عودة: السلام مسؤولية مشتركة قائمة على الأخلاق وقبول الآخر
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس ألقى عظة "المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور". وقال فيها: "تقيم كنيستنا المقدسة، في الأحد الثاني بعد الفصح، تذكار القديسين يوسف الرامي، ونيقوديموس اللذين أنزلا جسد السيد عن الصليب ووضعاه في قبر جديد.
أضاف: "جاءت النسوة حاملات الطيب في أول الأسبوع، باكرا، وقد طلعت الشمس (مر 16: 2). أول عمل قامت به النسوة باكرا جدا كان التفكير بالرب يسوع دون سواه، فأتين القبر. لم يأبهن للصعوبات والمعوقات التي ستصادفهن في الطريق. هذا هو واجب كل مؤمن، أن يذكر الله باكرا جدا، ليس فقط في أول الأسبوع، بل مع بداية كل يوم، وإشراقة كل شمس، لذلك وضعت لنا كنيستنا صلاة النهوض من النوم، لكي نبدأ نهارنا يوميا بذكر الرب وشكره على عطاياه. أتت النساء «وقد طلعت الشمس». المسيح هو الشمس، النور الحقيقي البازغ من ظلمة القبر وفساد الموت، الذي «ينير كل إنسان آت إلى العالم» (يو 1: 9). عندما يبدأ يومنا مع المسيح، نلبس حلة جديدة، كما يقول النبي داود الملك: «قد ارتسم علينا نور وجهك، يا رب، أعطيت سرورا في قلبي» (مز 4: 6- 7)." في طريقهن نحو القبر، تساءلت النساء فيما بينهن: «من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟» (مر 16: 3). كان حجر القبر عائقا أمام وصول حاملات الطيب إلى الجسد الإلهي ليطيبنه. هنا، لا بد لنا من سؤال أنفسنا عمن يدحرج لنا الحجر الذي يفصلنا عن اللقاء بالرب يسوع. إنه مدفون داخل قلوبنا، لكن سلاسل الخطيئة، والشهوات، والأهواء المتراكمة تعيقنا وتمنعنا من البلوغ إليه. قد نحاول إزالة هذه العوائق من أجل لقاء السيد، لكن لا قوة لنا، فمن يدحرج لنا الحجر عن باب قبرنا؟ لم تيأس النسوة، رغم علمهن بوجود الحجر على باب القبر وصعوبة إزاحته، بل تابعن طريقهن نحو القبر. نحن أيضا علينا ألا نيأس، بل أن نكون واثقين من أن الرب إلهنا سينتظر عودتنا، تماما كما فعل الأب عندما عاد ابنه الضال. يكفي أن نتحرك وننهض ونمشي نحو من هو «الطريق والحق والحياة» (يو 14: 6)."
وتابع: "إشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطا ليأتين ويدهنه» (مر 16: 1). أتت حاملات الطيب بطيوبهن إلى القبر، ولم يحضرن خاليات الوفاض. هكذا، ونحن سائرون في الطريق، علينا أن نحمل طيوب أفعال الرحمة والبر والصلاح والمحبة المتصاعدة من قلوبنا. متى قدمنا للناهض من بين الأموات أثمار الروح (غل 5: 22) تحدث العجيبة ويزال الحجر عن باب القبر. علينا أن نقدم للمسيح قبرا جديدا مثل يوسف الرامي، أي قلبا خاليا من الخطيئة، وهذا القلب الجديد يكون منطلقا للقيامة الحقيقية لكل كياننا، بعد أن يزاح حجر الدنيويات الذي يثقل بابه. هكذا، نولد مجددا كما طلب الرب من نيقوديموس عندما زاره ليلا، وهذه الولادة الجديدة تجعلنا مبشرين جريئين مثل نيقوديموس نفسه. يخبرنا الإنجيلي متى أن «زلزلة عظيمة قد حدثت، لأن ملاك الرب نزل من السماء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه» (مت 28: 2). لم يدحرج الملاك الحجر عن باب القبر بتأن، إذ لا يمكن أن يتمم عمل كهذا من دون جهد أو صدمة، بل يلزمه زلزال. هكذا، نحن أيضا، نحتاج زلزالا يدحرج لنا الحجر عن باب قلوبنا، أي تغييرا كليا لحياتنا يطال كل نواحيها. هذا يحصل بالتوبة الصادقة التي هي زلزالنا الروحي، وقيامتنا من موت الخطيئة".
