بيان المقصود من عبارة "حاضري المسجد الحرام".. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية، إن المقصود من عبارة "حاضري المسجد الحرام"، هم أهل مكة، موضحة أنه لا يوجد ما يمنع في الشرع من الإحرام بالعمرة في أشهر الحج من ميقات أهل المدينة، ومن ثم إرادة الحجَّ في نفس العام والإحرام به من مكة، ولا يجب هدي في هذه الحالة، وذلك بخلاف مَن يبعد مسكنه عن مكة المكرمة مسافة القصر أو الآفاقي، فإنه إذا تمتع بالعمرة إلى الحج يجب عليه الهدي أو الصوم إن لم يجده.
وقالت الإفتاء: والحكم في هذه المسألة متوقف على بيان المراد من قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196].
وتابعت: وقد اختلف العلماء في المراد بـ"حاضري المسجد الحرام" إلَّا أنه من جملة أقوالهم يتضح وجود قدر مشترك وقع عليه الاتفاق في معنى "حاضري المسجد الحرام" وهم: أهل الحرم، وقد حكى الإمام الطبري الإجماع على هذا في تفسيره "جامع البيان" (3/ 110، ط. مؤسسة الرسالة)؛ فقال: [اختلف أهل التأويل فيمَن عُنِيَ بقوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ بعد إجماع جميعهم على أن أهل الحرم مَعنِيُّونَ به، وأنه لا متعة لهم] اهـ.
وأوضحت: وما زاد على هذا القدر وقع الاختلاف فيه على أقوال: فذهب الحسن وطاوس ونافع وعبد الرحمن الأعرج إلى أنهم أهل مكة فقط.
وقال الإمام أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (1/ 350، ط. دار الكتب العلمية) في بيان "حاضري المسجد الحرام": [قال الحسن وطاوس ونافع وعبد الرحمن الأعرج: هم أهل مكة] اهـ.
وذهب عطاء ومكحول والحنفية إلى أن ﴿حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ هم: أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة.
أما قَوْلَا عطاء ومكحول فقد ذكرهما الإمام الطبري في "تفسيره" (3/ 111، ط. مؤسسة الرسالة).
فعن عطاء قال: "مَن كان أهله مِن دون المواقيت؛ فهو كأهل مكة لا يتمتع".
وعن مكحول في معنى قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، قال: "من كان دون المواقيت" ذكرهما الطبري في "تفسيره".
وأما قول الأحناف؛ فكما ورد في عبارات المتقدمين والمتأخرين منهم:
وقال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (4/ 169، ط. دار المعرفة): [وليس للرجل من أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة أن يقرن أو أن يتمتع، وهم في ذلك بمنزلة أهل مكة، أما المكي: فلأنه ليس له أن يتمتع بالنص؛ لأن الله تعالى قال في ذلك: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196]، واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ﴿حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.. وقلنا: أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة من حاضري المسجد الحرام بمنزلة أهل مكة؛ بدليل: أنه يجوز لهم دخول مكة بغير إحرام فلا يكون لهم أن يتمتعوا] اهـ.
وقال علاء الدين الحصكفي في "الدر المختار" (2/ 593، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية ابن عابدين") في بيان التمتع: [(والمكي ومن في حكمه يفرد فقط)] اهـ.
وقال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (4/ 169، ط. دار المعرفة): [وليس للرجل من أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة أن يقرن أو أن يتمتع، وهم في ذلك بمنزلة أهل مكة، أما المكي: فلأنه ليس له أن يتمتع بالنص؛ لأن الله تعالى قال في ذلك: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196]، واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ﴿حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.. وقلنا: أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة من حاضري المسجد الحرام بمنزلة أهل مكة؛ بدليل: أنه يجوز لهم دخول مكة بغير إحرام فلا يكون لهم أن يتمتعوا] اهـ.
وقال علاء الدين الحصكفي في "الدر المختار" (2/ 593، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية ابن عابدين") في بيان التمتع: [(والمكي ومن في حكمه يفرد فقط)] اهـ.
وذهب المالكية إلى أنهم: أهل مكة وذي طُوَى، وهو: موضع بين الطريق التي يهبط منها إلى مقبرة مكة المسماة بالمعلاة والطريق الأخرى التي جهة الزاهر، وتُسمَّى عند أهل مكة "بين الحُجُونَيْن"؛ كما في "شرح مختصر خليل" للعلَّامة الخرشي (2/ 311، ط. دار الفكر).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء الحج والعمرة الله تعالى أن یتمتع ال ح ر ام فی ذلک
إقرأ أيضاً:
بيان فضل التذكير بذكر الله وقراءة القرآن الكريم
قالت دار الإفتاء المصرية إن نصوص الشرع الحنيف تضافرت على بيان فضل ذكر الله سبحانه وتعالى وقراءة القرآن الكريم، فقال تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35].
فضل التذكير بذكر الله وقراءة القرآن الكريم
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب 41- 42]، وقال عزَّ وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور﴾ [فاطر: 29].
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» رواه مسلم من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، إلى غير ذلك من النصوص الواردة في فضل ذكر الله تعالى ودعائه.
وأوضحت الإفتاء أن تذكير الآخرين بذكر الله تعالى وآياته والدعوة إليه، والترغيب فيه ممَّن هو أهله، من الأعمال الصالحة التي يثاب عليها الإنسان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» أخرجه مسلم.
قال العلامة الشيرازي في "المفاتيح في شرح المصابيح" (1/ 263، ط. دار النوادر): [(الهدى): الصراط المستقيم، يعني: من دل جماعة على خير أو عمل صالح، فعمل أولئك الجمع على ذلك الخير، أو عملوا بذلك العمل الصالح، يحصل للذي دلَّهم على الخير من الأجر والثواب مثل ما حصل لكل واحد منهم؛ لأنه كان سبب حصول ذلك الخير منهم، ولولا هو لم يحصل ذلك الخير منهم. (ولا ينقص من أجرهم شيء) بسبب أن حصل له مثل أجورهم جميعًا؛ لأنه لا يؤخذ من أجورهم ما حصل له، بل أعطاهم الله تعالى وإياه من خزانةِ كَرَمه] اهـ.
وقال العلامة ابن الملك الكرماني في "شرح المصابيح" (1/ 165، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [قوله: "مَن دعا إلى هدى"؛ أي: ما يُهتدَى به من الأعمال الصالحة. "كان له"، أي: لذلك الداعي. "مِن الأجر مثلُ أجور مَن تبعَه"؛ وذلك لأنَّ الدعاءَ إلى الهُدى خصلةٌ من خِصال الأنبياء] اهـ.