سلطان سعود القاسمي يكشف تاريخ الهوية العمرانية للشارقة في «سالونيك الدولي للكتاب»
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
سالونيك( اليونان) - الخليج
أكد الدكتور سلطان سعود القاسمي، عضو لجنة المحافظة على التراث في الإمارات وعضو مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في الشارقة، أن هوية المدينة لا تقتصر على الجوانب التي تعكس التراث والثقافة والعمارة والمعالم الأثرية والدينية والثقافية فحسب، وإنما تشمل الذاكرة الجمعية للمكان المرتبطة بهوية الإنسان وثقافته.
جاء ذلك في جلسة نقاشية بعنوان «هوية المدينة» نظمتها «هيئة الشارقة للكتاب» ضمن برنامج فعاليات «الشارقة ضيف شرف معرض سالونيك الدولي للكتاب 2024» في جناح الإمارة المشارك في المعرض، تحدث خلالها نيكوس فاتوبولوس، أستاذ بجامعة سالونيك، ومهندس نقل ورئيس مجلس مدينة سالونيك، وأدارتها كاترينا تسابيكيذو، مديرة هيئة العلاقات الخارجية بسالونيك في وزارة الخارجية اليونانية.
وحول الأسباب التي ألهمته لتأليف كتاب «بناء الشارقة»، قال الدكتور سلطان سعود القاسمي: «أردت أن أتحدث عن تاريخ إمارة الشارقة، لأنني أجد في الشارقة تركيزاً وتكثيفاً لتاريخ منطقة الخليج، فالكثير من أوائل الأشياء بدأت في الشارقة منها الصحافة، والمباني البلدية، والمطار، والبريد، وغيرها، واستغرق مشروع هذا الكتاب خمس سنوات من العمل، وذلك لأن الشارقة شهدت الكثير من المهاجرين الأوائل، وما يزيد الأمر تعقيداً وصعوبة هو أن كُلّاً منهم كان يأخذ وثائقه وصوره وبياناته معه حين يرحل من الشارقة، ومع هذا استطعت الحصول على مجموعة من الصور والوثائق التي تُعرض للمرة الأول في هذا الكتاب».
وأضاف: «يشكّل هذا الكتاب ثمرة لجهود 17 كاتباً، ويوثّق لـ16 مشروعاً بنائياً في الشارقة، منها مبنى للسينما في الشارقة، الذي كان يضم مطعماً صينياً، بما يعكس التنوع الثقافي الحي في الشارقة منذ ستينيات القرن الماضي، ويتضمن مجموعة من الصور التي تطلّبت منا السفر إلى دول بعيدة في جميع قارات العالم للحصول عليها، منها صورة للطبق الطائر، التي حصلت عليها من أستراليا، وكانت من شخص عمل في صيانة المبنى، مع أن الصورة بحد ذاتها لم تكن هدفنا، ولم نرد أن نعرض صورة الطبق الطائر في المقام الأول، ولكن أردنا أن نروي حكايته، ولهذا استعنا بكاتب متخصص بالروايات الخيالية، وطلبنا منه أن يكتب رواية خيالية حول مبنى الطبق الطائر، وبهذه الطريقة أحيينا هذا المبنى، لنصبح أول من استخدم الحكاية الفانتازية في توثيق المباني العمرانية».
وعرض القاسمي صورة لمبنى بريد الشارقة، مشيراً إلى أن شركة «دار الهندسة» اللبنانية، هي التي صممت مبنى البريد في الشارقة، وجاء تصميمها بصورة جميلة حيث احتوى المبنى على تجسيدات معمارية على شكل طائر، وفي الوقت نفسه قدّم الهوية الإسلامية للمبنى.
وعرض صورة لمبنى تجاري وسكني في شارع إبراهيم المدفع في الشارقة جاء تصميمه على يد المهندس اليوناني الكساندرويس تومبادس، مؤكداً أن هذا المبنى وغيره يشكّل تجسيداً للعلاقات بين الشارقة واليونان، ونوه إلى أن «شركة آركادينيون» اليونانية عملت على تطوير «ميناء الشارقة».
