الجزيرة:
2024-11-07@08:53:13 GMT

خرسانة سلبية الكربون.. أكثر متانة وصديقة للبيئة

تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT

خرسانة سلبية الكربون.. أكثر متانة وصديقة للبيئة

توصل فريق بحثي من جامعة إمبريال كوليدج لندن إلى حل يمكن أن يساهم في إنتاج خرسانة سلبية الكربون، وذلك عن طريق وضع بصمة الاستدامة على واحدة من أكثر الصناعات الملوِّثة للبيئة، وهي "صناعة الإسمنت".

ومع الاعتراف بأهمية الإسمنت في العمران البشري، فإنه يساهم بشكل غير مقصود في الاحتباس الحراري بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تحدث عندما يُستخدم الوقود الأحفوري لتسخين المنتجات التي تدخل في تصنيعه، وهي مزيج "الطين والماء والجير المكلس"، وكذلك عندما يسخن الحجر الجيري لإنتاج المادة الرابطة "الكلنكر".

وتتسبب العملية الأخيرة بالكمية الأكبر من الانبعاثات، وهي المشكلة التي أعلن الباحثون حلها في الدراسة المنشورة بدورية "رويال سوسيتي أوبن ساينس"، عن طريق استخدام معدن مشتق من "الأوليفين" أو ما يعرف بـ"الزبرجد الزيتوني" بديلا عن مادة "الكلنكر" الرابطة التي يتسبب تجهيزها بكمية كبيرة من الانبعاثات.

خطوات إنتاج معدن "النسكويهونيت" من "الأوليفين " (رويال سوسيتي أوبن ساينس). 5 خطوات لإعداد "الكلنكر"

ويحتاج تصنيع الكلنكر" إلى عملية كيميائية عالية الحرارة تقوم على عدة خطوات هي:

أولا: تحضير المواد الخام المستخدمة في إنتاجه، وهي الحجر الجيري والطين وخام الحديد. ثانيا: سحق الطين وخام الحديد وطحنهما على شكل مسحوق ناعم، وسحق الحجر الجيري إلى قطع أصغر، وخلطه بنسب مناسبة مع المكونين الآخرين لتحقيق التركيب الكيميائي المطلوب. ثالثا: تدخل المواد الخام إلى فرن دوار، وهو عادة فرن أسطواني كبير، وداخل الفرن تتعرض المواد لحرارة شديدة تصل درجاتها إلى ما بين 1400 و1500 درجة مئوية (2552-2732 درجة فهرنهايتية). رابعا: عندما تتحرك المواد الخام عبر الفرن فإنها تخضع لسلسلة من التفاعلات الكيميائية المعقدة، والتفاعل الرئيسي هو تكوين "الكلنكر"، وهو مادة صلبة ذات جزيئات بحجم الرخام. خامسا: بعد ذلك يُبرد "الكلنكر" ويطحن إلى مسحوق ناعم مع الجبس والمواد المضافة الأخرى -مثل الرماد المتطاير أو الخبث- لإنتاج الإسمنت، وهذا الإسمنت المطحون جيدا -وهو ما نشير إليه عادة باسم "الإسمنت البورتلاندي"- هو المكون الأساسي في الخرسانة.

والحل الذي توصل له فريق بحثي بقيادة الأستاذ بمركز مواد البنية التحتية بقسم الهندسة المدنية والبيئية بجامعة إمبريال كوليدج لندن "كريستوفر تشيزمان"، هو استخدام معدن "النسكويهونيت" المشتق من الأوليفين بديلا عن "الكلنكر"، مما يساعد على تقليل الأثر البيئي لإنتاج الإسمنت. (انظر الفيديو)

كيف يُجهز "النسكويهونيت"؟

والنسكويهونيت عبارة عن معدن كربونات المغنيسيوم الصلبة الذي يتشكل عادة كمعدن ثانوي في البيئات الغنية بالمغنيسيوم، وغالبا ما يرتبط بالصخور الغنية بالأوليفين.

