نيروبي توقيع اتفاقات أم طرح تساؤلات
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن توقيع الدكتور عبد الله حمدوك اتفاقيتن مع حركتين مسلحتين بوظيفتين مختلفتين تدعو إلي التساؤل...! و في ذات الوقت تؤكد أن حرب السودان ليست حرب بين فصيلين أو قوتين كما هو منصوص عليها في الاتفاقيتين، أي قوتين مسلحتين تتقاتلان، أنما هي حرب عسكرية سياسية ذات نفوذ خارجي يتحركة بقوة بهدف تحقيق أجنداته.
الغريب في تناقض قيادة الحركتين، في التعاطي مع الشأن السياسي، عندما ذهب حمدوك لمخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة، و طلب من وزارة الخارجية الفرنسية أن ترتب له لقاء مع عبد الواحد محمد نور رفض الأخير مقابلة حمدوك باعتباره رئيس للوزراء، و تم اللقاء دون حمل حمدوك صفة الدولة و السياسية.. الآن يوقع معه باعتباره رئيس للوزراء.. قال الدكتور كمال عبد العزيز القيادي بحركة تحرير السودان " عبد الواحد نور" للصحفية المصرية صباح موسى ( و قعنا مع حمدوك رئيس وزراء سابق و ليس رئيس لتنسيقية القوى المدنية " تقدم" لإننا نرفض الاتفاق مع كيانات تدعو للاصطفاف و لا نريد أن ندخل في مثل هذه الاصطفافات.. و إشارة عبد العزيز أنهم كحركة لا يريدون الدخول في جدل مع الحركات الأخرى التي تعتقد أن " تقدم" لها علاقة سياسية مع ميليشيا الدعم السريع بعد توقيعهما على "الإعلان السياسي لأديس أبابا".. أما عبد العزيز الحلو يعلم أن الحركة الشعبية وقعت في أكتوبر 1994م مع القوى السياسي التي كانت منضوية تحت " التجمع الوطني" على "أتفاق نيروبي" لفصل الدين عن الدولة و اتفقوا جميعا أن يسقطوا الدولة الدينية و العلمانية و يطلقوا عليها " الدولة المدنية الديمقراطية" و هي خطوة متقمة لتفاهمات وطنية لكن الحركة الشعبية رجعت مرة أخرى " للعلمانية" حتى ترفع سقف مطالبها، و للأسف أن بعض القوى التي وقعت على ذلك الاتفاق و نظرت له قيادتها شجعت الحركة الشعبية أن تعيد مصطلح العمانية مرة أخرى للساحة السياسية...
أن الاتفاقيتين لم يضيفا جديدا على الأجندة المطروحة في الساحة السياسية، و لكن تحاول قيادة تقدم أن تضيف لها نجاحات أخرى تنقلها من " الإعلان السياسي لأديس أبابا" إلي اتفاقات أخرى تثير بها حوارا داخل الساحة السياسية.. و أيضا نقل الحوار من أجندة سلطة الفترة الانتقالية إلي فتح كل الملفات التي تصفها الحركات المسلحة " القضايا الجذرية" و اعتقد محاولة جيدة أن تفتح كل الملفات دون أن تتحكم فيها الرغائب الشخصية لبعض القيادات الباحثة عن السلطة، و هذه النقلة؛ لا تثير حوارا خارج دائرة " تقدم" بل تبدأ من المنتمين لها الذين كانوا يقودون إدارة أزمة " الاتفاق الإطاري" و فشلوا في مبتغاهم لآن أفقهم سياسي كان ضيقا.. القضية الأخرى أيضا تنعكس على القوى السياسية ألأخرى " قحت الديمقراطي" و التي وقعت مؤخرا في القاهرة " الميثاق الوطني الديمقراطي" هؤلاء أرادوا أن تكون رؤيتهم قريبة لقحت المركزي حتى يحدث التفاهم معهم بهدف المشاركة في محاصصات الفترة الانتقالية القادمة.. أن مجموعة القاهرة ليس لها افق سياسي لفتح كل الملفات من أجل الحوار الوطني.. هدف هؤلاء فقط الوصول للسلطة، و لا يستطيعوا أن يقدموا أجندة وطنية مفتوحة تخرج العقل السياسي من محاصصات السلطة للتفكير العقلاني لحل مشكلة السودان، لذلك لا يستطيع الخروج من دائرة النظر فقط للسلطة..
أن توقيع حمدوك بأيسم " تقدم" مع الحلو على اتفاق الدولة العلمانية يؤكد أن حزب الأمة القومي أصبح بالفعل يتبنى أجندة مغايرة للأجندة التي كان يطرح الصادق المهدي، و يعتبر واحد من ناقدي دولة " 56" مما يؤكد أن توقيعهم على " الإعلان السياسي لأديس أباب" كان عن قناعة جديدة للقيادة الريديكالية ألتي أرادت أن تحدث تغييرا جوهريا في مرجعية حزب الأمة.. و هذا الذي كان قد أنتقده في بيان المستشار أسماعيل كتر عبد الكريم مساعد رئيس الحزب للشئون القانونية و الدستورية و عضو مجلس التنسيق و عضو المكتب السياسي و الهيئة المركزية لحزب الأمة حيث قال ( اٌقول لحمدوك أنه لايزال محل احترام و تقدير من كثير من قطاعات الشعب السوداني و عليه أن يحافظ على سيرته الطيبة و الا يندفع لمشروع عواره بائن، و عليه التوجه لفتح الباب لمائدة مستديرة من خلال ممثلين حقيقين للقوى السياسية، و أن يجمع و لا يفرق و عليه فإنني من موقع مسؤوليتي التنظيمية و القانونية رأيت التنبيه لما يحاك ضد إرادة مؤسسات الحزب و تطلعات الوطن) أن لحزب الأمة ثلاث قيادات رئيسة في " تقدم " رئيس الحزب و الأمين العام و مساعد الرئيس" و هؤلاء اعتقد أن حمدوك قد استشارهم في مسودة الاتفاقيتين و بالتالي وافقوا على ما جاء فيهما.. و تصبح هناك قوى سياسية واحدة هى التي يجب أن تتولى إدارة أزمة ما يسمى بدولة " 56" التي تعتبر أرثا سياسيا لها، و أيضا انجازا وطنيا لها هؤلاء هم " جميع تيارات الحركة الاتحادية" و فهي معركة سياسية لابد من خوضها بشرف. نسأل الله التوفيق...
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
اختيار حمدوك ..خفايا و ملابسات (1)
*حمدوك ظل الاكثر وفاءآ للمشاريع الاجنبية ، و الاكثر حماسآ للتدخل الاجنبى ،*
*عودة حمدوك و تقدم مرتبطة بتسوية تبقى على حميدتى فى المشهد وهذا رهان خاسر*
*اقامة مناطق آمنة للمدنيين ، مشروع تم انتاجه فى دوار المخابرات الاجنبية برعاية اماراتية*،
*محاولات ساذجة من تقدم للمساومة بشرعية حمدوك مقابل شرعية البرهان ،*
اختارت قوى الحرية و التغيير مجموعة المجلس المركزى د. عبد الله حمدوك رئيسآ لتحالفها الهجين ( تقدم ) ، و فضلآ عن محاولات اقليمية دفعت بهذا الاختيار ، لم تمانع العديد من مكونات المجلس المركزى فى الموافقة عليه باعتباره شخصية معروفة دوليآ و ان التنافس الدولى على الشأن السودانى فى ذروته ، اتحاد افريقى ، ايقاد ، يونتامس ، امم متحدة ، بالاضافة الى الرباعية ( الامارات ، السعودية ، الولايات المتحدة ، المملكة المتحدة ) ، و الاتحاد الاروبى ،
مجموعة المركزى تجاهلت خيبة امل ملايين السودانيين فى حمدوك و تحميله وزر انهيار الفترة الانتقالية و ضياع الثورة ، بجانب ان هذه القوى فقدت احترامها لدى الشارع السودانى بتورطها فى الانحياز للمليشيا و فشلها و تلعثمها فى ادانة جرائم المليشيا و احتلالها لمنازل المواطنين و نهبهم و تهجيرهم قسرآ ، وكانت الطامة الكبرى توقيعها لاتفاق اديس ابابا مع حميدتى قائد المليشيا ، و يعتبر قطاع واسع من السودانيين ان حمدوك حاول اضعاف الموقف الوطنى من التدخل الاجنبى اثر تبنيه لفكرة هذا التدخل بتبريرات اقامة مناطق آمنة للمدنيين استنادآ على البند السابع ، وهو مشروع تم انتاجه فى دوار المخابرات الاجنبية برعاية اماراتية ، و مع ان مجلس الامن سيبقى الموضوع قيد النظر الا ان الآمال فى صدور مثل هذا القرار لم تعد موجودة ،
