قالت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية، إن المقصود من عبارة "حاضري المسجد الحرام"، هم أهل مكة، موضحة أنه لا يوجد ما يمنع في الشرع من الإحرام بالعمرة في أشهر الحج من ميقات أهل المدينة، ومن ثم إرادة الحجَّ في نفس العام والإحرام به من مكة، ولا يجب هدي في هذه الحالة، وذلك بخلاف مَن يبعد مسكنه عن مكة المكرمة مسافة القصر أو الآفاقي، فإنه إذا تمتع بالعمرة إلى الحج يجب عليه الهدي أو الصوم إن لم يجده.

المقصود بعبارة حاضري المسجد الحرام والحكم في  المسألة

وقالت الإفتاء: والحكم في هذه المسألة متوقف على بيان المراد من قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196].

وتابعت: وقد اختلف العلماء في المراد بـ"حاضري المسجد الحرام" إلَّا أنه من جملة أقوالهم يتضح وجود قدر مشترك وقع عليه الاتفاق في معنى "حاضري المسجد الحرام" وهم: أهل الحرم، وقد حكى الإمام الطبري الإجماع على هذا في تفسيره "جامع البيان" (3/ 110، ط. مؤسسة الرسالة)؛ فقال: [اختلف أهل التأويل فيمَن عُنِيَ بقوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ بعد إجماع جميعهم على أن أهل الحرم مَعنِيُّونَ به، وأنه لا متعة لهم] اهـ.

وأوضحت: وما زاد على هذا القدر وقع الاختلاف فيه على أقوال: فذهب الحسن وطاوس ونافع وعبد الرحمن الأعرج إلى أنهم أهل مكة فقط.

وقال الإمام أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (1/ 350، ط. دار الكتب العلمية) في بيان "حاضري المسجد الحرام": [قال الحسن وطاوس ونافع وعبد الرحمن الأعرج: هم أهل مكة] اهـ.

وذهب عطاء ومكحول والحنفية إلى أن ﴿حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ هم: أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة.

أما قَوْلَا عطاء ومكحول فقد ذكرهما الإمام الطبري في "تفسيره" (3/ 111، ط. مؤسسة الرسالة).

فعن عطاء قال: "مَن كان أهله مِن دون المواقيت؛ فهو كأهل مكة لا يتمتع".

وعن مكحول في معنى قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، قال: "من كان دون المواقيت" ذكرهما الطبري في "تفسيره".

وأما قول الأحناف؛ فكما ورد في عبارات المتقدمين والمتأخرين منهم:

وقال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (4/ 169، ط. دار المعرفة): [وليس للرجل من أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة أن يقرن أو أن يتمتع، وهم في ذلك بمنزلة أهل مكة، أما المكي: فلأنه ليس له أن يتمتع بالنص؛ لأن الله تعالى قال في ذلك: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196]، واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ﴿حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.. وقلنا: أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة من حاضري المسجد الحرام بمنزلة أهل مكة؛ بدليل: أنه يجوز لهم دخول مكة بغير إحرام فلا يكون لهم أن يتمتعوا] اهـ.

وقال علاء الدين الحصكفي في "الدر المختار" (2/ 593، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية ابن عابدين") في بيان التمتع: [(والمكي ومن في حكمه يفرد فقط)] اهـ.

وقال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (4/ 169، ط. دار المعرفة): [وليس للرجل من أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة أن يقرن أو أن يتمتع، وهم في ذلك بمنزلة أهل مكة، أما المكي: فلأنه ليس له أن يتمتع بالنص؛ لأن الله تعالى قال في ذلك: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196]، واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ﴿حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.. وقلنا: أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة من حاضري المسجد الحرام بمنزلة أهل مكة؛ بدليل: أنه يجوز لهم دخول مكة بغير إحرام فلا يكون لهم أن يتمتعوا] اهـ.

وقال علاء الدين الحصكفي في "الدر المختار" (2/ 593، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية ابن عابدين") في بيان التمتع: [(والمكي ومن في حكمه يفرد فقط)] اهـ.

