سلط تقرير مطول نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية الضوء على المعاناة المستمرة لليهود من أصل إثيوبي، مشيرا إلى أنهم يلقون التقدير والترحيب جراء مشاركتهم في الحرب بغزة، دون أن ينالوا ذات المعاملة في فترات السلم أو بعد الانتهاء من المهام القتالية.

ويشكل الإسرائيليون من أصل إثيوبي 1.5 بالمئة من سكان البلاد، وقد قضى منهم 22 جنديا من أصل 626 جنديا ماتوا منذ هجمات حماس غير المسبوقة في السابع من أكتوبر.

ويشكل عدد قتلاهم حوالي 3 بالمئة من قتلى الجيش الإسرائيلي، وهي نسبة كبيرة مقارنة بعددهم، وقد عزا خبراء ارتفاعها إلى إقبال اليهود من أصول الإثيوبي على الخدمة العسكرية خلال السبعة أشهر أخيرة.

ووفقًا لإحصائيات الجيش الإسرائيلي، فإن 67 بالمئة من جميع الرجال في البلاد الذين يبلغون من العمر 22 عامًا اليوم وكانوا مؤهلين للتجنيد، أدوا بالفعل خدمتهم العسكرية، في حين أن النسبة بين ذوي الأصول الإثيوبية وصلت إلى 83 بالمئة، حسب الصحيفة.

"ليسوا من أصول يهودية".. شكوك في إسرائيل حول مهاجرين من إثيوبيا فبراير الماضي، احتفت صحف إسرائيلية بعملية إجلاء ناجحة لمجموعة من اليهود الإثيوبيين، الذين خشوا على حياتهم من تبعات الصراع في تيغراي. 

وقد خدم نحو 55 بالمئة من جميع النساء الإسرائيليات المؤهلات للتجنيد، فيما وصلت النسبة إلى 67 في المئة في المجتمع الإثيوبي.

"انتماء".. ولكن

وفي كريات ملاخي، وهي مدينة صغيرة في جنوب إسرائيل، يشكل اليهود من أصول إثيوبية أكثر من 15 بالمئة من السكان، وقد عبر الكثير منهم عن "فخرهم بشعورهم بالانتماء إلى إسرائيل عقب اندلاع الحرب"، لكنهم في نفس الوقت تحدثوا عن "استمرار الممارسات التي لا تزال تنطوي على تمييز بحقهم"، وفق "هآرتس".

وفي هذا الصدد، تحدثت والدتان شابتان في الثلاثينيات من العمر، شيران وساريت، عن التناقض الذي يلف مجتمعهما حاليًا،  فمن ناحية، "هناك شعور بالوطنية الحقيقية والتعبئة الهائلة بسبب الحرب، ناهيك عن جمع التبرعات والأموال لمساعدة الضحايا ودعم المجهود الحربي".

لكن تلك المشاعر، وفقا لشيران وساريت، "يرافقها إحساس بأن أبناء مجتمعهم يدفعون أثمانا باهظة في سبيل بلادهم، دون أن يحصلوا على التقدير والامتنان بما يكفي".

وأضافت شيران: "لا يتحدث الناس بما فيه الكفاية عن أفراد الجالية الإثيوبية الذين سقطوا في المعارك، ولا توجد تغطية إعلامية كبيرة عنهم".

وزادت: "يرجع ذلك جزئيًا إلى أن أهالي الضحايا ليسوا نافذين بما يكفي، وفي بعض الأحيان لا يريدون الدعاية، كما أن المجتمع ليس قويًا بما يكفي لرفع مستوى الوعي بقصتهم".

من جانبه، قال آشر سيوم (40 عامًا)، والذي يعمل قائد سرية في وحدة احتياط في لواء مشاة، وسبق أن قاتل في قطاع غزة: "نسمع كل بضعة أيام عن مقتل جندي من مجتمعنا، ومنذ اندلاع الحرب اعتقدنا أننا بالفعل جزء من المجتمع في البلاد".

وتابع: "في غزة شعرنا بنوع من الطمأنينة والانسجام لأننا كنا نواجه عدوا مشتركا، لكن يبدو أننا عدنا إلى سابق عهدنا لاحقا".

الصراع في إثيوبيا يثير الجدل بشأن الهجرة إلى إسرائيل بينما يتصاعد الصراع في إثيوبيا مع توغل قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي جنوبا باتجاه العاصمة أديس أبابا وإعلان الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ، يتزايد قلق الإسرائيليين من أصل إثيوبي بشأن سلامة أقاربهم. 

وفي نفس السياق، رأت زفيا أربيف، وهي معلمة في مدرسة ثانوية في كريات ملاخي، أن الدافع لأداء الخدمة العسكرية بين الشباب من أصل إثيوبي "زاد" منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، بسبب "ارتفاع المشاعر الوطنية".