كيف يمكن البناء في الصحراء؟وحول فكرة البناء في الصحراء، قال القاسمي: «هنالك فكرة سائدة أن الشارقة صحراوية بالكامل، وهذا غير صحيح، فالشارقة تضم مناطق واحات، ومناطق جبلية، بالإضافة إلى الصحراء، وهذا يجعل من عملية البناء مختلفة حسب المكان، ويشكّل الميناء أحد مراكز المدينة، وتتوزع على امتداده المباني التجارية والسكنية، حيث تم تشييد مبان سكنية باستخدام المرجان قبل 300 و400 سنة، أما في المناطق الجبلية، فكانوا يستخدمون الحجر والصخر، وبفضل التجارة، تم استيراد خشب التيك البورمي الذي يعرف باسم خشب الساج، وهذا الخشب يتميز بمتانته وصلابته وطول عمر استخدامه، حيث يمكن توارثه لأجيال».
وأشار الدكتور إلى أن الشارقة تحتوي أقدم مطار في دولة الإمارات، والذي أنشأه الإنجليز في العشرينيات من القرن الماضي، وهو المبنى الأول الذي يحتوي على عدة مواد من البناء، مثل الطين والمرجان، بالإضافة إلى الإسمنت والألمنيوم والزجاج، وربما هو المبنى الأول في الخليج الذي يستخدم كل هذه المواد معاً، لافتاً إلى تحويله إلى «متحف المحطة».
وفي إشارة إلى التزام القيادة الرشيدة في الارتقاء بمسيرة التنمية مع الحفاظ على الهوية والتراث الثقافي والإرث العمراني، أكد أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عمل شخصياً على رسم وتصميم «مطار الشارقة الدولي» الحالي، الذي تم تطويره بالتعاون مع شركة «هاليكرو» البريطانية.
من جانبه، نوّه نيكوس فاتوبولوس، مؤلف كتاب «السير في أثينا»، إلى أن ارتباط النشاط الأدبي بالسرديات الأوسع لأثينا الحديثة، وطابعها الحضري الذي تم تجميعه من خلال طبقات ثقافية متعددة، ينعكس في هذا الكتاب، موجهاً دعوة للتآخي بين الشارقة وسالونيك، وأشار إلى ضرورة التواصل والتعاون مع الإمارة في مختلف المجالات.
وأضاف: «تقود الشارقة جهود بناء العلاقات الإماراتية والعربية مع اليونان، وذلك من خلال العمارة والفن والأدب والثقافة، ويجدر التنويه إلى أن مدينة سالونيك اليونانية كانت تستضيف الكثير من الثقافات، وأنها تحررت من الاحتلال العثماني منذ قرن تقريباً، ومنذ ذلك الوقت ظلت تبحث عن هويتها الثقافية، لكن التنوع الثقافي للمجتمع شكّل ما يشبه الفسيفساء في هوية المدينة على مختلف المستويات».
واستعرض نيكوس فاتوبولوس بعض المحطات التاريخية التي مرت بها مدينة سالونيك، والتي شكّلت معالم من الصورة العمرانية للمدينة، مشيراً إلى أنها عاصمة السينما في اليونان، وسلط الضوء على عدد من التحديات المتعلقة ببناء شبكة المترو والحفريات، وذلك عائد إلى طبقات التراث العمراني المدفون في أرض سالونيك، فهناك الطبقة العثمانية، والبيزنطية، والرومانية، وغيرها من آثار الحضارت التي مرت على المدينة، وشكّلت جزءاً من هويتها.
وحول البيئة الطبيعية ودورها في تشكيل هوية المدن، أشار إلى الصحراء في إمارة الشارقة وما تمثله من مصدر للتأمل والهدوء، وما تشكله من منطلق للمبدعين والفنانين والمعماريين، وكيف يمكن أن ينعكس ذلك على هوية المدن، لافتاً إلى أن حضور الشارقة العالمي الكبير على المستوى الثقافي يجعل منها عاصمة الثقافة في دولة الإمارات والعالم العربي.
