النفاق السياسي عند بعض النخب الاردنية
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
#النفاق_السياسي عند بعض النخب الاردنية
الأستاذ الدكتور #أنيس_الخصاونة
عرف عن الأردنيين جديتهم وصراحتهم وقولهم وخطابهم المباشر دون مواربة أو ممالئة مقارنة ببعض إخواننا من جنسيات عربية أخرى لدرجة أصبح يعرف الأردنيون العاملون في دول الخليج أنهم يصلحون للعمل في الوظائف المالية والاستشارية التي تحتاج إلى أمانة وصدق ووضوح وصراحة في حين أنهم ربما يكونوا أقل ملائمة لوظائف العلاقات العامة التي تحتاج إلى قدر من المجاملة واللين والبروتوكولية في الخطاب لإرضاء الزبائن وأرباب العمل .
الصورة ربما تصبح شيئا ما مختلفة عندما نتحدث عن العمل السياسي والتعامل مع أولي الأمر والمسئولين إذ نلحظ انتشار التزلف والتقرب والمديح المفرط لمن يتولى أمورنا ووزرائنا ومسئولينا وأحيانا مديحا بما ليس فيهم كما يلمس كثير من الأردنيين أن البعض لديهم خطابات متعددة لنفس الموضوع ولكن في مقامات ومقالات مختلفة يقولون فيها أشياء متناقضة ومتعارضة وينطبق عليها خطابات المناسبات . بعض المتزلفين “والمسحجين” ينقلبون على مواقفهم وزملائهم وأحيانا أحزابهم ويتأرجحون بين الشيء ونقيضه وآخرون يتحدثون عن الوطن وخدمة الشعب والأداء والإخلاص والتفاني في الوقت الذي يظهرون فيه أدنى درجات الإخلاص والتفاني في خدمة الوطن . ملفت للنظر ومثير للدهشة أن تسمع بعض من يتم مقابلتهم من قبل التلفزيون الرسمي أو من يتحدثون من خلال وسائل الإعلام الحكومية يقولون أشياء ويظهرون مواقف محددة تجاه قضايا سياسية وانتخابية وإصلاحية ثم ما يلبثون عقب انتهاء المقابلات من إظهار مواقف عكسية ومضادة رأسا على عقب لما صرحوا به وعند سؤالهم عن هذا التناقض بين ما يقولون وما يعتقدون ويؤمنون به يجيبوك بأن ذلك للإعلام ولا يستطيعون التضحية بمستقبلهم ومصالحهم وامتيازاتهم أو تعريض سجلاتهم الأمنية للاستفهام والشك.
التزلف أو ما اصطلح على تسميته محليا” بالتسحيج والمسحجين ” موجود في كل دول العالم لكن وجوده أكثر نطاقا وأكبر اتساعا في الدول غير الديمقراطية أو الأقل ديمقراطية في حين يقل نطاق هذه الظاهرة في الدول الديمقراطية التي لا داعي للنفاق والتزلف للقيادات السياسية والمسئولين فيها لأن مصدر شرعية القيادات من الشعب ومن صناديق الاقتراع التي تتيح للناس تغيير المسئول ومسائلته لا بل ومحاكمته إذا ما أساء استخدام السلطة المناطة به. أما في الدول التي ما زالت أقرب إلى الدكتاتورية منها إلى الديمقراطية فإن الحاكم والمسئول والوزير ومدير الدائرة يدين بالولاء للجهة التي عينته في موقعه وهذه الجهة قد تكون واسطة أو محسوبية مما يقتضي منه تملق رؤسائه والإفراط في مديحهم والتزلف لهم من أجل المحافظة على موقعه واستمرار امتيازاته. هذه الظروف كلها تهيئ الناس لتقبل النفاق السياسي واعتباره “فهلوه” وحنكة لدرجة أنه يصبح سلوكا مؤسسا ومقبولا من الناحيتين السياسية والاجتماعية.
الوضع في الأردن لا يخرج عن السياق العام الذي تم الإشارة إليه ولعل شيوع استخدام مصطلح التسحيج في الأردن دلالة على التزايد في هذه الظاهرة المقلقة وخصوصا في المجال السياسي حيث مدح المسؤولين على “الطالع والنازل” والموظفين في دوائرهم وبلدياتهم يصرحون بأنهم يعملون بناءا على التوجيهات العليا مقتدين بذلك برؤساء الوزراء والوزراء والمدراء الذين لا ينفكون عن التذرع بأن كل شيء يقومون به جاء بناءا على التوجيهات العليا وكأن الوظائف التي يعملون بها لا يوجد لها وصف وظيفي يحدد لهم ما ينبغي القيام به مقابل الأجر الذي يتقاضونه.
أسباب هذه الظاهرة تكاد تكون في مجملها سياسية بامتياز فالنظام السياسي كان تاريخيا وما زال إلى حد كبير يحب ويطرب للمديح ويعتبره مؤشر ولاء وإخلاص له كما أنه ينظر للمعارضين والناقدين نظرة سلبية ويعتبرهم مزعجين على الرغم مما يعلنه النظام من احترامه للمعارضة. فالنظام السياسي نفسه يسلك سلوكيات متناقضة حيث يقول كلاما علنيا وطيبا عن المعارضة في حين أن تصرفاته وأفعاله تنم عن انزعاج من هذه المعارضة ناهيك عن محاولات الالتفاف عليها ومحاصرتها وعزلها واستعداء الشعب عليها. المقلق في الموضوع ليس فقط تزايد حجم هذه الظاهرة في الأردن ولكن تنامي الاتجاه القمعي لمن اصطلح على تسميتهم “بالهتيفة والسحيجة” الذين ينبرون لأي ناقد سياسي أو صحفي أو معارض بالتشكيك والطعن والعمالة والتخوين والتعريض بمقاصده وانتماءه وما نسمعه في المجالس السياسية ومن الحوارات والتعليقات والآراء القاسية والشتائم عل المقالات الصحفية إلا دليلا على تعمق هذا السلوك وتجذره في الثقافة السياسية الأردنية. بعض المسحجين ليس لهم موقف سياسي لا بل ليس لديهم رؤى أو قناعات أو مسوغات تدعم موقفهم المؤيد للنظام أو الناقد للمعارضة وكل ما يعرفونه هو أنهم مؤيدين للنظام على الرغم من أن أوضاعهم الاقتصادية والسياسية والمعيشية لا تسر صديق ويعتقدون أن المعارضة عميلة وخائنه للبلد ولكن دون أن يكون لهم سندا في ذلك.
مصطلح “التسحيج” دخل في القاموس السياسي الأردني والمسحجين يزدادون على شكل متوالية هندسية وهذه الظاهرة مرشحة لمزيد من الانتشار والتجذر إذا استمر النظام السياسي في مكافأة “المسحجين” والممالئين له عبر منحهم الامتيازات والمكافآت المالية وتعيينهم في المواقع القيادية في الدولة والجامعات والسفارات ومجالس إدارة الشركات ومجلس الأعيان في الوقت الذي يستبعد المعارضين ويتم محاصرتهم واستعداء الشعب عليهم . النفاق السياسي آفة مرعبة ومدمرة للقيم وضارة بالمجتمع وممزقة لنسيجنا الاجتماعي ولا علاج لها إلا بالديمقراطية وسيادة القانون والشفافية والمسائلة للمسئولين مهما علا شأنهم وارتفعت مواقعهم . النفاق السياسي “والتسحيج “ظاهرة أسبابها سياسية ومعالجاتها ينبغي أن تبدأ بسلوكيات سياسية واضحة من القيادات السياسية العليا عن طريق إظهارها احتراما متساويا للمؤيدين والمعارضين ووقوفها على مسافة واحدة من الفئتين دون منح امتيازات للمادحين والمتزلفين الذين يعولون كثيرا على مهاراتهم في تشنيف آذان القيادات السياسية والمسئولين للحصول على مكتسباتهم وامتيازاتهم التي لا يستحقونها. مقالات ذات صلة لنُبعِد آيات القرآن المقدسة عن بيانات ووعود المترشحين المُدنسه. 2024/05/19
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هذه الظاهرة
إقرأ أيضاً:
«التومي» يوجّه بإخلاء المنازل المتضررة بسبب التشققات الأرضية في اسبيعة
قام وزير الحكم المحلي بحكومة الوحدة الوطنية “بدر الدين التومي”، رفقة رئيس اللجنة الفنية العليا المكلفة بدراسة ظاهرة التشققات الأرضية “صالح الصادق”، اليوم الأحد، بزيارة إلى بلدية اسبيعة، وتحديداً إلى منطقة أولاد أبو عائشة، “للوقوف عن كثب على تطورات ظاهرة التشققات الأرضية التي تفاقمت جراء هطول الأمطار الغزيرة مؤخراً في المنطقة، لتقييم الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع تداعيات هذه الظاهرة وتخفيف الأضرار التي قد تنجم عنها”.