وأردفت: "لدي طالب فقد ابن عمه في الحرب، وأخبرني أنه يريد أن يصبح جنديًا، وسألته عما إذا كان ذلك بسببه وفاة قريبه فأجاب بأنه كان يريد أن يفعل ذلك مسبقًا أيضًا، لكنه الآن يسعى إلى ذلك أكثر".

وأضافت أربيف أن شقيقها أنهى دورة عسكرية، لافتة إلى أنه يريد الالتحاق بدورة الضباط، موضحة: "لكن لو سُئل قبل الحرب عن ذلك، لما كان قادرا على أن يطمح إلى ذلك".

وذكّرت صحيفة "هآرتس" بتقرير نشره مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست هذا الشهر، والذي تم إعداده بناء على طلب عضو الكنيست، تسيغا ميلاكو، المولود في إثيوبيا.

وأشار التقرير إلى أن "9 بالمئة من جميع الأشخاص الذين تم اعتقالهم في إسرائيل بين عامي 2019 و2023 كانوا من أصل إثيوبي، وهذا يعني أنها أكبر فئة تتعرض لهذه الأمور، مقارنة بأعدادهم القليلة في البلاد".

ووجدت دراسة أجريت عام 2022 في جامعة بن غوريون، أن نسبة حاملي الشهادات الأكاديمية حتى سن 27 عامًا بين المنحدرين من أصل إثيوبي ضئيلة، خاصة بين الرجال.

وبالإضافة إلى ذلك، ورغم أن نسبة الشباب من أصل إثيوبي الذين يعملون أعلى منها في المجموعات السكانية الأخرى، فإن القليل منهم ينتمون إلى فئات الدخل المرتفع.

ووجد تقرير صدر عام 2021 عن مركز أدفا لتحليل السياسات، ومقره تل أبيب، الذي فحص معدل توظيف النساء من أصل إثيوبي، ارتفاعًا حادًا في الفئة العمرية 25-64 عامًا: من 20.3 بالمائة في عام 1995، إلى 75.1 بالمائة في عام 2016.

لكن تقرير صدر عام 2016 تحت رعاية المدير العام السابق لوزارة العدل، إيمي بالمور، وجد أنه "على الرغم من ارتفاع معدل التوظيف بين الأشخاص من أصل إثيوبي، فإن العديد منهم يعملون في وظائف لا تتطلب مهارات معقدة، أو شهادات أكاديمية، مثل العمال المتعاقدين في مجال التنظيف والأمن، دون أفق عمل واضح ومستقر".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: بالمئة من من أصول إلى أن

إقرأ أيضاً:

شم النسيم.. عيد فرعوني قديم يحتفي بالحياة والربيع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يعد عيد "شم النسيم" من أهم الأعياد الذى يحتفل به المصريون منذ نحو 4700 عام، وكان هذا الاحتفال الوحيد الذي جمع المصريين بمختلف عقائدهم الدينية دون أن يلبس ثوبا عقائديا على الإطلاق احتفالا بالحياة والربيع.

ويأتي عيد شم النسيم على قائمة الأعياد الزراعية في مصر القديمة، واصطبغ بمرور الوقت بصبغة اجتماعية ذات صلة بالطبيع كما يتضح من اسمه "شمو"في اللغة المصرية القديمة الهيروغليفية وهي نفس الكلمة التي أطلقها المصريون القدماء على فصل الصيف وتحمل أيضا معنى الحصاد، وتحولت الكلمة إلى "شم"في اللغة القبطية والتي تعد مرحلة متأخرة من الكتابة المصرية القديمة لكن بأحرف يونانية.

في حين يرى بعض المتخصصين في اللغة المصرية القديمة أن تسمية "شم النسيم" تنطوي على تركيب لغوي كامل في اللغة المصرية القديمة هو "شمو (حصاد)- ان (ال)- سم (نبات)" وفي دلالة واضحة على عدم تحريف الاسم المصري الأصلي بإدخال كلمة "نسيم" العربية التي يعرفها المعجم بأنها "ريح لينة لا تحرك شجرا  للإشارة إلى اعتدال الجو ومقدم فصل الربيع.

واختلف العلماء في تحديد بداية واضحة ودقيقة لاحتفال المصريين بعيد "شم النسيم" فمنهم من رأى أن الاحتفال بدأ في عصور ما قبل الأسرات بحسب تقسيم تاريخ مصر القديم ورأى آخرون أنه يرجع إلى عام 4000 قبل الميلاد  إلى أن استقر أغلب الرأي على اعتبار الاحتفال الرسمي به في مصر قد بدأ عام 2700 قبل الميلاد مع نهاية عصر الأسرة الثالثة وبداية عصر الأسرة الرابعة.

