خرسانة سلبية الكربون.. أكثر متانة وصديقة للبيئة
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
توصل فريق بحثي من جامعة إمبريال كوليدج لندن إلى حل يمكن أن يساهم في إنتاج خرسانة سلبية الكربون، وذلك عن طريق وضع بصمة الاستدامة على واحدة من أكثر الصناعات الملوِّثة للبيئة، وهي "صناعة الإسمنت".
ومع الاعتراف بأهمية الإسمنت في العمران البشري، فإنه يساهم بشكل غير مقصود في الاحتباس الحراري بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تحدث عندما يُستخدم الوقود الأحفوري لتسخين المنتجات التي تدخل في تصنيعه، وهي مزيج "الطين والماء والجير المكلس"، وكذلك عندما يسخن الحجر الجيري لإنتاج المادة الرابطة "الكلنكر".
وتتسبب العملية الأخيرة بالكمية الأكبر من الانبعاثات، وهي المشكلة التي أعلن الباحثون حلها في الدراسة المنشورة بدورية "رويال سوسيتي أوبن ساينس"، عن طريق استخدام معدن مشتق من "الأوليفين" أو ما يعرف بـ"الزبرجد الزيتوني" بديلا عن مادة "الكلنكر" الرابطة التي يتسبب تجهيزها بكمية كبيرة من الانبعاثات.
ويحتاج تصنيع الكلنكر" إلى عملية كيميائية عالية الحرارة تقوم على عدة خطوات هي:
أولا: تحضير المواد الخام المستخدمة في إنتاجه، وهي الحجر الجيري والطين وخام الحديد. ثانيا: سحق الطين وخام الحديد وطحنهما على شكل مسحوق ناعم، وسحق الحجر الجيري إلى قطع أصغر، وخلطه بنسب مناسبة مع المكونين الآخرين لتحقيق التركيب الكيميائي المطلوب. ثالثا: تدخل المواد الخام إلى فرن دوار، وهو عادة فرن أسطواني كبير، وداخل الفرن تتعرض المواد لحرارة شديدة تصل درجاتها إلى ما بين 1400 و1500 درجة مئوية (2552-2732 درجة فهرنهايتية). رابعا: عندما تتحرك المواد الخام عبر الفرن فإنها تخضع لسلسلة من التفاعلات الكيميائية المعقدة، والتفاعل الرئيسي هو تكوين "الكلنكر"، وهو مادة صلبة ذات جزيئات بحجم الرخام. خامسا: بعد ذلك يُبرد "الكلنكر" ويطحن إلى مسحوق ناعم مع الجبس والمواد المضافة الأخرى -مثل الرماد المتطاير أو الخبث- لإنتاج الإسمنت، وهذا الإسمنت المطحون جيدا -وهو ما نشير إليه عادة باسم "الإسمنت البورتلاندي"- هو المكون الأساسي في الخرسانة.والحل الذي توصل له فريق بحثي بقيادة الأستاذ بمركز مواد البنية التحتية بقسم الهندسة المدنية والبيئية بجامعة إمبريال كوليدج لندن "كريستوفر تشيزمان"، هو استخدام معدن "النسكويهونيت" المشتق من الأوليفين بديلا عن "الكلنكر"، مما يساعد على تقليل الأثر البيئي لإنتاج الإسمنت. (انظر الفيديو)
كيف يُجهز "النسكويهونيت"؟والنسكويهونيت عبارة عن معدن كربونات المغنيسيوم الصلبة الذي يتشكل عادة كمعدن ثانوي في البيئات الغنية بالمغنيسيوم، وغالبا ما يرتبط بالصخور الغنية بالأوليفين.
