميد الفخري لكلية كلمسن الجامعية لإدارة الأعمال والعلوم السلوكية بالولايات المتحدة ،إن يلين ، التي ربما تكون العضو الأكثر خبرة عالميا في إدارة الرئيس بايدن والتي تتمتع بشخصة جذابة ، تعرف كيف تعمل على المستويات العالية ويبدو أنها تحتفظ بمكانتها.
وأضاف ياندل ، الذي كان مدير مفوضية التجارة الاتحادية في عهد الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريجان في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية ، أن الزيارة مهمة لعدة أسباب ولكن في المقام الأول لأنه لا تزال الولايات المتحدة والصين تحتاج كل منهما للأخرى ، رغم خلافاتهما (كما أظهرها إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخير عن فر ض رسوم جمركية جديدة على السيارات الكهربائية).
وهناك مكاسب كبيرة ومحتملة لاحقا من إقامة تعاون أفضل . ولكن للحصول على هذه المكاسب ، يتعين تقسيم الاختلافات بين الدولتين إلى الاختلافات السياسية والانتقالية في المقام الأول والاختلافات التي تعكس اختلافات طويل الأمد وأكثر جوهرية- اقتصادية وأخرى .
ومن غير المرجح أن تتلاشى المخاوف إزاء الخطوة المقبلة للصين، فيما يتعلق بتايوان وتعاملها مع حقوق المستثمرين الأجانب المتعلقة بالملكية الفكرية وحقوق الملكية الأخرى، لبعض الوقت .
وهناك ثلاث فرص على الأقل لتحقيق مكاسب مهمة من التعاون الجيد بين الولايات المتحدة والصين. والفرصة الأولى هى أنه منذ الربع الأول من عام 2023ومع حالات العجز في الميزانية الفيدرالية الأخذة في الاتساع وانخفاض معدل المدخرات الخاصة ، يستهلك الأمريكيون أكثر مما ينتجون ، فيما ينتج الشعب الصيني أكثر كثيرا مما يستهلكون كل عام ، ويحتاجون لبيع انتاجهم الفائض إلى آخرين.
ونظرا لأن أمريكا لديها شهية كبيرة لمزيد من البضائع الاستهلاكية ،تبدو شواطئها هى الوجهة المنطقية. وعموما ، هناك شئ يمكن الاتفاق عليه وهو أن الصين مصدر يعتمد عليه للحصول على البضائع الاستهلاكية بكميات كبيرة منذ عقود. والصينيون يعرفون كيفية انتاج ما يرغب فيه الأمريكيون.
ويقول ياندل إنه "يتعين على اولئك، الذين يعتقدون أننا نستطيع القضاء على العجز التجاري لدينا بشكل كامل من خلال فرض رسوم جمركية أعلى يدفعها المستهلكون الأمريكيون على البضائع الصينية ، أن ينتبهوا لذلك".
و تتمثل الفرصة الثانية في أنه في ظل حالات عجز الميزان التجاري ، تعتبر الملكية الأجنبية لدين الحكومة الأمريكية في أعلى مستوى لها الأن على الأطلاق .
وكان لدى الصين ، ثاني أكبر مشتر للسندات الأمريكية ، سندات بقيمة 816مليار دولار في شهر ديسمبر 2023، وتعد اليابان أكبر مقرض وتحتل بريطانيا المرتبة الثالثة. وبالمعنى الحقيقي، تقترض أمريكا من الصين لنشترى بضائعها . وإذا ما توقفت الصين عن الإقراض ، كان سيتعين علي أمريكا أن تقترض أكثر من مقرض أكثر تكلفة وأن يغير الأمريكيون بعض عاداتهم الاستهلاكية.
و يضيف ياندل "في الحقيقة ، كنا سنصبح أفقر قليلا. وفي ظل هذه الظروف ، يكون التعاون وليس المواجهة التي تؤثر على كل شئ ،أمرا منطقيا. وتتمثل الفرصة الثالثة في أن الولايات المتحدة والصين قد تبنتا توجيهات مماثلة تتعلق بالسياسة الصناعية .وتستثمر كلتا الدولتين أموال شعبيهما في دعم انتاج السيارات الكهربائية والرقائق والخلايا الشمسية والألات عالية التقنية. وسوف يبدو أن تهدئة توترات وإجراء محادثات أكثر هدوءا يمكن أن تدفع الدولتين إلى خفض المحاباة التنافسية، وقد تمتلك الصين تفوقا متأصلا في قطاع السيارات الكهربائية، وتكون الولايات المتحدة أفضل في هندسة الرقائق وانتاجها. وإذا كان الأمر ذلك ، فإن التعاون يمكن أن يؤدي إلى انتاج سيارات كهربائية منخفضة التكلفة وانبعاثات أقل بالنسبة للدولتين.
وتابع ياندل أن من السهل نسيان أن الصين تواجه مستقبلا أكثر تحديا من الولايات المتحدة . ويكافح الصينيون مع اقتصاد يتعثر ويعاني من ارتفاع البطالة وانخفاض مستمر في معدل المواليد وسكان يتقلص عددهم بشكل حاد.
ومن المتوقع أن يخسر الصينيون 20%من قوتهم العاملة مع حلول عام 2050، وبالاضافة إلى ذلك ، فإنه بسبب أخطاء سابقة في اختيار الأهداف الاقتصادية ، تتعامل البلاد مع حالات إفلاس خطيرة في قطاع العقارات، وعلى سبيل المقارنة ، يبدو الاقتصاد الأمريكي مثل الطريق الاسطوري الممهد بالذهب، ولكن ، ليس بالمعنى المطلق ولكن من المؤكد على نحو نسبي . ويقول ياندل إنه مع ذلك "يتحدث قادتنا الوطنيون الحاليون والطامحون على نحو مستمر عن فرض رسوم جمركية أعلى على البضائع الصينية والأجنبية الأخرى ،وهذه تكاليف يتحملها في نهاية المطاف شعبنا وشركاتنا".
وبسبب قرار الولايات المتحدة الخاص ببناء مستقبل على السيارات الكهربائية المدعومة والرقائق ، يرتعد الزعماء الأمريكيون فيما يبدو من احتمال الأعداد الهائلة من السيارات الكهربائية صينية الصنع الرخيصة والمنتجات الأخرى التي تصل لإشباع عادات الشراء لدى الأمريكيين .
وناشدت يلين القيادة الصينية باتخاذ إجراءات سوف ترفع مستوى انفاق المستهلكين المحليين والابتعاد عن إغراق السوق العالمية بالصادرات من السيارات الكهربائية والسلع ذات التكنولوجيا المتقدمة. وبدا أن مضيفي يلين قد أصغوا إليها ولكنهم ردوا عليها أيضا ، حيث أشاروا إلى أن الصين تستجيب ببساطة لقوى السوق بينما الولايات المتحدة نفسها قد اختارت أن تقيد هذه القوى بالرسوم الجمركية وباموال الدعم.
واختتم ياندل تقريره بالقول إن هذا هو الوقت لتنقية الأجواء وتحديد ما هو حقيقي وكيفية التكيف مع حقائق المكاسب من خلال التعاون .
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السیارات الکهربائیة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
«الأمم المتحدة»: صراعات وتحديات أمنية وإنسانية لا تزال تواجه سوريا
حذر مكتب التنسيق الإنساني التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، اليوم، الخميس، من أن سوريا ما زالت تواجه تحديات أمنية وإنسانية كبيرة في الشمال الشرقي وما وراءه، في أعقاب الإطاحة بنظام الأسد.
ونقل الموقع الرسمي للأمم المتحدة عن أوتشا، أن أكثر من 25 ألف شخص تم تهجيرهم حديثا من مدينة منبج في الشمال الشرقي، حيث تم الإبلاغ عن عمليات قصف مدفعي وغارات جوية.
وأشارت أوتشا إلى أن الأعمال العدائية قد تصاعدت، خلال الأسبوع الماضي، خاصة في شرق حلب وحول سد تشرين.
ويعد السد هدفا رئيسيا لعدة مجموعات من المقاتلين السوريين الذين يتنافسون للسيطرة على شمال سوريا. وتشمل هذه المجموعات الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، وقوات سوريا الديمقراطية التي يقاتل بجانبها حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردستاني.
وأوضح مكتب التنسيق الإنساني التابع للأمم المتحدة أنه نتيجة لتصاعد العنف، ارتفع عدد الأشخاص النازحين حديثا إلى 652 ألف شخص حتى 27 يناير الجاري.
ومن بين الحوادث المميتة التي تم الإبلاغ عنها في شمال شرق سوريا، قصف أصاب بلدة في ريف منبج في 25 يناير، مما أدى إلى إصابة عدد غير مؤكد من الأطفال.
وفي يوم السبت، تسببت اشتباكات في مخيم للنازحين في جرابلس شمال منبج في إصابة سبعة أشخاص، من بينهم طفلان، وتدمير خمس خيام. وفي نفس اليوم، انفجرت سيارة مفخخة أمام مستشفى ومدرسة في مدينة منبج، مما أسفر عن مقتل مدني واحد وإصابة سبعة آخرين.
وفي الأسبوع الماضي.. أفادت (أوتشا) أيضا بوقوع اشتباكات في المناطق الساحلية مع "زيادة في الأنشطة الإجرامية، بما في ذلك النهب والتخريب، مما يقيد حركة المدنيين خلال ساعات الليل".
في السياق.. أشارت الوكالة الأممية، إلى استمرار الهجمات الإسرائيلية على القنيطرة في جنوب سوريا، بالقرب من منطقة الجولان العازلة التي دخلتها القوات الإسرائيلية عقب الإطاحة بالرئيس الأسد.
وحذرت الوكالة الأمية، من "نقص الخدمات العامة والقيود المالية" في عموم المحافظات السورية، والتي أثرت بشدة على المجتمعات والاستجابة الإنسانية. على سبيل المثال، في حمص وحماة، تتوفر الكهرباء لمدة 45 إلى 60 دقيقة فقط كل 8 ساعات.
وفي شمال غرب سوريا، نفدت الأموال من 102 منشأة صحية منذ بداية عام 2025. وتطالب الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني بتقديم 1.2 مليار دولار لمساعدة 6.7 مليون شخص من الأكثر ضعفا في سوريا حتى مارس المقبل.
جاءت هذه التطورات قبيل اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اليوم، خلف الأبواب المغلقة بشأن سوريا.