حيث اعتبر المصريون القدماء عيد شم النسيم بعثا جديدا للحياة كل عام تتجدد فيه الكائنات وتزدهر الطبيعة بكل ما فيها واعتبروه بداية سنة جديدة مدنية يستهلون به نشاطهم لعام جديد وكانت الزهوروانتشارالخضرة بشيرا ببداية موسم الحصاد فكانوا يملأون مخازن الغلال بحصاده ويقدمون للإله الخالق خلال طقوس احتفالية سنابل القمح الخضراء في دلالة رمزية على الخلق الجديد الدال على الخير والسلام.

وحمل طابع الاحتفال الشعبي منذ عصور قديمة للغاية سجلها المصري في نقوشه على جدران مقابره  ليخلد ذكرى نشاطه في ذلك اليوم فكان الناس يخرجون في جماعات إلى الحدائق والحقول للتريض والاستمتاع بالزهور والأخضر على الأرض حاملين صنوف الطعام والشراب التي ارتبطت بهذه المناسبة دون غيرها وحافظ عليها المصريون حتى الآن في مشهد موروث ومستنسخ كل عام لعادات مصرية قديمة غالبت الزمن.

وحرص المصري القديم على أن تضم قائمة طعامه في شم النسيم عددا من الأطعمة التي لم يكن اختيارها محض عشوائية أو صدفة بحتة بل كانت تحمل مدلولا دينيا وفكريا ارتبط بعقيدته خلال احتفاله بالمناسبة، من بينها أطعمة أساسية كالبيض، والسمك المملح (الفسيخ)، والبصل، والخس، والحمص الأخضر (الملانة) حيث ترمز البيضة إلى التجدد وبداية خلق جديد في العقيدة الدينية المصرية  فهي منشأ الحياة وقناة خروج أجيال من الكائنات وأصل كل خلق ورمز كل بعث و أطلق المصري عليها "سوحت"وذكرها في برديات الأدب الديني القديم عندما اعتقد أن الإله خلق الأرض من صلصال في هيئة بيضة ودب فيها الروح فبدأت فيها الحياة لذا كانوا يقدمون البيض على موائد القرابين لدلالته الرمزية والدينية على حد سواء.

وحرص المصري على تناول السمك المملح (الفسيخ) في هذه المناسبة مع بداية تقديسه نهر النيل الذي أطلق عليه"حعبي" بدءا من عصر الأسرة الخامسة فضلا عن ارتباط تناوله بأسباب عقائدية تنطوي على أن الحياة خلقت من محيط مائي أزلي لا حدود له خرجت منه جميع الكائنات أعقبه بعث للحياة ووضع قوانين الكون.

وبرع المصريون في صناعة السمك المملح وكان يخصصون لصناعته أماكن أشبه بالورش كما يتضح من نقش في مقبرة الوزير "رخ-مي-رع" في عهد الأسرة 18، وتشير بردية "إيبرس" الطبية إلى أن السمك المملح كان يوصف للوقاية والعلاج من أمراض حمى الربيع وضربات الشمس.

وأولى المصريون أهمية كبيرة لتناول نبات البصل، خلال الاحتفال اعتبارا من عصر الأسرة السادسة لارتباطه بأسطورة قديمة تحدثت عن شفاء أمير صغير من مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه وكان البصل سببا في الشفاء بعد أن وُضع النبات تحت وسادة الأمير واستنشقه عند شروق الشمس في يوم وافق احتفال المصريين بعيد شم النسيم فكتب له الشفاء فأصبح تقليدا حافظ عليه المصريون حتى الآن.

أما الحمص الأخضر فقد عرفته عصور الدولة القديمة وأطلق عليه المصريون اسم "حور-بك" وكان يحمل دلالة عقائدية على تجدد الحياة عند المصري لأن ثمرة الحمص عندما تمتلئ وتنضج ترمز عنده بقدوم فترة الربيع فصل التجدد وازدهار الحياة بعد أن ظلت أرضها المركز الأول لكل حياة، حياة الآلهة وحياة البشر، فكل شيء ينطلق انطلاقا من هذا المكان.

مقالات مشابهة

  • محافظ أسيوط : نسعي لتحسين مستوى الحياة اليومية للمواطنين في مختلف المجالات
  • شم النسيم.. عيد فرعوني قديم يحتفي بالحياة والربيع
  • شيفرون تبيع أصول في إيست تكساس مقابل نصف مليار دولار
  • أربيل.. ليل الإسكان يضج بالحياة (صور)
  • الشعبية: إسرائيل توسع حرب الإبادة في غزة بغطاء أمريكي
  • مقابل هذ الشرط.. إسرائيل تقترح هدنة في غزة
  • إعلام عبري: إسرائيل ستناقش إنهاء الحرب على غزة بشرط واحد
  • تأثيرات "طويلة الأمد" للحرب على الجنود الإسرائيليين.. ما هي؟
  • تأثيرات "طويلة الأمد" للحرب على الجنود الإسرائيليين.. ما هي؟
  • ما هي الكمية اليومية الآمنة من الكافيين؟