يشار إلى الشارقة تحل أول ضيف شرف عربي على «معرض سالونيك الدولي للكتاب»، ويأتي اختيارها لهذا اللقب تقديراً لمساهمتها في النهوض بواقع الثقافة العربية والعالمية، ودورها في دعم مسار التنمية القائمة على الاستثمار بمقومات المعرفة من مؤلفين، وناشرين، ومترجمين، وفنانين، ومكتبات، ومؤسسات، وهيئات ثقافية، وتنظم الشارقة خلال مشاركتها في المهرجان سلسلة فعاليات ثقافية وإبداعية وعروضاً فنية تجسد ثراء الثقافة المحلية والعربية أمام جمهور المعرض من اليونان وكافة أنحاء العالم.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات الشارقة اليونان فی الشارقة هذا الکتاب إلى أن
إقرأ أيضاً:
بدور القاسمي تفتتح «مؤتمر الناشرين 2024» وتكرم الفائزين بجوائز حقوق النشر
الشارقة (الاتحاد)
افتتحت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، أعمال الدورة الـ 14 من مؤتمر الناشرين، الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للناشرين، ومشاركة 1065 ناشراً ووكيلاً أدبياً و74 متحدثاً من 108 دول.
انطلقت أعمال الدورة، الأحد، في مركز إكسبو الشارقة على مدى ثلاثة أيام، وذلك قبيل انطلاق الدورة الـ 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب الأربعاء المقبل.
وأكد المتحدثون الدوليون، في جلسات وخطابات اليوم الأول من المؤتمر الناشرين، أن الشارقة تُعد منبراً يجمع أصحاب الرؤى والأفكار في مجال النشر، حيث يلتقي الجميع بتطلعات تهدف إلى تطوير وتوسيع آفاق أعمالهم، ويخرجون وقد تحولت علاقتهم من ضيوف إلى أصدقاء، مشيرين إلى أهمية الكتب في تحسين العالم وفهم أعمق لما يجري حولنا، وأن ما يميز أعمالهم هو تعاملهم مع أفضل العقول العالمية من الكتاب والمفكرين والعلماء، وأن مهمتهم تتجاوز النشر إلى أن يكونوا جسر التواصل بين تلك العقول لتبادل الرؤى، في ظل شغف المجتمع بالقراءة الذي يُلهمهم لمزيد من التطور والنمو.
بدور بنت سلطان القاسمي تلقي كلمتهاتبادل ثقافي
بدأ المؤتمر بكلمة للشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، قالت فيها: «يُجسّد مؤتمر الناشرين بالشارقة التزامنا بتعزيز مجتمع النشر العالمي الذي يدعم التبادل الثقافي والابتكار عبر الحدود. ومع مرور قطاع النشر بالعديد من التغييرات السريعة والواسعة النطاق، فإن دورنا هو ضمان سماع الأصوات الجديدة وتطور الصناعة بشكل نزيه وشامل. معاً، يمكننا الاستمرار في بناء مشهد نشر يوحد الناس عبر الحدود ويحتفل بتنوع القصص الإنسانية».
بدورها، قالت لاتويا ويست بلاكوود، مؤسس شركة «إيماجينيشين كاريبان»، الرائدة في الصناعات الإبداعية والثقافية العالمية: «تعد الشارقة، وبدون أدنى شك، منبراً فريداً يجمع أصحاب الفكر الريادي في مجال النشر، حيث يأتي الجميع حاملين تطلعاتهم لتطوير وتوسيع أعمالهم، ويخرجون وقد تحولوا من ضيوف إلى أصدقاء». وأضافت: «ما يميز الشارقة ومؤتمرها ليس فقط كونه مكاناً لعقد الصفقات، بل فضاء ملهم لبناء العلاقات المثمرة التي تستمر بعد انتهاء الحدث، فهذه البيئة الداعمة لكل ما هو إبداعي وتعاوني تجعل من الشارقة محطة تفتخر بها صناعة النشر، ووجهة يقصدها كل من يطمح لصناعة أثر عميق ومستدام».