وذهب المالكية إلى أنهم: أهل مكة وذي طُوَى، وهو: موضع بين الطريق التي يهبط منها إلى مقبرة مكة المسماة بالمعلاة والطريق الأخرى التي جهة الزاهر، وتُسمَّى عند أهل مكة "بين الحُجُونَيْن"؛ كما في "شرح مختصر خليل" للعلَّامة الخرشي (2/ 311، ط. دار الفكر).

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء الحج والعمرة الله تعالى أن یتمتع ال ح ر ام فی ذلک

إقرأ أيضاً:

حكم من مات وهو محرم للحج ولم يؤد المناسك؟.. الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن من أحرم بالحج ثم توفي قبل أداء المناسك، فإن إحرامه ينقطع بوفاته، ويسقط عنه وجوب استكمال الحج، ويثبت له الأجر كاملًا دون نقصان.

وأكدت الفتوى أنه لا يلزم ورثته أداء الحج عنه أو إكمال مناسكه، باعتبار أن الموت يُنهي التكليف الشرعي لزوال محل الالتزام، وهو الحياة.

واستندت الفتوى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، مشيرة إلى أن الإحرام لا يدخل ضمن هذه الأعمال الثلاثة المستثناة من الانقطاع، مما يترتب عليه سقوط أحكام الإحرام بوفاة المُحرم.

وأوضحت الدار أن جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية أقروا أن الإحرام عبادة تبطل بالموت، كما تبطل الصلاة والصيام، لأن الأحكام التكليفية تسقط بانقطاع الحياة، ولأن المناسك من العبادات التي تحتاج إلى نية وأفعال لا يمكن إتمامها بعد الوفاة.

وأضافت أن الأدلة الفقهية تشير إلى أن الميت لا يُطاف به ولا يُؤدى عنه شيء من مناسك الحج، ولا تترتب عليه كفارات تتعلق بالإحرام، مما يؤكد انقطاع أثر الإحرام بموته.

هل الذهاب للحج يحتاج لصلاة الاستخارة؟.. علي جمعة يصحح مفهوما خاطئاهل يجوز الحج عن الوالدين المتوفيين في حجة واحدة.. الموقف الشرعي

ونوهت بأن سقوط الإحرام بالموت يعني عدم وجوب الوصية بالحج عنه، بخلاف من مات قبل الإحرام وقد وجب عليه الحج، ففي هذه الحالة تجب الوصية.

وأشارت الفتوى إلى أن الشخص الذي مات بعد الإحرام يعتبر قد أدى ما عليه بنية الحج، ونال بذلك أجر الحج كاملًا، حتى لو لم يتمكن من أداء مناسك الحج عمليًّا، لأن الشروع في العبادة مع وجود العذر يُثيب الله عليه كأجر العمل الكامل.

وختمت دار الإفتاء بالتأكيد على أن ورثة المتوفى غير مطالبين بالحج عنه أو دفع أية فدية، ولا يتحملون أي التزامات مرتبطة بحجه، لأن التكليف والحساب ينقطعان بوفاة الإنسان، وهذا من رحمة الله بعباده.

طباعة شارك حكم من مات وهو محرم المناسك دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • أكثر من 41 ألف مستفيد بمستشفى أجياد ومراكز طوارئ الحرم خلال 3 أشهر
  • آداب يجب أن يتحلى بها الحاج خلال تأدية المناسك.. الإفتاء توضح
  • حكم الإجارة بأجرة شهرية متزايدة كل سنة.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح حكم التعويض المالي الناتج عن القتل الخطأ في حوادث السيارات
  • حكم من مات وهو محرم للحج ولم يؤد المناسك؟.. الإفتاء توضح
  • خطيب المسجد الحرام: القوة الحقيقة في الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب
  • خطيب المسجد الحرام: عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون واتقوا شر ظنون أنفسكم
  • خطيب المسجد الحرام: ظنوا بإخوانكم خيرا ومن أدب الفراق دفن الأسرار
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي