هناك قواسم مشتركة وأوجه شبه عديدة بين سلوك حكومة نتنياهو في حربها ضد الفلسطينيين، وبين سلوك ميليشيا الدعم السريع في السودان بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف شعبيا بـ (حميدتي).
أوجه شبه ملفتة للنظر ولا يمكن لمراقب أن يمر عليها مرور الكرام، ورغم أن حرب السودان كانت قد مرت عليها ستة أشهر غداة اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن هذا الفارق الزمني لم يحل دون بروز تشابه يقترب من التطابق في السلوك، وهو سلوك عدواني بطبيعة الحال.


عملت ميليشيا الدعم السريع ومنذ إطلاقها للرصاصة الأولى صوب القوات المسلحة السودانية صبيحة الخامس عشر من أبريل من العام الماضي، على توجيه ضربات قوية كما ونوعا وبكثافة نيران غير معهودة وغير مسبوقة في كل محاولات الاستيلاء على السلطة التي شهدها السودان.
وأولى هذه القواسم المشتركة أن كليهما ينتهج سياسة الأرض المحروقة، ولا ندري هل هذه السياسة استلهمتها إسرائيل من تجربة ميليشيا الدعم السريع وممارساته طيلة الستة أشهر التي سبقت شن إسرائيل حربها على غزة، أم أن الأمر وما فيه يعود إلى تطابق في الدوافع والمنطلقات (النفسية) بين الجانبين.

فقد عملت ميليشيا الدعم السريع ومنذ إطلاقها للرصاصة الأولى صوب القوات المسلحة السودانية صبيحة الخامس عشر من أبريل من العام الماضي، على توجيه ضربات قوية كما ونوعا وبكثافة نيران غير معهودة وغير مسبوقة في كل محاولات الاستيلاء على السلطة التي شهدها السودان، بالتركيز على استهداف قيادة الجيش السوداني بصورة شخصية بما أطلقت عليه الميليشيا (رأس الحية)، بالتوازي مع استهداف عدد من مواقع أسلحة بعينها كالمظلات والمدرعات والطيران.
وهي ذات السياسة التي اتبعتها إسرائيل وهي تقصف غزة بمئات القنابل عبر سلاح طيرانها، مستهدفة القيادات الميدانية للمقاومة الفلسطينية، وبكثافة نيران غير مسبوقة وبطريقة عشوائية غير عابئة بسقوط ضحايا مدنيين.
كذلك من أوجه الشبه بين ممارسات إسرائيل العدوانية في حربها في غزة وممارسات ميليشيا الدعم السريع في السودان الخطف والاعتقال وقتل المدنيين والإساءة إلى الأسرى وقتل بعضهم تحت التعذيب.
كذلك القسوة والوحشية وانعدام الإنسانية وانتهاك كل القوانين والأعراف والعهود والمواثيق الدولية، واللامبالاة من عواقب ارتكاب المجازر وانتهاك قواعد الاشتباك في الحروب، قاسم مشترك بين ميليشيا الدعم السريع والجيش الإسرائيلي.
يأتي تدمير المنشآت والأعيان المدنية من مستشفيات ودور عبادة ومؤسسات تعليمية ومرافق خدمية مثل المياه والكهرباء والاتصالات وهدم المنازل وإخراج أهلها منها ضمن حزمة (المتشابه) ما بين إسرائيل وميليشيا الدعم السريع.
التزام نهج دعائي يقوم على الكذب والتضليل لكسب التعاطف داخليا وخارجيا، ولعله من المعلوم أن إسرائيل وفي أول يوم من الحرب بثت رسائل دعائية زائفة وغير صحيحة ومضللة تحدثت عن مذابح لأطفال ومسنين، زعمت أن المقاومة الفلسطينية ارتكبتها في حق الإسرائيليين، مما أكسبها تعاطفا كبيرا من قبل الحكومات الغربية، وعلى رأسها إدارة الرئيس بايدن. قبل أن يتضح لاحقا وبعد وقت قصير أنها كانت محض كذبة سوداء أريد بها تضليل الرأي العام العالمي، والظهور بمظهر الضحية كذبا وزورا.
وهذا النهج الدعائي الزائف سلكته ميليشيا الدعم السريع منذ اليوم الأول للحرب حيث صرح زعيمها حميدتي عشية ذلك اليوم أن الجيش السوداني ابتدر حربا شرسة ضد قواته وقتل منها الآلاف، وقد أعقبه أخاه عبد الرحيم دقلو بتصريح لاحق بعبارة أصبحت محل سخرية وتهكم الرأي العام السوداني، حين تساءل موجها خطابه في فيديو قصير إلى رئيس مجلس السيادة (بتحاربنا ليه يا برهان)!
سلوك متشابه آخر يجمع بين إسرائيل وميليشيا الدعم السريع أنهم يضعون حلفائهم في حرج بالغ بسبب ممارساتهم اللاإنسانية وغير الأخلاقية، ورأينا ذلك في الحرج الذي أوقعت إسرائيل فيه إدارة بايدن وعدد من الحكومات الغربية التي أعلنت عن دعمها لإسرائيل منذ اليوم الأول، لكنها ارتكبت تجاوزات تفوق حد الاحتمال وتتقاطع مع قيم المجتمعات الغربية، مما نتج عنه وضع هذه الحكومات في مواجهة مع شعوبها وخروج الآلاف من المتظاهرين ضد سياسات حكومات بلادهم الداعمة لإسرائيل.
الحرب التي تشنها ميليشيا الدعم السريع في السودان هي الأخرى حرب ضد الشعب السوداني وتثبت ذلك وتؤكده الأرقام والإحصائيات
ويأتي تدمير المنشآت والأعيان المدنية من مستشفيات ودور عبادة ومؤسسات تعليمية ومرافق خدمية مثل المياه والكهرباء والاتصالات وهدم المنازل وإخراج أهلها منها ضمن حزمة (المتشابه) ما بين إسرائيل وميليشيا الدعم السريع، ويلحق بذلك سياسة التجويع ومنع وصول المساعدات الإغاثية للمحتاجين، واستهداف المنظمات الأهلية والإنسانية وإعاقة عملها.
والحقيقة الساطعة والبادية للعيان التي أظهرتها يوميات الحرب هي أن حرب إسرائيل على غزة هي حرب ضد الشعب الفلسطيني في المقام الأول، وأن الحرب التي تشنها ميليشيا الدعم السريع في السودان هي الأخرى حرب ضد الشعب السوداني وتثبت ذلك وتؤكده الأرقام والإحصائيات حيث أعداد القتلى والجرحى والنازحين واللاجئين في أوساط المدنيين هي الأعلى على الإطلاق.
وأخيرا وليس آخرا الاستعانة بمرتزقة أجانب حيث تحدثت تقارير صحفية عن وجود مقاتلين أجانب يقاتلون ارتزاقا في صفوف الجيش الإسرائيلي، لا يتم الإفصاح عن أعداد القتلى منهم خشية عواقب قد تترتب على ذلك. وأما بالنسبة لميليشيا الدعم السريع فقد ثبت بتقارير محلية ودولية موثقة أن مقاتلين مدفوعي الأجر من دول أفريقية مجاورة للسودان ظلوا يقاتلون تحت إمرة ميليشيا الدعم السريع.

ركابي حسن يعقوب

الجزيرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: میلیشیا الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

الجيش يهاجم الدعم السريع بعدة جبهات ويسعى للسيطرة على مركز الخرطوم

يواصل الجيش السوداني معاركه مع قوات الدعم السريع في عدة جبهات متفرقة حيث يسعى للسيطرة على مركز العاصمة الخرطوم، كما كثف هجماته الجوية على معاقل الدعم في الفاشر ويسعى للسيطرة على طرق رئيسية بولاية شمال كردفان، بعد أن حقق تقدما بولاية النيل الأبيض حيث توفي 100 شخص هناك بسبب وباء الكوليرا.

وتستمر المعارك بوتيرة متصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ يسعى الجيش عبر محور وسط الخرطوم إلى السيطرة على مركز العاصمة، بما في ذلك القصر الرئاسي، ومرافق حكومية سيادية.

وفي ولاية شمال كردفان تدور مواجهات بين الجانبين ويسعى الجيش من خلالها للسيطرة على طرق رئيسية.

وجنوبا، تتواصل المعارك أيضا بولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق حيث أعلن الجيش سيطرته على مدن وبلدات تقع على الشريط الحدودي بين السودان وجنوب السودان.

وفي ولاية شمال دارفور، استهدفت قوات الدعم السريع بالمسيّرات مواقع بمدينة المالحة شمالي الولاية اليوم الأحد.

الأزمات تلاحق اللاجئين من السودان إلى جنوب السودان (الأوروبية) معارك الفاشر

وفيما يتعلق بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، قال الإعلام العسكري في بيان له "إن الطيران الحربي للجيش السوداني نفذ غارات جوية دقيقة، مستهدفا تجمعات العدو ـفي إشارة لقوات الدعم السريعـ بالمحور الشمالي الغربي مساء أمس مما كبّدهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح".

إعلان

وأضاف البيان أن مدينة الفاشر تشهد حالة من الاستقرار الأمني وأن القوات المسلحة تواصل تقدمها بثبات في جميع المحاور، وسط انهيار واضح في صفوف العدو وأن المعركة مستمرة حتى تحقيق النصر الكامل واستعادة أمن واستقرار البلاد وفقا للبيان".

وفي وقت سابق، قالت وكالة الأنباء السودانية "سونا" إن مدرعات الفرقة السادسة مشاة بالفاشر "نفذت عملية عسكرية محكمة في المحور الشمالي الشرقي للمدينة، أسفرت عن تدمير عربة جرار محملة بالأسلحة والذخائر تابعة لمليشيا آل دقلو المتمردة، إضافة إلى تدمير 3 عربات لاندكروزر كانت تتولى حراستها، دون نجاة أي من العناصر التي كانت على متنها".

كما نقلت عن الفرقة السادسة مشاة قولها إن "الضربات المدفعية الثقيلة مستمرة بمعدل 4 حصص يوميا، بالتزامن مع حملات التمشيط والرمايات الدقيقة، مما أجبر عناصر المليشيا على الانسحاب الواسع من المدينة، بينما فر بعضهم سيرا على الأقدام نحو المناطق النائية".

بعيدا عن أجواء الحرب اجتمع نفر من أبناء دنقلا عاصمة الولاية الشمالية على إفطار رمضاني جماعي (الفرنسية) ضحايا الكوليرا

وخلال هجمات قوات الدعم السريع في الولاية في 16 فبراير/شباط الماضي، أصابت قوات الدعم السريع محطة توليد الطاقة في ربك، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع وتعطيل محطات المياه.

وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود وفاة نحو من 100 شخص بسبب وباء الكوليرا في غضون أسبوعين منذ بدء تفشي الوباء المنقول بالمياه في ولاية النيل الأبيض.

وقالت المنظمة، الخميس الماضي، إن 2700 شخص أصيبوا بالمرض منذ 20 فبراير/شباط، كما لقي 92 آخرون حتفهم.

وقالت المنظمة إن أهالي المنطقة اضطروا إلى الاعتماد بشكل أساسي على المياه التي يتم الحصول عليها من عربات تجرها الحمير، لأن مضخات المياه لم تعد تعمل.

وقالت مارتا كازورلا، منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في السودان "إن الهجمات على البنية التحتية الحيوية لها آثار ضارة طويلة الأمد على صحة المجتمعات الضعيفة".

إعلان

وبلغ تفشي الكوليرا في الولاية ذروته بين 20 و24 فبراير/شباط الماضي، عندما هرع المرضى وأسرهم إلى مستشفى كوستي التعليمي، مما أدى إلى إرهاق المنشأة بما يتجاوز قدرتها.

ووفقا لمنظمة أطباء بلا حدود، كان معظم المرضى يعانون من الجفاف الشديد، وقدمت المنظمة 25 طنا من المواد اللوجستية مثل الأَسِرة والخيام إلى كوستي للمساعدة في استيعاب المزيد من مرضى الكوليرا.

كما استجابت وزارة الصحة بولاية النيل الأبيض لتفشي المرض من خلال توفير إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة للمجتمع وحظر استخدام عربات الحمير لنقل المياه. كما أدار مسؤولو الصحة حملة تطعيم عندما بدأ تفشي المرض.

وقالت وزارة الصحة السودانية يوم الثلاثاء الماضي إن هناك 57 ألفا و135 حالة إصابة بالكوليرا، بما في ذلك 1506 حالات وفاة، في 12 ولاية من أصل 18 ولاية في السودان.

وأعلنت وزارة الصحة رسميا تفشي الكوليرا في 12 أغسطس/آب من العام الماضي بعد الإبلاغ عن موجة جديدة من الحالات بدءًا من 22 يوليو/تموز من العام نفسه.

وانزلق السودان إلى الحرب منذ ما يقرب من عامين عندما تصاعدت التوترات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وقتلت الحرب في السودان ما لا يقل عن 20 ألف شخص، كما دفعت الحرب أكثر من 14 مليون شخص إلى النزوح من منازلهم، ودفعت أجزاء من البلاد إلى المجاعة، وتسببت في تفشي الأمراض.

مقالات مشابهة

  • السودان: الدعم السريع يقصف مدينة الأبيض لليوم السادس توالياً
  • البرهان ينفي إمكانية التفاوض مع الدعم السريع ويؤكد استمرار القتال لإنهاء التمرد
  • البرهاني ينفي إمكانية التفاوض مع الدعم السريع ويؤكد استمرار القتال لإنهاء التمرد
  • النوبة بكشفون سبب تحالف الحلو الدعم السريع
  • السودان.. مقتل وإصابة 30 مدنياً بقصف لقوات الدعم السريع استهدف مدينة إستراتيجية
  • الجيش يهاجم الدعم السريع بعدة جبهات ويسعى للسيطرة على مركز الخرطوم
  • مناوي: قائد الدعم السريع هدد بإحراق الخرطوم قبل اندلاع الحرب
  • 1138 حالة اغتصاب للسيدات في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع
  • أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
  • معتقلون يكشفون عن إعدامات وتعذيب على أيدي الدعم السريع السودانية