تكريم الفائزين
كرّمت الشيخة بدور القاسمي، خلال فعاليات اليوم الأول من المؤتمر، الفائزين بجائزة الشارقة لحقوق النشر، التي تهدف إلى الاحتفاء بالجهود الاستثنائية المبذولة في دعم وتطوير قطاع حقوق النشر والترجمة، حيث فاز بفئة «الخبراء الذين يعملون ضمن دور النشر في مجالات بيع حقوق الترجمة» نرمين مولواغلو، رئيسة وكالة كليم، تركيا، التي حققت إنجازات رائدة بترجمة أكثر من 3000 عنوان لأكثر من 46 لغة.
أما فئة «المهنيين المستقلين أو العاملين في الوكالات المتخصصة في بيع وشراء حقوق الترجمة»، فذهبت لأحمد بدير، مدير عام في دار الشروق بمصر، الذي باع أكثر من 400 ألف عنوان لأرجاء العالم كافة.
ونال الجائزة التقديرية كل من الراحل بسام شبارو، مؤسس ورئيس مجلس إدارة الدار العربية للعلوم - ناشرون، وتسلمت الجائزة عنه ابنته لينا، إلى جانب تكريم بيل كينيدي، مؤسس ومدير شركة أفيسينا للشراكة المحدودة، وذلك تقديراً لجهودهم في تعزيز صناعة النشر وتبادل المعرفة، ودعم نمو قطاع بيع وشراء حقوق الترجمة.
المجتمع القارئ
شهدت فعاليات اليوم الأول لقاء مع شانتال ريستيفو أليسي، الرئيسة التنفيذية للشؤون الرقمية، المديرة التنفيذية للغات الأجنبية الدولية في هاربر كولينز الولايات المتحدة، والذي حاورها فيه بورتر أندرسن، مؤسس ورئيس تحرير مجلة «ببلشينغ بيرسبيكتيف»، وتحدثت شانتال حول أهمية النشر وآفاق نموه، والقطاعات المتنوعة التي تتبادل المصالح مع قطاع النشر كالسينما والمسرح وغيرها، مشددة على أهمية الكتب في إحداث أثر إيجابي على واقع المجتمعات، ورفع وعيهم بما يجري في العالم، مشددة على أن الكتب الرقمية ليست بديلاً عن الكتاب الورقي، ولكنها إضافة إليه، وأن تقنيات الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن تكون بديلاً عن المؤلفين، ولا مبرراً للقرصنة.
إتاحة الوصول
شهد اليوم الأول من المؤتمر، جلسة رئيسية تحدث خلالها جون إنجرام، رئيس مجموعة إنجرام للمحتوى ورئيس شركة لايتنينج سورس، وحاوره فيها إد ناوتكا، الخبير الدولي في صناعة النشر وبيع الكتب، في مجلة «ناشرون أسبوعيون».
وفيها أكد إنجرام ضرورة إتاحة الوصول في قطاع النشر، لا سيما للناشرين الناشئين، مشيراً إلى أهمية التركيز على الاستراتيجيات التي تضمن سرعة وصول الكتب إلى المستهلكين في ظل إيقاع السوق السريع.
وشهد اليوم الأول أيضاً انعقاد 31 ورشة عمل تفاعلية من خلال طاولات مستديرة جمعت عدداً من الناشرين، حيث استعرضوا أبرز الفرص المتاحة في عالم النشر الحديث.
تناولت الورش مجموعة متنوعة من الموضوعات، من بينها الكتب المسموعة، حيث تم التطرق إلى تسويق المحتوى الصوتي، ونشر الصوت بتنسيقات متعددة، وإنتاج الكتب الصوتية، بالإضافة إلى مناقشة نماذج الأعمال الصوتية وطرق توزيعها.
كما سلطت الضوء على الذكاء الاصطناعي، متناولةً استخداماته في تحسين كفاءة عمليات النشر، وتطوير استراتيجيات توظيفه في التسويق والإعلان، ودوره في نشر الأعمال المترجمة.