الاقتصاد نيوز - بغداد  في الشهر الماضي، أعلنت وزارة النفط العراقية توقيع عقد مع شركة (يوكرزم ريسورس) الأوكرانية لتطوير حقل عكاز للغاز في محافظة الأنبار، وهي خطوة وصفها وزير النفط العراقي حيان عبد الغني وقتها بالمهمة، لكنها أثارت جدلا بشأن جدوى إسناد عملية التطوير لشركة يراها البعض "مغمورة".

ويهدف العقد الموقّع بين العراق والشركة الأوكرانية إلى إنتاج 100 مليون قدم مكعبّة قياسيّة في أول عامين، ليصل الإنتاج إلى 400 مليون قدم مكعبّة قياسيّة خلال أربع سنوات ويغذّي محطّة كهرباء الأنبار ومحطة عكاز الغازيّة.

ولدى العراق مخزون وفير من الغاز السائل؛ لكنّه يُعاني شُحّا في الغاز الجاف، وهو ما يضطرّه لاستيراد كميّات كبيرة من إيران لسدّ حاجته الشديدة لتشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية.

وتعمل الحكومة على الاستفادة من الكميّات الكبيرة من الغاز المصاحب لاستخراج النفط، من خلال استثماره تدريجيّا وصولا إلى الاستفادة الكاملة بحلول عام 2030.

غير أنّ محللين يرون أن ملف استثمار الغاز ما زال يتطوّر ببطء؛ وبينما انتقد نوّاب برلمانيّون وخبراء إسناد تطوير واحد من أكبر حقول الغاز في العراق للشركة الأوكرانيّة، فإن متخصصين يرون أن الخطوة كانت ضرورية في ظل عدم وجود منافسين لها.

وقال المهندس حيدر البطاط، الخبير في شؤون النفط والطاقة، أنه كان يفترض منح حقوق تطوير الحقل الكبير إلى شركة عالمية معروفة ولديها خبرة كبيرة وعالية بهذا المجال "وليس لشركة أوكرانية صغيرة وغير معروفة، خاصة وأن بلدها في حالة حرب".

بين خطأ وصواب

واعتبر البطاط، أن هذا القرار "أمر خاطئ؛ فهذه ثروات العراق والعراقيين، ويجب أن تُدار بشكل أفضل، لاسيما وأنّ الغاز هو الطاقة التي سيتمّ الاعتماد عليها خلال السنوات المقبلة، وهذا يتطلّب أن تكون هذه الثروة بيد شركات عالميّة كبيرة".

يشاركه الرأي الخبير في شؤون الطاقة مازن السعد، الذي قال إنّ حقول الغاز "يجب أن تُمنح إلى شركات عالميّة رصينة؛ فهذه الثروة الكبيرة يجب أن تّدار بشكل جيّد، حتى لا يكون فيها أي هدر أو سوء إدارة وتخطيط. لذا، يجب الاعتماد على الشركات العالميّة ذات الاختصاص والكفاءة بهذا المجال الاقتصادي المهمّ".

أمّا علي المشكور، عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، فوصف من جهته تعاقد العراق مع شركة أوكرانية "غير رصينة" بخصوص حقل عكاز بأنّه "كارثة اقتصادية حقيقية... سوف تؤدي إلى هدر بالثروات الوطنية".

وقال "لدينا حراك برلمانيّ لمعرفة الأسباب التي دفعت وزارة النفط إلى التعاقد مع هكذا شركة ممكن أن تعمل على هدر الثروة الوطنية. كان يجب على وزارة النفط التعاقد مع شركات عالمية معروفة ومختصّة بهذا القطاع المهم، بعيدا عن أيّ توجهات أخرى... هذا العقد لا يخلو من شبهات الفساد".

أضاف "سنعمل على كشف تلك الشبهات؛ ولدينا تحقيقات مستمرّة بشأنها وسيكون لنا موقف نيابي، إذ لا يمكن القبول بهدر ثروات العراق وفق أي مصالح شخصية أو سياسيّة لأي جهة وشخصية كانت.... لماذا استبعدت وزارة النفط شركة كوكاز الكورية، أو غيرها من الشركات العالمية الرصينة، بالعكس من الرؤية التي يطرحها رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني؟"

لكن المهندس حمزة الجواهري، الخبير المتخصص في تطوير حقول النفط والغاز وإنتاجهما، فسر منح حقوق تطوير حقل عكاز للشركة الأوكرانية بعدم وجود شركة عالمية تريد العمل في هذه المنطقة.

وقال، إن السبب في عدم وجود منافسة على تطوير الحقل هو "القلق من الأمن، خاصة وأنّ هذه المنطقة كانت في فترة من الفترات تحت سيطرة تنظيم داعش؛ لذا فلا وجود لشركة تنافسها على العقد".

في الوقت ذاته، أشار الجواهري إلى أنّ الشركة الأوكرانيّة "لن تقوم بالعمل في هذا الحقل الغازي وحدها، إذ سيكون هناك ما يقارب 10 شركات تعمل على استقدامها الشركة الأوكرانية للعمل بهذا الحقل ضمن الشركات العالمية المختصة".

تصدير غاز البروبان

في الخامس من هذا الشهر، أعلن العراق تصدير أول شحنة من غاز البروبان عبر الخليج بحمولة بلغت 10 آلاف و700 طن؛ وعلى الرغم من ضآلة العائد المالي لهذه الشحنة، فإن محللين متخصصين ينظرون إليها كخطوة إيجابية تبعث على التفاؤل بتشجيع استثمارات وأنشطة أكبر في قطاع الغاز والمشتقّات النفطيّة الأخرى في العراق.

وقال البطاط إنّ تصدير هذه الشحنة من غاز البروبان "لن يضيف شيئا كبيرا على المستوى الاقتصادي؛ لكنّه سيشكّل إضافة بسيطة لصادرات العراق، خاصّة وأن هذا التصدير يحدث في كل شهر مرة واحدة... هذه الخطوة لن تكون لها مردودات مالية كبيرة ولا تشكل أهمية كبرى من خلال تصديره، لكنها بصورة عامة خطوة جيدة وتمنح ومضة تفاؤل".

ونجحت شركة غاز البصرة في تحويل العراق من بلد مستورد إلى بلد مصدّر لهذا النوع من الغاز، الذي يُستخدم لأغراض الطهي والتدفئة وكوقود للسيارات، حيث أعلن العام الماضي ارتفاع إنتاجه بمقدار أربعة أمثال منذ عام 2012 ليصل إلى 950 مليون قدم قياسية مكعّبة وقال إنه سيصدّر غاز الطهي إلى 11 دولة.

من جهته، قال الجواهري إنّ تصدير هذه الشحنة يرجع إلى أنّ العراق "أصبح لديه فائض من هذا الغاز، وأسعاره جيدة جدا... أما المردودات المالية، فهذا يعتمد على الكميات التي يتم تصديرها".

ويرى الجواهري أن تصدير هذه الشحنة "خطوة بالاتجاه الصحيح، إذ ستكون عامل تشجيع لتصدير مشتقّات نفطيّة أخرى خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأنّ العراق سيكون في نهاية السنة الحالية مُصدّرا للمشتقات النفطية بصورة أكبر".

وأشار إلى أنّ العراق "سيكتفي من البنزين المحسن (الممتاز) وكذلك الكازأويل (السولار) والنفط الأبيض، وسيمتلك مشتقات بيضاء كثيرة ممكن تصديرها خلال المرحلة المقبلة".

من جهته، اعتبر السعد أنّ هذه الخطوة "تؤكّد السعي الحكومي لتطوير قطاع النفط والغاز في العراق؛ وهذا الأمر بالتأكيد ستكون له نتائج اقتصاديّة مختلفة على الواقع العراقي"، مشددا على ضرورة تصدير كميات كبيرة من الغاز "لكي يكون هناك مردود مالي يمكن أن يُغطي جزءا من العجز في موازنة الدولة".

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار وزارة النفط هذه الشحنة من الغاز

إقرأ أيضاً:

عاصفة البيت الأبيض تضرب الاقتصاد العراقي.. تحذيرات من تداعيات قرارات ترامب الجمركية

بغداد اليوم -  بغداد 

كشف الخبير المالي العراقي، رشيد صالح رشيد، اليوم الجمعة (4 نيسان 2025)، عن تداعيات ما وصفه بـ"عاصفة البيت الأبيض" المرتبطة بالقرارات الأمريكية الأخيرة بشأن الرسوم الجمركية، مؤكداً أن هذه الإجراءات ستنعكس سلباً على الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بشكل كبير على الأسواق الخارجية والسلع المستوردة.

وقال رشيد، في حديث خصّ به "بغداد اليوم"، إن "ما صدر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قرارات تتعلق بالرسوم الجمركية يعد بمثابة عاصفة غير مسبوقة، وهي الأولى من نوعها على الأقل خلال المئة عام الماضية".

وأوضح أن "التعرفة الجمركية هي بطبيعتها أداة سياسية واقتصادية تُفرض بين دولتين على أساس المصلحة المشتركة، مثل ما يحدث بين العراق وسوريا أو العراق والأردن، حيث يتم تحديد الرسوم بحسب طبيعة التبادل التجاري والاحتياجات الفعلية لكل دولة".

وبيّن رشيد أن "القرارات الأمريكية الجديدة تنحرف عن هذا التوازن، إذ إن فرض رسوم مرتفعة للغاية على بضائع قادمة من عدة دول، خاصة من الصين ودول شرق آسيا، يعكس نزعة أحادية في إدارة الاقتصاد الدولي، ويسعى من خلالها ترامب إلى تكريس مبدأ الاستفراد الأمريكي على حساب الشراكة العالمية".

وأشار الخبير المالي إلى أن العراق سيكون من بين الدول المتضررة بشكل مباشر، موضحاً أن "الاقتصاد العراقي مرتبط بشكل وثيق بالاقتصاد العالمي، وتحديداً الأمريكي، من حيث تدفق السلع والأسعار والتكنولوجيا". وأضاف: "ارتفاع الرسوم الجمركية على المواد الأولية سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الكثير من المنتجات في السوق العراقية، وهو ما سيخلق أعباء معيشية إضافية على المواطنين، ويهدد استقرار الأسواق".

وفي تعليقه على طبيعة الصراع، أوضح رشيد أن "ما تقوم به واشنطن هو حرب تجارية معلنة ضد الصين، لكنها ليست حرباً ثنائية صرفة، بل مرشحة لأن تتوسع إلى ملفات اقتصادية وجيوسياسية أخرى تمس دولاً غير معنية مباشرة بالنزاع، ومنها العراق"، محذراً من أن "الاقتصاد العراقي هش ولا يحتمل أي اضطرابات جديدة، خاصة في ظل اعتماده شبه الكامل على عائدات النفط التي تشكل أكثر من 90% من صادرات البلاد".

وتطرّق رشيد إلى نقطة بالغة الحساسية تتعلق بفرض رسوم جمركية تصل إلى 39% على صادرات عراقية لا تشمل ملف الطاقة، قائلاً إن "هذه الإجراءات مثيرة للقلق، حتى وإن كانت قيمة الصادرات غير النفطية متواضعة، لكنها تنذر بمنعطف خطير في التعامل الأمريكي مع شركائه الاقتصاديين".

واختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أن "الولايات المتحدة تسعى من خلال هذه الحرب التجارية إلى سحب الاستثمارات نحو السوق الأمريكية، عبر خلق بيئة عالمية غير مستقرة تدفع رؤوس الأموال للبحث عن الملاذ الآمن داخل الولايات المتحدة نفسها"، مضيفاً: "لكن الهدف الأبعد يبقى كبح جماح الصين التي باتت تتصدر المشهد الاقتصادي العالمي خلال العقد الأخير، وهي محاولة يائسة لمنع واشنطن من فقدان مركزها المتقدم".

وتأتي تصريحات الخبير المالي في ظل تصعيد اقتصادي واسع تقوده إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ مطلع عام 2025، تمثل في فرض حزم متتالية من الرسوم الجمركية المرتفعة على واردات الولايات المتحدة من عدة دول، أبرزها الصين، في خطوة تهدف إلى إعادة توجيه سلاسل التوريد العالمية وتعزيز الإنتاج المحلي الأمريكي.

ورغم أن العراق لا يُعد من كبار المصدرين إلى السوق الأمريكية، إلا أن اقتصاده المتشابك مع السوق الدولية يجعله عرضة لتأثيرات غير مباشرة لهذه السياسات، لا سيما مع اعتماده الكبير على استيراد المواد الأولية والسلع المصنعة من بلدان مثل الصين وتركيا وكوريا الجنوبية، التي طالها القرار الأمريكي.

مقالات مشابهة

  • توجه حكومي لزيادة نسبة استثمار الغاز المحترق لـ70 بالمئة مع نهاية العام
  • هل توجد "خلافات جوهرية" بين بغداد وأربيل بشأن استئناف تصدير النفط؟
  • السوداني: العراق يواجه تحديات في المجالات المالية والمصرفية
  • مجلس تطوير القطاع الخاص: خطوة نحو شراكة اقتصادية حقيقية في العراق
  • مسؤول حكومي يكشف قرب إطلاق خدمة غير مسبوقة في العراق
  • تحذير إسرائيلي من تداعيات الرسوم الأمريكية: خسائر بمليارات الدولارات وتأثيرات اقتصادية خطيرة
  • اصطدام محتمل.. هل يواجه سكان العالم كارثة فى 2032؟
  • تحذيرات من تداعيات اقتصادية خطيرة بسبب إيقاف نظام المقايضة النفطي في البلاد
  • وزارة النفط:المطالب غير الواقعية والخارجة عن الأطر القانونية وراء تأخير تصدير النفط من الإقليم
  • عاصفة البيت الأبيض تضرب الاقتصاد العراقي.. تحذيرات من تداعيات قرارات ترامب الجمركية