مَن أبقى رئاسة الجمهورية سنتين ونصف السنة من دون رئيس، ومن يبقيها اليوم على الحال الذي كانت عليه بين عامي 2014 و2016، وقبل أن يقتنع جميع الأفرقاء بأن لا مناص من انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية، لن يتنازل عمّا يراه متطابقًا مع وجهة نظره بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي. وهذا التوصيف ينطبق على "حزب الله"، الذي يريد رئيسًا لا يطعن "المقاومة" في ظهرها، وينطبق أيضًا على الفريق "المعارض"، الذي يريد بدوره رئيسًا سياديًا بكل ما لهذه الكلمة من معانٍ تبقى تفسيراتها مرهونة بما يحيط بهذا الاستحقاق من ظروف ومعطيات إقليمية أولًا، ومن ثم محلية.
فلو كان اللبنانيون متحررين من كل ارتباط خارجي، أيًّا كان نوعه، لأمسى وضع لبنان بالتأكيد أفضل مما هو عليه الآن، ولكان لهذا "اللبنان" المتعدّدة ولاءات أبنائه رئيسٌ سيادي يحفظ ظهر "المقاومة"، وفي الوقت نفسه يحفظ ظهر "السياديين". ولكن وما دام لبنانيو الأمس كما هم لبنانيو اليوم غير متحرّرين من أي ارتباط خارجي فلن يكون للبنان رئيس يجمع ولا يفرّق. وهذا الرئيس بهذه المواصفات غير متوافر بسبب انقسام اللبنانيين، الذي هو رجع لصدى عدم التوافق الدولي والإقليمي على اسم رئيس لديه القدرة والإرادة على انتشال لبنان من الحفرة. وهذا ما لمسه اللبنانيون مما آلت إليه لقاءات واتصالات "اللجنة الخماسية" على مستوى سفراء كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر. ويُقال وعلى ذمّة الراوي إن هذه اللجنة وصلت إلى طريق مسدود، أو أقله إنها لم تستطع أن تحدث حفرة في سقف قصر بعبدا لإنزال الرئيس العتيد منها. وهذا ما بدا من بيانها، الذي يعتقد كثيرون أنه سيكون الأخير، أو بمعنىً آخر أنها "رفعت العشرة"، وقالت في سرّها "بطيخ يكسّر بعضو". وقد يقول آخرون لا يرون ما يراه غيرهم بالنسبة إلى تأثير العامل الخارجي على استحقاق هو لبناني بالدرجة الأولى قبل أي شيء آخر إنه لو كان لهذا الخارج من تأثير فعلي على اللبنانيين لكانوا فرضوا عليهم الرئيس الذي قد يرون فيه ما يلامس رؤيتهم لمستقبل لبنان. ولكن الذين يؤيدون فكرة ربط لبنان وأزماته الداخلية بما يجري في الخارج يقولون إن دول "الخماسية" كانت لتحسم أمرها بما يخصّ الاستحقاق الرئاسي اللبناني لو كانت متفقة في ما بينها على مقاربات متساوية الحظوظ. أمّا ما دامت الحال على ما هي عليه فإن لا بوادر حلحلة قريبة في الملف الرئاسي، الذي وضع على رف الانتظار إلى أن يحين موعد التسويات الكبرى في المنطقة. ما هو واضح حتى الآن أن لا رئيس للجمهورية قبل وضوح الرؤية بالنسبة إلى الحرب الدائرة في غزة. وبما أن كل شيء في لبنان مربوطًا بقوة الواقع بما يجري في غزة فإن ملفاته العالقة ستبقى على مراوحتها، بالتزامن مع التهديدات المتواصلة من قِبل العدو الإسرائيلي بجعل صيف لبنان حارّا، أي أنه عازم على نقل ما يعانيه أهل الجنوب إلى كل لبنان. فمحاولات فصل مسار الملف الرئاسي عن حرب غزة باءت بالفشل حتى الان، على رغم الكلام الذي يسمعه سفراء "الخماسية" من حين إلى آخر، ومن مرجعيات نيابية وحزبية، من أن لا شيء يمنع اللبنانيين من التوافق على انتخاب رئيس لجمهوريتهم وكل ما يجري من الخارج لا يعدو كونه إعطاء نصائح بهذا الخصوص. فسفراء الدول الخمس الذين اجتمعوا في عوكر بضيافة السفيرة الأميركية ليز جونسون، رموا الكرة الرئاسية في الملعب اللبناني وقالوا في هذا الاستحقاق ما يجب أن يُقال. ويرى كثيرون أن هؤلاء السفراء قالوا كلمتهم وقد يمشون. وما على اللبنانيين سوى تقليع أشواكهم بأيديهم.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس ا
إقرأ أيضاً:
مولوي من السعودية: مصمّمون على أن نخرج إلى لبنان الذي نريده وتريدونه
شارك وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي في أعمال "الدورة الاولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب" الذي استضافته المملكة العربية السعودية بدعوة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وألقى مولوي كلمة في الجلسة الافتتاحية قال فيها:
"جئتُ أؤكّدُ إعلان لبنان إلتزامه بالشرعية الدولية والشرعية العربية وشرعيته اللّبنانية وبالأمن والقانون، سبيلاً وحيداً لتكريسِ قوّته وبناءِ دولته وتحقيقِ نموه.
جئتُ أوكّدُ أن لبنان قوي بكم، قوي بمحبةِ ودعمِ أشقائه العرب.
نحن أبناء لبنان، سنَبني لبنان بالوحدةِ الوطنية وتضافر الجهود، ونتشاركُ جميعاً بإيجابية، يداً واحدة، بعيداً عن المؤشرات السلبية، بعيداً عن "الممانعةِ" وعن "المعارضة"، وهما شعاران لم يؤديا بلبنان إلى أيّ نتيجة، وأمعنا فيه تراجعاً على كلّ المستويات.
نحن مصمّمون على أن نخرجَ إلى لبنان الذي نريده وتريدونه، نفخر به وتفخرون به، فيكونَ حصناً لأبنائه وقوةً وسنداً لكم، سنداً للعرب يأخذ مكانته بينهم، يمنعُ عنهم الأذى والجريمة والمخدرات ولا يكون مأوىً أو منبراً لأيّ تجمّعٍ أو إجتماعٍ يضرُّ بهم أو يتناولُ إستقرارهم بما لا يرضي الله ولا يرضيهم، ويحمي مجتمعه ومجتمعاتهم والمجتمع العربي الواحد، أمناً وأماناً وتقدّماً".
وأضاف: "نجتمعُ في الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، في ظلّ عصرٍ رقميٍ غدا يعتمد على التقنيات الحديثة في الحكومةِ والحوكمةِ والمؤسسات.
نجتمع وقد أصبح الأمن السيبراني ضرورةً لتأمين أمن الدولةِ والأفرادِ وأمن الخدمات.
فتزايدت التحدّيات المتعلّقة بالمعلومات والبيانات. وقد قابلها توسّل الجريمةِ للعلم، فكانت الهجماتُ السيبرانية التي تستهدف الأنظمة والشبكات المعلوماتية في القطاعات الحيوية بدافع التجسّس والإرهاب الإلكتروني، وهو ما يهدّدُ الأمن القومي لدُوَلِنا، وأمن أفرادنا ومجتمعاتنا، وأمن العالم.
ولطالما قُلنا أن مكافحةَ الجريمةِ لا تكون إلاّ بالعلم، ولا يكون الأمن إلاّ بالعلمِ وبالإستثمارِ فيه.
ها نحن نجتمع لنتدارسَ ونتّخذ الخطوات في تعزيز حماية الأنظمةِ الإلكترونية والشبكات من التهديدات السيبرانية التي تهدّد أمن الدولة وعمل المؤسسات. ويكون مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب فرصةً حقيقيةً لتعزيز التعاون العربي وتوحيد المساعي وشدّ عرى أمننا العربي المشترك، فنطلِقَ المبادرات لدعمِ الجهودِ العربية والوطنية ونواكبُ تطوّر التقنيات ونتبادل الخبرات ونرفع مستوى الجهوزية لتقييم المخاطرِ ومعالجة الثغرات على كافة المستويات القانونية والتقنية والبشرية والمادية".
وقال مولوي: "لقد أولَت الدولة اللّبنانية موضوع الأمن السيبراني إهتماماً بالغاً. فأقرّ لبنان قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي رقم 81/2018. كما أطلقت الحكومة الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في العام 2019. وأكّد البيان الوزاري للحكومة على ضرورة تعزيز الإجراءات اللاّزمة لحماية الفضاء السيبراني اللّبناني والبنى التحتية المعلوماتية وحماية البيانات. ونحن نتطلّع عبر إنشاء الهيئة الوطنية إلى تعزيز الأمن السيبراني في مرافق الدولة وإتّخاذ إجراءات الأمان الأساسية وتركيب وسائل الحماية في قطاعات الدولة والإلتزام بمعايير الأمن الرقمي العالمية".
وختم: "لقد قامت وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التابعة لها بإجراء الإستقصاءات والتحقيقات الفنية في العديد من التهديدات والهجمات السيبرانية، وتوصّلت إلى تحديد مصدرها وإتّخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، بالإضافة إلى تنظيم حملات التوعية وبذل جهودٍ مستمرّة لتدريب الكوادر البشرية وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية المتخصّصة.
وقد ساهم ذلك في تحفيز القطاعات الحيوية وحماية البنى التحتية المعلوماتية والوقاية من المخاطر السيبرانية وتحقيق الأمان".