ويتكون النسكويهونيت نتيجة التفاعل الكيميائي بين الأوليفين وثاني أكسيد الكربون. ووفق ما جاء في تقرير نشرته بوابة "تيك إكسبلور"، حضّره باحثون عبر مجموعة من الخطوات هي:
أولا: إذابة الأوليفين، وهو معدن يحتوي على المغنيسيوم والسيليكا وعناصر أخرى في حامض الكبريتيك لاستخلاص المكونات المكونة له، وتُنتج هذه العملية محلولا يحتوي على أيونات المغنيسيوم والسيليكا الذائبة. ثانيا: يُعرّض المحلول الذي يحتوي على أيونات المغنيسيوم والسيليكا الذائبة إلى ثاني أكسيد الكربون الذي يُسحب مباشرة من الهواء المحيط بمصنع إنتاج الإسمنت، أو عن طريق احتجاز الغاز المنبعث من الوقود الأحفوري أثناء حرقه لتسخين خليط "الطين والماء والجير المكلس" المستخدم لإنتاج الإسمنت. ثالثا: عند إدخال ثاني أكسيد الكربون إلى المحلول، فإنه يتفاعل مع أيونات المغنيسيوم الذائبة لتكوين معدن كربونات المغنيسيوم، أو ما يعرف بـ"النسكويهونيت" الذي يترسب من المحلول كمعدن صلب. رابعا: عندما يتشكل النيسكويهونيت فإنه يتصلب، ويمكن جمعه من المحلول عبر تقنيات الفصل المختلفة، مثل الترشيح أو الترسيب. خامسا: ويمكن بعد ذلك دمج النسكويهونيت المجمّع في مخاليط الإسمنت بديلا عن الكلنكر التقليدي أو كمادة مضافة لتعزيز خصائص الإسمنت.ويضمن تحضير النسكويهونيت من الأوليفين واستخدامه بديلا عن "الكلنكر" تحقيق جملة من المزايا البيئية والاقتصادية، وهي كما ذكرها الباحثون في دراستهم:
أولا: عزل ثاني أكسيد الكربون، فهو يتحول من الغلاف الجوي أو المصادر الصناعية إلى كربونات المغنيسيوم الصلبة (نسكويهونيت)، مما يزيل ثاني أكسيد الكربون بشكل فعال من الغلاف الجوي ويحتجزه في شكل معدني مستقر، وتساعد هذه العملية على تقليل البصمة الكربونية الإجمالية لصناعة الإسمنت، والتخفيف من تغير المناخ عن طريق تقليل كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وبالتالي المساهمة في الجهود المبذولة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. ثانيا: كفاءة استخدام الموارد، وذلك لأن الأوليفين (المادة الخام المستخدمة في إنتاج النسكويهونيت) معدن وفير موجود في التكوينات الجيولوجية المختلفة في جميع أنحاء العالم. ثالثا: دعم الاقتصاد الدائري، لأن إنتاج النسكويهونيت من الأوليفين يحتاج لاحتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن العمليات الصناعية أو حتى مباشرة من الغلاف الجوي وتحويلها إلى مورد معدني قيم، ويتوافق هذا النظام للحلقة المغلقة مع مبادئ الاستدامة وكفاءة استخدام الموارد. رابعا: تعزيز المتانة، فالباحثون أثبتوا أن النسكويهونيت عند دمجه في الخلطات الإسمنتية، لا يحقق مزايا بيئية واقتصادية فحسب، ولكن أيضا يعزز متانة وقوة الخرسانة الناتجة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى بنية تحتية طويلة الأمد، مما يقلل الحاجة إلى الصيانة والإصلاح المتكرر، وهو ما يمكن أن يساهم بدوره في تقليل استهلاك الموارد والآثار البيئية المرتبطة بصيانة البنية التحتية.ويصف أستاذ هندسة التشييد بالجامعة الأميركية بالقاهرة "محمد نجيب أبو زيد" ما توصل إليه الباحثون بأنه "خطوة جيدة"، مشيرا في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت" إلى أن اعتماد مثل هذه الأفكار الجديدة يحتاج إلى بعض الوقت ودراسات إضافية للإجابة على أربعة أسئلة هي:
أولا: ما مدى توفر خامة "الأوليفين" لكي تعتمد عليها صناعة الإسمنت؟ فالعالم يُنتج سنويا 8 مليارات متر مكعب من الخرسانة، وهذه كمية ضخمة يمكن إنتاجها بالخامات التقليدية، وقد لا يكون الأوليفين متوفرا بالكمية الملائمة لتعتمد عليه تلك الصناعة. ثانيا: ما مدى ديمومة الخرسانة المصنعة من الإسمنت الجديد عند المقارنة مع الإسمنت التقليدي؟ وهذا يحتاج إلى اختبارات تُجرى على الخرسانة لمعرفة مدى قدرتها على مقاومة العوامل البيئية على المدى الطويل مثل الأمطار الحامضية، ويحتاج الإجابة على هذا السؤال إلى اختبارات تُعرّض خلالها الخرسانة لنسبة عالية جدا من الكبريت المركّز -كالتي يمكن أن تتعرض لها خلال 20 عاما- لرؤية مدى قدرتها على التحمل. ثالثا: ما مدى صلاحية الخرسانة المصنعة من الإسمنت الجديد للأماكن المختلفة؟ فمثلا في المناطق الساحلية تكون هناك احتمالات لتعرضها بشكل مستمر لمياه البحر، أو عند استخدامها في بناء مصانع تكون هناك احتمالات لتعرضها بشكل دائم لمواد كيميائية، فيجب التأكد من قدرتها على العمل في كل البيئات. رابعا: ما مدى تقبل السوق للخامة الجديدة، وهل تتوافق مع أكواد البناء في دول العالم المختلفة؟المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ثانی أکسید الکربون إنتاج الإسمنت الغلاف الجوی بدیلا عن عن طریق یمکن أن ما مدى الذی ی
إقرأ أيضاً:
البورصة السعودية تتجه لتسجيل ثاني خسارة أسبوعية على التوالي
تتجه سوق الأسهم السعودية صوب تسجيل خسارة أسبوعية للمرة الثانية على التوالي، حيث لا تزال متأثرة بتراجع نتائج "أرامكو"، عملاقة الطاقة وأكبر شركة مدرجة، إلى جانب حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية بفعل الرسوم الجمركية الأميركية.
المؤشر "تاسي" أنهى تداولات الأربعاء منخفضاً بنسبة 0.3% إلى 11898 نقطة، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ 29 ديسمبر الماضي، تحت ضغط أسهم قطاع الطاقة بقيادة "أرامكو" حدت منه مكاسب طفيفة لقطاعات البنوك والاتصالات والمواد الأساسية.
وقال عاصم منصور رئيس أبحاث السوق في شركة "أو دبليو ماركتس" (OW Markets) إن " الاستقرار دون مستوى 12000 نقطة أمر سلبي بالنسبة للمستثمرين وبالتالي قد يتعرض المؤشر لمزيد من الضغوط على المدى القصير".
ويرى جنيد أنصاري مدير قسم استراتيجية الاستثمار والبحوث في "كامكو انفست" أن "السوق السعودية متأثرة بالمعنويات عموماً، خاصة العمليات البيعية في أميركا وتراجع أسعار النفط بعد أنباء زيادة إنتاج أوبك+ بالتدريج ... وهناك تخارج من السعودية إلى أسواق ناشئة أخرى مثل الصين وأوروبا وحتى الهند".
سهم "أرامكو" يواصل الضغط
سهم "أرامكو" تراجع أمس 1.3% مواصلاً الانخفاض للجلسة الثانية على التوالي منذ أعلنت الشركة تراجع أرباحها الصافية 12.4% خلال العام الماضي وقلصت توزيعات الأرباح النقدية عن الربع الأخير من العام الماضي بواقع الثلث تقريباً، وفقاً لحسابات "الشرق".
وقال أحمد الرشيد، المحلل المالي الأول لدى صحيفة "الاقتصادية"، إن السهم يتأثر بعدة عوامل منها خفض التوزيعات النقدية إلى جانب "إلغاء الخفض الطوعي بالنسبة للدول الثماني في أوبك+ في الشهر المقبل مما سيزيد المعروض... خاصة وأن العقود الآجلة للنفط تتداول بأسعار أقل من أسعار اليوم لذا لا توجد حوافز في الوقت الحالي لجعل المتعاملين متفائلين تجاه سهم أرامكو".
السعودية للكهرباء.. خسارة للمساهمين رغم الأرباح
يستمر التركيز اليوم على سهم "السعودية للكهرباء" الذي انخفض 0.84% في الجلسة الماضية بعدما أعلنت الشركة نتائج أعمالها التي أظهرت تراجع الأرباح الصافية 33% إلى 6.9 مليار ريال في العام الماضي.