تزامن ذلك مع دعوات بدأت خافتة و تصاعدت فى الاسابيع الماضية لاعادة د. حمدوك للمشهد باعتباره آخر رئيس وزراء ( شرعى ) ، و فى ذات الوقت نافية هذا الحق عن الفريق البرهان باعتباره آخر رئيس شرعى لمجلس السيادة ، فى محاولة لمساواة شرعية (الطرفين)، وهى محاولة ساذجة و تجاوزتها الأحداث،
محللون يعتقدون ان حمدوك تحمل اخطاء الحرية و التغيير و ان هذا كان خصمآ عليه ، بينما يميل آخرون الى ان حمدوك كان ( حمولة ) زائدة على الحرية و التغيير بالرغم من ارتباط بعض اطرافها بالاجنبى ، الا ان حمدوك ظل الاكثر وفاءآ للمشاريع الاجنبية ، و الاكثر حماسآ للتدخل الاجنبى فى السودان ،
حقيقة يعرفها الكثيرون ، ان التدخل الاجنبى فى السودان بعد 11 ابريل لم يبدأ بظهور السفراء الاجانب فى ساحة الاعتصام ، و تأثيرهم على المنصات الاعلامية فى الاعتصام و محاولة بلورة رأى عام مثير للقلق و مضلل عن حقيقة مطالب الثورة و التى عبرت عنها بيانات رسمية اصدرتها قوى اعلان الحرية و التغيير ،منفردة و مجتمعة،
هذا التدخل بدأ فى يوم 16 ابريل ( بعد خمسة ايام من الاطاحة بالبشير ) ، بوصول طائرة خاصة اقلت الفريق طه عثمان الحسين من الامارات الى مطار الخرطوم ، و انتقاله مباشرة الى منزل سفير الامارات و اجراءه مقابلات مع قوى سياسية و حميدتى بعض العسكريين ، و لم يكن له اى موقع سياسى او منصب رسمى فى السودان، كان مستشارا فى الديوان الملكى السعودى و صديقا لدحلان،
جاءت قاصمة الظهر الاولى للثورة بعد تخلى قوى الحرية و التغيير عن اتفاقها مع الجبهة الثورية فى اديس ابابا فى 14 يوليو 2019م ، و انتقال مفاوضات السلام الى جوبا بدلآ عن الخرطوم ، كان وجود الاجانب فى هذه المفاوضات مشهودآ و سط تحركات يقودها فى العلن د.عبد الله حمدوك ، وهى الفترة التى سبقت توقيع الوثيقة الدستورية بايام قلائل وفى غياب الجبهة الثورية و انسحاب ممثليها من وفد التفاوض ،فى هذه الفترة ظهر اسم عبد الله حمدوك كمرشح لرئاسة الوزراة و جاءت تباشير ذلك مع بعض القادمين من اديس ابابا ،
كانت لجنة الترشيحات قد قطعت شوطآ طويلآ فى مناقشة اسماء مرشحة من الكتل المكونة للحرية و التغيير ، استنادآ على المعايير التى اتفقت عليها بالاجماع و اهمها الا يكون المرشح لمنصب رئيس الوزراء من مزدوجى الجنسية ، و لما كان هذا الشرط يقف حجر عثرة امام ترشيح حمدوك ، طلبت لجنة الترشيحات مخاطبة د. حمدوك للتخلى عن جنسيته الاجنبية ليتم اعتباره مرشحا، و بدلا عن ذلك ، تم تعليق اجتماعات لجنة الترشيحات ، و عقدت ورشة على عجل لالغاء شرط عدم ازدواج الجنسية ، و تم اجازة التوصية بالتمرير ودون اجتماع للحرية و التغيير ، وهو حدث ظل محل شكوك ، وهو ما اتضح لاحقا فى اجتماع كتلة نداء السودان،
عودة حمدوك و تقدم مرتبطة بتسوية تبقى على حميدتى و مليشياته فى المشهد ، و هذا ربما يفسر استمرار التنسيق و التحالف بين ( الطرفين) برعاية دولية ،هذا رهان خاسر ، نواصل
محمد وداعة
18 نوفمبر 2024م
إنضم لقناة النيلين على واتساب