ويتكون النسكويهونيت نتيجة التفاعل الكيميائي بين الأوليفين وثاني أكسيد الكربون. ووفق ما جاء في تقرير نشرته بوابة "تيك إكسبلور"، حضّره باحثون عبر مجموعة من الخطوات هي:

أولا: إذابة الأوليفين، وهو معدن يحتوي على المغنيسيوم والسيليكا وعناصر أخرى في حامض الكبريتيك لاستخلاص المكونات المكونة له، وتُنتج هذه العملية محلولا يحتوي على أيونات المغنيسيوم والسيليكا الذائبة. ثانيا: يُعرّض المحلول الذي يحتوي على أيونات المغنيسيوم والسيليكا الذائبة إلى ثاني أكسيد الكربون الذي يُسحب مباشرة من الهواء المحيط بمصنع إنتاج الإسمنت، أو عن طريق احتجاز الغاز المنبعث من الوقود الأحفوري أثناء حرقه لتسخين خليط "الطين والماء والجير المكلس" المستخدم لإنتاج الإسمنت. ثالثا: عند إدخال ثاني أكسيد الكربون إلى المحلول، فإنه يتفاعل مع أيونات المغنيسيوم الذائبة لتكوين معدن كربونات المغنيسيوم، أو ما يعرف بـ"النسكويهونيت" الذي يترسب من المحلول كمعدن صلب. رابعا: عندما يتشكل النيسكويهونيت فإنه يتصلب، ويمكن جمعه من المحلول عبر تقنيات الفصل المختلفة، مثل الترشيح أو الترسيب. خامسا: ويمكن بعد ذلك دمج النسكويهونيت المجمّع في مخاليط الإسمنت بديلا عن الكلنكر التقليدي أو كمادة مضافة لتعزيز خصائص الإسمنت. كريستوفر تشيزمان بجامعة إمبريال كوليدج لندن قاد فريق الدراسة لوضع بصمة الاستدامة على صناعة الإسمنت (إيروباودر) مزايا بيئية واقتصادية بالجملة

ويضمن تحضير النسكويهونيت من الأوليفين واستخدامه بديلا عن "الكلنكر" تحقيق جملة من المزايا البيئية والاقتصادية، وهي كما ذكرها الباحثون في دراستهم:

أولا: عزل ثاني أكسيد الكربون، فهو يتحول من الغلاف الجوي أو المصادر الصناعية إلى كربونات المغنيسيوم الصلبة (نسكويهونيت)، مما يزيل ثاني أكسيد الكربون بشكل فعال من الغلاف الجوي ويحتجزه في شكل معدني مستقر، وتساعد هذه العملية على تقليل البصمة الكربونية الإجمالية لصناعة الإسمنت، والتخفيف من تغير المناخ عن طريق تقليل كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وبالتالي المساهمة في الجهود المبذولة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. ثانيا: كفاءة استخدام الموارد، وذلك لأن الأوليفين (المادة الخام المستخدمة في إنتاج النسكويهونيت) معدن وفير موجود في التكوينات الجيولوجية المختلفة في جميع أنحاء العالم. ثالثا: دعم الاقتصاد الدائري، لأن إنتاج النسكويهونيت من الأوليفين يحتاج لاحتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن العمليات الصناعية أو حتى مباشرة من الغلاف الجوي وتحويلها إلى مورد معدني قيم، ويتوافق هذا النظام للحلقة المغلقة مع مبادئ الاستدامة وكفاءة استخدام الموارد. رابعا: تعزيز المتانة، فالباحثون أثبتوا أن النسكويهونيت عند دمجه في الخلطات الإسمنتية، لا يحقق مزايا بيئية واقتصادية فحسب، ولكن أيضا يعزز متانة وقوة الخرسانة الناتجة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى بنية تحتية طويلة الأمد، مما يقلل الحاجة إلى الصيانة والإصلاح المتكرر، وهو ما يمكن أن يساهم بدوره في تقليل استهلاك الموارد والآثار البيئية المرتبطة بصيانة البنية التحتية. د. محمد نجيب أبو زيد: الفكرة جيدة لكن تحتاج لدراسات لاحقة تجيب على أربعة تساؤلات. (د. محمد نجيب أبو زيد) خطوة جيدة.. و4 أسئلة

ويصف أستاذ هندسة التشييد بالجامعة الأميركية بالقاهرة "محمد نجيب أبو زيد" ما توصل إليه الباحثون بأنه "خطوة جيدة"، مشيرا في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت" إلى أن اعتماد مثل هذه الأفكار الجديدة يحتاج إلى بعض الوقت ودراسات إضافية للإجابة على أربعة أسئلة هي:

أولا: ما مدى توفر خامة "الأوليفين" لكي تعتمد عليها صناعة الإسمنت؟ فالعالم يُنتج سنويا 8 مليارات متر مكعب من الخرسانة، وهذه كمية ضخمة يمكن إنتاجها بالخامات التقليدية، وقد لا يكون الأوليفين متوفرا بالكمية الملائمة لتعتمد عليه تلك الصناعة. ثانيا: ما مدى ديمومة الخرسانة المصنعة من الإسمنت الجديد عند المقارنة مع الإسمنت التقليدي؟ وهذا يحتاج إلى اختبارات تُجرى على الخرسانة لمعرفة مدى قدرتها على مقاومة العوامل البيئية على المدى الطويل مثل الأمطار الحامضية، ويحتاج الإجابة على هذا السؤال إلى اختبارات تُعرّض خلالها الخرسانة لنسبة عالية جدا من الكبريت المركّز -كالتي يمكن أن تتعرض لها خلال 20 عاما- لرؤية مدى قدرتها على التحمل. ثالثا: ما مدى صلاحية الخرسانة المصنعة من الإسمنت الجديد للأماكن المختلفة؟ فمثلا في المناطق الساحلية تكون هناك احتمالات لتعرضها بشكل مستمر لمياه البحر، أو عند استخدامها في بناء مصانع تكون هناك احتمالات لتعرضها بشكل دائم لمواد كيميائية، فيجب التأكد من قدرتها على العمل في كل البيئات. رابعا: ما مدى تقبل السوق للخامة الجديدة، وهل تتوافق مع أكواد البناء في دول العالم المختلفة؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات ثانی أکسید الکربون إنتاج الإسمنت الغلاف الجوی بدیلا عن عن طریق یمکن أن ما مدى الذی ی

إقرأ أيضاً:

مي عبد الحميد: مبادرة العمارة الخضراء أول نموذج صديق للبيئة في أفريقيا

شاركت مي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، في فعاليات جلسة حوارية بعنوان "إسكان مستدام وميسور التكلفة: رسم مسارات لتلبية الطلب على الوحدات السكنية"، وذلك على هامش فعاليات اليوم الثاني من المنتدى الحضري العالمي WUF بالقاهرة.

وشهدت الجلسة مشاركة مروة محجوب، المستشار القطري والاقتصادي لمنطقتي شمال أفريقيا والقرن الأفريقي بمنظمة التمويل الدولية بمصر، والدكتورة/ هند فروح، مدير معهد العمارة والإسكان في المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، والمهندس/ يحيي ناصف، ممثلًا عن شركة المقاولون العرب، وأدار الجلسة أحمد رزق، المدير القطري لبرنام الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.

وأعربت  مي عبد الحميد عن سعادتها بالمشاركة في الجلسة الحوارية وكذلك في فعاليات المنتدى الحضري WUF، مؤكدة أنه يعد فرصة كبيرة للتعرف على التجارب العالمية في مجال العمران.

وأوضحت أن صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري يلعب دورًا مهمًا في تنفيذ الحق الدستوري (الحق في السكن) لجميع المواطنين، وخصوصًا المواطنين منخفضي الدخل.

وأضافت الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي أن قطاع الإسكان في مصر شهد تحديات وعقبات كثيرة على مدار عقود طويلة، خصوصًا مع الزيادة السكانية الكبيرة التي تشهدها مصر، وعدم ملاءمة أسعار الوحدات السكنية مع حدود الدخل.

وأضافت أن الصندوق يقوم بتوفير الوحدات السكنية دون تحميلها بأسعار الأراضي التي يتم البناء عليها أو تهيئة المناطق المحيطة بها وغيرها، وذلك كدعم من الدولة المصرية للمواطنين لتوفير السكن لها.