وأعطى الوزير تعليماته إلى “عميد بلدية اسبيعة بالإخلاء العاجل للمنازل الواقعة بين هذه التشققات، وتوفير بدل إيجار للمواطنين القاطنين فيها، كما وجه اللجنة الفنية المكلفة بدراسة الظاهرة بضرورة العمل على وجه السرعة لاستكمال الدراسة وزيادة مساحتها نظراً لتزايد رقعة الانجرافات”.
وكان في استقبال الوزير وفريق العمل المصاحب له عميد المجلس البلدي اسبيعة “وليد صابر”، وعضو المجلس “محمد القويد”، وعدد من مديري الإدارات والمكاتب بالمجلس، ولفيف من أهالي المنطقة.
وانتقل الوزير وفريق اللجنة الفنية المكلفة بدراسة هذه الظاهرة إلى منطقة التصدعات “لاستكشاف تطورات الظاهرة الحاصلة، ووقف على جميع المواقع التي شهدت تشققات أو انخفاضات”؟
وقام فريق اللجنة وأهالي المنطقة بتقديم المعلومات اللازمة للوزير حول الطبيعة الجيولوجية للمنطقة وتاريخ هذه الظاهرة، حيث أوضح رئيس اللجنة “صالح الصادق”، أن “اللجنة نفذت العديد من الزيارات للمنطقة لمتابعة مستجدات هذه الظاهرة، موضحاً أن الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال الأيام الماضية أدت إلى تحرك مياه الوادي، الذي بدوره أدى إلى تعاظم هذه التشققات وأحدث انجرافات كبيرة جداً ابتلعت مئات الأمتار المكعبة من التربة وآلاف الأمتار المكعبة من المياه”.
ونبه رئيس اللجنة إلى “خطورة الوضع، مؤكداً ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة للتخفيف من مخاطر هذه الظاهرة، موضحاً أن الانجرافات أصبحت كبيرة جداً وبأعماق سحيقة، محذراً من احتمالية زيادة حجم وعمق هذه الانجرافات في حال هطول أمطار غزيرة أخرى”.
ومن جانبهم، أوضح أهالي المنطقة أن “إحدى هذه الهبوطات حدثت في تسعينيات القرن الماضي، مما يعني أنها ليست ظاهرة جديدة على المنطقة، أما الهبوط الثاني والثالث فقد حدثا خلال السنة الماضية، فيما حدثت الهبوطات الأخيرة بعد سقوط الأمطار الغزيرة في الفترة القريبة الماضية”.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الزيارة “تأتي ضمن جهود الحكومة في متابعة الظواهر الطبيعية وتوفير الدعم والمساعدة للمناطق المتأثرة بهذه الظاهرة، وتعزيز التعاون بين الجهات المعنية لضمان سلامة المواطنين والحفاظ على البيئة”.
قام وزير الحكم المحلي السيد "بدر الدين التومي"، رفقة رئيس اللجنة الفنية العليا المكلفة بدراسة ظاهرة التشققات الأرضية…
تم النشر بواسطة وزارة الحكم المحلي – ليبيا في الأحد، ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