وقال: "عصرنا يشهد خطايا كثيرة، نزاعات وحروبا وجرائم زادت قدرتها التدميرية بسبب الإكتشافات التي، عوض استخدامها للخير والبنيان، تستعمل للتدمير والإبادة. الحرب هي وليدة الحقد والكراهية وقلة المحبة في قلب الإنسان، تسببها الأنانية والكبرياء وحب التسلط، ورفض الآخر المختلف، وتصيب بشكل خاص الأفقر والأضعف، ما يحرم ضحاياها الحق في الحياة والكرامة، والرجاء بالمستقبل. الحرب تسكت الآخر، تلغيه، تبيده، إشباعا للأنانية، فيما علمنا ربنا المحبة التي قال عنها بولس الرسول أنها «تتأنى وترفق... لا تحسد ...لا تقبح ... ولا تفرح بالإثم» (1 كو: 13: 4-6). ربنا، إله السلام، تجسد لينشر العدل والمحبة بين البشر، هو الذي «صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة» (2 كو 5 :18). السلام مسؤولية مشتركة قائمة على الأخلاق وقبول الآخر واحترامه عوض الخوف منه، وعلى التعاون والتضامن بين البشر، وعلى الشعور بالأخوة الحقيقية المبنية على المحبة رغم الإختلاف. وهو ينتج عن الوعي بأن للآخر الحق في الحياة وفي الكرامة وفي الحرية. هل يقبل الإنسان أن تسلب منه حريته أو كرامته؟ فكيف يسلب حرية الآخرين وكرامتهم؟ لقد أعطانا ربنا العقل ونعمة التمييز لكي نتعلم من كل تجربة ونتعظ، وخبرات الحروب التي عاشها الإنسان كانت وبالا على الجميع، لذا أملنا في هذا العيد المبارك أن تتوقف الحروب، وينتفي التعدي على حياة الإنسان وحريته وكرامته وحقوقه، ويحل السلام والعدل في بلدنا وفي العالم أجمع، ليعيش الإنسان تحت سلطة القانون، يتشارك وأخاه النعم الممنوحة له، ولا يتسلط على مخلوق، حتى الطبيعة وعناصرها لأنها عطية من الله".
وختم: "قتل قايين أخاه بسبب الحسد والبغض، وما زال الإنسان يحقد ويقتل رغم تجسد المسيح وموته عنا ليخلصنا من براثن الخطيئة. لتكن قيامته حافزا لنا على تغيير سلوكنا واعتناق المحبة التي وحدها تحرر وتثمر".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
«أندريه زكي»: مولد «المسيح» بعث رسائل الطمأنينة للعالم
تواصل الكنيسة الإنجيلية برئاسة القس د. أندريه زكى رئيس الطائفة، استعداداتها لاحتفال «عيد الميلاد المجيد» المزمع إقامته فى السادس من يناير المقبل، بكنيسة قصر الدوبارة بالقاهرة، وفقًا للتقويم الشرقي.
ويرأس احتفال الكنيسة القس د. أندريه زكى بحضور لفيف من القيادات التنفيذية، والشعبية، والشخصيات العامة، وممثلين عن الأزهر الشريف، والأوقاف، ورؤساء الطوائف المسيحية.
ويبدأ احتفال «الإنجيلية» بالترانيم، ويعقبها قراءة من الكتاب المقدس، مرورًا بكلمة راعى كنيسة قصر الدوبارة، وانتهاءً بكلمة رئيس الطائفة، والتى تتضمن عظة، وترحيبًا بحضور الاحتفال.
وفى سياق متصل قال القس د.أندريه زكى – رئيس الطائفة الإنجيلية- : إن ميلاد السيد المسيح جاء فى توقيت صعب، لافتًا إلى أن فترة ما قبل مولده كانت مشوبة بخطاب كراهية، وتقليل من الآخر، بجانب فقر، وجوع، واضطرابات، وقلق.
وأضاف خلال حضوره حفل مسرحية «الميلاد» الذى أقيم مساء أول أمس، على مسرح قصر النيل بوسط القاهرة، تحت رعاية وتنظيم هيئة الخدمة الروحية بالتعاون مع مؤسسة القوى الناعمة للإنتاج الفني، أن وسط هذا كله جاء الرجاء، والأمل.
وأردف قائلًا: «نصلى اليوم من أجل أن تسود روح الميلاد، ونتذكر دائمًا أننا قد لا نعلم ماذا نفعل، ولكن نحوك أعيننا».
واستطرد: «رسالة الميلاد تبعث سلامًا، وطمأنينة للعالم كله».
وحضر العرض الشيخ عصام عطية، مدير عام هيئة الخدمة الروحية بمصر، والدكتورة منى زكي، الرئيس التنفيذى لمؤسسة القوى الناعمة للإنتاج الفني، كما شهد العرض حضور جماهيرى كبير بجانب عدد من قيادات الطائفة الإنجيلية والشخصيات البارزة.
وقدمت المسرحية، التى أخرجتها رينا أندراوس، وكتبتها داليا فريد، وإبراهيم موريس، قصة ميلاد السيد المسيح من خلال مزيج موسيقي، واستعراضى مميز.
كما استعرضت المسرحية نبوات العهد القديم التى تحققت بمجيء المسيح، وجسدت رسالة المحبة والسلام التى جاء بها إلى العالم.