وأشارت إلى أن الصندوق بدأ في رحلته لبناء الوحدات السكنية الصديقة للبيئة، حيث أطلق مبادرة "العمارة الخضراء"، وذلك بالتعاون مع العديد من الجهات والمؤسسات المحلية والدولية، والتي تقدم الدعم للصندوق في تنفيذ هذه الوحدات، حيث يقدم البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية دعمًا فنيًا كبيرًا للصندوق، كما يساهم المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء في دراسة بناء الوحدات السكنية وطبيعة المواد المستخدمة لتحقيق أكبر فائدة ممكنة.

وأشارت الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي إلى أن مبادرة العمارة الخضراء تعد أول نموذج صديق للبيئة في أفريقيا، حيث يعتمد على نظام "التصنيف الهرم الأخضر" (GPRS) المصري.

واوضحت أن مبادرة "العمارة الخضراء" تستهدف خفض استهلاك الطاقة بنسبة 27%، وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 33%، واستهلاك المياه بنسبة 40%، مع تقليل النفايات الصلبة بنسبة 70%.

ولفتت السيدة/ مي عبد الحميد الى أنه تم اعتماد أكثر من 25,000 وحدة وفق تصنيف الهرم الأخضر في مدن مختلفة مثل حدائق العاصمة ومدينة أسوان الجديدة، والعبور الجديدة، والعاشر من رمضان.

وأضافت أن الصندوق يسعى لبناء أكثر من 55,000 وحدة صديقة للبيئة في عدد من المدن المصرية.

وأوضحت أن صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري قام بتنظيم مسابقة للحصول على تصميم مبتكر وصديق للبيئة لبناء المرحلة الثانية من مبادرة العمارة الخضراء، وتم اختيار تصميم فائز ويجري حاليًا التجهيز لاستخدامه في المرحلة الثانية من المبادرة.

وقالت الرئيس التنفيذي للصندوق أنه على الرغم من أن تكلفة بناء الوحدات السكنية الخضراء أعلى من نظيراتها المعتادة إلا أن النتائج البيئية لها سوف تسهم في تعويض هذه الفروق.

وخلال تعقيبها على العرض الذي قدمته شركة المقاولون العرب حول الخشب المعاد تدويره واستخدامه في تنفيذ الأبواب والنوافذ، أعربت السيدة/ مي عبد الحميد عن رغبتها في الاستفادة من هذه التجربة وتعميمها في التشطيبات المستخدمة في بناء وحدات المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين للمواطنين منخفضي الدخل وكذلك ضمن وحدات مبادرة العمارة الخضراء.

وفي ختام الجلسة، قام الدكتور/ محمد مسعود، رئيس مجلس إدارة المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، بتسليم مي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، شهادات تقييم تصميم الإسكان الأخضر في ٤ مدن وهي العاشر من رمضان والعبور الجديدة وأسوان الجديدة وحدائق العاصمة بواقع ٢٥٤٩٤ ألف وحدة سكنية صديقة للبيئة، وهو ما يؤكد أن هذه الوحدات متوافقة مع نظام تقييم الهرم الأخضر.

مقالات مشابهة

  • كريسبو مع العين.. رحلة سلبية بـ«أرقام قياسية»!
  • الرهوي يدشن مشروع توطين صناعة الإسمنت
  • مي عبد الحميد: مبادرة العمارة الخضراء أول نموذج صديق للبيئة في أفريقيا
  • ريسوت للإسمنت: تنفيذ برنامج مستدام لرفع كفاءة الإنتاج
  • «أدنوك» و«44.01» توسعان نطاق مشروع تعدين ثاني أكسيد الكربون
  • الإعلان عن توسيع نطاق مشروع تعدين ثاني أكسيد الكربون بالفجيرة
  • “أدنوك” وشركة “44.01” توسعان نطاق مشروع تعدين ثاني أكسيد الكربون بالفجيرة
  • حزب مصر 2000: رفع التصنيف الائتمانى شهادة دولية على متانة الاقتصاد المصري
  • «طاقة سلبية».. خبيرة أبراج تحذر من وضع صور المتوفين في المنزل «فيديو»
  • كولر يمنح لاعبيه راحة سلبية من التدريبات اليوم