بعد غياب أربعة عقود.. سينما الكوليزيه تعود الى الحمرا بمسرح وطني جديد
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
أقفلت كل صالات سينما شارع الحمرا، وعادت سينما الكوليزيه بعد غياب دام أربعة عقود. وتم إطلاق مبادرة شبابية لافتة أبصرت النور في بيروت، في محاولة لإعادة الحياة الثقافية إلى شوارع العاصمة اللبنانية. وقد حوّلت هذه الخطوة اللافتة أحد أقدم المسارح ودور السينما التاريخية إلى "مسرح وطني" مجاني بعد إعادة تأهيله.
يقول جبران، رجل ستيني لـ"لبنان24": "ما أعرفه عن سينما الكوليزيه أن اغلب افلامها كانت كوميدية وفرنسية، وان قصدتها يعني انني قصدت الضحك".
ويضيف: "كنت أذهب الى السينما كل نهار جمعة بعد المدرسة مع أصدقائي، وكنا نقرأ في الجريدة ما تعرضه الصالات، وأكثر ما يجذبنا كانت افلام الكوليزيه الفرنسية الكوميدية التي كانت اولى خياراتنا. أما سعر البطاقة فكان يتراوح بين الاربعة والخمسة ليرات".
أما ريما، امرأة سبعينية، من سكان منطقة الحمرا، فعبرت عن سعادتها بعودة الكوليزيه لما يعني لها شارع الحمرا من ذكريات جميلة، وتقول: "لقد كان الشارع متنفسا لمعظم سكان مناطق بيروت الغربية في أيام الحرب، وكان يحوي على أرقى وأشهر المقاهي والمطاعم والمحال التجارية وأشهرها، وكان يعج بصالات السينما اذ يكاد لا يخلو شارع في منطقة الحمرا من صالة سينما. وكم أود اليوم معاودة الدخول الى صالة الكوليزيه ودعوة أصدقائي الى استرجاع ذكريات جميلة من زمن المراهقة".
وأشارت الى أن "ما يميز سينما الكوليزيه عن غيرها أنها كانت تهتم أكثر براحة المشاهد، فعلى سبيل المثال كانت كراسيها فخمة، ويمكن لكل شخص أن يمر براحة تامة من دون ازعاج الاخرين بسبب وسع المساحة بين الصف والاخر".
ستتحول الى مسرح وطني
كشف صاحب المبادرة ومؤسس "المسرح الوطني اللبناني" الممثل والمخرج قاسم إسطنبولي عن قيام كل من "جمعية تيرو للفنون" المحلية و"مسرح إسطنبولي" بإعادة تأهيل هذا الصرح الثقافي التاريخي المعروف قديماً بـ"سينما كوليزيه" التاريخية.
وقال إسطنبولي في حديث صحفي: "تعتبر هذه الصالة واحدة من أقدم دور العرض السينمائي في لبنان وقد تأسست في عام 1945 وعملنا اليوم ورغم الظروف الصعبة على تحويلها إلى المسرح الوطني اللبناني لتكون مساحة ثقافية حرة ومستقلة ومجانية للناس".
وأوضح المخرج اللبناني، أن المسرح الجديد سيضم مساحة لتنظيم ورشات تدريبية ومهرجانات وعروض فنية ومكتبة عامة إضافة إلى مقهى فني.
وأشار إسطنبولي إلى أن "حلم الجمعية بدأ يكبر مع تأسيس المسرح الوطني اللبناني في مدينة صور جنوب البلاد قبل 7 أعوام ويستكمل الآن في بيروت.
وأضاف "بفضل جهود مجموعة من الشبان و الشابات المتطوعين، نعمل تحت شعار الفن حق للجميع لنكسر الجدار الوهمي بين المناطق اللبنانية عبر الفنون وبالتالي ربطها ببعضها البعض عبر المساحات الثقافية المشتركة".
وتابع إسطنبولي "نعيش الحلم في بيروت التي تعتبر ثاني مدينة في الشرق الأوسط تحوي على صالات سينما".
وأوضح أنه من خلال ذلك سيتم العمل على توفير الفرص للمخرجين الشباب لعرض أفلامهم وتعريف الجمهور بتاريخ السينما والعروض المحلية والعالمية، وعروض الأفلام للمكفوفين والصم، وتنظيم الورشات التدريبية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة.
ان الحنين دائما يعيدنا الى شارع الحمرا الذي كان روح بيروت النابض بالحياة، شارع الفن والثقافة والسينما والمسرح، شارع لا يعرف النوم ولا التعب. فمبادرة إعادة إحياء سينما الكوليزيه انطلقت، لكنّها مهمة شاقة لا تخلو من التساؤلات المشروعة، والمخاوف المرتبطة بالقدرة على الاستمرار مع كل الظروف الصعبة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
اللغويات وتجربة دراسة اللهجات في سلطنة عمان قصة عمرها أكثر ٤ عقود
كلايف هولز: كنتُ أتجول في سيارة نيسان باترول أستكشف كل زاوية وركن من شمال عُمان، وأتحدث إلى العمانيين
أقيمت بجناح وزارة الثقافة والرياضة والشباب جلسة حوارية استضافت البروفيسور كلايف هولز أستاذ في دراسات العالم العربي المعاصر بجامعة أكسفورد، وناقش هولز في الجلسة التي أدارتها سارة الشيادية "اللغويات وتجربة دراسة اللهجات في سلطنة عمان."
انطباعات أولى
سرد هولز في البدء حكاية زيارته لعمان وقال عن انطباعاته الأولى، واصفا مطار السيب منتصف يناير عام ١٩٧٣ والذي كان ما يزال جديدا كليا، حيث جاء إلى عمان لقضاء عطلة لمدة أسبوع بدافع الفضول بالأساس، ولكن أيضًا للهروب من برد الشتاء الكويتي القارس حسب وصفه. وقال: "لم أزر عُمان من قبل؛ ففي عام ١٩٧٣، كان عدد الأجانب قليلًا جدًا. لم أتمكن من القدوم أصلًا إلا بفضل صديق قديم لي، أندرو بريغهام، الذي عملت معه وشاركتُ معه شقة في البحرين قبل بضع سنوات، وكان يعمل في وزارة التربية والتعليم كأول مُدرّب ومُدرّب مُدرّس لغة إنجليزية كلغة أجنبية في عُمان."
وأضاف: "لا شك أن عُمان في تلك الأيام الغابرة، قبل 52 عامًا، عندما بدأت النهضة لتوها، كانت مكانًا مختلفًا تمامًا عن الآن. وكل ما تراه هو وادٍ صخري جاف بتلال جرداء بعيدة، وبعض الشجيرات المتربة، ومهبط الطائرات القديم في بيت الفلج. هذا كل شيء. ومع ذلك، استمتعت تمامًا بتلك العطلة القصيرة في عُمان، ولم أتوقع أبدًا أن أعود. كم كنت مخطئًا".
وعاد هولز في عام ١٩٨٠، ثم في عامي ١٩٨٣ و١٩٨٤، إلى السلطنة في زيارات استشارية قصيرة لتقديم المشورة للجنة التأسيسية لجامعة السلطان قابوس. حيث قدم المشورة بشأن دور مركز اللغات وهيكله الوظيفي. كان وفي عام ١٩٨٥ عرضت عليه وظيفة مدير لمركز اللغات الذي كان قد وضع وثيقة تصميمه.
وقال عن العامين اللذين قضاهما في الجامعة: "بالنظر إلى الوراء الآن، بعد مرور أربعين عامًا، ما زلت أعتبر العامين اللذين قضيتهما في جامعة السلطان قابوس من أكثر الأعوام الخمسة والأربعين إثارةً في حياتي العملية التي قضيتها في تعليم اللغات، سواءً تعليم اللغة الإنجليزية في العالم العربي أو تعليم اللغة العربية في جامعات المملكة المتحدة، والتي شملت تسع سنوات في كامبريدج وسبع عشرة سنة في أكسفورد".
وتحدث البروفيسور كلايف هولمز عن التحديات الأولية في جامعة السلطان قابوس، وأشار إلى أن مستوى إجادة الطلاب للغة الإنجليزية عند التحاقهم كان ضعيفًا جدًا، على الرغم من نتائج الامتحانات.
كما أن خبرك تدريس العلوم في المدارس كانت خبرة عملية شبه معدومة (بسبب قلة المختبرات أو انعدامها). بالإضافة إلى أن هيئة تدريس العلوم في جامعة السلطان قابوس كان معظمهم معتادون على الطلاب الناطقين باللغة الإنجليزية كلغة أم فقط.
وطرح هولز مجموعة من الحلول وقتها منها تجنب الكتب الدراسية التقليدية لتعليم اللغة الإنجليزية لأغراض خاصة. وتصميم مواد دراسية داخلية تستند إلى محاضرات علمية فعلية (مصورة) كمدخلات لتدريس اللغة. إلى جانب اعتماد نهج تدريس جماعي تعاوني، يشمل كلًا من هيئة تدريس العلوم وأعضاء هيئة تدريس المكتبة.
في ربيع عام ١٩٨٧، ومع اقتراب نهاية عقدي الذي استمر عامين في جامعة السلطان قابوس، تلقيتُ اتصالاً لا يُقاوم من جامعتي الأم، جامعة كامبريدج، لشغل منصب محاضر في اللغة العربية. لطالما كانت اللغة العربية شغفي الأول، وكان من أبرز أسباب جاذبيتي للعمل في عُمان أن الإقامة الطويلة هنا أتاحت لي، مثلي من علماء اللهجات العربية، فرصاً قيّمة لإجراء أبحاث ميدانية في واحدة من أقل بقاع شبه الجزيرة العربية شهرةً وأكثرها سحراً. لذلك، من عام ١٩٨٥ إلى عام ١٩٨٧، كانت وظيفتي اليومية في عُمان هي إدارة مركز اللغات في جامعة السلطان قابوس. ولكن في كل عطلة نهاية أسبوع تقريباً، كنتُ أتجول في سيارة نيسان باترول رباعية الدفع، ومعي مسجل شرائط الكاسيت، أستكشف كل زاوية وركن من شمال عُمان، وأتحدث إلى العمانيين العاديين، وأسجلهم، ثم أنقلهم لاحقاً، وكلما كان أقل تعليماً كان أفضل. "ولكن لماذا تفعل ذلك؟"، قد تتساءل. "ماذا يمكنك أن تتعلم من طريقة تحدث أجدادي الأميين؟".
البحث في اللهجة العربية العمانية
عمل هولز لعدة سنوات في البحرين والكويت والجزائر والعراق، وفي عام ١٩٨١ أكمل درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج حول اللهجات العربية في البحرين وكيفية تغيرها عبر الأجيال. وقال: "بدأتُ عام ١٩٨٥ بالخروج بسيارتي رباعية الدفع وجمع البيانات من خلال تسجيل كلمات العمانيين العاديين، كانت أمامي ورقة بيضاء تقريبًا. لكن ما كان لديّ، بالإضافة إلى نسخة من كتاب راينهارت، هو البحث المنشور، وبعضه من تأليفي."
وأضاف: "بدأتُ محادثةً مع عدد من كبار السن الذين كانوا يعملون على الفلج. عندما بدأوا الحديث، كنتُ أفهم حوالي ٩٠٪ مما قالوه، ولم أصدق أذنيّ. لقد لفت انتباهي على الفور العديد من سمات كلامهم التي تشبه تمامًا سمات قرويي البحارنة".
واستعرض هولز خلال المحاضرة اللهجة العربية العمانية وبعض السمات اللغوية غير العادية فيها، مستعرضا جملا مختلفة مما سجله، مبينا اختلاف وتقارب اللهجة العمانية و العربية الفصحى وبعض مناطق العالم التي تتحدث العربية، ومستعرضا كذلك الاختلاف في اللهجات بين مناطق مختلفة من عمان كبدية والحمراء، وسمائل وساحل الباطنة ومناطق أخرى. وناقش هولز استخدام التنوين في اللهجات ودلالاته اللغوية عما هو عليه في اللغة العربية الفصحى.
وناقش هولز تأثير العولمة والتغيرات العالمية على اللغة واللهجات وأشار إلى أن التغيرات التي تصيب اللهجات واللغات هي تغيرات تحدث في شيء حولنا واللغة واللهجات هي أحد هذه الأشياء التي تتغير وتتأثر بالمتغيرات.
كلايف هولز هو أستاذ في دراسات العالم العربي المعاصر بجامعة أكسفورد، وزميل في الأكاديمية البريطانية، وأحد أبرز المتخصصين في دراسة اللهجات العربية، خاصة لهجات شبه الجزيرة العربية.
بعد حصوله على البكالوريوس في اللغتين العربية والتركية عام 1969، عمل البروفيسور في الدبلوماسية الثقافية وتعليم اللغة الإنجليزية في عدة دول من ضمنها الكويت والعراق والبحرين، وحصل على درجتي الماجستير في اللغة الإنجليزية والدكتوراه في اللغويات الاجتماعية العربية من جامعة كامبريدج.
والجدير بالذكر بأن أعماله العلمية أسهمت في تطوير علم اللغويات العربية، ومن أبرز مؤلفاته كتاب العربية المعاصرة ، وسلسلة * اللغة والثقافة والمجتمع في شرق الجزيرة العربية. ونحن بانتظار صدور كتابه الجديد حول لهجات شمال عمان عام 2025